الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النقد المعجمي عند المتأخرين
تمهيد الفصل الثاني
…
الفصل الثاني: النقد المعجمي عند المتأخرين
تمهيد
استمرت حَرَكة النَّقد المعجميّ نشطة قويّة في العصر الحديث؛ بل ظَهَرت دراسات عامّةٌ تبحث في خصائص المعاجم العَرَبية وفي عيوبها، أو في خصائص شيءٍ منها وما فيه من نقائض. وظهرت معاجم هَدَفَ أصحابها منها إلى سدِّ مواطِنِ النَّقصِ في المعاجم القديمة، وإضافة ما جدَّ من ألفاظٍ، وما تطوَّر من معانٍ؛ ممَّا تتطلبه مستجدَّات العصر؛ ووضْعِها في قالب معيّنٍ من الترتيب، سَهْلِ المَأخَذ، مُفْصِحٍ عن سِرِّ العربيَّة في الوَضْع؛ كما ظهر هذا الأخير جلياً عند الشِّدْياقِ في معجمه (سِرِّ اللَّيال في القلب والإبدال) .
ولم يكن ما بدا جديداً في أمر الترتيب سوى استلهام لما جاء عند بعض المعجَمِيِّين القُدامى في مدرسة الصدور المدرسة العاديَّة؛ التي تراعي الحرف الأوَّل في أصل الكلمة؛ ثمَّ الذي يليه، وهكذا بقيَّة الحروف.
على أنَّ المتأخرين تميَّزوا بالدقة والبراعة فيما يتصل بالترتيب الدَّاخليِّ لكل مادَّة؛ وقدموا الأفعال على الأسماء، والمجرَّد على المزيد، والمعنى الحسِّيِّ على المعنى المجازيِّ، والفعل اللَاّزم على المتعدي1 ودخلت في تضاعيف هذا التنظيم دواعي الاختصار واستخدام الرُّموز، وتوظيف الرسُّوم والصُّوَرِ في إيضاح المعنى.
1 ينظر: المعجم الوسيط 1/14.
وإنَّما ظَهَرَ التَّجديد ضمن الإطار الشَّكليِّ؛ فكان جانب المضمون أقلَّ خظًّا؛ فقلّت عنايتهم فيما ألَّفوه من معاجم بأصل المعنى؛ ولم يُراعوا التَّدَرُّج التَّاريخيَّ للدِّلالة1.
وكان من أهمِّ ما أخذوه في دراساتهم النَّقديَّة المختلفة:
1-
صعوبة التَّرتيب والتبويب في بعض المعاجم.
2-
الحشو والاستطراد.
3-
إهمال التَّرتيب الدَّاخليِّ للمادة الواحدة، وتكرار الصِّيغ فيها.
4-
التَّصحيف والتَّحريف.
5-
قُصور التَّعريف2.
وثمَّة مؤلفات عُني أصحابها بالاستدراك على المعاجم العربيَّة القديمة أو بتصحيحها؛ ومنها:
المأنوس من لغة القاموس، للشيخ محمد رضا الشبيبي؛ واختار فيه ألفاظاً معيَّنة من القاموس، وترك غيرها؛ فهو أقرب إلى كتب الاختيار؛ والجانب النَّقديُّ فيه قليل3.
1 ينظر: حركة الإحياء اللغوي 32.
2 ينظر: الجاسوس 5-36، والمعجم العربي 749-759، والبحث اللغوي عند العرب 295-300، وفي شوائب المعاجم (مجلة المشرق سنة 1931م مجلد 29 ص 683-688) .
3 ينظر: الدراسات اللغوية في العراق 32.
2-
تصحيح أغلاط لسان العرب وتاج العروس، للأب أنستاس الكَرْمِليّ؛ وهو كتاب مفقود نُهبَ -كما قيل- من خزانة الأب في أثناء الحرب العالمية الأولى1.
3-
تصحيح القاموس المحيط، لأحمد تيمور، ونبَّه فيه على ما وقع من الأغلاط في القاموس.
4-
نقد أساس البلاغة، لحسين محفوظ.
5-
تحقيقات معجميَّة، لمَرْمَرْجِي الدُّومنكيّ؛ وهي أربع مقالات نشرها الدُّومنكيّ في مجلة المجمع العِلميِّ العربيِّ بدمشق2.
وممَّا يلفت النَّظر - ابتداءً - ضعف عناية المتأخرين بنقد تداخل الأصول وانصرافهم عنه إلى أشياء أخرى في المعاجم ليست أكثر أهمِّيَّةً منه؛ فشغلوا بها عنه، أو عَرَضَ له بعضهم فأوجَزَ غاية الإيجاز؛ كما فعلَ العطَّار3 والدُّكتور أحمد مختار عُمر4.
1 ينظر: مجلة لغة العرب، المجلد الرابع 1926م ص 389، والمباحث اللغوية في العراق 35.
2 ينظر: م23، ج4 (1948م) ص 544-554، وم24 ج1 (1949م) ص 47-58، وم24 ج2 (1949م) ص 207-221، وم24 ج3 (1949م) ص 355-371.
3 ينظر: مقدمة الصّحاح 141.
4 ينظر: البحث اللّغوي عند العرب 329.
وقد رأيت أن أبسط الكلام عن هذا كلَّه في خلال ثلاثة مباحث تُلِمُّ بجُلِّ ما ذكرُوه، أحدُها خاصٌ بالنَّقد المُعجميِّ عند الشِّدياق في (الجاسوس) .
والثاني: خاصٌ بالنقد المُعجَميِّ عند الدكتور حُسين نَصَّار في كتاب (المعجم العربيِّ) .
ويعرض الثَّالث لبعض ما تفرَّق من النقد المُعجميِّ عند المتأخرين في كتبهم العامَّة، وأبحاثهم المتنوِّعة: