الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأوّل: تداخل الأصلين
الأصلان المتداخلان هنا هما الثّلاثيّ والخماسيّ؛ كتداخل (ش م ر) و (ش م ر د ل) في (الشَّمَرْدَل) من الإبل وغيرها؛ وهو: الفتيّ الحسن الخلق، والقويّ السّريع:
فمذهب ابن فارسٍ أنّه ثلاثيّ من (ش م ر) 1 فيكون وزنه - حينئذٍ - (فَعَلْدَلاً) وهو بعيدٌ؛ إذ لا دليل من الاشتقاق عليه؛ ولأنّ الدّال ليست من حروف الزِّيادة.
ومذهب الجمهور2 أنّه خماسيّ من (ش م رد ل) ووزنه عندهم (فَعَلَّل) .
ومن ذلك تداخل الأصلين في (العَرَنْجَج) وهو اسم حِمْيَرَ بن سبأ:
فجعله ابن دريدٍ خماسيّاً على وزن (فَعَلَّل) بقوله (ليس النّون فيه زائدةً؛ وهو من قولهم: اعْرَنْجَجَ الرّجل في أمره، إذا جدَّ فيه؛ كأنّه (افْعَنْلَلَ)3.
وهو عند الجمهور4 من الثّلاثيّ، وأصله (ع ر ج) على وزن (فَعَنْلَل) ملحقٌ بالخماسيّ بزيادة النّون، وإحدى الجيمَيْن.
1 ينظر: المقاييس 3/274.
2 ينظر: اللّسان (شمردل) 11/371.
3 الاشتقاق 362.
4 ينظر: اللّسان (عرج) 2/323.
أمّا النّون فيه فإنّ هذا موضع زيادتها باطّراد؛ لسكونها، ووقوعها وسطاً بين أربعة أحرفٍ، وليست ممّا يستثنى من ذلك؛ ويدلّ على زيادة الجيم فكّ الإدغام.
ومن ذلك (اليَسْتَعُور) وهو: الباطل، أو شجرٌ تصنع منه المساويك، وقيل: إنّه موضعٌ.
قال عروة بن الورد:
أَطَعْتُ الآمِرِينَ بصَرْمِ سَلْمَى فطَارُوا في عِضَاهِ اليَسْتَعُور1
فيرى الجمهور2 - وعلى رأسهم الخليل3 وسيبويه4 - أنّه خماسيّ من (ي س ت ع ر) على وزن (فَعلَلُول) كعَضْرَفُوطٍ، واحتجّوا بأنّ الحروف الزّوائد لا تلحق بنات الأربعة أوّلاً، إلاّ الميم الّتي في أوّل الاسم الجاري على فعله5.
وذهب ثعلبٌ إلى أنّه ثلاثيّ6 من (س ع ر) وأنّ الياء والنّون فيه
1 ينظر: ديوانه 32، وفي اللّسان (يستعر) 5/300، (في البلاد اليستعور) .
2 ينظر: الأصول 3/235، والتّهذيب 3/368، وليس في كلام العرب 205، والمنصف 1/145، والخصائص 1/236، ورسالة الملائكة 246، والمقتصد في شرح التّكملة 2/807، وشرح المفصّل لابن يعش 9/150، وشرح الملوكيّ 143، وشرح الكافية الشّافية 4/2039، والممتع 1/164، وشرح المراديّ 5/247.
3 ينظر: التّهذيب 4/313.
4 ينظر: الكتاب 4/313.
5 الكتاب 4/313.
6ينظر: المنصف 1/145.
زائدتان، وتابعه ابن دريدٍ، وذكر أنّه ليس في العربيّة على وزن (يَفْتَعُول) غيره1، وإلى هذا أشار ابن خالويه2، وكأنَّه كان يراه، وتابعهم ابن القطّاع3، ورضيّ الدّين الشّاطبيّ في حواشيه على (الصّحاح)4.
وفي الحقّ أنّ ما ذهبوا إليه ضعيفٌ؛ لأنّ الزّوائد لا تلحق بالرّباعيّ من أوّله على ما تقرّر في العربيّة، ولأنّه ليس من أوزان كلامهم (يَفْتَعُول) ولعلّ هذا ما دفع ابن جنّيّ إلى التّعقيب على رأيهم حين قال:(من قال: إنّ مثال يستعور: (يَفْتَعُول) فلا يدري من صنعة التّصريف شيئاً؟ وإنّما هو فيه هاذٍ) 5.
ومن أمثلة التّداخل في هذا الباب: تداخل الأصلين في (القَلَهْذَم) وهو: القصير، أو الخفيف، أو البحر الكثير الماء.
فذهب ابن فارسٍ إلى أنّه ثلاثيٌّ من (ق ذ م) بزيادة اللاّم والهاء6؛ فوزنه حينئذٍ (فَلَهْعَل) وهو بعيدٌ؛ لاجتماع حرفين يندر زيادتهما حشواً؛ وهما اللام والهاء.
1 ينظر: الجمهرة 2/1222.
2 ينظر: ليس في كلام العرب 205.
3 ينظر: أبنية الأسماء والمصادر 27أ.
4 ينظر: اللّسان (يستعر) 5/300.
5 ينظر: المنصف 1/145.
6 ينظر: المقاييس 5/116.
وذهب الجمهور إلى أنّه خماسيّ على زنة (فَعَلَّل) نحو: سَفَرْجَلٍ1.
ويتداخل الأصلان (هـ ق ب) و (هـ ق ب ق ب) في (الهَقَبْقَبِ) : الصُّلب الشّديد؛ وهو يحتمل الأصلين:
فكان ابن سِيدَه يعدّه من الخماسيّ2؛ ووزنه - حينئذٍ (فَعَلَّل) .
وقياسه على مذهب الجمهور أن يكون من الثُّلاثيّ (هـ ق ب) على وزن (فَعَلْعَلَ) كـ (صَمَحْمَح) و (حَبَرْبَر) . وإلى هذا ذهب الصّغانيّ3 والفيروزاباديّ4، وهو الصحيح.
ومن ذلك تداخل الأصلين (ص ل ق) و (ص هـ ص ل ق) في (الصَّهْصَلِقِ) وهو: الشّديد الصّوت، ويكثر نعت المرأة به؛ كقول الرّاجز:
قَدْ شَيَّبَتْ رَأْسِي بِصَوْتِ صَهْصَلِقْ5
وهو يحتمل الأصلين:
فكان الجوهريّ يراه ثلاثياًّ من (ص ل ق) 6 ووزنه - حينئذٍ (فَهْفَعِل) وهو بعيدٌ، ولا دليل على زيادة الهاء، وتكرير الصّاد.
1 ينظر: اللّسان (قلهذم) 21/492، والقاموس (قلهذم)1486.
2 ينظر: المحكم 4/354.
3 ينظر: التّكملة (هقب) 1/291.
4 ينظر: القاموس (هقب)184.
5 ينظر: الّسان (صهصلق) 10/207.
6 ينظر: الصّحاح (صلق) 4/1509.
وهو من الخماسيّ؛ قياساً على مذهب الجمهور، ووزنه (فَعْلَلِل) كـ (جَحْمَرِش) . وإلى ذلك ذهب ابن منظورٍ1.
ومن أمثلة التّداخل في هذا النّوع: تداخل الأصلين في (السَّقَنْقُور) وهو: الوَرَلُ المائِيّ، ويقال: إنّه من نسل التِّمساح:
فذهب الصّغانيّ إلى أنّه خماسيّ من (س ق ن ق ر) 2 ووزنه - حينئذٍ (فَعَلُّول) وهو بعيدٌ؛ لأنّ النّون في موضع الزّيادة، والقاف في موضع تكريرٍ، إلاّ أن يكون أعجميّاً؛ فيصحّ ما ذهب إليه أو يكون قريباً. وقياس مذهب الجمهور أنّه ثلاثيّ من (س ق ر) على زنة (فَعَنْعُول) بتكرير العين؛ وهي القاف؛ نحو (عَقَنْقَل) من (ع ق ل) و (عصنصر) من (ع ص ر) .
وممّا يبدو غريباً للوهلة الأولى ما ذهب إليه ابن فارسٍ؛ وهو أنّ أصل (عَلْطَميس) وهي: الجارية التّارّة الحسنة القوام. والنّاقة الشّديدة الضّخمة - ثلاثيٌّ من (ع ي ط) فقدكان يرى أنّ الأصل (عَيْطَمُوسٌ) وأنّ اللاّم بدلٌ من الياء، وكلّ ما زاد على العين والطّاء - في الكلمة - زائدٌ، وأصله (العَيْطَاء) وهي: المرأة الطّويلة، أو الطّويلة العُنُق3.
ووزنه على مذهبه (فَعْلَمِيْس) بزيادة الميم والياء والسّين، أمّا الياء فلا خلاف في زيادتها، ويشهد بزيادة الميم قولهم - بمعناه (العِلْطَوْس) وهي:
1 ينظر: اللّسان (صهصلق) 10/207.
2 ينظر: التّكملة (سقنقر) 3/33.
3 ينظر: المقاييس 4/372.
المرأة الحسناء1.
ويدلّ على زيادة السّين والميم قوله: (العَيْطَاء) وهي: المرأة الطّويلة العنق في اعتدالٍ2.
ويدلّ على إبدال اللاّم من الياء قولهم في معناه: عَيْطَمُوسٌ3.
ومذهب الجمهور4 أنّه خماسيّ على وزن (فَعْلَلِيل) كدَرْدَبِيس؛ وهو الشّيخ الهَرِم، أو العجوز الفانية. وفي أبواب الخماسيّ من معاجم التّقليبات قدرٌ صالحٌ ممّا ليس فيه، بل هو من الثلاثيّ. وليس لي إلاّ التّوقف عن الحكم بأنّه وضع ثَمَّ للتّداخل بين الثّلاثيّ والخماسيّ؛ فلا دليل عليه سوى الباب وحده؛ ولا يخلو ذلك من مزلقةٍ على نحو ما نُبِّه عليه في التّمهيد لهذا البحث.
وفيما يلي أمثلةٌ لبعض ما في أبواب الخماسيّ من معجم (تهذيب اللّغة) للأزهريّ ممّا أصوله ثلاثيّةٌ؛ وليست خماسيّةً:
(عَصَنْصَرٌ) 5 وهو القصير، والأصل (ع ص ر) .
و (القَصَنْصَع) 6 وهو القصير، والأصل (ق ص ع) .
1 ينظر: اللّسان (علطس) 6/146.
2 ينظر: اللّسان (عيط) 7/357.
3 ينظر: الأصول 3/50.
4 ينظر: الكتاب 4/303، والتّهذيب 3/369.
5 ينظر: التّهذيب 3/370.
6 ينظر: التّهذيب 3/371.
و (العَقَنْقَل) 1 وهو: الحبل العظيم من الرّمل، والأصل (ع ق ل) .
و (العَرَكْرَكَة) 2وهي: المرأة المسترخية الشحم، والأصل (ع رك) .
و (العَبَنْبَل) 3 وهو: العظيم، والأصل (ع ب ل) .
و (الحَبَرْبَرَة) 4 وهي: القَمِئَة المناقرة، والأصل (ح ب ر) .
و (الحَوَرْوَرَة) 5 وهي: البيضاء، والأصل (ح ور) .
و (الصَّمَحْمَح) 6 وهو: الرّجل الشّديد، والأصل (ص م ح) .
و (اسْلَنْقَى) 7 إذا اضطجع على قفاه، والأصل (س ل ق) .
و (السَّجَنْجَل) 8 وهي: المِرْآة، والأصل (س ج ل) .
1 التّهذيب 3/372.
2 التهذيب3/372.
3 التهذيب3/372.
4 التهذيب5/336.
5 التهذيب5/336..
6 التّهذيب 5/336.
7 التّهذيب 9/422.
8 التّهذيب 11/260.