المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: ما ليس ثانيه نونا - تداخل الأصول اللغوية وأثره في بناء المعجم - جـ ٢

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌تابع الباب الثالث

- ‌الفصل الثاني:‌‌ التداخل بين الثلاثي والخماسي

- ‌ التداخل بين الثلاثي والخماسي

- ‌المبحث الأوّل: تداخل الأصلين

- ‌المبحث الثّاني: تداخل ثلاثة أصولٍ

- ‌الفصل الثالث: التداخل بين الرباعي والخماسي

- ‌تمهيد الفصل الثالث

- ‌المبحث الأوّل: ما ثانيه نونٌ

- ‌المبحث الثّاني: ما ليس ثانيه نوناً

- ‌الباب الرابع: أسباب التداخل وأثره في بناء معاجم القافية

- ‌الفصل الأول: أسباب التداخل

- ‌الفصل الثاني: أثر التداخل في بناء معاجم القافية

- ‌(تمهيد) التداخل الذي لا يضر ببناء معاجم القافية

- ‌المبحث الأوّل: وضع الكلمة في غير موضعها

- ‌المبحثُ الثَّاني: وضع الكلمةِ في موضعين أو أكثر

- ‌المبحث الثّالث: تضخيم حجم معاجم القافية

- ‌الباب الخامس: أثر التداخل في النقد المعجمي

- ‌الفصل الأول: النقد المعجمي عن القدامى

- ‌(تمهيد) الفصل الأول

- ‌المبحث الأول: ابن برّي في (التنبيه والإيضاح)

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: الصَّغَانِيُّ فِي (التَّكْمِلِةِ والذَّيْلِ والصِّلَةِ)

- ‌المبحث الثّالث: الصَّفَديُّ في (نفوذ السَّهمِ)

- ‌المبحث الخامس: داود زَاده في (الدُّرِّ اللَّقِيطِ)

- ‌المبحث السّادس: التَّادِلِيُّ في (الوِشَاحِ)

- ‌النقد المعجمي عند المتأخرين

- ‌تمهيد الفصل الثاني

- ‌المبحث الأوَّل: الشِّدياق في (الجاسوس على القاموس)

- ‌المبحث الثاني: حُسين نصّار في (المعجم العربي)

- ‌المبحث الثالث: آراء نقية أخرى

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: ما ليس ثانيه نونا

‌المبحث الثّاني: ما ليس ثانيه نوناً

إنّ التّداخل في هذا النّوع أقلّ من التّداخل بين الثّلاثيّ والرّباعيّ للعلّة السّابقة - أيضاً - ومنه تداخل الأصلين الرّباعيّ والخماسيّ في (السّلْسَبِيل) وهو: الماء أو الشّراب اللّذيذ اللّيّن الّذي لا خشونة فيه.

قال عز وجل: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} 1 فكأنّ العينَ سمِّيت بالصّفة منه، وقد جاء مصروفاً؛ لأنّه رأس آيةٍ2، وفي أصله خلافٌ بين أهل اللّغة.

فمذهب الجمهور3 - وعلى رأسهم سيبويه -4 أنّه خماسيٌّ من (س ل س ب ل) على زنة (فَعْلَلِيل) كـ (دَرْدَبِيسٍ) .

وذهب بعضهم إلى أنّه رباعيٌّ من (س ل ب ل) على وزن

1 سورة الإنسان: الآية 18.

2 ينظر: معاني القرآن وإعرابه 5/261.

3 ينظر: التّبيان 2/2260، والجامع لأحكام القرآن 19/142، وشرح الشّافية للرّضيّ 1/62.

4 ينظر: الكتاب 4/303.

ص: 628

(فَعْفَلِيل) بتكرير السّين، وهي فاء الكلمة، كـ (دَرْدَبيسٍ) على رأي من جعل الدّال الثّانية مكرَّرةً1، وهذا بعيدٌ؛ إذ لا دليل على تكرير الفاء؛ كما تقرّر عند جمهور اللّغويّين، وقد بُسِط القول في مثله في الباب الأوّل.

وذهب الزَّمخشريّ إلى أنّه رباعيٌّ - أيضاً - ولكن من (س ل س ل) بزيادة الباء2، ووزنه - حينئذٍ (فَعْلَبِيل) وهو بعيدٌ؛ لأنّ الباء ليست من حروف الزّيادة.

ويحتمل رأيه شيئاً آخر، نبّه عليه أبو حيّان؛ وهو أنّه أراد أنّ الباء زائدةٌ على بناء (سَلْسَل) و (سَلْسَالٍ) فصارت خماسيّةً من باب الأصلين المتقاربين؛ كما في: سَبِط وسِبَطْرٍ3؛ فإن كان الأمر ذاك فمذهبه كمذهب الجمهور في أنّها خماسيّةٌ، على وزن (فَعْلَلِيل) .

وذهب بعضهم إلى أنّ الكلمة ليست خماسيّةً ولا رباعيّةً؛ بل هي ثلاثيّةٌ إمّا من (س ل س) أو من (س ل ل) أو مركبَّةٌ من (سَأَلَ) و (سَبِيل) .

وكان السّمين الحلبيّ يرى أنّها من (س ل س) 4؛ لأنّه وجدها

1 ينظر: شرح الشّافية 1/62، والبحر المحيط 8/39، والارتشاف 1/54، والمزهر 2/16.

2 ينظر: الكشّاف 4/672.

3 ينظر: البحر المحيط 8/398.

4 ينظر: عمدة الحفّاظ 246.

ص: 629

بمعناه؛ لقولهم: شرابٌ سَلِسٌ؛ أي: سهلٌ، ليّن الانحدار؛ فيكون وزنها - حينئذٍ (فَعْلَبيلاً) بزيادة الباء واللاّم الأخيرة؛ وهو بعيدٌ؛ لزيادة ما ليس من حروف الزّيادة، وهي الباء.

وجعله الرّاغب من (س ل ل) 1 فيكون وزنها - حينئذٍ (فَعْفَبِيلاً) وهو بعيدٌ من وجهين:

الأوّل: زيادة ما ليس من حروف الزّيادة؛ وهو الباء.

الثّاني: تكرير ما لم يقم الدّليل على تكريره؛ وهو فاء الكلمة.

وقيل: إنّها مركّبةٌ من (سَأَلَ) و (سَبِيل) على طريق التّركيب الإسناديّ في الأعلام كـ (تأََبَّطَ شَرّاً) و (شَابَ قَرْنَاها) فأصلها على هذا الرّأي: (سَلْ سَبيلاً) 2 وسمِّيت الجنّة بذلك؛ لأنّه لا يشرب منها إلاّ من سأل إليها سبيلاً، بالعمل الصّالح.

وقد عزي هذا الرّأي إلى عليّ بن أبي طالبٍ3 رضي الله عنه وفي عزوه إليه رضي الله عنه بعدٌ، كما أشار إليه بعض العلماء4.

وليس لهذا الرّأي - من حيث الصّناعة - دليلٌ قاطعٌ؛ وهو غير مقبولٍ عند حُذّاق العربيّة، ومنهم الزَّمخشريّ الّذي كان يراه تكلّفاً

1 ينظر: المفردات 418.

2 ينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 4، والكشّاف 4/672، والبحر المحيط 8/398، وعمدة الحفّاظ 246، والمدخل لعلم كتاب الله 106.

3 ينظر: الكشّاف 4/672، والبحر المحيط 8/398.

4 ينظر: البحر المحيط 8/398.

ص: 630

وابتداعاً1، وكذا الكِرمانيّ2.

ومن أمثلة التّداخل في هذا النّوع: تداخل (ع ق ر ط)، و (ع ق ر ط ل) في (العِقِرْطَل) : أنثى الفيل، واللّفظ يحتمل الأصلين:

فذهب الفارسيّ3 وابن مالكٍ4 إلى أنّه رباعيٌّ، واللاّم زائدةٌ. وإنّما حداهما على ذلك أنّهما روياه بكسر العين والقاف؛ فلم يجدا (فِعِلَّل) فحملاه على (فِعِلَّل) بزيادة اللاّم، وليس بأصالتها.

وذهب ابن سِيدَه5 وابن منظورٍ6 والفيروزاباديّ7 إلى أنّه خماسيٌّ، على زنة (فَعَلَّل) لأنّهم رووه بفتح العين والقاف، فحملوه على (سَفَرْجَل) فإن كان الأصل الفتح فهو خماسيٌّ، وإن كان الكسر فهو رباعيٌّ.

ومن ذلك ما تقارب فيه الأصلان الرّباعيّ والخماسيّ كـ (ضَبَغْطَى) و (ضَبَغْطَرَى) وهما كلمتان يُفزّع بهما الصّبيان، أو فزَّاعة الزّرع الّتي تنصّب للطّير؛ وهما أصلان مختلفان - كما نصّ ابن جنّي8 ـ أوّلهما

1 ينظر: الكشّاف 4/672.

2 ينظر: غرائب التّفسير 2/1289.

3 ينظر: المساعد 4/57.

4 ينظر: التّسهيل 296، وشفاء العليل في إيضاح التّسهيل 3/1073.

5 ينظر: المحكم 2/329.

6 ين اللّسان (عقرطل) 11/466.

7 ينظر: القاموس (عقرطل)1337.

8 ينظر: الخصائص 2/55.

ص: 631

رباعيٌّ، وثانيهما خماسيٌّ، وإن تقاربت حروفهما، واتّحد معناهما؛ فليس أحدهما من الآخر؛ لأنّ الرّاء ليست من حروف الزّيادة. وقد ذكرهما ابن منظورٍ في الأصلين1 على الصّواب.

ونحو ذلك تداخل الأصلين (د ر د ب) و (د ر د ب س) في (دَرْدَبَ) و (دَرْدَبِيس) في قول الشّاعر:

أُمُّ عِيَالٍ فَخْمَةٌ تَعُوس قَدْ

دَرْدَبَتْ والشَّيْخُ دَرْدَبِيسُ2

وهما بمعنى: الشّيخ الكبير الهمّ والعجوز - أيضاً -. ويحتملان ثلاثة أوجهٍ:

الأوّل: أن يكون الرّباعيّ (دَرْدبَ) هو الأصل؛ فتكون السّين في (دَرْدَبِيس) زائدةً، كزيادتها في (خَلْبَسَ) من (خَلَبَ) .

والثّاني: أن يكون أصلين متقاربين؛ وليس أحدهما من الآخر؛ وإلى هذا مال ابن جنّيّ3.

والثّالث: أن يكون (دَرْدَبيسٌ) هو الأصل، و (دَرْدبَ) فعلٌ مشتقٌّ منه؛ فاضطرّ علىحذف خامسه؛ أنّ الفعل لا يكون على خمسة أصولٍ.

وليس هذا الوجه ببعيدٍ عند ابن جنّي؛ الّذي قال: (ولا أدفع أن يكون استكره نفسه على أن بنى من دردبيس فعلاً فحذف خامسه، كما

1 ينظر: اللّسان (ضبغطر) 4/481، و (ضبغط) 7/341.

2 ينظر: التّهذيب 13/152، واللسان (دردبيس) 6/81، والتّاج 4/148.

3 ينظر: الخصائص 2/55.

ص: 632

أنّه لو بنى من سَفَرْجَلٍ فعلاً عن ضرورةٍ لقال: سَفْرَجَ) 1.

وهذا الّذي ذهب إليه ابن جنّي قويٌّ؛ وهو أرجح الأوجه الثّلاثة، ويتلوه الأوّل، ثمّ الثّاني؛ وهو أبعدها؛ لما تقدّم في قاعدة: سَبِطٍ وسِبَطْرٍ.

1 الخصائص 2/55.

ص: 633