الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينها وبين التي قبلها وهي قوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) لأن ذلك يقتضي ميراث الجميع، وهذه تقتضي عدمه فالجمع بينهما بأن تلك فيمن فيه مع القرابة سبب آخر موجب للإرث وهذه فيمن ليس فيه ذلك السبب.
قوله تعالى: (فَارْزُقُوهُم مِنْهُ).
ولم يقل: فأعطوهم منه تهييجا على كمال الإعطاء وإشعارا بأن ذلك من الرزق الحاجي الذي به قوام الأنفس، وأيضا فهو إشارة تقليل ذلك ويسارته بخلاف ما لو قال: فأعطوهم،
وقال الزمخشري: إن هذا مندوب أو واجب، وهو إن كان واجبا فهو إما منسوخ أو غير منسوخ، وقال ابن عطية: وهو مندوب أو واجب وعلى كلامهم فهو إما منسوخ أو غير منسوخ يتحلل، ابن عطية: ابن عرفة: تقدمنا أنه إذا كان الجواب مثبتا يؤتى بـ إذا وإن كان منفيا يؤتى بـ لو، والخوف على الذرية الضعاف أمر ثابت محقق فهلا أتى بـ إذا، قال: وعادتهم يجيبون بأنه روعي في هذا سبب الشرط، وسبب الشرط هذا المراد نفيه لينتفي كون الذرية ضعافا،
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا
(10)}
نقل ابن عرفة كلام المفسرين، ثم قال: ومن عادتهم يقولون من قواعد علم البيان أنه إذا كان مضمون الجملة مشكوك فيه يؤتى بإن تأكيدا للمعنى المراد وتثبيتا له وتحقيقا وإن كان محققا، والشك في اختصاص المخبر عنه يؤتى بإنما المقتضية للحصر كقولك في الأول الذي يأتيك: إنه لص، وفي الثاني الذي يأتيك فإنه سارق، بل مشكوك فيه بأنا إذا علمناه بهذا الخبر وإنما المحقق عندنا عقوبتهم فقط لَا عقوبتهم بأكل النار فكان الأصل أن يؤتى فيه بإن، فيقال: إنهم يأكلون في بطونهم نارا، قال: والجواب أنه روعي فيه كون أكلهم من حيث هو معلوم لعلمنا أنهم يأكلون شيئا بالإطلاق ويجيء بإنما لتقيد حصر أكلهم في النار، قلت: وأجاب بعضهم بأنه إن لم يرد بأكلهم النار حقيقة بل مطلق تذميمهم على ذلك، وأنهم مجازون عليه فهو معلوم؛ لأنا نعلم نصا أن أكل المال ظلما موجب العقوبة مطلقا وإن أريد أنهم يعذبون بأكل النار حقيقة فهو غير معلوم لنا لكنه نزل منزلة المعلوم تحقيقا له حتى صار كالمشاهد الذي لَا يخالف أحد فيه فيكفي في الإخبار عن وقوعه أو في شيء من غير تأكيد فلم يبق إلا الحصر فأدخلت إنما دليلا عليه.
قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
…
(11)}
ولم يقل: أبنائكم لصدق الابن على ابن التبني، والولد أيضا والولد لَا يصدق إلا على ولد الصلب وورث ولد الولد بالإجماع لَا بالقياس.
قوله تعالى: (لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِ الأُنْثَيَينِ).
الزمخشري فإن قلت: هلا قال للأنثيين مثل حظ الذكر أو الأنثى مثل حظ نصيب؟، قلت: بدأ لبيان الذكر لفضله كما ضوعف حقه لذلك، ولأن قوله (حَظِ الأُنْثَيَينِ) قصد إلى بيان فضل الذكر، وقوله: للأنثيين مثل حظ الذكر قصد إلى بيان نقص الأنثى وما كان قصد إلى بيان فضل الشيء كان أدل على فضله من القصد إلى بيان نقص غيره عنه، ولأنهم كانوا يورثون الذكر دون الإناث وهو السبب لورود الآية، فقيل: كفى الذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن، قال ابن عرفة فإن قلت: هلا قيل: للذكر مثل حظ الأنثى مع ما حصل مركوزا في نفوسهم أنهم لَا يورثون مع الذكور لأوهم أنه يرث جميع المال دونهم أو النصف، وفي الحديث:"إن للابنتين الثلثين" هل هو معارض لبعض عموم الآية؟ فيكون مخصصا لها أو معارض لها فيكون ناسخا لها، والظاهر معارض لمفهوم الآية لكن في الآية مفهومين متعارضين فقوله:(فَوقَ اثنَتَينِ) مفهومه أن الابنتين كالواحدة قوله: (وإن كَانَتْ وَاحِدَةً) مفهومه أن الزائد عليها له الثلثين فيعمل هذا المفهوم؛ لأن الحديث يعضده.
قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).
ابن عرفة: اتفقوا على أن الأم يحجبها ثلاثة من الإخوة فصاعدا واختلفوا في الاثنين، فقال ابن عباس: إنها ترث معهما الثلث، وخالفه سائر الصحابة حسبما قاله عثمان مع الآخرين، فقال ابن عباس بقوله واتخذه مذهبا ثم إن ذلك القائل رجع عن مذهبه إلى مذهب الجماعة فانعقد الإجماع بعد مخالفة ابن عباس لَا قبله، قيل: أو يقال: انعقد الإجماع حين مخالفته هو لَا قبله، ولذلك بعد خلافه خلافا، قال: الظاهر الأول.
قوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
قال أبو حيان: إنما قال من السدس وسلمه له المنتصر.
ورده ابن عرفة: بأن يلزم عليه أن يكون أحدهما: السدس وهو مقيد بهذه الحالة وهي حالة الوصية والدين فإن لم يوصِ لم يكن لها السدس.