الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدها: خطابهم له بلفظ الرجاء، والثاني: قد المقتضية للتوقع مع الماضي دون التحقيق، فقالوا:(قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا)، والثالث: قولهم (وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ابن عرفة: الريب أخص من الشك فلذلك وصف به، قلت: وانظر ما تقدم في براءة في قوله تعالى: (وَارْتَابَت قُلُوبُهُمْ).
قوله تعالى: (فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ).
إما أن المراد غير خسارة تنالكم وعدم إيمانكم بلحوق العذاب بكم، والإهلاك وصل فيَّ بالغمِّ اللاحق لي بسبب كفركم، أو يراد الجميع؛ أي خسارة لي ولكم.
قوله تعالى: {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ
…
(69)}
قال ابن عرفة: قالوا [سلام الملائكة بليغ من جهة المصدر*]، وسلام إبراهيم بليغ من جهة إتيانه معبرا عنه بالاسم دون الفعل، والاسم يقتضي الثبوت واللزوم، ولذلك قال الشاعر:
[لَا يأْلَفُ الدرْهَمُ المَضْرُوبُ صُرّتَنا
…
لكنِ يمُرُّ عَليها وَهْوَ مُنْطَلِقُ*]
وكان بعضهم يقول: إنما إلى سلام الملائكة بالفعل، وسلام إبراهيم بالاسم من ناحية أن سلام الأشرف بعيد على المشروف فما يتوهم عدم وقوعه بالفعل المقتضي للوقوع والتجرد، وسلام المشروف على الأشرف لَا يستغرق وقوعه، وإنما يتوهم فيه عدم الدوام بحصوله ثابت في الذهن؛ وإنما المتوهم انقطاعه وعدم دوامه فعبر عنه بالاسم المقتضي للثبوت واللزوم دائما، وقيل لابن عرفة: هذا على القول بأن الملائكة أشرف من الأنبياء، فقال: وإذ قلنا إن الأنبياء أشرف؛ فسلام الملائكة مما يستغرب؛ لأنه من سلام الجنس على غير جنسه، أما الرد فلا يستغرب، وانظر ما تقدم في أول سورة الفاتحة، وفي سورة الأنعام قوله (فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ).
قوله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا).
قال ابن عرفة: جرت عادة المفسرين في القرآن إما تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لتخويف الكفار وزجرهم لما جرى لمن قبلهم.
قوله تعالى: (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).
إشارة إلى كمال افتقارهم؛ لأن الإله هو المفتقر إليه، وقولكم له (لَكُم) إشارة إلى عدم استقلالهم، وكمال احتياجهم إليه.
قوله تعالى: (أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ).
قال الزمخشري: أنشأ آباءكم.
وقال الفخر: أنشأنا من المني، والمني من الدم، والدم من الأغذية، والأغذية من النبات، والنبات من الأرض. قال ابن عرفة: وهذا أحسن ولا يحتاج فيه إلى إضمار.
قوله تعالى: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ).
إما بمعنى أنه أعمركم، وإما من العمر أي أبقاكم فيها، أو جعلكم معمرين غيركم أي [**قصور الجنة]، ورده بأنه ليس في هذا نعمة، والآية خرجت مخرج الامتنان.
قوله تعالى: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ).
عطف استغفروه بالفاء للسبب؛ أي استغفروه بسبب هذه النعم، وعطف توبوا بـ ثم لأن الاستغفار دعاء وطلب والتوبة فعل، والإنسان ما يحتاج في المطلب إلى تروٍّ، وأما الفعل ولاسيما التوبة فإِنه لَا يقدم عليها حتى يتروى ويفكر.
قوله تعالى: (مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا).
قلت لابن عرفة: إن كان المراد به الزمن القريب من الحال فلا فائدة، فيدفع قوله (قَدْ كُنْتَ)، وإن أراد البعيد فذلك مناقض لمعنى قد، فقال: أتى به ليفيد أنه في الحال غير مرجو.
قوله تعالى: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ).
قال ابن عرفة: وذلك أن الإنسان إذا حصلت له [
…
] يستحيل له [العلم الضروري*] الذي يستحيل زواله عقلا؛ بخلاف غير هذا، فإن الإنسان قد يكون يشرب الخمر ثم يتركه، ويكون يزني ثم يتوب، وصالح عليه السلام قال (إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) قول يقال: كان الأصل أن يقول: إن كنت على بينة من ربي فيستحيل رجوعي عن ذلك؛ لأنه من الأمر الضروري الذي يستحيل زواله، فأجاب ابن عرفة: بأن الدليل البرهاني لَا يخاطب به العوام، فأتى بالدليل الخطابي، لأنه هو الذي يفهمونه.
قوله تعالى: (لَكُم آيَةً).
قال: آية حال، والحال من شرطها عند ابن عصفور الانتقال، وهذه ليست إلا آية، فأجاب بوجهين:
الأول: أن ابن هشام في شرح [الإيضاح*]. نص على عدم اشتراط الانتقال فيها.
والثاني: أنها مثل خلق الله [زيدا أزرق]؛ لأن الناقة من حيث هي يمكن أن تكون آية، [أو لا*].
قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ).
راجع لقوله تعالى: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ).
قوله تعالى: (الْعَزِيزُ).
راجع لقوله (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) لأن الخزي يستلزم الإذلال والإهانة وذلك ضد العز، وعبر بالديار هنا لأن الصيحة صوت عام ليخص كل واحد في خزيه على حدته والرجفة حركة يقال بجميعهم، ولا يتخلف بل هي في حقهم واحدة.
قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا).
شبه حالهم بعد الهلاك بحالهم قبل وجودهم، والوصف الجامع بينهم هو قوله تعالى:[(أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ) *] قال أبو طالب في القوت: إن البعد من الله أشد من العقوبة بعذابه، واستدل بأن قصة صالح وقصة هود محتجا بهما، فقيل: ألا بعدا لعاد قوم هود ألا بعدا لثمود.
قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا)
قيل: الظاهر أن اللام جواب قسم، وظاهر كلام الفخر أنها لام الابتداء، وهو غير صحيح؛ لأنها مع قد.
قوله تعالى: (رُسُلُنَا).
قال [الفخر: الصحيح أنهم ثلاثة لأنه المتعين*]، قال ابن عرفة: بل الصحيح أنهم اثنان؛ لأن أصل الجمع على أحد القولين؛ اثنان فهو يفيد الاثنين على كل مأول.
قوله تعالى: (قَالُوا سَلَامًا).
قال السكاكي وغيره من البيانيين: سلام إبراهيم أبلغ لأنه بالاسم والآخر بالفعل، فرده ابن عرفة بأن سلام الملائكة مؤكد بالمصدر فهو أبلغ؛ فصار كقوله تعالى:(وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)، وأجيب بأن المصدر إنما يؤكد