الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى: (لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا) إشارة إلى أن الوارث إذا اشتمل الوصية والدين وأداه عن الميت، فإنه أعظم له أجرا وأكثر له نفعا من أخذه ذلك لنفسه؛ لأن الأول: نفع أخروي أن فيه ثواب التوفية بالحق الواجب، والثاني: يقع دنيوي وأي إما موصولة أو استفهامية وكان بعضهم يختار أنها موصولة إذا كانت من الله تعالى لاستحالة الاستفهام في حقه.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
إما كان للدوام أي كان ولم يزل، وإمَّا أنها على بابها؛ لاقتران مضمون الجملة بالزمان الماضي؛ لأن الخطاب بهذه الأحكام حصل [للمكلفين*] العلم بأن الله تعالى بين الخطاب موصوف بالعلم والحكمة، فقيل له: كما علمتم اتصافه؛ لأن بهما كذلك فاعلموا بأنه كان أيضا موصوفا بهما فيما مضى وانقطع.
قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ
…
(12)}
ابن عرفة: [الأزواج مخصوص بالكتابيات، [وإلا فإنه لَا يرث المسلم الكافر*] والأمة يرثها سيدها لَا زوجها، أو لَا يخصص بالنكاح الفاسد؛ لأنا إن قلنا: إن فيه الميراث فهو نكاح وزواج صحيح، وإلا فليس بنكاح، وليست له زوجة، قال: وقوله مخصوص بالأحرار، قال ابن عرفة: عادة الطلبة يوردون هنا سؤالا وهو أن هذه الجملة الشرطية قدم عليها جزاؤها في اللفظ وإن كان المعنى مؤخرا عنها، والجملة التي بعدها أخر عنها جزاؤها، فما السر في ذلك؟ وأجيب: بأن الجزاء في الأولى كالمقتضي، والشرط كالمانع، والمانع متأخر على المقتضي، فالحكم اقتضى أن للأزواج من زوجاتهم النصف والولد كالمانع، فقال ابن عرفة: إنما عادتهم يجيبون بأن حكم الأول شرط بوصف عدمي، وهو عدم الولد والأصل في الأشياء العدم، فالجزاء فيها ثابت بالأصالة من غير شرط فيه، والجزاء في الثانية مترتب على أمر وجودي، والمترتب على الوجود [متأخر*] عنه في الوجود فلذلك أخر عنه في اللفظ.
قوله تعالى: (فَإِن كَانَ لَهُن وَلَدٌ).
يتناول ولد الزنا وولد الرشدة، وقيل لابن عرفة: ما أفاد قوله: (مِمَّا تَرَكَ) مع أنه مستفاد من الأول، فقال: أعيد؛ لأن هذه جملة أخرى فالأصل ذكره.
قوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ).
الولد الرشدة؛ لأن ولد الزنا لَا يلحق بأبيه بوجه وإنما يلحق بأمه.
قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ).
فإن قلت: هلا قال: وإن كان أحد يورث كلالة ليدخل الصغير والكبير والذكر والأنثى، فالجواب: أنه قصد التنبيه على الصورة الغريبة النادرة وهي عادة المتأخرين في التمثيل بالصورة الغريبة لتدل على غيرها من باب أحرى بخلاف المتقدمين فإنهم يمثلون بالصور الجلية الواضحة ويتركون الخفية، قال: وذلك أن وجود الولد للرجل والمرأة أكثري وأمر غالب، وعدمه أمر نادر بخلاف فقدان الوالد للصبي فإنه ليس بنادر بل هو كثير، وأجاب السهيلي بقوله تعالى:(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) والوصي لَا يصح منه ذلك.
ورده ابن عرفة: بصحة الوصية من الصبي المميز حسبا، قال في الوصايا الأول من المدونة، ويجوز وصية الصبي ابن سبع سنين فأقلهما يقارنهما إذا أصاب وجه الوصية، وبأنه كان يؤتي أولا باللفظ العام، ثم يقول:(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ)، (أَوْ دَيْنٍ) ليتناول بعض صور ذلك العام وهو من تصح عنه الوصية والدين، وذكر ابن عطية هذه الفريضة الحمارية وأنها زوج وأم وإخوة، لأم وإخوة شقائق، وكذا في رسالة ابن أبي زيد، وقال الفراء، وابن الحاجب: إنها إما أم أو جدة، وتكلم أبو حيان هنا في العطف، وهل يشترك في الإعراب والمعنى أم لَا؟ كما قال ابن بشير في التيمم من أن الأصوليين اختلفوا في العطف، ابن عرفة: والتشريك شك إنما فهم من السياق فدل على أن ثم وصف مقدر، والمفضل هو الميت، أي: وإن كان الميت رجلا يورث كلالة.
قوله تعالى: (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثلُثِ)
احتجوا بها أن الشركة تقتضي التساوي، ووقع في المدونة في السلم الثالث وفي القراض، قال في السلم: وإن ابتاع رجلان عبدا فسألهما رجل أن يشركاه ففعلا، فالعبد بينهم إتلافا فظاهره أنها تقتضي التسوية، وقال في القراض: وإن أقرضه ولم يسم ماله من الربح وتصادقا على ذلك أو على أن له شركاء في المال إن لم يسمه كان على قراض مثله إن عمل، فظاهره أنه لَا يقتضي التسوية بأن لفظ اشتركا يقتضي التسوية، ولفظ أشرك بمعنى النصيب فهو للنصف وغيره، ابن عرفة وأجيب: بأن القرينة في الآية عينت أن المراد المساوي وهو قوله: (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ).
قوله تعالى: (غَيْرَ مُضَارٍّ).
قال ابن عطية: المضارة إنما هي في أكثر من الثلث، وأما الثلث فالمشهور من مذهب مالك رحمه الله إن ضارر فيه تنقل الوصية، وقيل: إنها ترد، وإن كانت في الثلث، فقال ابن عرفة: ليس كذلك بل الأمر على العكس سواء فالمشهور