الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يقل: فلا يتولوهم؛ لأن النهي إنما هو عن الركون إليهم والطمأنينة لَا عن أوائل الأمر، قال ابن عربي: وفي الآية دليل لمن يقول إن الزنديق لَا تقبل توبته فرده ابن عرفة: بوجهين:
الأول: قوله تعالى: (حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وما نص في توبتهم.
الثاني: أن الآية في المرتدين؛ لأن هؤلاء مرتدون، وأجيب عن الأول بأن هجرة هؤلاء كانت قبل القدرة عليهم فصاروا كالزنديق إذا تاب قبل أن يقدروا عليه فإنه تقبل توبته.
قوله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ
…
(91)}
أبو حيان: السين للاستمرار. ابن [عرفة*] يريد أن هذا واقع منهم فيما مضى، وذموا عليه، فهي لتحقيق الوقوع كما في قوله تعالى:(سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) قال: والصواب أن يجعلها على أصلها الحقيقي مستقبلة؛ لأن الوجدان لم يقع، وإنما الواقع كذبهم بهذه الصفة لَا العلم بكونهم على هذه الصفة فوجدانهم مستقبل عن آخرين فليس هم الأولون بوجه.
قوله تعالى: (وَيَكُفوا أَيدِيَهُمْ).
إن قلت: لَا فائدة فيه؛ لأن القائم بالسلم يستلزمه فهو أخص منه وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، قلت: إنما هو منفي، ونفي الأخص أعم من نفي الأعم فما يلزم من نفي إلقاء السلم نفي الكف.
قوله تعالى: (حَيْثُ ثَقِفتُمُوهُم).
قال ابن عرفة: عام مخصوص بمكة لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وإنما أحلت لي ساعة من نهار ولم تحل لأحد قبلي".
قوله تعالى: (سُلْطَانًا مُبِينًا).
إما حجة، وإما قوة وقوله:(مُبِينًا) أي بين في نفسه، أو مبين لغيره، وكذلك الدليل بين الدعوى.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً
…
(92)}
قال أبو حيان: هذا نهي فرده في المختصر وقال: بل هو خبر حقيقة، وقال ابن عرفة: إن كان حكما فهو خبر في معنى النفي جاز على مذهب أهل السنة، وإن كان خبر حقيقة فهو مذهب المعتزلة؛ لأن المعتزلة يقولون: إن قاتل العمد كافر.
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون خطأ مفعولا من أجله أي ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل ألا يلحقاه، وسكت عنه أبو حيان، وتعقبه ابن عرفة بأن ثبوته يؤدي إلى نفيه؛ لأن المفعول من أجله يستدعي القصد إليه، والقصد يصيره عمدا، قال ابن عرفة: ويؤخذ من الآية أنه إما أشكل علينا هل القتل خطأ أو عمدا يحمل على أنه عمد؛ لأنه إما يستثني الأقل من الأكثر، فدل على أن العمد أكثر، وقال مالك رحمه الله: إذا قال ولي الدم قتله عمدا، وقال القاتل بل خطأ، فالقول قول ولي الدم، وقال ابن رشد في الأسئلة: فيمن ضرب زوجته أو مثل بعبده أو أمته واختلفا فزعمت الزوجة، والأمة أنه عمد وزعم الزوج والسيد أنه خطأ أن فيه قولين، والصحيح أن القول قول الزوجة، فيطلق عليه والقول قول العبد والأمة فيعتقان عليه، وقال ابن الحاجب في كتاب الديات: إنه محمول على الخطأ.
قوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً).
التفسير بالماضي مناسب للسبب في نزول الآية فلذلك ينبغي أن يكون من موصوله بمعنى الذي.
قيل لابن عرفة: وظاهر الآية أن الجهل بالصفة يستلزم الجهل بالموصوف في علمه قالوا: إن المعتزلة يلزمهم الكفر بنفيهم الصفة وبه فسروا هنا الخطأ؛ لأنه بأحد وجهين: إما بأن ضرب طائرا فيصادف رجلا أو يقصد كافرا، فيصادف مسلما لم يقصده أو يقصد رجلا بعينة يظنه كافرا فإِذا هو مسلم، وقاله مالك في كتاب الغصب: فيمن غصب عبدا فادعى هلاكه فغرم قيمته ثم وجد العبد على غير تلك الصفة، فإن علم منه أنه جحده رد له، وإلا غرم ما زادت صفته في قيمته على ما كان وقع له.
قوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ).
مطلق يعم العمياء والسليمة لكن تقيد بقوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) إما بالنص أو بالقياس، فإن قلت: كيف صح التكفير بهذا، فأجاب الزمخشري: أنه لما أعدم نفسا مؤمنة وجب عليه أقرب وجوه الأمثال لتعويضها وما هو إلا أن [نزيد*] في الأحرار نفسا مؤمنة، وأجاب ابن العربي: بأن هذا ردع لهم لئلا يقع في ذنب أعظم منه فجعلت هذه الكفارة زاجرة له وقامعة عن التمادي