الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
…
(5)}
ابن عرفة: ذكروا في أن وجهين هل هي ناصبة أم مفسرة، وقال بعض الطلبة أكثر النحويين يمنعون وصل أن بالجملة الغير الخبرية، وذكر ابن العطا في شرح الجزولية: جواز ذلك وأنشد عليه بتاء قال: فالظاهر أنها هنا تفسيرية.
قوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ).
ابن عرفة: التذكير بذلك سبب في إخراجهم من الظلمات إلى النور فلم أخره عنه، وأجاب: بأن التذكير هو الموعظة، قال والدعاء على الإسلام متقدم عليها والموعظة إنما تكون بعد ذلك لأنه يريهم المعجزات ابتداءً فإذا آمنوا وعظهم ليدوموا على إيمانهم ابن عرفة: وهنا سؤال وهو هلا قال أخرج قومك من الظلمات إلى النور بإذن الله كما قال أولا (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) وعادتهم يجيبون: بأن الأول خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وشريعته من أسهل الشرائع فناسب فيها ذكر الإذن ليفيد معنى السهولة واللين المأذون فيهما وهذه الآية الثانية خطاب لموسى وقد كانت شريعته صعبة ألا ترى إلى قوله (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُم) قلت له: أو يجاب بأن اخرج فعل أمر فهو بنفسه دليل على الآن فلم يحتج إلى ذكره معه بخلاف قوله ليخرج النَّاس فإِنه جملة خبرية لَا تدل على الإذن فلذلك قيدت به.
قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ).
المراد بهما الآيات النافعة بدليل قوله: (لِكُلِّ صَبَّارِ شَكُورٍ) مع أنه آية للصابر الشاكر لكن إنما هو آية نافعة للصبار والشكور لَا لمن اتصف بمطلق صبر ومطلق شكر، ابن عرفة: وليس المراد من جميع الوصفين بل من اتصف بأحدهما وإنما لم يعطفهما بالواو إشارة إلى التهييج والإلهاب على الإنصاف بهما معا.
قوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
…
(6)}
قال: لم أفرد النعمة؟ فأجيب بوجهين: الأول: قلت إما لأنه فسرها بشيء واحد وهو الإنجاء من آل فرعون فهي نعمة واحدة، الثاني قال ابن عرفة: عادتهم يجيبون بأنه إنما أفردا لأن الإنسان لَا يستطيع الشكر على كل النعم بل على البعض فقط فأفردها تحقيقا على المكلف في الشكر على النعم وإن كثرت إذ لَا يقدر على القيام بواجب الشكر على جميعها وإن [أفرغ وسعه*]، قال والعامل في (إذ)(نِعْمَةَ) لأنه [مصدر مجرد بالياء][ظرف للنعمة بمعنى الإنعام*](1)
(1) في الأصل المطبوع هكذا [مصدر مجرد بالياء]. والتصويب من الزمخشري. (2/ 540).
ولا يصح أن يعمل فيها إذا ذكروا لأنه مستقبل [وإذ*] ظرف زماني لما مضى وقت الذكر ليس هو وقت الإنجاء.
قوله تعالى: (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ).
ابن عرفة: إن قلت عطف (يُذَبِّحُونَ) على (يَسُومُونَكُمْ) مشكل لأن العطف يقتضي المغايرة فإن كان السوم هو الذبح لزم عطف الشيء على نفسه والعطف يقتضي المغايرة كما سبق وإن كان غيره لزم تفسير [الشيء*] بغيره، والجواب: أنه غيره لكنه أعم منه فالسوم هو أوائل العذاب ومقدماته والذبح أخص منه، فإن قلت: هلا قال (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ) كما قال (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) فالجواب: أن البنات في حال صغرهن لَا مؤنة لهن ولا مشقة وإنَّمَا يلحق أباءهن المؤنة والمشقة إذا كبرن وصرن نساء، فإن قلت: لم عطف الفعل هنا ولم يعطفه في البقرة؟ قال عادتهم يجيبون: بأن [النعمة*] في آية البقرة وقعت من الله تعالى لأنه قال (إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ)[فأسند*] الفعل إلى [نفسه*][ولأن*] كل الأشياء عنده حقيرة؛ فلهذا أتى بالجملة الثانية غير معطوفة لتكون مفسرة للأول [كأنهما] شيء واحد؛ [لأن من يستعظم الأشياء الحقيرة*] لا قدرة له، فالمائة دينار لَا قدر لها عند الغني، وهي عند الفقير مال معتبر، والآية في هذه السورة [والمذكور*] فيها من موسى عليه السلام لأن [أولها*][وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا*] فهذه صدرت من موسى لقومه فناسب فيها المبالغة في العطف بالواو، والتي تقتضي المغايرة والبيان لكثير أسباب المن، وأجاب صاحب درة التنزيل بأن آية إبراهيم وقعت في خبر عطف خبر آخر قبله وهو قوله:(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا) و (إذ قال موسى) فتضمن الأول إخبار عن إرسال موسى بالآيات، والثاني: تنبيهه لقوله على [نعمة*] الله فتقوى معنى العطف في (يُذَبِّحُونَ) لأنه وما عطف عليه [**وأخلى] جملة معطوفة علي غيرها فالمقام مقام الفضل بخلاف آية البقرة فإنه أخبر بخبر واحد، وهو إخباره عن نفسه بإنجائه بني إسرائيل فلذلك عطف (1)، قلت: يريد والجمل المتقدمة في سورة البقرة إنما هي طلبه وهي قوله: (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا) والمشاكلة تقتضي أن الإخبار يجري مجرى واحد في الوصل والعقل بخلاف أخبرو الطلب فإنه لَا يعامل أحدهما معاملة الآخر ألا ترى المشهور عند النحويين أنه لَا يجوز عطف الجملة الخبرية على الطلبية ولا العكس حسبما نبه عليه أبو الربيع في شرح الإيضاح هذا الذي تلخص لي من كلام درة التنزيل على طوله.
قوله تعالى: (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ).