الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السامري، فإنه هو الذي صنعه ونسب فعله إلى جميعهم؛ إما لأن السامري منهم فهو من مجاز تسمية الكل باسم البعض على جهة التقليب، وإما أنهم رضوا بفعله فهو من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وإما معنوي ونسبة الكل إليهم حقيقة لأنهم انخذوه إلها ..
قوله تعالى: (جَسَدًا).
قالوا: أفاد الوصف به أنه لَا روح فيه، وقيل: إثارة إلى أنه لَا رأس له.
ورده ابن عرفة بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلنَاهُم جَسَدًا لَا يَأكُلُونَ الطعَامَ) قال: وعندي أنه أفاد التبكيت عليهم من أنهم عبدوا من لَا يستحق العبودية؛ لأن الإله منزه عن الجسمية والتحيز.
قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا).
ابن عرفة: أخذوا منه إثبات صفة الكلام لله تعالى.
قوله تعالى: (وَلَا يَهْدِيهِم سَبِيلًا).
يتضمن العلم والقدرة والإرادة، وكان بعضهم يستشكل الآية، ويقول: ظاهرها أن وجود الكلام وهداية السبيل علامة على الألوهية، وهذا المعنى ثابت في الرسل فيلزم أن كل واحد منهم إلها.
وأجيب بأنه استدلال بنفي الإلزام على نفي الملزوم، ولأن من لوازم الإله أن يكون متكلما هاديا السبيل، فإذا انتفى هذا اللازم من الشيء انتفى عنه ملزومه وهو الألوهية؛ فيلزم من نفي اللازم نفي الملزوم ولا يلزم من ثبوته ثبوته.
قال ابن عرفة: وعادتهم يجيبون بأن الآية دلت على أن عدم الكلام نفي الملزوم وهو عدم الكلام وعدم الهداية؛ لأنه إذا انتقى عدم الألوهية ثبتت الألوهية؛ فكل من ثبتت له الألوهية ثبت له الكلام والهداية، ولا يلزم من نفي الملزوم نفي اللازم؛ لأنه لا يلزم من نفي عدم الكلام نفي عدم الألوهية؛ أي: لَا يلزم من ثبوث الكلام ثبوت الألوهية.
قوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا
…
(150)}
قال ابن عرفة: عادتهم يوردون في هذه الآية استشكالين:
أحدهما: أن حكم الحاكم من باب تغيير المنكر حسبما ذكره الشيخ عز الدين، فيقال: الحاكم إذا عرض له طريقان قريبة وبعيدة أنه ينبغي له أن يسلك القريبة ويترك
البعيدة؛ لأن حكم الحاكم من باب تغيير المنكر واجب على الفور، وتقدم حديث:"لَا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان"، وقد صدرت هذه المقالة من موسى عليه السلام حالة غضبه وهو تغيير منكر، قال: وأجيب بوجهين:
أحدهما: الأول: أن ذلك في غير النبي، وأما النبي فهو معصوم، والخطأ والتجاوز في حكمه فلا يؤثر فيه الغضب حسبما ذكر نحوه عياض في آخر الأجوبة عن حديث الزبير في شراج الحرة حين غضب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال: " [اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ*].
الثاني: أن حكم الحاكم أخص من تغيير المنكر؛ لأن حكم الحاكم لَا يقع إلا ممن هو معين لذلك، وتغيير المنكر يقع في سائر النَّاس؛ كما يلزم من اشتراط السلامة من الغضب والشواكل في حكم الحاكم اشتراطه في تغيير المنكر على هذا؛ فيعم ذلك جميع النَّاس من الفسقة وغيرهم.
الإشكال الثاني: أن الإنكار إن وقع على أمر محرم فيكون راجعا لذاته، وإن وقع على أمر جائز فهو إما لقوته أو لمحله. والإنكار وقع عليهم في نفس معبودهم وهو العجل.
وقوله (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) فزعم أن الإنكار وقع على الاستعجال دون الشيء المستعمل؛ ألا ترى أن الإنسان لو جهل في رمضان فأفطر على مباح قبل مغيب الشمس لحسن أن يقول: لما تعجلت الفطر قبل الغروب، ولو شرب الخمر أو أكل الخنزير لما حسن أن يقول له ذلك، قيل: إنما ينكر عليه نفس الفعل ولا ينكر عليه الزمان بوجه.
قال: والجواب أن تحمل الآية على غير ما قاله المفسرون في الاستعجال وهو أن الناظر قد يظهر له شبهة فيستعجل عليها من غير إعادة نظر ولا تأمل؛ ولذلك يقولون في الشعر: هذا شعر جبلي أي: معاود لها ولا ظهرت له شبهة؛ فبادروا إلى اتباعه والعمل بها بأول وهلة، ولو أعادوا النظر لظهر لهم فيها الحال؛ فمعنى الآية عندي: أعجلتم من أمر ربكم أي: تعديتم عنه وخرجتم عنه وخالفتموه، ويكون المراد بأمر ربكم توحيده وعبادته.
قوله تعالى: (وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ).