الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والله متولي السرائر"، وحديث: "إذا أخطأ المجتهد فله أجر واحد وإن أصاب فله أجران".
قيل لابن عرفة: إن ابن المسيب حمله على الضلال في الظاهر، قال: لأن العصمة تأباه على سبيل الفرض مثل: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)، فقال ابن عرفة: الصواب تفسيره بما كان يكثر وقوعه منه؛ لأنه مستحيل عليه تعمد الإضلال، ابن عرفة: ووقع الامتنان عنا بنفس النعمة وبالتذكير بها اختصاصا له بذلك وتشريفا له.
قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ).
الكتاب: القرآن، والحكمة: فهمه والسنة.
قوله تعالى: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
هذا من أدل دليل على أفضلية العلم وبها احتج الغزالي رحمه الله على فضل العلم، وقال في سورة العلق:(عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فهذه أبلغ؛ لاقتضائها نفي الشيء ونفي الغالبية له، فقولك: لم يكن زيد يعلم كذا أبلغ من قول: لم يعلم زيد كذا، فأفاد هذا النهي اختصاصا بذلك، وأن علمه شيئا ليس من عادة البشر علمه.
قوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ
…
(114)}
ابن عرفة: انظر هل الخير عند الشر وهو ما فيه مصلحة فيتناول المباح، أو هو ما لم يتضمن فيتناول المباح والظاهر الأول والقضية إن كانت في طُعمة فليس فيها حصر والكثير، إما أن يكون أريد بها المجموع عكس ما أريد بالقليل في قوله: مررت بأرض قل ما تنبت البقل، أو ليس في (نَجْوَاهُم) خيرا لوجد، وإمَّا أن يكون على بابه فلا ينحصر قضية طعمه بل يعمها وغيرها وخص الصدقة بالذكر حديث:"والصدقة برهان" وخص الإصلاح لرجوعه إلى درء المفاسد؛ لأنه من باب تغيير المنكر فهو
آكد من جلب المصالح، وفي الآية عطف العام على الخاص، والخاص على العام، قال أبو حيان: في قوله: (بَينَ النَّاسِ) يصح أن يكون معمولا لإصلاح فيكون متعلقا به، أو يكون صفة لإصلاح فيتعلق بمحذوف.
قيل لابن عرفة: إنما يصح هذا لو كان المعنيان مختلفين، وأما مع اتفاق المعنى فالتعليق بالظاهر أولى، فلا يكون له موضع من الإعراب، فقال: بل معنى مختلف؛ لأنه إن كان معمولا يكون الإصلاح جزئيا، وإن كان صفة يكون الإصلاح كليا، ثم وصف جزئي، والكل سواء.
قوله تعالى: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ).
أورد الزمخشري سؤالا قال: الأمر بالإصلاح قولي فكيف قال: ومن يعني ذلك والقول غير الفعل، ثم أجاب بأمرين: إما أن الدال على الخير كفاعله، وإما أن فعل ذلك يشق على النفوس من الأمر به فلذلك رتب عليه الأجر العظيم، قال بعضهم: الإصلاح بين النَّاس حسن عملا هذه الآية، وبقوله تعالى:(وَالصلْحُ خَيرٌ) وكل خير مأمور له لقوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وخير عام ضرورة أنه اسم جنس مقرون بالألف واللام ينتج أن الإصلاح بين النَّاس مأمور به فهذا من تركيب المخصوص، ورد بمنع الصغرى وهي قوله:(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) لأنها بمعنى أخير فلا يتحد الأوسط؛ لأن الأخير غير الخير، وأجيب بأن المغايرة بينهما لا تمنع صادقية الخير على الأخير فقد اندرج تحته كصادقية الأحسن على الحسن، فينتج أن الحسن مندوب إليه، وقال بعضهم: ضم قوله: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ) في قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيرَ) مندوب لكون الصلح مندوب فضلا عن كونه جائزا، وقرره بأن قال: لو كان الصلح من لوازم الخير لكان مأموراً به والمقدم حق، فالتالي حق لبيان حقيقة المقدم.
قوله تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ).
فأوقف الخير على أحدهما، والصلح أحدهما فالخير موقوف عليه، ولا معنى لكونه؛ لأن ما له إلا هذا، والملازمة ظاهرة؛ لأن الخير مأمور به لقوله تعالى:(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) فهو عام والأمر بالشيء أمر بما يتوقف عليه ذلك الشيء، وأجيب بمنع ملازمة الصلح للخير قوله تعالى:(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) أحدهما قلت: لَا يلزم من كون أحدهما أن يكون لازما للخير جواز تحقيق الخير بدونه موقوفا على أحدهما وهو المعروف وصدقه.