الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد شرح أحد العارفين هذه الأربع، فقال: اجعل مراقبتك لمن لا تخلو عن نظره إليك، واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمَنْ لا تخرج عن مُلْكه وسلطانه.
وهكذا جمعتْ هذه الأقوالُ الثمانية الدينَ كله.
ثم يُقدِّم السحرة الذين أعلنوا إيمانهم حيثيات هذا الإيمان، فقالوا: {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً
…
}
قوله: {مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} [طه:
74]
يعني مُجرِّماً عمل الجريمة، والجريمة أنْ تكسر قانوناً من قوانين الحق عز وجل كما يفعل البشر في قوانينهم، فيضعون عقوبة لمَنْ يخرج عن هذه القوانين، لكن ينبغي أن تُعيِّن هذه الجريمة وتُعلَن على الناس، فإذا ما وقع أحد في الجريمة فقد أعذر من أنذر.
إذن: لا يمكن أن تعاقب إلا بجريمة، ولا توجد جريمة إلا بنص.
وقوله: {يَأْتِ} أي: هو الذي سيأتي رغم إجرامه، ورغم ما ينتظره من العذاب. لكن لماذا خاطبوه بلفظ الإجرام؟ لأنه قال:{فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} [طه: 71] ولم يفعلوا أكثر من أنْ قالوا كلمة الحق، فأيُّنا إذنْ المجرم؟
وقوله تعالى: {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يحيى} [طه: 74]