المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً} [مريم: 29] ونلاحظ في - تفسير الشعراوي - جـ ١٥

[الشعراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ 99]

- ‌ 101]

- ‌ 102]

- ‌ 103]

- ‌ 104]

- ‌ 105]

- ‌ 106]

- ‌ 107]

- ‌ 109]

- ‌ 110]

- ‌ 4]

- ‌ 6]

- ‌ 7]

- ‌ 9]

- ‌ 10]

- ‌ 11]

- ‌ 12]

- ‌ 17]

- ‌ 18]

- ‌ 19]

- ‌ 20]

- ‌ 22]

- ‌ 23]

- ‌ 24]

- ‌ 28]

- ‌ 30]

- ‌ 34]

- ‌ 36]

- ‌ 38]

- ‌ 39]

- ‌ 40]

- ‌ 41]

- ‌ 43]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 46]

- ‌ 47]

- ‌ 49]

- ‌ 50]

- ‌ 52]

- ‌ 54]

- ‌ 55]

- ‌ 56]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 60]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 65]

- ‌ 68]

- ‌ 69]

- ‌ 75]

- ‌ 76]

- ‌ 78]

- ‌ 80]

- ‌ 82]

- ‌ 84]

- ‌ 86]

- ‌ 87]

- ‌ 92]

- ‌ 93]

- ‌ 95]

- ‌ 96]

- ‌ 98]

- ‌(طه)

- ‌ 2]

- ‌4]

- ‌ 10]

- ‌ 11]

- ‌ 12]

- ‌ 13]

- ‌ 14]

- ‌ 15]

- ‌ 18]

- ‌ 21]

- ‌ 25]

- ‌ 26]

- ‌ 33]

- ‌ 37]

- ‌ 42]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 47]

- ‌ 48]

- ‌ 50]

- ‌ 52]

- ‌ 53]

- ‌ 55]

- ‌ 57]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 60]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 64]

- ‌ 67]

- ‌ 68]

- ‌ 69]

- ‌ 71]

- ‌ 72]

- ‌ 73]

- ‌ 74]

- ‌ 75]

- ‌ 77]

- ‌ 78]

- ‌ 80]

- ‌ 81]

- ‌ 84]

- ‌ 86]

- ‌ 87]

- ‌ 88]

- ‌ 90]

- ‌ 91]

- ‌ 92]

- ‌ 94]

- ‌ 96]

- ‌ 97]

- ‌ 98]

- ‌ 102]

- ‌ 103]

- ‌ 104]

- ‌ 106] :

- ‌ 108]

- ‌ 110]

- ‌ 112]

- ‌ 114]

- ‌ 115]

- ‌ 117]

- ‌ 118]

- ‌ 124]

- ‌ 125]

- ‌ 126]

- ‌ 127]

- ‌ 128]

- ‌ 130]

- ‌ 131]

- ‌ 132]

- ‌ 133]

- ‌ 135]

- ‌[الأنبياء:

- ‌1]

- ‌ 2]

- ‌ 3]

- ‌ 4]

- ‌ 5]

- ‌ 7]

- ‌ 8]

- ‌ 12]

- ‌ 13]

- ‌ 14]

- ‌ 15]

- ‌ 17]

- ‌ 18]

- ‌ 19]

- ‌ 20

- ‌ 21]

- ‌ 22]

- ‌ 25]

- ‌ 26]

- ‌ 27]

- ‌ 28]

- ‌ 29]

- ‌ 30]

- ‌ 31]

- ‌ 35]

- ‌ 36]

- ‌ 37]

- ‌ 39]

- ‌ 40]

- ‌ 41]

- ‌ 42]

- ‌ 43]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 46]

- ‌ 48]

- ‌ 49]

- ‌ 50]

- ‌ 51]

- ‌ 52]

- ‌ 53]

- ‌ 56]

- ‌ 57]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 64]

- ‌ 65]

- ‌ 68]

- ‌ 71]

- ‌ 73]

- ‌ 74]

- ‌ 75]

- ‌ 76]

- ‌ 79]

- ‌ 80]

- ‌ 81]

- ‌ 82]

- ‌ 83]

- ‌ 85]

- ‌ 88]

الفصل: نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً} [مريم: 29] ونلاحظ في

نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً} [مريم: 29] ونلاحظ في قولهم أنهم لم يستبعدوا أنْ يتكلّمَ الوليد، فلم يقولوا: كيف يتكلم مَنْ كان في المهد صبياً؟ بل قالوا: {كَيْفَ نُكَلِّمُ} [مريم: 29] أي: نحن، فاستبعدوا أنْ يكلموه، فكأنهم يطعنون في أنفسهم وفي قدرتهم على فَهْم الوليد إنْ كلَّمهم.

والمهد: هو المكان الممهد المعَدّ لنوم الطفل، لأن الوليد لا يقدر أن يبعد الأذى عن نفسه، فالكبير مثلاً يستطيع أنْ يُمهد لنفسه مكان نومه، وأن يُخرِج منه ما يُؤرِّق نومه وراحته، وعنده وَعْي، فإذا آلمه شيء في نومه يستطيع أنْ يتحلَّل من الحالة التي هو عليها، وينظر ماذا يؤلمه.

ثم يقول الحق سبحانه: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله}

ص: 9075

وكأنه قال للقوم: لا تتكلموا أنتم، أنا الذي سأتكلم. ثم بادرهم بالكلام:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله} [مريم:‌

‌ 30]

وهكذا استهلّ عيسى عليه السلام كلامه بإظهار عبوديته لله تعالى، وفي هذه دليل على أنه قد يُقال فيه أنه ليس عبداً، وأنه إله أو شريك للإله.

لذلك كانت أو كلمة نطق بها {قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله} [مريم: 30] فالمعجزة التي جاءتْ بي لا تمنع كَوْني عبداً لله؛ لذلك لو سألتَ الذين يعتقدون في عيسى عليه السلام أنه إله أو شريك للإله: إنكم تقولون أنه تكلّم في المهد، فماذا قال؟ فلا يعترفون بقوله أبداً؛ لأن قوله ونُطْقه:{إِنِّي عَبْدُ الله} [مريم: 30] ينفي معتقدهم من أساسه.

ليس هذا وفقط، بل:{آتَانِيَ الكتاب} [مريم: 30] لكن كيف

ص: 9075

آتاه الكتاب وهو ما يزال وليداً في مَهْده؟ قالوا: على اعتبار أنه أمرٌ مفروغ منه، وحادث لا شَكَّ فيه، كأنه يقول: أنا أَهْل لأنْ أتحملَ أمانةَ السماء إلى أهل الأرض. مع أن الكتاب لم يأتِ بعد، إلا أنه مُلقَّن لقَّنه ربه الكتاب بالفعل، وإنْ لم يأت الوقت الذي يُبلِّغ فيه هذا الكتاب.

{وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [مريم: 30] فسلوكي سلوك قويم، ولا يمكن أن يكون فيَّ مطعَنٌ بعد ذلك، وإنْ كان هناك مطعن فهو بعيد عني، ولا ذنبَ لي فيه.

ثم يقول: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ}

ص: 9076

أي: وشرَّع لي أيضاً ما دُمْت حياً. . وقد قال عيسى عليه السلام في المهد هذه الكلمات ليبرِّىء أمه الصِّدِّيقة، ذلك أنهم اتهموها في أعزِّ شيء لديْها؛ ولذلك لم يكُنْ ليُجدي أيّ كلام منها، وإنقاذاً لها أبلغها الحق عن طريق جبريل أو عيسى عليهما السلام أن تقول:{إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليوم إِنسِيّاً} [مريم: 26] .

ثم يقول: {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي}

ص: 9076

فلِمَ ذكر والدته هنا؟ ولِمَ حرص على تقرير بِرِّه بها؟ قالوا: لأن البعض قد يظن أن عيسى عليه السلام حينما يكبر ويعرف قصة خَلْقه، وأن أمه أتَتْ به من غير أب، ودون أنْ يمسسْها بشر

ص: 9076

قد تترك هذه المسألة ظلالاً فلي نفسه وتُساوِره الشكوك في أمه، فأراد أنْ يقطع كل هذه الظنون.

ذلك لأنه هو نفسه الدليل، وهو نفسه الشاهد على براءة أمه، والدليل لا يُشكِّك في المدلول، فكأنه يقول للقوم: إياكم أنْ تظنوا أني سأتجرأ على أمي، أو يخطر ببالي خاطر سوء نحوها.

ثم يقول: {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً} [مريم: 32] فنفى عن نفسه صفة الجبروت والقسوة والتعاظم؛ لأن الرسول لابُدَّ أنْ يكون ليِّنَ الجانب رفيقاً بقومه؛ لأنه أتى ليُخرِج الناس مِمَّا ألِفُوه من الفساد إلى ما يثقل عليهم من الطاعة.

والإنسان بطبعه حين يألَف الفساد يكره مَنْ يُخرِجه عن فساده، فمن الطبيعي أن يتعرّض النبي لاستفزاز القوم وعنَادهم ومكابرتهم، فلو لم يكُنْ ليِّن الجانب، رقيق الكلمة، يستميل الأذن لتسمع والقلوب لتعي ما صلح لهذه المهمة.

لذلك يخاطب الحق تبارك وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم َ بقوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لَانْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] .

ومعنى {شَقِيّاً} [مريم: 32] أي: عاصياً، وما أبعدَ مَنْ هذه صفاته عن معصية الله التي يشقى بسببها الإنسان.

ثم يقول تعالى عن عيسى عليه السلام أنه قال: {والسلام عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ}

ص: 9077

سبق أن قلنا في قصة يحيى عليه السلام: إن هذه الأحداث أعلام

ص: 9077

ثلاثة في حياة الإنسان: يوم مولده، ويوم موته، ويوم أنْ يُبعث يوم القيامة. فما وجه السلامة في هذه الأحداث بالنسبة لعيسى عليه السلام؟

قوله: {والسلام عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ} [مريم: 33] لأن يوم مولده مَرَّ بسلام، رغم ما فيه من عجائب، فلم يتعرَّض له أحد بسوء، وهو الوليد الذي جاء من دون أب، وكان من الممكن أنْ يتعرّض له ولأمه بعض المتحمسين الغيورين بالإيذاء، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، ومَرَّ الميلاد بسلام عليه وعلى أمه.

{وَيَوْمَ أَمُوتُ} [مريم: 33] لأنهم أخذوه ليصلبوه، فنجّاه الله من أيديهم، وألقى شبهه على شخص آخر، ورفعه الله تعالى إلى السماء.

{وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} [مريم: 33] فليس هناك من الرسل مَنْ سيسأل هذه الأسئلة، ويناقش هذه المناقشة التي نُوقِشها عيسى في الدنيا:

{وَإِذْ قَالَ الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَاّمُ الغيوب مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ} [المائدة: 116117] .

وليس هذا قَدْحاً في مكانة عيسى عليه السلام؛ لأن ربَّه تبارك وتعالى يعلم أنه ما قال لقومه إلا ما أُمِرَ به، ولكن أراد سبحانه توبيخ القوم الذين اتخذوه وأمه إلهين من دون الله، فوجْه السلام في يوم {أُبْعَثُ حَيّاً} [مريم: 33] أنه نُوقِش في الدنيا وبُرّئتْ ساحته.

ص: 9078