المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقوله: {واجعله رَبِّ رَضِيّاً} [مريم: 6] أي: مرضياً عنه منك. ثم - تفسير الشعراوي - جـ ١٥

[الشعراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ 99]

- ‌ 101]

- ‌ 102]

- ‌ 103]

- ‌ 104]

- ‌ 105]

- ‌ 106]

- ‌ 107]

- ‌ 109]

- ‌ 110]

- ‌ 4]

- ‌ 6]

- ‌ 7]

- ‌ 9]

- ‌ 10]

- ‌ 11]

- ‌ 12]

- ‌ 17]

- ‌ 18]

- ‌ 19]

- ‌ 20]

- ‌ 22]

- ‌ 23]

- ‌ 24]

- ‌ 28]

- ‌ 30]

- ‌ 34]

- ‌ 36]

- ‌ 38]

- ‌ 39]

- ‌ 40]

- ‌ 41]

- ‌ 43]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 46]

- ‌ 47]

- ‌ 49]

- ‌ 50]

- ‌ 52]

- ‌ 54]

- ‌ 55]

- ‌ 56]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 60]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 65]

- ‌ 68]

- ‌ 69]

- ‌ 75]

- ‌ 76]

- ‌ 78]

- ‌ 80]

- ‌ 82]

- ‌ 84]

- ‌ 86]

- ‌ 87]

- ‌ 92]

- ‌ 93]

- ‌ 95]

- ‌ 96]

- ‌ 98]

- ‌(طه)

- ‌ 2]

- ‌4]

- ‌ 10]

- ‌ 11]

- ‌ 12]

- ‌ 13]

- ‌ 14]

- ‌ 15]

- ‌ 18]

- ‌ 21]

- ‌ 25]

- ‌ 26]

- ‌ 33]

- ‌ 37]

- ‌ 42]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 47]

- ‌ 48]

- ‌ 50]

- ‌ 52]

- ‌ 53]

- ‌ 55]

- ‌ 57]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 60]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 64]

- ‌ 67]

- ‌ 68]

- ‌ 69]

- ‌ 71]

- ‌ 72]

- ‌ 73]

- ‌ 74]

- ‌ 75]

- ‌ 77]

- ‌ 78]

- ‌ 80]

- ‌ 81]

- ‌ 84]

- ‌ 86]

- ‌ 87]

- ‌ 88]

- ‌ 90]

- ‌ 91]

- ‌ 92]

- ‌ 94]

- ‌ 96]

- ‌ 97]

- ‌ 98]

- ‌ 102]

- ‌ 103]

- ‌ 104]

- ‌ 106] :

- ‌ 108]

- ‌ 110]

- ‌ 112]

- ‌ 114]

- ‌ 115]

- ‌ 117]

- ‌ 118]

- ‌ 124]

- ‌ 125]

- ‌ 126]

- ‌ 127]

- ‌ 128]

- ‌ 130]

- ‌ 131]

- ‌ 132]

- ‌ 133]

- ‌ 135]

- ‌[الأنبياء:

- ‌1]

- ‌ 2]

- ‌ 3]

- ‌ 4]

- ‌ 5]

- ‌ 7]

- ‌ 8]

- ‌ 12]

- ‌ 13]

- ‌ 14]

- ‌ 15]

- ‌ 17]

- ‌ 18]

- ‌ 19]

- ‌ 20

- ‌ 21]

- ‌ 22]

- ‌ 25]

- ‌ 26]

- ‌ 27]

- ‌ 28]

- ‌ 29]

- ‌ 30]

- ‌ 31]

- ‌ 35]

- ‌ 36]

- ‌ 37]

- ‌ 39]

- ‌ 40]

- ‌ 41]

- ‌ 42]

- ‌ 43]

- ‌ 44]

- ‌ 45]

- ‌ 46]

- ‌ 48]

- ‌ 49]

- ‌ 50]

- ‌ 51]

- ‌ 52]

- ‌ 53]

- ‌ 56]

- ‌ 57]

- ‌ 58]

- ‌ 59]

- ‌ 61]

- ‌ 62]

- ‌ 63]

- ‌ 64]

- ‌ 65]

- ‌ 68]

- ‌ 71]

- ‌ 73]

- ‌ 74]

- ‌ 75]

- ‌ 76]

- ‌ 79]

- ‌ 80]

- ‌ 81]

- ‌ 82]

- ‌ 83]

- ‌ 85]

- ‌ 88]

الفصل: وقوله: {واجعله رَبِّ رَضِيّاً} [مريم: 6] أي: مرضياً عنه منك. ثم

وقوله: {واجعله رَبِّ رَضِيّاً} [مريم: 6] أي: مرضياً عنه منك.

ثم يقول الحق سبحانه: {يازكريآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ}

ص: 9031

المتأمل لهذه القصة يجد هذه الآية قد اختصرت من القصة ما يفهم من سياقها ثقةً في نباهة السامع، وأنه قادر على إكمال المعنى، فكأن معنى الآية: سمع الله دعاء زكريا وحيثيات طلبه، فأجابه بقوله:{يازكريآ} [مريم:‌

‌ 7]

.

وتوجيه الكلام إلى زكريا عليه السلام هكذا مباشرة دليلٌ على سرعة الاستجابة لدعائه، فجاءت الإجابة مباشِرة دون مُقدِّمات.

ومثال ذلك: ما حكاه القرآن من قصة سليمان عليه السلام وبلقيس، قال سليمان:{أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن الجن أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الذي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الكتاب أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هذا مِن فَضْلِ رَبِّي ليبلوني أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: 3840] فبيْنَ قوله: {قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40] وقوله: {رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ} [النمل: 40] كلام يقتضيه سياق القصة، كأن نقول: فأذِن له فذهب وأتى بالعرش، لكن جاء الأسلوب سريعاً

ص: 9031

ليتناسب مع سرعة الحدث في إحضار عرش بلقيس من مكانه.

وقوله: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ} [مريم: 7] البشارة: هي الإخبار بما يسرُّك قبل أن يجيء ليستطيل أمدَ الفرح بالشيء السَّار، وقد يُبشرك مُساويك ويكذب في البُشْرى، وقد تأتي الظروف والأحداث مُخالفة لما يظنه، فكيف بك إذا بشّرك الله تعالى؟ ساعة أن تكون البشارة من الله فاعلم أنها حَقٌّ وواقعٌ لا شكَّ فيه.

وقوله: {بِغُلَامٍ اسمه يحيى} [مريم: 7] أي: وسماه أيضاً. ونحن نعلم أن للبشر اختيارات في وَضْع الأسماء للمسميات، ولهم الحرية في ذلك، فواحدة تُسمى ولدها (حرنكش) هي حرة، والأخرى تسمى ابنتها الزنجية (قمر) هي أيضاً حرة.

إلا أن الناس حين يُسمُّون يتمنون في المسمّى مواصفات تَسرُّ النفس وتقرُّ العين، فحين نُسمِّي سعيداً تفاؤلاً بأن يكون سعيداً فعلاً، والاسم وُضِع للدلالة على المسمى، لكن، أيملك هذا المتفائل أن يأتي المسمى على وَفْق ما يحب ويتمنى؟ لا، لا يملك ذلك ولا يضمنه؛ لأن هناك قوة أعلى منه تتحكم في هذه المسألة، وقد يأتي المسمَّى على غير مُراده.

أما إذا كان الذي سمّى هو الله تعالى فلابد أن يتحقق الاسم في المسمَّى، وينطبق عليه، ولابُدَّ أنْ يتحقَّق مراده تعالى في مَنْ سَمَّاه، وقد سَمَّى الحق تبارك وتعالى ابن زكريا يحيى فلا بُدَّ أن تنطبق عليه هذه الصفة، ويحيى فعل ضده يموت، إذن: فهو سبحانه القادر على أن يُحييه، لكن يحييه إلى متى؟ وكم عاماً؟ الحياة هنا والعيش يتحقق ولو بمتوسط الأعمار مثلاً، فقد أحياه وتحققت فيه صفة الحياة.

ص: 9032

ولذلك استدل أهل المعرفة من تسميته يحيى على أن ابن زكريا سيموت شهيداً ليظل حياً كما سماه الله وقد كان.

وقوله: {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً} [مريم: 7] السميُّ: اختلف العلماء في معناها فقالوا: تأتي بمعنى: نظير أو مثيل أو شبيه وإما سمياً يعني: اسمه كاسمه.

ومن ذلك قوله تعالى: {رَّبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فاعبده واصطبر لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] فقالوا: سمياً هنا تحمل المعنيين: هل تعلم له نظيراً أو شبيهاً؛ لأنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] .

ويمكن أن نقول بهذا المعنى أيضاً في قصة يحيى عليه السلام، إلا أنه يقع فيه شيء وهو: أن الله تعالى حينما قال في مسألة يحيى: {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً} [مريم: 7] واعتبرناها بمعنى المِثْل أو النظير والشبيه، فهذا يعني أنه لم يسبق يحيى واحد مثله في الصلاح والتقوى، فأين إذن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام؟ وأين إسماعيل وإسحق؟

فهذا المعنى وإن كان السياق يحتمله في غير هذا الموضع إلا أنه لا يستقيم هنا؛ لأن الله تعالى جعل من قَبْل يحيى مَنْ هو أفضل من يحيى، أو مثله على الأقل.

أما المعنى الآخر فيكون: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] أي: هل هناك مَنْ تسمى باسمه تعالى؟ وهذا هو المعنى الذي يستقيم في قصة يحيى عليه السلام؛ لأنه أول اسم وضعه الحق سبحانه على ابن زكريا، ولم يكن أحدٌ تسمى به من قبل، أما بعده فقد انتشر هذا الاسم، حتى قال الشاعر:

ص: 9033

وسَمَّيتُه يَحْيى ليحيى فلم يكُنْ

لِردِّ قَضَاءِ اللهِ فِيهِ سَبِيلُ

ونقف هنا على آية من آيات الله في التسمية، حيث لم يجرؤ أحد حتى من الكفرة والملاحدة الذين يجاهرون بإلحادهم ويعلنون إنكارهم للخالق سبحانه، لم يجرؤ أحدهم أن يسمى ولده (الله) ، وحرية اختيار الأسماء مكفولة، وهذا إنْ دَلَّ فإنما يدلُّ على أن كفرهم عناد ولَجَجٌ، وأنهم غير صادقين في كُفْرهم، ويعلمون أن الله موجود؛ لذلك يخافون على أنفسهم وعلى أولادهم أنْ يُسمّوا بهذا الاسم.

إذن: كلمة (سَمِياً) في مسألة الألوهية تُؤخَذ على المعنيين، أما في مسألة يحيى فلا تحتمل إلا المعنى الثاني.

وَهبْ أن الحق سبحانه وتعالى استعرض الأسماء السابقة فلم يجد في الماضي من سُمِّى (الله) فأعلنها تحدياً: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] ؟ فلم يحدث بعد هذا التحدي أنْ يُسمَّى أحد بهذا الاسم.

ص: 9034

لما سمع زكريا عليه السلام البشارة من ربه، واطمأن إلى حصولها أغراه ذلك في أنْ يُوغل في معرفة الوسيلة، وكيف سيتم ذلك، وتتحقق هذه البشارة حالَ كوْنه قد بلغ من الكبر عتياً وامرأته عاقر؟

لكن ماذا يقصد زكريا من سؤاله، وهو يعلم تماماً أن الله تعالى عالم بحاله وحال زوجه؟ الواقع أن زكريا عليه السلام لا يستنكر حدوث هذه البشرى، ولا يستدرك على الله، وحاشاه أنْ يقصد ذلك،

ص: 9034

وإنما أطمعته البُشْرى في أنْ يعرف الكيفية، كما حدث في قصة موسى عليه السلام حينما كلَّمه ربه واختاره، وأفرده بهذه الميزة فأغراه الكلام في أنْ يطلب الرؤيا، فقال:{رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] .

وكما حدث في قصة إبراهيم عليه السلام لما قال لربه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى} [البقرة: 260] وأبو الأنبياء لا يشكّ في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، ولكنه يريد أنْ يعرف هذه الطريقة العجيبة، فالكلام ليس في الحقيقة وجوداً وعدماً، إنما في كيفية وجود الحقيقة، والكلام في الكيفية لا دخْلَ له بالوجود.

فأخبره الحق سبحانه أن هذه المسألة لا تُقال إنما تُباشَر عملياً، فأمره بما نعلم من هذه القصة: وهو أن يحضر أربعة من الطير بنفسه، ثم يضمهنّ إليه ليتأكد بنفسه من حقيقتها، ثم أمره أنْ يُقطِّعهن أجزاء، ثم يُفرِّق هذه الأجزاء على قمم الجبال، ثم بعد ذلك ترك له الخالق سبحانه أنْ يدْعُوَهُن بنفسه، وأن يصدر الأمر منه فتتجمع هذه القطع المبعثرة وتدبّ فيها الحياة من جديد، وهذا من مظاهر عظمته سبحانه وتعالى أنه لم يفعل، بل جعل مَنْ لا يستطيع ذلك يفعله. ويقدر عليه.

فإنْ كان البشر يُعَدُّون أثر قدرتهم إلى الضعفاء، فمَنْ لا يقدر على حَمْل شيء يأتي بمَنْ يحمله له، ومَنْ يعجز عن عمل شيء يأتي بمَنْ يقوم به، ويظل هو ضعيفاً لا يقدر على شيء، أما الحق سبحانه وتعالى فيُعدِّي قوته بنفسه إلى الضعيف فيصير قوياً قادراً على الفعل.

ص: 9035

فقوله: {أنى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [مريم: 8] ؟ سؤال عن الكيفية، كما أن إبراهيم عليه السلام لما قال له ربه:{أَوَلَمْ تُؤْمِن} [البقرة: 260] ؟ أي: بقدرتي على إحياء الموتى، قال (بَلَى) أي: نعم أومن {وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] أي: الكيفية التي يتم بها الإحياء.

أو: أن زكريا عليه السلام بقوله: {أنى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [مريم: 8] يريد أن يُوثِّق هذه البشرى ويُسجِّلها، كما تَعِد ولدك بأنْ تشتري له هدية فيُلِحّ عليك في هذه المسألة ليؤكد وَعْدك له، ويستلذ بأنه وَعْد مُحقَّق لا شكَّ فيه، ثم يذكر زكريا حيثيات تعجُّبه من هذا الأمر فيقول:

{وَكَانَتِ امرأتي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً} [مريم: 8] .

عتياً: من عَتَا يعني طغى وتجبر وأفسد كثيراً، والعُتُو: الكفر، والعَتيّ: هو القوي الذي لا يُغالب؛ لذلك وصف الكِبَر الذي هو رمز للضعف بأنه عَتِيّ؛ لأن ضعف الشيب والشيخوخة ضَعْف لا يقدر أحد على مقاومته، أو دفعه أبداً، مهما احتال عليه بالأدوية والعقاقير (والفيتامينات) .

ويبدو أن مسألة الولد هذه كانت تشغل زكريا عليه السلام؛ وتُلِح عليه؛ لأنه دعا الله كثيراً أنْ يرزقه الولد، ففي موضع آخر يقول:{رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين} [الأنبياء: 89] . فزكريا عليه السلام يريد الولد الذي يَرِثه وهو موروث؛ لأن الله تعالى خير الوارثين.

ص: 9036