الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: إن للهداية معنيَيْن: هداية بمعنى الدلالة على الخير وبيان طريقه، وهداية المعونة والتوفيق للإيمان، فمَنْ صدّق في الأُولى أعانه الله على الأخرى، ومن ذلك قوله تعالى:{والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} [محمد: 17] .
وقوله تعالى: {والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم:
76]
الباقيات الصالحات: هي الأعمال الصالحة التي كانت منك خالصةً لوجه الله: {خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم: 76] هذه هي الغاية التي ننتظرها ونسعى إليها، فساعةَ أنْ تقارن السُّبل الشاقة فاقْرِنها بالغاية المسعدة، فيهون عليك عناء العبادة ومشقّة التكليف.
وقوله: {وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم: 76] أي: مرجعاً تُرَدُّ إليه.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ}
نلاحظ هنا أن القرآن لم يذكر لنا هذا الشخص الذي قال هذه
المقولة ولم يُعيِّنه، وإنْ كان معلوماً لرسول الله الذي خُوطب بهذا الكلام؛ وذلك لأن هذه المقولة يمكن أنْ تُقال في زماننا وفي كل زمان، إذنْ: فليس المهم الشخص بل القول نفسه. وقد أخبر عنه أنه أمية بن خلف، أو العاصي بن وائل السَّهْمي.
وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ} [مريم: 77] يعني: ألم تَرَ هذا، كأنه يستدلّ بالذي رآه على هذه القضية {الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: 77] ويروي أنه قال: إنْ كان هناك بَعْثٌ فسوف أكون في الآخرة كما كنت في الدنيا، صاحبَ مال وولد.
كما قال صاحب الجنة لأخيه: {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} [الكهف: 36] .
والإنسان لا يعتزّ إلا بما هو ذاتيّ فيه، وليس له في ذاتيته شيء، وكذلك لا يعتز بنعمة لا يقدر على صيانتها، ولا يصون النعمة إلا المنعِم الوهاب سبحانه إذن: فَلِمَ الاغترار بها؟
لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ} [الملك: 30] .
ويقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ الله وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الكافرين مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الملك: 28] .
ثم يردُّ الحق تبارك وتعالى على هذه المقولة الكاذبة: {أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ}