الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ} [طه:
78]
غشيهم يعني: غطّاهم الماء، وقد أبهم هذا الحدث للدلالة على فظاعته وهَوْله، وأنه فوق الحَصْر والوصف، كأن تقول في الأمر الذي لا تقدر على تفصيله: حصل ما حصل.
وفي لقطة أخرى لهذه الحادثة يُبيِّن الحق تبارك وتعالى أن موسى عليه السلام بعد أن عبر بقومه آمناً أراد باجتهاده وترجيحاته الإيمانية أن يضرب البحر مرة أخرى ليعود إلى سيولته فلا يتمكن فرعون من اللحاق به، لكن توجيهات ربه لها شأن آخر. فأوحى الله إليه:{واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} [الدخان: 24] .
أي: اتركه كما هو لا تُعِدْه إلى استطراق سيولته، فكما أنجيتك بالماء سأتلف عدوك بالماء، فسبحان مَنْ يُنجِي ويُهلك بالشيء الواحد.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ}
وسبق أن قال فرعون لقومه. {وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلَاّ سَبِيلَ الرشاد} [غافر: 29] .
فأين سبيل الرشاد الذي تحدَّث عنه فرعون بعدَ أنْ أطبق الله عليهم البحر؟ لقد سُقْتهم إلى الهلاك، ولم تسلك بهم مناط النجاة والهداية. فأنت إذن كاذب في ادعاء سبيل الرشاد؛ لأنك أضللتَهم ما هديتهم، وأهلكتهم ما نجَّيتهم.