الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصانع تُطلَق على موارد الماء، وتطلق على الحصون، لماذا.
قالوا: لأن الحصون لا تُبنَى للإيواء فقط؛ لأن الإيواء يمنع الإنسان من هوام الحياة العادية، أمّا الحصون فمتنعه أيضاً من الأعداء الشرسين الذي يتربصون به، فكأنهم جعلوها صنعة مثمرة، لماذا؟
{لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء:
129]
يعني: أتبنون هذه الحصون هذا البناء القوي المسلح تريدون الخلود؟ وهل أنتم مُخلَّدون في الحياة؟ إن فترة مُكْث الإنسان في الدنيا يسيرة لا تحتاج كل هذا التحصين، فهي كظلِّ شجرة، سرعان ما يزول.
والبَطْش: الأخْذُ بشدة وبعنف، يقول تعالى:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد} [البروج: 12] ويقول: {أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 42] .
لأن الأَخْذ يأخذ صُوراً متعددة: تأخذه بلين وبعطف وشفقة، أو تأخذه بعنف.
ثم يزيدهم صفة أخرى تؤكد بَطْشهم {بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء:
130]
.
لأنك قد تأخذ عدوك بعنف، لكن بعد ذلك يرقُّ له قلبك، فترحم ذِلَّته لك، فتُهوِّن عليه وترحمه، لكن هؤلاء جبارون لا ترقّ قلوبهم.
وهذه الصفات الثلاثة السابقة لقوم هود: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 128130] .