الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنْ قلت: فنحن نمرُّ بديارهم، فلا نرى إلا خلاءً تسْفُو فيه الرياح، نعم لقد كانت لهم جنات وعيون هي الآن تحت أطباق التراب {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم: 98] .
أي: أن تقوى الله وطاعته لا تعَدُّ شكراً على نعمه فحسب، إنما أيضاً تكون لكم وقاية من عذاب الآخرة، فلا تظنوا أنكم أخذتُم نِعَم الله، ثم بإمكانكم الانفلات منه أو الهرب من لقائه، فالقاؤه حق لا مفرَّ منه، ولا مهرب، فإنْ لم تَخَفْ السابق من النعم، فخَفِ اللاحق من النِّقَم.
فماذا كان ردّهم على مقالة نبيِّهم وموعظته لهم؟ {قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ}
وقولهم {أَوَعَظْتَ} [الشعراء:
136]
دليل على أن الحق لا بُدَّ أن يظهر، ولو على ألسنة المكابرين، ولا يكون الوعظ إلا لمَنْ علم حكماً، ثم تركه، فيأتي الواعظ ليُذكِّره به، فهو إذن مرحلة ثانية بعد التعليم، فهذا القول منهم اعتراف ودليل أنهم علموا المطلوب منهم، ثم غفلوا عنه.
وهؤلاء يقولون لنبيهم {سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الواعظين} [الشعراء: 136] يعني: أرح نفسك، فسواء علينا وعظُك وعدم وعظِك، ونلحظ أنهم قالوا:{أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الواعظين} [الشعراء: 136]