الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للسماء زينة وحفظا. أو على المفعول لأجله بزيادة الواو. والعامل فيه زَيَّنَّا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 8]
لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (8)
لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى قرئ بالتخفيف والتشديد. وأصله (يتسمعون) أي يتطلبون السماع. والضمير لكل شيطان. لأنه في معنى الشياطين. والجملة مستأنفة لبيان ما عليه حال المسترقة للسمع من أنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة إلخ. أو هي علة للحفظ. أي لئلا يسمعوا. فحذفت اللام ثم (أن) وأهدر عملها. وضعفوه بلزوم اجتماع حذفين، وهو منكر. كما ذكروه في قوله تعالى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النساء: 176] ، أي لئلا تضلوا، وقد يقال:
إنما ينكر حذف شيئين فيما يخلّ بانسجام الكلام. أما في تقدير أمر له نظائر، ومرجعه إلى تحليل معنى. لا يأباه اللفظ- فلا وجه للتعصب في رده، لمجرد أن الكوفيين، مثلا، ذهبوا إليه أو غيرهم. وشاهد المعنى أعدل من حكم القواعد وتحكيمها وَيُقْذَفُونَ أي يرمون مِنْ كُلِّ جانِبٍ أي من جميع جوانب السماء، إذا قصدوا الصعود إليها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 9]
دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (9)
دُحُوراً أي للدحور وهو الطرد وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أي شديد غير منقطع.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 10]
إِلَاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (10)
إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ أي اختلس الكلمة فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ أي لحقه شعلة نارية تنقضّ من السماء ثاقِبٌ أي مضيء. كأنه يثقب الجوّ بضوئه.
تنبيه:
ذكر المفسرون أن الشياطين كانوا يصعدون إلى قرب السماء. فربما سمعوا كلام الملائكة وعرفوا به ما سيكون من الغيوب، وكانوا يخبرونهم به ويوهمونهم
أنهم يعلمون الغيب. فمنعهم الله تعالى من الصعود إلى قرب السماء بهذه الشهب.
فإنه تعالى يرميهم بها فيحرقهم.
قال ابن كثير: يعني إذا أراد الشيطان أن يسترق السمع، أتاه شهاب ثاقب فأحرقه. ولهذا قال جل جلاله لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى أي: لئلا يصلوا إلى الملإ الأعلى، وهي السموات ومن فيها من الملائكة، إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى بما يقوله من شرعه وقدره. كما وردت الأخبار بذلك في تفسير قوله تعالى:
حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ، قالُوا الْحَقَّ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: 23] ، انتهى.
قال بعض علماء الفلك: كما أن العرش تحفّه الأرواح الغيبية- حسبما تقدم بيانه في آية ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] ، في الأعراف- فكذلك الكواكب الأخرى مسكونة مع الحيوانات والدواب بأرواح، منها الصالح (الملك) ومنها الطالح (الشيطان) وكذلك أرضنا هذه. فيها من الملائكة ومن الشياطين مالا نبصره إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ
[الأعراف: 27] . ولا يخفى أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود. فعدم إدراكنا لهذه الأرواح لا يدل على عدم وجودها. كما أن عدم معرفة القدماء للميكروبات وللكهرباء التي تشاهد الآن آثارها العظيمة، لم يكن يدل على عدم وجودها إذ ذاك في العالم. فمن الجهل الفاضح إنكار الشيء لعدم معرفته أو العثور عليه. على أن لنا الآن من مسألة استحضار الأرواح أكبر دليل على وجود أرواح في هذه الأرض، لا نبصرها ولا نشعر بها. وقد قدّر الله تعالى أن الحيوانات في هذه الأرض، إذا خرجت عنها إلى حيث ينقطع الهواء ويبطل التنفس، تموت في الحال. وكذلك قدر أن الأرواح الطالحة التي في أرضنا هذه، إذا أرادت الصعود إلى السماء والاختلاط بالأرواح التي في الكواكب الأخرى، انقضّ عليها، قبل أن تخرج من جوّ الأرض، شهاب من هذه الكواكب أو من غيرها، فأحرقها وأهلكها، بإفساد تركيبها ومادتها. حتى لا يحصل اتصال بين هذه وتلك، ولا تطلع على أسرار العوالم الأخرى. وهذه الشهب التي تنقضّ، إن كانت صادرة من أجرام ملتهبة، كانت ملتهبة. وإن كانت صادرة من أجرام غير ملتهبة. التهبت فيما بعد لشدة شرعتها واحتكاكها بالغازات التي تمر فيها في جوّنا هذا. ولعل في مادة الشياطين ما يجتذب إلى هذه الشهب ويتحد بها. كما تجتذب العناصر الكيماوية بعضها بعضا (مثال ذلك عنصر الصوديم فإنه يجتذب إليه الأكسجين من