المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

الْحَاكِمُ تَمْلِيكَهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِذَا أَخَذَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ مَا لَيْسَ فِي التَّخْيِيرِ بِشَيْءٍ كَمَا ذَكَرْنَا سَقَطَ تَخْيِيرُهَا. وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ"«1» [النساء: 140]. وَأَيْضًا فَإِنَّ الزَّوْجَ أَطْلَقَ لَهَا الْقَوْلَ لِيَعْرِفَ الْخِيَارَ مِنْهَا، فَصَارَ كَالْعَقْدِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ قَبِلَتْهُ وَإِلَّا سَقَطَ، كَالَّذِي يَقُولُ: قَدْ وَهَبْتُ لَكَ أَوْ بَايَعْتُكَ، فَإِنْ قَبِلَ وَإِلَّا كَانَ الْمِلْكُ بَاقِيًا بِحَالِهِ. هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ صار في يدها وملكته عَلَى زَوْجِهَا بِتَمْلِيكِهِ إِيَّاهَا فَلَمَّا مَلَكَتْ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَبْقَى فِي يَدِهَا كَبَقَائِهِ فِي يَدِ زَوْجِهَا. قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِعَائِشَةَ: (إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ) رَوَاهُ الصَّحِيحُ، وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ فِي ذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا، رُوِيَ هَذَا عَنِ الحسن والزهري، وقاله مَالِكٌ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ، اتِّبَاعُ السُّنَّةِ فِي عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، حِينَ جَعَلَ لَهَا التَّخْيِيرَ إِلَى أَنْ تَسْتَأْمِرَ أَبَوَيْهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ قِيَامَهَا مِنْ مَجْلِسِهَا خُرُوجًا مِنَ الْأَمْرِ. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ. هَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ عِنْدِي، وَقَالَهُ أبن المنذر والطحاوي.

[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (31)

(1). راجع ج 5 ص 418. [ ..... ]

ص: 173

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمَّا اخْتَارَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَكَرَهُنَّ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ تَكْرِمَةً لَهُنَّ:" لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ"«1» [الأحزاب: 52] الْآيَةَ. وَبَيَّنَ حُكْمَهُنَّ عَنْ غَيْرِهِنَّ فَقَالَ:" وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً"«2» [الأحزاب: 53]. وَجَعَلَ ثَوَابَ طَاعَتِهِنَّ وَعِقَابَ مَعْصِيَتِهِنَّ أَكْثَرَ مِمَّا لِغَيْرِهِنَّ فَقَالَ:" يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ" فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِفَاحِشَةٍ- وَاللَّهُ عَاصِمٌ رَسُولَهُ عليه السلام مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «3» - يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ، لِشَرَفِ مَنْزِلَتِهِنَّ وَفَضْلِ دَرَجَتِهِنَّ، وَتَقَدُّمِهِنَّ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ أَجْمَعَ. وَكَذَلِكَ بَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ- أَنَّهُ كُلَّمَا تَضَاعَفَتِ الْحُرُمَاتُ فَهُتِكَتْ تَضَاعَفَتِ الْعُقُوبَاتُ، وَلِذَلِكَ ضُوعِفَ حَدُّ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ والثيب على البكر. وقيل: لما كان أزوج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَهْبِطِ الْوَحْيِ وَفِي مَنْزِلِ أَوَامِرِ اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ، قَوِيَ الْأَمْرُ عَلَيْهِنَّ وَلَزِمَهُنَّ بِسَبَبِ مَكَانَتِهِنَّ أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُ غَيْرَهُنَّ، فَضُوعِفَ لَهُنَّ الْأَجْرُ وَالْعَذَابُ. وَقِيلَ، إِنَّمَا ذَلِكَ لِعِظَمِ الضَّرَرِ فِي جَرَائِمِهِنَّ بِإِيذَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ عَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْجَرِيمَةِ فِي إِيذَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ تَعَالَى:" إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ"«4» [الأحزاب: 57]. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ. الثَّانِيَةُ- قَالَ قَوْمٌ: لَوْ قُدِّرَ الزِّنَى مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ- وَقَدْ أَعَاذَهُنَّ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ- لَكَانَتْ تُحَدُّ حَدَّيْنِ لِعِظَمِ قَدْرِهَا، كَمَا يُزَادُ حَدُّ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ. وَالْعَذَابُ بِمَعْنَى الْحَدِّ، قَالَ اللَّهُ تعالى:" وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ «5» مِنَ «6» الْمُؤْمِنِينَ"[النور: 2]. وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى الضِّعْفَيْنِ مَعْنَى الْمِثْلَيْنِ أَوِ الْمَرَّتَيْنِ،. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ضِعْفُ الشَّيْءِ شَيْئَانِ حَتَّى يَكُونَ ثَلَاثَةً. وَقَالَهُ أَبُو عَمْرٍو فِيمَا

(1). راجع ص 219 من هذا الجزء.

(2)

. راجع ص 228 من هذا الجزء.

(3)

. راجع ج 12 ص 197 فما بعد.

(4)

. راجع ص 237 من هذا الجزء.

(5)

. راجع ج 12 ص 166.

(6)

. راجع ج 12 ص 162.

ص: 174

حَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْهُ، فَيُضَافُ إِلَيْهِ عَذَابَانِ مِثْلُهُ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبَةٍ. وَضَعَّفَهُ الطَّبَرِيُّ. وَكَذَلِكَ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ كَانَ، لَهُ بِاللَّفْظِ تَعَلُّقُ الِاحْتِمَالِ. وَكَوْنُ الْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ مِمَّا يُفْسِدُ هَذَا الْقَوْلَ، لِأَنَّ الْعَذَابَ فِي الْفَاحِشَةِ بِإِزَاءِ الْأَجْرِ في الطاعة، قاله ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: فَرَّقَ أَبُو عَمْرٍو بَيْنَ" يُضَاعَفُ وَيُضَعَّفُ" قَالَ:" يُضَاعَفُ" لِلْمِرَارِ الْكَثِيرَةِ. وَ" يُضَعَّفُ" مَرَّتَيْنِ. وَقَرَأَ" يُضَعَّفُ" لِهَذَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:" يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ" يُجْعَلُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبَةٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: التَّفْرِيقُ الَّذِي جَاءَ بِهِ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلِمْتُهُ، وَالْمَعْنَى فِي" يُضَاعَفُ وَيُضَعَّفُ" وَاحِدٌ، أَيْ يُجْعَلُ ضِعْفَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: إِنْ دَفَعْتَ إِلَيَّ دِرْهَمًا دَفَعْتُ إِلَيْكَ ضِعْفَيْهِ، أَيْ مِثْلَيْهِ، يَعْنِي دِرْهَمَيْنِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا" نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ" وَلَا يَكُونُ الْعَذَابُ أَكْثَرَ مِنَ الْأَجْرِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ" آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ" «1» [الأحزاب: 68] أَيْ مِثْلَيْنِ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ" يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ" قَالَ: عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالضِّعْفَيْنِ الْمِثْلَيْنِ، لِأَنَّهُ قَالَ:" نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ،". فَأَمَّا فِي الْوَصَايَا، لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِضِعْفَيْ نَصِيبِ وَلَدِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ بِأَنْ يُعْطَى مِثْلَ نَصِيبِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَكَلَامُ اللَّهِ يُرَدُّ تَفْسِيرُهُ إِلَى كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالضِّعْفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمِثْلُ إِلَى مَا زَادَ، وَلَيْسَ بِمَقْصُورٍ عَلَى مِثْلَيْنِ. يُقَالُ: هَذَا ضِعْفُ هَذَا، أَيْ مِثْلُهُ. وَهَذَا ضِعْفَاهُ، أَيْ مِثْلَاهُ، فَالضِّعْفُ فِي الْأَصْلِ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ، قَالَ اللَّهُ تعالى:" فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ"«2» [سبأ: 37] وَلَمْ يُرِدْ مِثْلًا وَلَا مِثْلَيْنِ. كُلُّ هَذَا قَوْلُ الْأَزْهَرِيِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" النُّورِ" الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّ مَنْ قَذَفَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ «3» ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الثَّالِثَةُ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ: كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ وَسُورَةَ الْأَحْزَابِ فِي الصُّبْحِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ" يَا نِساءَ النَّبِيِّ" رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:(أُذَكِّرهُنَّ الْعَهْدَ). قَرَأَ الْجُمْهُورُ:" مَنْ يَأْتِ" بِالْيَاءِ. وَكَذَلِكَ" مَنْ يَقْنُتْ" حملا على لفظ

(1). راجع ص 250 من هذا الجزء.

(2)

. راجع ص 306 من هذا الجزء.

(3)

. راجع ج 12 ص 176.

ص: 175

" مَنْ". وَالْقُنُوتُ الطَّاعَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «1». وَقَرَأَ يَعْقُوبُ:" مَنْ تَأْتِ" وَ" تَقْنُتُ" بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقِ، حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى. وَقَالَ قَوْمٌ: الْفَاحِشَةُ إِذَا وَرَدَتْ مُعَرَّفَةً فَهِيَ الزِّنَى وَاللُّوَاطُ. وَإِذَا وَرَدَتْ مُنَكَّرَةً فَهِيَ سَائِرُ الْمَعَاصِي. وَإِذَا وَرَدَتْ مَنْعُوتَةً فَهِيَ عُقُوقُ الزَّوْجِ وَفَسَادُ عِشْرَتِهِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: بل قوله" بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ" تَعُمُّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي. وَكَذَلِكَ الْفَاحِشَةُ كَيْفَ وودت. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ" مُبَيَّنَةٍ" بِفَتْحِ الْيَاءِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو بِكَسْرِهَا. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ:" يُضَاعِفْ" بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِيمَا رَوَى خَارِجَةُ" نُضَاعِفْ" بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ وَنَصْبِ" الْعَذابُ" وَهَذِهِ قِرَاءَةُ ابْنُ مُحَيْصِنٍ. وَهَذِهِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ وَاحِدٍ، كَطَارَقْتُ النَّعْلَ وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" يُضَاعَفْ" بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ،" الْعَذابُ" رَفْعًا. وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ وَابْنِ كَثِيرٍ وَعِيسَى. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ" نُضَعِّفْ" بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُشَدَّدَةِ،" الْعَذَابَ" نَصْبًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا التَّضْعِيفُ فِي الْعَذَابِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ إِيتَاءَ الْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ. وَهَذَا حَسَنٌ، لِأَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ تُوجِبُ حَدًّا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، وَإِنَّمَا خَانَتْ فِي الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الْعَذَابُ الَّذِي تُوُعِّدْنَ بِهِ" ضِعْفَيْنِ" هُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ، فَكَذَلِكَ الْأَجْرُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لا ترفع عنهن حدوة الدُّنْيَا عَذَابَ الْآخِرَةِ، عَلَى مَا هِيَ حَالُ النَّاسِ عَلَيْهِ، بِحُكْمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «2» . وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يُرْوَ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا حُفِظَ تَقَرُّرُهُ. وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الرِّزْقَ الْكَرِيمَ الْجَنَّةُ، ذكره النحاس.

(1). راجع ج 2 ص 86 وج 3 ص 213.

(2)

. لفظ الحديث كما في كتاب البخاري في تفسير سورة الممتحنة: (قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:) أتبايعوني عَلَى أَلَّا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا ولا تسرقوا- وقرا آية النساء (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ- فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. وَمَنْ أصاب من ذلك شيئا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ. وَمَنْ أَصَابَ منها شيئا من ذلك فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ. (".) (

ص: 176