المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة سبإ (34): آية 10] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

[سورة سبإ (34): آية 9]

أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)

أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ قَادِرٌ عَلَى الْبَعْثِ وَعَلَى تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ لَهُمْ، فَاسْتَدَلَّ بِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مُلْكُهُ، وَأَنَّهُمَا مُحِيطَتَانِ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَكَيْفَ يَأْمَنُونَ الْخَسْفَ وَالْكَسْفَ كَمَا فُعِلَ بِقَارُونَ وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" إِنْ يَشَأْ يَخْسِفُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يُسْقِطْ" بِالْيَاءِ فِي الثَّلَاثِ، أَيْ إِنْ يَشَأِ اللَّهُ أَمَرَ الْأَرْضَ فَتَنْخَسِفَ بِهِمْ، أَوِ السَّمَاءَ فَتُسْقِطَ عَلَيْهِمْ كِسَفًا. الْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى التَّعْظِيمِ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَحَفْصٌ" كِسَفًا" بِفَتْحِ السِّينِ. الْبَاقُونَ بِالْإِسْكَانِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي" سُبْحَانَ"«1» " وَغَيْرِهَا. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أَيْ فِي هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ قُدْرَتِنَا" لَآيَةً" أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً. (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) أَيْ تَائِبٍ رَجَّاعٍ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ. وَخُصَّ الْمُنِيبُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِالْفِكْرَةِ فِي حُجَجِ اللَّهِ وآياته.

[سورة سبإ (34): آية 10]

وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)

(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) بَيَّنَ لِمُنْكِرِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ إِرْسَالَ الرُّسُلِ لَيْسَ أَمْرًا بِدْعًا، بَلْ أَرْسَلْنَا الرُّسُلَ وَأَيَّدْنَاهُمْ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَأَحْلَلْنَا بِمَنْ خَالَفَهُمُ الْعِقَابَ." آتَيْنا" أَعْطَيْنَا." فَضْلًا" أَيْ أَمْرًا فَضَّلْنَاهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْفَضْلِ عَلَى تِسْعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- النُّبُوَّةُ. الثَّانِي- الزَّبُورُ. الثَّالِثُ- الْعِلْمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً"«2» [النمل: 15]. الرَّابِعُ- الْقُوَّةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ"«3» [ص: 71]. الخامس- تسخير

(1). راجع ج 10 ص (330)

(2)

. راجع ج 13 ص 163 فما بعد. [ ..... ]

(3)

. راجع ج 15 ص 158

ص: 264

الْجِبَالِ وَالنَّاسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ"«1» . السَّادِسُ- التَّوْبَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" فَغَفَرْنا «2» لَهُ ذلِكَ"[ص: 25]. السَّابِعُ: الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ «3» خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ"[ص: 26] الْآيَةَ. الثَّامِنُ- إِلَانَةُ الْحَدِيدِ، قَالَ تَعَالَى:" وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ"«4» . التَّاسِعُ- حُسْنُ الصَّوْتِ، وَكَانَ دَاوُدُ عليه السلام ذَا صَوْتٍ حَسَنٍ وَوَجْهٍ حَسَنٍ. وَحُسْنُ الصَّوْتِ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَفَضُّلٌ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تبارك وتعالى:" يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ"«5» [فاطر: 1] عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي مُوسَى: (لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمِزْمَارُ وَالْمَزْمُورُ الصَّوْتُ الْحَسَنُ، وَبِهِ سُمِّيَتْ آلَةُ الزَّمْرِ مِزْمَارًا. وَقَدِ اسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْقِرَاءَةُ بِالتَّزْيِينِ وَالتَّرْجِيعِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ «6» وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:(يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) أَيْ وَقُلْنَا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ، أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ، لِأَنَّهُ قَالَ تبارك وتعالى:" إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ"«7» [ص: 18]. قَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: هُوَ التَّسْبِيحُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَمَعْنَى تَسْبِيحِ الْجِبَالِ: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِيهَا تَسْبِيحًا كَمَا خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ، فَيُسْمَعُ مِنْهَا مَا يُسْمَعُ مِنَ الْمُسَبِّحِ مُعْجِزَةً لِدَاوُدَ عليه الصلاة والسلام. وَقِيلَ: الْمَعْنَى سِيرِي مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ، مِنَ التَّأْوِيبِ الَّذِي هو سير النهار أجمع وينزل اللَّيْلِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

لَحِقْنَا بِحَيٍّ أَوَّبُوا السير بعد ما

دَفَعْنَا شُعَاعَ الشَّمْسِ وَالطَّرْفُ يَجْنَحُ

وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا:" أَوِّبِي مَعَهُ" أَيْ رَجِّعِي مَعَهُ، من آب يؤوب إِذَا رَجَعَ، أَوْبًا وَأَوْبَةً وَإِيَابًا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى تَصَرَّفِي مَعَهُ عَلَى مَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ دَاوُدُ بِالنَّهَارِ، فَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ صَوَّتَتِ الْجِبَالُ مَعَهُ، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ الطَّيْرُ، فَكَأَنَّهَا فَعَلَتْ مَا فعل. وقال وهب ابن مُنَبِّهٍ: الْمَعْنَى نُوحِي مَعَهُ وَالطَّيْرُ تُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا نَادَى بِالنِّيَاحَةِ أَجَابَتْهُ الْجِبَالُ

(1). راجع ج 15 ص 184

(2)

. راجع ج 15 ص 188

(3)

. راجع ج 15 159

(4)

. راجع ج 15 159

(5)

. راجع ص 318 فما بعد من هذا الجزء.

(6)

. راجع ج 1 ص 11 فما بعد.

(7)

. راجع ج 15 ص 159

ص: 265

بِصَدَاهَا، وَعَكَفَتِ الطَّيْرُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِهِ. فَصَدَى الْجِبَالُ الَّذِي يَسْمَعُهُ النَّاسُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ، فَأُيِّدَ بِمُسَاعَدَةِ الْجِبَالِ وَالطَّيْرِ لِئَلَّا يَجِدَ فَتْرَةً «1» ، فَإِذَا دَخَلَتِ الْفَتْرَةُ اهْتَاجَ، أَيْ ثَارَ وَتَحَرَّكَ، وَقَوِيَ بِمُسَاعَدَةِ الْجِبَالِ وَالطَّيْرِ. وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الصَّوْتِ مَا يَتَزَاحَمُ الْوُحُوشُ مِنَ الْجِبَالِ عَلَى حُسْنِ صَوْتِهِ، وَكَانَ الْمَاءُ الْجَارِي يَنْقَطِعُ عَنِ الْجَرْيِ وُقُوفًا لِصَوْتِهِ." وَالطَّيْرُ" بِالرَّفْعِ قِرَاءَةُ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَنَصْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَابْنِ هُرْمُزَ وَمَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَطْفًا عَلَى لَفْظِ الْجِبَالِ، أَوْ عَلَى الْمُضْمَرِ فِي" أَوِّبِي" وَحَسَّنَهُ الْفَصْلُ بِمَعَ. الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ" يَا جِبَالُ" أَيْ نَادَيْنَا الْجِبَالَ وَالطَّيْرَ، قَالَهُ سِيبَوَيْهِ. وعند أبي عمرو ابن الْعَلَاءِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى وَسَخَّرْنَا لَهُ الطَّيْرَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مَعْطُوفٌ، أَيْ وَآتَيْنَاهُ الطير، حملا على" ولقد آتينا داود ما فَضْلًا". النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ، كَمَا تَقُولُ: اسْتَوَى الْمَاءُ وَالْخَشَبَةَ. وَسَمِعْتُ الزَّجَّاجَ يُجِيزُ: قُمْتُ وَزَيْدًا، فَالْمَعْنَى أَوِّبِي مَعَهُ وَمَعَ الطَّيْرِ. (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَارَ عِنْدَهُ كَالشَّمْعِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَالْعَجِينِ، فَكَانَ يَعْمَلُهُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ الْحَدِيدُ فِي يَدِهِ كَالطِّينِ الْمَبْلُولِ وَالْعَجِينِ وَالشَّمْعِ، يَصْرِفُهُ كَيْفَ شَاءَ، مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِ نَارٍ وَلَا ضَرْبٍ بِمِطْرَقَةٍ. وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَكَانَ يَفْرُغُ مِنَ الدِّرْعِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ أَوْ بَعْضِ اللَّيْلِ، ثَمَنُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ: أُعْطِيَ قُوَّةً يَثْنِي بِهَا الْحَدِيدَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ دَاوُدَ عليه السلام، لَمَّا مَلَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَقِيَ مَلَكًا وَدَاوُدُ يَظُنُّهُ إِنْسَانًا، وَدَاوُدُ مُتَنَكِّرٌ خَرَجَ يَسْأَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَسِيرَتِهِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي خَفَاءٍ، فَقَالَ دَاوُدُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي تَمَثَّلَ لَهُ:(مَا قَوْلُكَ فِي هَذَا الْمَلِكِ دَاوُدَ)؟ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ (نِعْمَ الْعَبْدُ لَوْلَا خَلَّةٌ فِيهِ) قَالَ دَاوُدُ: (وَمَا هِيَ)؟ قَالَ: (يَرْتَزِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ لَتَمَّتْ فَضَائِلُهُ). فَرَجَعَ فَدَعَا اللَّهَ فِي أَنْ يُعَلِّمَهُ صَنْعَةً وَيُسَهِّلَهَا عَلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ صنعة لبوس كما قال عز وجل فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءٍ «2» ، فَأَلَانَ لَهُ الْحَدِيدَ فَصَنَعَ الدُّرُوعَ، فَكَانَ يَصْنَعُ الدِّرْعَ فِيمَا بَيْنَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، حَتَّى ادَّخَرَ مِنْهَا كثيرا وتوسعت

(1). الفترة: الضعف.

(2)

. راجع ج 11 ص 320

ص: 266