المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَاّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) الآية. أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، كَمَا رَوَى سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ:" الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ" قَالَ هم شي وَاحِدٌ، يَعْنِي أَنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ. وَالْوَاوُ مُقْحَمَةٌ، كَمَا قَالَ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ

وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحِمِ

أَرَادَ إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ ابْنِ الْهُمَامِ لَيْثِ الْكَتِيبَةِ، وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" «1». وَقِيلَ: كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يُرْجِفُونَ، وَقَوْمٌ يَتْبَعُونَ النِّسَاءَ لِلرِّيبَةِ وَقَوْمٌ يشككون المسلمين. قال عكرمة وشهر ابن حَوْشَبٍ:" الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" يَعْنِي الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمُ الزِّنَى. وَقَالَ طَاوُسٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْفَوَاحِشِ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وقيل: المنافقون والذين في قلوبهم مرض شي وَاحِدٌ، عُبِّرَ عَنْهُمْ بِلَفْظَيْنِ، دَلِيلُهُ آيَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ" الْبَقَرَةِ"«2» . وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ قَوْمٌ كَانُوا يُخْبِرُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَسُوءُهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَيَقُولُونَ إِذَا خَرَجَتْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُمْ قَدْ قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا، وَإِنَّ الْعَدُوَّ قَدْ أَتَاكُمْ، قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَصْحَابُ الصُّفَّةِ قَوْمٌ عُزَّابٌ، فَهُمُ الَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ. وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْطِقُونَ بِالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ حُبًّا لِلْفِتْنَةِ. وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ الْإِفْكِ قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبا

(1). راجع ج 1 ص 385. [ ..... ]

(2)

. راجع ج 1 ص 192.

ص: 245

لِلْفِتْنَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِرْجَافُ الْتِمَاسُ الْفِتْنَةِ، وَالْإِرْجَافُ: إِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلِاغْتِمَامِ «1» بِهِ. وَقِيلَ: تَحْرِيكُ الْقُلُوبِ، يُقَالُ: رَجَفَتِ الْأَرْضُ- أَيْ تَحَرَّكَتْ وَتَزَلْزَلَتْ- تَرْجُفُ رَجْفًا. وَالرَّجَفَانُ: الِاضْطِرَابُ الشَّدِيدُ. وَالرَّجَّافُ: الْبَحْرُ، سُمِّيَ بِهِ لِاضْطِرَابِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

الْمُطْعِمُونَ اللَّحْمَ كُلَ عَشِيَّةٍ

حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فِي الرَّجَّافِ «2»

وَالْإِرْجَافُ: وَاحِدُ أَرَاجِيفَ الْأَخْبَارُ. وَقَدْ أَرَجَفُوا فِي الشَّيْءِ، أَيْ خَاضُوا فِيهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

فَإِنَّا وَإِنْ عَيَّرْتُمُونَا بِقَتْلِهِ

وَأَرْجَفَ بِالْإِسْلَامِ بَاغٍ وحاسد

وقال آخر:

أبالأراجيف يَا ابْنَ اللُّؤْمِ تُوعِدُنِي

وَفِي الْأَرَاجِيفِ خِلْتُ اللُّؤْمَ وَالْخَوَرَ «3»

فالارجاف حرام، لان فيه أذائه. فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِيذَاءِ بِالْإِرْجَافِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أَيْ لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ فَتَسْتَأْصِلُهُمْ بِالْقَتْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ إِيذَاءِ النِّسَاءِ وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَغْرَاهُ بِهِمْ. ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ عز وجل:" وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ"«4» [التوبة: 84] وَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِلَعْنِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْإِغْرَاءُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَدْ أَغْرَاهُ بِهِمْ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ مَعَ اتِّصَالِ الْكَلَامِ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل:" أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا". فَهَذَا فِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ

(1). في ز: (الاهتمام) وفي ش: الاغمام.

(2)

. قال ابن برى: البيت لمطرود بن كعب الخزاعي يرثى عبد المطلب جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله:

يا أيها الرجل المحول رحله

هلا نزلت بآل عبد مناف

(3)

. البيت للعين المنقري يهجو به العجاج أو رؤبة. والرواية المعروفة فيه:

أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني

وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور

والأراجيز: جمع أرجوزة بمعنى الرجز وهو بحر من بحور الشعر. وجاء به علماء النحو شاهدا على أن (خلت) من الافعال التي يلغى عملها لتوسطها بين مفعوليها. ولو نصبت قوله (اللؤم والخور) على المفعولية لجاز. (راجع كتاب سيبويه ج 1 ص 61 وباب ظن وأخواتها في كتب النحو).

(4)

. راجع ج 8 ص 218.

ص: 246

بِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِهِمْ، أَيْ هَذَا حُكْمُهُمْ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى النِّفَاقِ وَالْإِرْجَافِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ). فَهَذَا فِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ كَالْآيَةِ سَوَاءٌ. النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَدِ انْتَهَوْا عَنِ الْإِرْجَافِ فَلَمْ يُغْرَ بِهِمْ. وَلَامُ" لَنُغْرِيَنَّكَ" لَامُ الْقَسَمِ، وَالْيَمِينُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا، وَأُدْخِلَتِ اللَّامُ فِي" إِنْ" تَوْطِئَةً لَهَا. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(ثُمَّ لَا يُجاوِرُونَكَ فِيها) أَيْ فِي الْمَدِينَةِ." إِلَّا قَلِيلًا" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" يُجاوِرُونَكَ"، فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ تبارك وتعالى، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا أَقِلَّاءَ. فَهَذَا أَحَدُ جَوَابَيِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ الْأَوْلَى عِنْدَهُ، أَيْ لَا يُجَاوِرُونَكَ إِلَّا فِي حَالِ قِلَّتِهِمْ. وَالْجَوَابُ الْآخَرُ- أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِلَّا وَقْتًا قَلِيلًا، أَيْ لَا يَبْقَوْنَ مَعَكَ إِلَّا مُدَّةً يَسِيرَةً، أَيْ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا جِوَارًا قَلِيلًا حَتَّى يَهْلِكُوا، فَيَكُونُ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفٍ مَحْذُوفٍ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ سَاكِنًا بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ جَارٌ. وَقَدْ مَضَى فِي" النِّسَاءِ" «1». الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(مَلْعُونِينَ) هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ:" قَلِيلًا مَلْعُونِينَ" وَقْفٌ حَسَنٌ. النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّمَامُ" إِلَّا قَلِيلًا" وَتُنْصَبُ" مَلْعُونِينَ" عَلَى الشَّتْمِ. كَمَا قَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ:" وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ". وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ الْمَعْنَى أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا مَلْعُونِينَ. وَهَذَا خَطَأٌ لَا يَعْمَلُ مَا [كَانَ «2»] مَعَ الْمُجَازَاةِ فِيمَا قَبْلَهُ وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ إِنْ أَصَرُّوا على النفاق لم يكن لهم مقام بالمدنية إِلَّا وَهُمْ مَطْرُودُونَ مَلْعُونُونَ. وَقَدْ فُعِلَ بِهِمْ هَذَا، فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ" بَرَاءَةَ" جُمِعُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا فُلَانُ قُمْ فَاخْرُجْ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ وَيَا فُلَانُ قُمْ) فَقَامَ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَلَّوْا إِخْرَاجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (سُنَّةَ اللَّهِ) نصب على المصدر، أي سن الله عز وجل فِيمَنْ أَرْجَفَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَأَظْهَرَ نِفَاقَهُ أَنْ يُؤْخَذَ وَيُقْتَلَ. (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) أَيْ تَحْوِيلًا وَتَغْيِيرًا، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِحَقٍّ فَلَا دِيَةَ عَلَى قاتله.

(1). راجع ج 5 ص 183 فما بعد.

(2)

. زيادة عن النحاس.

ص: 247