المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة السجده (32): آية 16] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة السجده (32): آية 16]

الْجَوْهَرِيُّ: وَذُقْتَ مَا عِنْدَ فُلَانٍ، أَيْ خَبَرْتَهُ. وَذُقْتَ الْقَوْسَ إِذَا جَذَبْتَ وَتَرَهَا لِتَنْظُرَ مَا شِدَّتُهَا. وَأَذَاقَهُ اللَّهُ وَبَالَ أَمْرِهِ. قَالَ طُفَيْلٌ:

فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ

مِنَ الْغَيْظِ فِي أَكْبَادِنَا وَالتَّحَوُّبِ

وَتَذَوَّقْتَهُ أَيْ ذُقْتَهُ شَيْئًا بعد شي. وَأَمْرٌ مُسْتَذَاقٌ أَيْ مُجَرَّبٌ مَعْلُومٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:

وَعَهْدُ الْغَانِيَاتِ كَعَهْدِ قَيْنٍ

وَنَتْ عَنْهُ الْجَعَائِلُ مستذاق

والذواق: الملول.

[سورة السجده (32): آية 15]

إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)

هَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْ أَنَّهُمْ لِإِلْفِهِمُ الْكُفْرَ لَا يُؤْمِنُونَ بِكَ، إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِكَ وَبِالْقُرْآنِ الْمُتَدَبِّرُونَ لَهُ وَالْمُتَّعِظُونَ بِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ" خَرُّوا سُجَّداً" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رُكَّعًا. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى الرُّكُوعَ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تبارك وتعالى:" وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ"«1» [ص: 24]. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ السُّجُودُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، أَيْ خَرُّوا سُجَّدًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وُجُوهِهِمْ تَعْظِيمًا لِآيَاتِهِ وَخَوْفًا مِنْ سَطْوَتِهِ وَعَذَابِهِ. (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أَيْ خَلَطُوا التَّسْبِيحَ بِالْحَمْدِ، أَيْ نَزَّهُوهُ وَحَمِدُوهُ، فَقَالُوا فِي سُجُودِهِمْ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ، أَيْ تَنْزِيهًا لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ سُفْيَانُ:" وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" أَيْ صَلَّوْا حَمْدًا لِرَبِّهِمْ. (وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) عَنْ عِبَادَتِهِ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ. النَّقَّاشُ:" لَا يَسْتَكْبِرُونَ" كَمَا اسْتَكْبَرَ أهل مكة عن السجود.

[سورة السجده (32): آية 16]

تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (16)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" أَيْ تَرْتَفِعُ وَتَنْبُو عَنْ مَوَاضِعِ الِاضْطِجَاعِ. وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُتَجَافِيَةً جُنُوبُهُمْ. وَالْمَضَاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وهي

(1). راجع ج 15 ص 182. [ ..... ]

ص: 99

مَوَاضِعُ النَّوْمِ. وَيَحْتَمِلُ عَنْ وَقْتِ الِاضْطِجَاعِ، وَلَكِنَّهُ مَجَازٌ، وَالْحَقِيقَةُ أَوْلَى. وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ:

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ

إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الصُّبْحِ سَاطِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبُهُ عَنْ فِرَاشِهِ

إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بالمشركين الْمَضَاجِعُ

قَالَ الزَّجَّاجُ وَالرُّمَّانِيُّ: التَّجَافِي التَّنَحِّي إِلَى جِهَةٍ فَوْقَ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصَّفْحِ عَنِ الْمُخْطِئِ فِي سَبٍّ وَنَحْوِهِ. وَالْجُنُوبُ جَمْعُ جَنْبٍ. وَفِيمَا تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، إِمَّا فِي صَلَاةٍ وَإِمَّا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ. الثَّانِي- لِلصَّلَاةِ. وَفِي الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ لِأَجْلِهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا- التَّنَفُّلُ بِاللَّيْلِ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْمَدْحُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"[السجدة: 17] لِأَنَّهُمْ جُوزُوا عَلَى مَا أَخْفَوْا بِمَا خَفِيَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِي قِيَامِ اللَّيْلِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: (أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ- قَالَ ثُمَّ تَلَا-" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ"- حَتَّى بَلَغَ-" يَعْمَلُونَ" (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مسنده والقاضي إسماعيل ابن إِسْحَاقَ وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. الثَّانِي: صَلَاةُ الْعِشَاءِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْعَتَمَةُ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" نَزَلَتْ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. الثَّالِثُ- التَّنَفُّلُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ" قَالَ: كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. الرَّابِعُ- قَالَ الضَّحَّاكُ: تَجَافِي الْجَنْبِ هُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ. وَقَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةُ.

ص: 100

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ، وَهُوَ يَجْمَعُ الْأَقْوَالَ بِالْمَعْنَى. وَذَلِكَ أَنَّ مُنْتَظِرَ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يصليها في صلاة وذكر لله عز وجل، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَزَالُ الرَّجُلُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ). وَقَالَ أَنَسٌ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ انْتِظَارُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤَخِّرُهَا إِلَى نَحْوِ ثُلُثِ اللَّيْلِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يَنَامُونَ مِنْ أَوَّلِ الْغُرُوبِ وَمِنْ أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ الْإِنْسَانُ، فَجَاءَ انْتِظَارُ وَقْتِ الْعِشَاءِ غَرِيبًا شَاقًّا. وَمُصَلِّي الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ لَا سِيَّمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، كَمَا كَانَ عليه السلام يُصَلِّيهَا. وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ يَقُومُ سَحَرًا يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَيَذْكُرُ اللَّهَ عز وجل إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ حَصَلَ التَّجَافِي أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهَ. يَزِيدُ هَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ (. وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ:) مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ (. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" النُّورِ" عَنْ كَعْبٍ فِيمَنْ صَلَّى بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُنَّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1». وَجَاءَتْ آثَارٌ حِسَانٌ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ. ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَوِ ابْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْكَرِيمِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ رَكَعَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِذًا تَكْثُرُ قُصُورُنَا وَبُيُوتُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَفْضَلُ- أَوْ قَالَ- أَطْيَبُ). وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ: صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ الْخَلْوَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَتَّى تَثُوبَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَيَقُولُ: صَلَاةُ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ مَرْفُوعًا عَنِ ابن عمر قال قال

(1). راجع ج 12 ص 308.

ص: 101

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَفَتْ جَنْبَاهُ عَنِ الْمَضَاجِعِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بُنِيَ لَهُ قَصْرَانِ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ عَامٍ، وَفِيهِمَا مِنَ الشَّجَرِ مَا لَوْ نَزَلَهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَأَوْسَعَتْهُمْ فَاكِهَةً (. وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَغَفْلَةُ الْغَافِلِينَ. وَإِنَّ مِنَ الدُّعَاءِ الْمُسْتَجَابِ الَّذِي لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فَصْلٌ فِي فَضْلِ التَّجَافِي- ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنُ عَبَّاسُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمِ الْحَامِدُونَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَيَقُومُونَ فَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ. ثُمَّ يُنَادِي ثَانِيَةً: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ جُنُوبُهُمْ تَتَجَافَى عَنِ الْمَضَاجِعِ" يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ". قَالَ: فَيَقُومُونَ فَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي ثَالِثَةً: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانُوا" لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ" [النور: 37]، فَيَقُومُونَ فَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ مَرْفُوعًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاءَ مُنَادٍ فَنَادَى بِصَوْتٍ تَسْمَعُهُ الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ، لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ يُنَادِي الثَّانِيَةَ سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ لِيَقُمِ الَّذِينَ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَيَقُومُونَ، ثُمَّ يُنَادِي الثَّالِثَةَ سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ لِيَقُمِ الْحَامِدُونَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ فَيُسَرَّحُونَ جَمِيعًا إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُحَاسَبُ سَائِرُ النَّاسِ (. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ اللَّهُ بِهِمْ: رجل قام من الليل وترك فراشه ودفئه، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: (مَا حَمَلَ عَبْدِي عَلَى مَا صَنَعَ) فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، فَيَقُولُ:(أَنَا أَعْلَمُ بِهِ وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي) فَيَقُولُونَ: رَجَّيْتَهُ شَيْئًا فَرَجَاهُ وَخَوَّفْتَهُ فَخَافَهُ. فَيَقُولُ: (أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ وَأَوْجَبْتُ لَهُ مَا رَجَاهُ) قَالَ: وَرَجُلٌ كَانَ

ص: 102