الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنْبَتَ بَدَلَهَا الْأَرَاكَ وَالطَّرْفَاءَ وَالسِّدْرَ. الْقُشَيْرِيُّ: وَأَشْجَارُ الْبَوَادِي لَا تُسَمَّى جَنَّةً وَبُسْتَانًا وَلَكِنْ لَمَّا وَقَعَتِ الثَّانِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُولَى أُطْلِقَ لَفْظُ الْجَنَّةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها"«1» [الشورى: 40]. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ" قَلِيلٍ" إِلَى جُمْلَةِ ما ذكر من الخمط والأثل والسدر.
[سورة سبإ (34): آية 17]
ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَاّ الْكَفُورَ (17)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أَيْ هَذَا التَّبْدِيلُ جَزَاءُ كُفْرِهِمْ. وَمَوْضِعُ" ذلِكَ" نصب، أي جزيناهم ذلك بكفرهم. (وهل يجازى إِلَّا الْكَفُورَ) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" يُجَازَى" بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَزَايٍ مَفْتُوحَةٍ،" الْكَفُورُ" رَفْعًا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ:" نُجازِي" بِالنُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ،" الْكَفُورَ" بِالنَّصْبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، قَالَا: لِأَنَّ قَبْلَهُ" جَزَيْناهُمْ" وَلَمْ يَقُلْ جُوزُوا. النَّحَّاسُ: وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاسِعٌ، وَالْمَعْنَى فِيهِ بَيِّنٌ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ صلى الله عليه وسلم مِنْ طِينٍ، وَقَالَ آخَرُ: خُلِقَ آدَمُ مِنْ طِينٍ، لَكَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا. مَسْأَلَةٌ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالٌ لَيْسَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَشَدُّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لِمَ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُجَازَاةَ بِالْكَفُورِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابَ الْمَعَاصِي؟ فَتَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا، فَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ يُجَازَى بِهَذَا الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الِاصْطِلَامُ «2» وَالْإِهْلَاكُ إِلَّا مَنْ كَفَرَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُجَازَى بِمَعْنَى يُعَاقَبُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُكَفِّرُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَيِّئَاتَهُ، وَالْكَافِرُ يُجَازَى بِكُلِ سُوءِ عَمَلِهِ، فَالْمُؤْمِنُ يُجْزَى وَلَا يُجَازَى لِأَنَّهُ يُثَابُ «3». وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ الْمُنَاقَشَةُ فِي الْحِسَابِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَلَا يُنَاقَشُ الْحِسَابَ. وَقَالَ قُطْرُبٌ خلاف هذا، فجهلها فِي أَهْلِ الْمَعَاصِي غَيْرِ الْكُفَّارِ، وَقَالَ: الْمَعْنَى عَلَى مَنْ كَفَرَ بِالنِّعَمِ وَعَمِلَ بِالْكَبَائِرِ. النَّحَّاسُ: وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَجَلُّ مَا رُوِيَ فِيهَا: أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ مِثْلًا بِمِثْلٍ. وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1). راجع ج 16 ص 38 فما بعد
(2)
. الاصطلام: الاستئصال.
(3)
. في نسخ الأصل: (لا يثاب).