الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَمِلْ إِلَيْهِمْ. (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً) بِكُفْرِهِمْ (حَكِيماً) فِيمَا يَفْعَلُ بِهِمْ. الزَّمَخْشَرِيُّ: وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَأَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُوَادَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَقَامَ مَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ وَالْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ارْفُضْ ذِكْرَ آلِهَتِنَا. وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ. وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَنَبْذِ الْمُوَادَعَةِ." وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ" مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ." وَالْمُنافِقِينَ" مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيمَا طَلَبُوا إِلَيْكَ. وَرُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ دَعَوْا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ وَيُعْطُوهُ شَطْرَ أَمْوَالِهِمْ، وَيُزَوِّجَهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بِنْتَهُ، وَخَوَّفَهُ مُنَافِقُو الْمَدِينَةِ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ، فَنَزَلَتِ. النَّحَّاسُ: وَدَلَّ بِقَوْلِهِ" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا" عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَيْهِمُ اسْتِدْعَاءً لَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَيْ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ عز وجل أَنَّ مَيْلَكَ إِلَيْهِمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَمَا نَهَاكَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ حَكِيمٌ. ثُمَّ قيل: الخطاب له ولأمته.
[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]
وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) يَعْنِي الْقُرْآنَ. وَفِيهِ زَجْرٌ عَنِ اتِّبَاعِ مَرَاسِمِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَمْرٌ بِجِهَادِهِمْ وَمُنَابَذَتِهِمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ اتِّبَاعِ الْآرَاءِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ. وَالْخِطَابُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ. (إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِتَاءٍ عَلَى الْخِطَابِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ:" يَعْمَلُونَ" بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وكذلك في قوله:" بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً"«1» [الفتح: 24]. (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أَيِ اعْتَمِدْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِكَ، فَهُوَ الَّذِي يَمْنَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ مَنْ خَذَلَكَ. (وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا) حَافِظًا. وَقَالَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِاللَّاتِ سَنَةً- وَهِيَ الطَّاغِيَةُ الَّتِي كَانَتْ ثَقِيفُ تَعْبُدُهَا- وَقَالُوا: لِتَعْلَمَ قريش منزلتنا عندك، فهم
(1). راجع ج 16 ص 380 فما بعد.