المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة سبإ (34): آية 14] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً" أَيْ قُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَ" شُكْراً" نُصِبَ عَلَى جِهَةِ الْمَفْعُولِ، أَيِ اعْمَلُوا عَمَلًا هُوَ الشُّكْرُ. وَكَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْعِبَادَاتِ كُلَّهَا هِيَ فِي نَفْسِهَا الشُّكْرُ إِذْ سَدَّتْ مَسَدَّهُ، وَيُبَيِّنُ هَذَا قَوْلِهِ تَعَالَى:" إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ"«1» [ص: 24] وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ" وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ". وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَأْوِيلِ قوله تعالى" أَنِ اشْكُرْ لِي"[لقمان: 14] أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّكْرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَفَطَّرَ «2» قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: (أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا). انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ. فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الشُّكْرَ بِعَمَلِ الْأَبْدَانِ دُونَ الِاقْتِصَارِ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ، فَالشُّكْرُ بِالْأَفْعَالِ عَمَلٌ الْأَرْكَانِ، وَالشُّكْرُ بِالْأَقْوَالِ عَمَلُ اللِّسَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبَةً لِآلِ دَاوُدَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مخاطبة لمحمد صلى الله اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ وَتَحْرِيضٌ. وَسَمِعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْقَلِيلِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا الدُّعَاءُ؟ فَقَالَ الرَّجُل: أَرَدْتُ قَوْلَهُ تَعَالَى" وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ". فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كُلُّ النَّاسِ أَعْلَمُ مِنْكَ يَا عُمَرُ! وَرُوِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام كَانَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَيُطْعِمُ أَهْلَهُ الْخُشْكَارَ «3» وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ الدَّرْمَكَ «4» . وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرَّمَادَ وَيَتَوَسَّدُهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، إِذِ الرَّمَادُ لَيْسَ بِقُوتٍ. وَرُوِيَ أَنَّهُ مَا شَبِعَ قَطُّ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَخَافُ إِنْ شَبِعْتُ أَنْ أَنْسَى الْجِيَاعَ. وَهَذَا مِنَ الشُّكْرِ وَمِنَ القليل، فتأمله، والله أعلم.

[سورة سبإ (34): آية 14]

فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (14)

(1). راجع ج 15 ص 165 فما بعد. [ ..... ]

(2)

. تفطر: تتشقق.

(3)

. الخشكار: ما خشن من الطحين (فارسية).

(4)

. الدرمك: دقيق الحوارى. وهو الدقيق الأبيض.

ص: 277

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) أَيْ فَلَمَّا حَكَمْنَا عَلَى سُلَيْمَانَ بِالْمَوْتِ حَتَّى صَارَ كَالْأَمْرِ الْمَفْرُوغِ مِنْهُ وَوَقَعَ بِهِ الْمَوْتُ (مَا دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُتَّكِئًا عَلَى الْمِنْسَأَةِ (وَهِيَ الْعَصَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، فِي قَوْلِ السُّدِّيِّ. وَقِيلَ: هِيَ بِلُغَةِ الْيَمَنِ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ) فَمَاتَ كَذَلِكَ وَبَقِيَ خَافِيَ الْحَالِ إِلَى أَنْ سَقَطَ ميتا لانكسار العصا لأكل الأرض إِيَّاهَا، فَعُلِمَ مَوْتُهُ بِذَلِكَ، فَكَانَتِ الْأَرَضَةُ دَالَّةً عَلَى مَوْتِهِ، أَيْ سَبَبًا لِظُهُورِ مَوْتِهِ، وَكَانَ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَلَّا يَعْلَمُوا بِمَوْتِهِ حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهِ سَنَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ لذلك على قو لين: أَحَدُهُمَا مَا قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ، قَالَ: كَانَتِ الْجِنُّ تَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ، فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ عليه السلام وَخَفِيَ مَوْتُهُ عَلَيْهِمْ" تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ" ابْنُ مَسْعُودٍ: أَقَامَ حَوْلًا وَالْجِنُّ تَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى أَكَلَتِ الْأَرَضَةُ مِنْسَأَتَهُ فَسَقَطَ. وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ لَمْ يُعْلَمْ مُنْذُ مَاتَ، فَوُضِعَتِ الْأَرَضَةُ عَلَى الْعَصَا فَأَكَلَتْ مِنْهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ حَسَبُوا عَلَى ذَلِكَ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ سَنَةٍ. وَقِيلَ: كَانَ رُؤَسَاءُ الْجِنِّ سَبْعَةٌ، وَكَانُوا مُنْقَادِينَ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام، وَكَانَ دَاوُدُ عليه السلام أَسَّسَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا مَاتَ أَوْصَى إِلَى سُلَيْمَانَ فِي إِتْمَامِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَمَرَ سُلَيْمَانُ الْجِنَّ بِهِ، فَلَمَّا دَنَا وَفَاتُهُ قَالَ لِأَهْلِهِ: لَا تُخْبِرُوهُمْ بِمَوْتِي حَتَّى يُتِمُّوا بِنَاءَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ بَقِيَ لِإِتْمَامِهِ سَنَةٌ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ كَانَ صديقه فسأل عَنْ آيَةِ مَوْتِهِ فَقَالَ: أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَوْضِعِ سُجُودِكَ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا الْخَرْنُوبَةُ، فَلَمْ يَكُنْ يَوْمٌ يُصْبِحُ فِيهِ إِلَّا تَنْبُتُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَجَرَةٌ فَيَسْأَلُهَا: مَا اسْمُكِ؟ فَتَقُولُ الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول: ولاي شي أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: لِكَذَا وَلِكَذَا، فَيَأْمُرُ بِهَا فَتُقْطَعُ، وَيَغْرِسُهَا فِي بُسْتَانٍ لَهُ، وَيَأْمُرُ بِكَتْبِ مَنَافِعِهَا وَمَضَارِّهَا وَاسْمِهَا وَمَا تَصْلُحُ لَهُ فِي الطِّبِّ، فبينما هو يصلي ذات يوم إذا رَأَى شَجَرَةً نَبَتَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، قال: ولاي شي أنت؟ قال: لِخَرَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُخَرِّبُهُ وَأَنَا حَيٌّ، أَنْتِ الَّتِي عَلَى وَجْهِكِ هَلَاكِي وَهَلَاكُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ! فَنَزَعَهَا وَغَرَسَهَا فِي حَائِطِهِ ثُمَّ قَالَ. اللَّهُمَّ عَمِّ عَنِ الجن موتي حتى تعلم الإنس أن

ص: 278

الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ. وَكَانَتِ الْجِنُّ تُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ أَشْيَاءَ، وَأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا فِي غَدٍ، ثُمَّ لَبِسَ كَفَنَهِ وَتَحَنَّطَ وَدَخَلَ الْمِحْرَابَ وَقَامَ يُصَلِّي وَاتَّكَأَ عَلَى عَصَاهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، فَمَاتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الْجِنُّ إِلَى أَنْ مَضَتْ سَنَةٌ وَتَمَّ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ، رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كان نبي الله سليمان بن دواد عليهما السلام إِذَا صَلَّى رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَسْأَلُهَا مَا اسْمُكِ؟ فَإِنْ كَانَتْ لِغَرْسٍ غُرِسَتْ وَإِنْ كَانَتْ لِدَوَاءٍ كُتِبَتْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْمٍ إِذَا شَجَرَةٌ نَابِتَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ: الْخَرْنُوبَةُ، فقال: لاي شي أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا الْبَيْتِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَنِ الْجِنِّ مَوْتِي حَتَّى تَعْلَمَ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ، فَنَحَتَهَا عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا حَوْلًا لَا يَعْلَمُونَ فَسَقَطَتْ، فَعَلِمَ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ فَنَظَرُوا مِقْدَارَ ذَلِكَ فَوَجَدُوهُ سَنَةً. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ" تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ". وَقَرَأَ يَعْقُوبُ فِي رِوَايَةِ رُوَيْسٍ" تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ" غَيْرَ مُسَمَّى الْفَاعِلُ. وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو" تَأْكُلُ مِنْسَاتَهُ" بِأَلِفٍ بَيْنَ السِّينِ وَالتَّاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ مَوْضِعَ الْأَلِفِ، لُغَتَانِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ ذَكْوَانَ أَسْكَنَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا، قَالَ الشَّاعِرُ فِي تَرْكِ الْهَمْزَةِ:

إِذَا دَبَبْتَ عَلَى الْمِنْسَاةِ مِنْ كِبَرٍ

فَقَدْ تَبَاعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ وَالْغَزَلُ

وَقَالَ آخَرُ فَهَمَزَ وَفَتَحَ:

ضَرَبْنَا بِمِنْسَأَةٍ وَجْهَهُ

فَصَارَ بِذَاكَ مَهِينًا ذَلِيلًا

وَقَالَ آخَرُ:

أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لَا أَبَاكَ ضَرَبْتَهُ

بِمِنْسَأَةٍ قَدْ جَرَّ حَبْلُكَ أَحْبُلَا

وَقَالَ آخَرُ فَسَكَّنَ هَمْزَهَا:

وَقَائِمٌ قَدْ قَامَ مِنْ تُكَأْتِهْ

كَقَوْمَةِ الشَّيْخِ إِلَى منسأته

ص: 279

وَأَصْلُهَا مِنْ: نَسَأْتُ الْغَنَمَ أَيْ زَجَرْتُهَا وَسُقْتُهَا، فَسُمِّيَتِ الْعَصَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُزْجَرُ بِهَا الشَّيْءُ وَيُسَاقُ. وَقَالَ طَرَفَةُ:

أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الْإِرَانِ نَسَأْتُهَا

عَلَى لَاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ «1»

فَسَكَّنَ هَمْزَهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَاشْتِقَاقُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَهْمُوزَةٌ، لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ نَسَأْتُهُ أَيْ أَخَّرْتُهُ وَدَفَعْتُهُ فَقِيلَ لَهَا مِنْسَأَةٌ لِأَنَّهَا يُدْفَعُ بِهَا الشَّيْءُ وَيُؤَخَّرُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ

: هِيَ الْعَصَا، ثُمَّ قَرَأَ" مِنْسَاتَهُ" أَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ أَلِفًا، فَإِنْ قِيلَ: الْبَدَلُ مِنَ الْهَمْزَةِ قَبِيحٌ جِدًّا وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ عَلَى بُعْدٍ وَشُذُوذٍ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِثْلُ هَذَا لَا سِيَّمَا وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ. فَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْعَرَبَ اسْتَعْمَلَتْ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْبَدَلَ وَنَطَقُوا بِهَا هَكَذَا كَمَا يَقَعُ الْبَدَلُ فِي غَيْرِ هَذَا وَلَا يقاس عليه حتى قال أبو عمور: وَلَسْتُ أَدْرِي مِمَّنْ هُوَ إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ لِأَنَّ مَا كَانَ مَهْمُوزًا فَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مَهْمُوزًا لَمْ يَجُزْ هَمْزُهُ بِوَجْهٍ. الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ قَرَأَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ فَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ، لِأَنَّ هَاءَ التَّأْنِيثِ لَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلَّا مُتَحَرِّكًا أَوْ أَلِفًا، لَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا سُكِّنَ مِنَ الْمَفْتُوحِ اسْتِخْفَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَلَبَ الْأَلِفَ هَمْزَةً كَمَا قَلَبُوهَا فِي قَوْلِهِمُ الْعَأْلِمُ وَالْخَأْتِمُ، وروي عن صعيد بْنِ جُبَيْرٍ" مِنْ" مَفْصُولَةً" سَأَتِهِ" مَهْمُوزَةً مَكْسُورَةَ التَّاءِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ سِئَةِ الْقَوْسِ فِي لغة من همزها، وقد روي همزسية الْقَوْسِ عَنْ رُؤْبَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سِيَةُ الْقَوْسِ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْهَا، وَالْجَمْعُ سِيَاتٌ، وَالْهَاءُ عوض من الْوَاوِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا سِيَوِيٌّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ رُؤْبَةُ يَهْمِزُ" سِيَةَ الْقَوْسِ" وَسَائِرُ الْعَرَبِ لَا يَهْمِزُونَهَا. وَفِي دَابَّةِ الْأَرْضِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- أنها أرضة، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ قُرِئَ" دَابَّةُ الْأَرَضِ" بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ «2» جَمْعُ الْأَرَضَةِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. الثَّانِي- أَنَّهَا دَابَّةٌ تَأْكُلُ الْعِيدَانَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْأَرَضَةُ (بِالتَّحْرِيكِ): دُوَيِّبَةٌ تَأْكُلُ الْخَشَبَ، يُقَالُ: أُرِضَتِ الْخَشَبَةُ تُؤْرَضُ أَرْضًا (بِالتَّسْكِينِ) فَهِيَ مأروضة إذا أكلتها.

(1). الأمون: التي يؤمن عثارها. والاران: تابوت الموتى. واللاحب: الطريق الواضح والبرجد: كساء مخطط

(2)

. في نسخ الأصل: (وهو واحد).

ص: 280

قَوْلُهُ تَعَالَى (فَلَمَّا خَرَّ) أَيْ سَقَطَ (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ مَوْتَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَعْنَى تَبَيَّنَ أَمْرُ الْجِنِّ، مِثْلُ:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ"[يوسف: 82]. وَفِي التَّفْسِيرِ- بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَوْلًا لَا يُعْلَمُ بِمَوْتِهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ، وَالْجِنُّ مُنْصَرِفَةٌ فِيمَا كَانَ أَمَرَهَا بِهِ، ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَ حَوْلٍ، فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ، الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ. وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مِنِ ابْن عَبَّاسٍ عَلَى جِهَةِ التَّفْسِيرِ. وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّ الْجِنَّ شَكَرَتْ ذَلِكَ لِلْأَرَضَةِ فَأَيْنَمَا كَانَتْ، يَأْتُونَهَا بِالْمَاءِ. قَالَ السُّدِّيُّ: وَالطِّينُ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الطِّينِ الَّذِي يَكُونُ فِي جَوْفِ الْخَشَبِ فَإِنَّهُ مِمَّا يَأْتِيهَا «1» بِهِ الشَّيَاطِينُ شُكْرًا، وَقَالَتْ: لَوْ كُنْتِ تَأْكُلِينَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لَأَتَيْنَاكِ بِهِمَا. وَ" أَنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْجِنِّ، وَالتَّقْدِيرُ: تَبَيَّنَ أَمْرُ الْجِنِّ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ، أَيْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ لِلْإِنْسِ وَانْكَشَفَ لَهُمْ أَمْرُ الْجِنِّ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ. وَهَذَا بَدَلُ الِاشْتِمَالِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ اللَّامِ. و (لَبِثُوا) أقاموا. و (الْعَذابِ الْمُهِينِ) السُّخْرَةِ وَالْحَمْلِ وَالْبُنْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَعَمَّرَ سُلَيْمَانُ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمُدَّةُ مُلْكِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَمَلَكَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَابْتَدَأَ فِي بُنْيَانِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: كان عمر سليمان سبعا وستين ستة، وَمَلَكَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَابْتَدَأَ فِي بُنْيَانِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ مُلْكُهُ خَمْسِينَ سَنَةً. وَحُكِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام ابْتَدَأَ بُنْيَانَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَرَّبَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ ثَوْرٍ وَمِائَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ شَاةٍ، وَاتَّخَذَ الْيَوْمَ الَّذِي فَرَغَ فِيهِ مِنْ بِنَائِهِ عِيدًا، وَقَامَ عَلَى الصَّخْرَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ وَهَبْتَ لِي هَذَا السُّلْطَانَ وَقَوَّيْتَنِي، عَلَى بِنَاءِ هَذَا الْمَسْجِدِ، اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْنِي شُكْرَكَ عَلَى مَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِكَ وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لِمَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ خَمْسَ خِصَالٍ: لَا يَدْخُلُهُ مُذْنِبٌ دَخَلَ لِلتَّوْبَةِ إِلَّا غَفَرْتَ لَهُ وَتُبْتَ عَلَيْهِ. وَلَا خَائِفٌ إِلَّا أمنته. ولا سقيم

(1). في ج، ح، ك:(فإنها مما يأتيها بها).

ص: 281