المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة السجده (32): آية 11] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الروم]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الروم (30): آية 8]

- ‌[سورة الروم (30): آية 9]

- ‌[سورة الروم (30): آية 10]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الروم (30): آية 16]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الروم (30): آية 19]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة الروم (30): آية 27]

- ‌[سورة الروم (30): آية 28]

- ‌[سورة الروم (30): آية 29]

- ‌[سورة الروم (30): آية 30]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الروم (30): آية 33]

- ‌[سورة الروم (30): آية 34]

- ‌[سورة الروم (30): آية 35]

- ‌[سورة الروم (30): آية 36]

- ‌[سورة الروم (30): آية 37]

- ‌[سورة الروم (30): آية 38]

- ‌[سورة الروم (30): آية 39]

- ‌[سورة الروم (30): آية 40]

- ‌[سورة الروم (30): آية 41]

- ‌[سورة الروم (30): آية 42]

- ‌[سورة الروم (30): آية 43]

- ‌[سورة الروم (30): آية 44]

- ‌[سورة الروم (30): آية 45]

- ‌[سورة الروم (30): آية 46]

- ‌[سورة الروم (30): آية 47]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الروم (30): آية 50]

- ‌[سورة الروم (30): آية 51]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الروم (30): آية 54]

- ‌[سورة الروم (30): آية 55]

- ‌[سورة الروم (30): آية 56]

- ‌[سورة الروم (30): آية 57]

- ‌[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

- ‌[تفسير سورة لقمان]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 6]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 7]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 12]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 13]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 16]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 17]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 18]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 19]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 22]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 27]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 28]

- ‌[سورة لقمان (31): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 31]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 32]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 33]

- ‌[سورة لقمان (31): آية 34]

- ‌[تفسير سورة السجدة]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة السجده (32): آية 3]

- ‌[سورة السجده (32): آية 4]

- ‌[سورة السجده (32): آية 5]

- ‌[سورة السجده (32): آية 6]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة السجده (32): آية 10]

- ‌[سورة السجده (32): آية 11]

- ‌[سورة السجده (32): آية 12]

- ‌[سورة السجده (32): آية 13]

- ‌[سورة السجده (32): آية 14]

- ‌[سورة السجده (32): آية 15]

- ‌[سورة السجده (32): آية 16]

- ‌[سورة السجده (32): آية 17]

- ‌[سورة السجده (32): آية 18]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة السجده (32): آية 21]

- ‌[سورة السجده (32): آية 22]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة السجده (32): آية 26]

- ‌[سورة السجده (32): آية 27]

- ‌[سورة السجده (32): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة السجده (32): آية 30]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 4]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 5]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 7]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 8]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 9]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 10]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 11]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 12]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 13]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 14]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 15]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 16]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 18]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 19]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 20]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 21]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 22]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 32]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 33]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 35]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 37]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 41]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 42]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 43]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 44]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 49]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 50]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 51]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 53]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 54]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 56]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 57]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 59]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 63]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33): آية 69]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأحزاب (33): الآيات 72 الى 73]

- ‌[سورة سبإ]

- ‌[سورة سبإ (34): آيَةً 1]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 2]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 5]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 6]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 7]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 8]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 9]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 10]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 11]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 12]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 13]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 14]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 15]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 16]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 17]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 18]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 19]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 20]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 21]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 22]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 23]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 24]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 25]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 26]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 27]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 34 الى 38]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 39]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 42]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 43]

- ‌[سورة سبإ (34): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 46]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 47]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 48]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 49]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 50]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 51]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 52]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 53]

- ‌[سورة سبإ (34): آية 54]

- ‌[سورة فاطر]

- ‌[سورة فاطر (35): آيَةً 1]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 2]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 3]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 4]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 5]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 8]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 9]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 10]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 11]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 12]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 13]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 14]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 15]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 18]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 23]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 24]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 31]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 38]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 39]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 40]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 41]

- ‌[سورة فاطر (35): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 44]

- ‌[سورة فاطر (35): آية 45]

الفصل: ‌[سورة السجده (32): آية 11]

ابْنُ السِّكِّيتِ. أَضْلَلْتُ بَعِيرِي إِذَا ذَهَبَ مِنْكَ. وَضَلَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالدَّارَ: إِذَا لَمْ تَعْرِفَ مَوْضِعَهُمَا. وكذلك كل شي مُقِيمٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ (لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ) يُرِيدُ أَضِلُّ عَنْهُ، أَيْ أَخْفَى عليه، من قوله تعالى:" أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ" أَيْ خَفِينَا. وَأَضَلَّهُ اللَّهُ فَضَلَّ، تَقُولُ: إِنَّكَ تَهْدِي الضَّالَّ وَلَا تَهْدِي الْمُتَضَالَّ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَالْحَسَنُ:" صَلَلْنَا" بِالصَّادِ، أَيْ أَنْتَنَّا. وَهِيَ قِرَاءَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه. النَّحَّاسُ: وَلَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ صَلَلْنَا وَلَكِنْ يُقَالُ: صَلَّ اللَّحْمُ وَأَصَلَّ، وَخَمَّ وَأَخَمَّ إِذَا أَنْتَنَ. الْجَوْهَرِيُّ: صَلَّ اللَّحْمُ يَصِلُّ- بِالْكَسْرِ- صُلُولًا، أَيْ أَنْتَنَ، مَطْبُوخًا كَانَ أَوْ نِيئًا. قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

ذَاكَ فَتًى يَبْذُلُ ذَا قِدْرِهِ

لَا يُفْسِدُ اللَّحْمَ لَدَيْهِ الصُّلُولُ

وَأَصَلَّ مِثْلُهُ." إِنَّا «1» لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ" أَيْ نخلق بعد ذلك خلقا جديدا؟ ويقرأ:" أينا". النَّحَّاسُ: وَفِي هَذَا سُؤَالٌ صَعْبٌ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، يُقَالُ: مَا الْعَامِلُ فِي" إِذا"؟ وَ" إِنَّ" لَا يَعْمَلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا. وَالسُّؤَالُ فِي الِاسْتِفْهَامِ أَشَدُّ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ أَجْدَرُ، أَلَّا يَعْمَلَ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ" إِنَّ" كَيْفَ وَقَدِ اجْتَمَعَا. فَالْجَوَابُ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ:" إِنَّا" أَنَّ الْعَامِلَ" ضَلَلْنا"، وَعَلَى قِرَاءَةِ من قرأ:" أينا" أَنَّ الْعَامِلَ مُضْمَرٌ، وَالتَّقْدِيرُ أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا. وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالٌ آخَرُ، يُقَالُ: أَيْنَ جَوَابُ" إِذا" عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ؟ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَعْدَهَا فِعْلًا مَاضِيًا، فَلِذَلِكَ جَازَ هَذَا. (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) أَيْ لَيْسَ لَهُمْ جُحُودُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْإِعَادَةِ، لِأَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِقُدْرَتِهِ وَلَكِنَّهُمُ اعْتَقَدُوا أَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ لا يلقون الله تعالى.

[سورة السجده (32): آية 11]

قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)

فيه مسألتان:

(1). قوله تعالى: (إنا) قراءة نافع وعليها جرى المؤلف.

ص: 92

الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) لَمَّا ذَكَرَ اسْتِبْعَادَهُمْ لِلْبَعْثِ ذَكَرَ تَوَفِّيهِمْ وَأَنَّهُ يُعِيدُهُمْ." يَتَوَفَّاكُمْ" مِنْ تَوَفَّى الْعَدَدَ وَالشَّيْءَ إِذَا اسْتَوْفَاهُ وَقَبَضَهُ جَمِيعًا. يُقَالُ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ أَيِ اسْتَوْفَى رُوحَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ. وَتَوَفَّيْتُ مَالِيَ مِنْ فُلَانٍ أَيِ اسْتَوْفَيْتُهُ." مَلَكُ الْمَوْتِ" وَاسْمُهُ عِزْرَائِيلُ وَمَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ"«1» . وَتَصَرُّفُهُ كُلُّهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِخَلْقِهِ وَاخْتِرَاعِهِ. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ (الْبَهَائِمَ كُلَّهَا يَتَوَفَّى اللَّهُ أَرْوَاحَهَا دُونَ مَلَكِ الْمَوْتِ) كَأَنَّهُ يُعْدِمُ حَيَاتَهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ خِلَافُهُ، وَأَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يَتَوَفَّى أَرْوَاحَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ حَتَّى الْبُرْغُوثَ وَالْبَعُوضَةَ. رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ) فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام: (يَا مُحَمَّدُ، طِبْ نَفْسًا وَقَرَّ عَيْنًا فَإِنِّي بِكُلِ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مَدَرٍ وَلَا شَعْرٍ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا وَأَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ حَتَّى لَأَنَا أَعْرَفُ بِصَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ. وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الآمر بقبضها (. قال جعفر ابن عَلِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يَتَصَفَّحُهُمْ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَامِدٌ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُهَيْرٍ الْكِلَابِيُّ قَالَ: حَضَرْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رضي الله عنه فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ: أَبَا عَبْدَ اللَّهِ، الْبَرَاغِيثُ أَمَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ أَرْوَاحَهَا؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: أَلَهَا أَنْفُسٌ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: مَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ أَرْوَاحَهَا،" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها" «2» [الزمر: 42]. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ: وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي بَنِي آدَمَ، إِلَّا أَنَّهُ نَوْعٌ شَرُفَ بِتَصَرُّفِ مَلَكٍ وَمَلَائِكَةٍ مَعَهُ فِي قَبْضِ أرواحهم. فخلق الله تعالى ملك

(1). راجع ج 2 ص 38.

(2)

. راجع ج 15 ص 260 فما بعد.

ص: 93

الْمَوْتِ وَخَلَقَ عَلَى يَدَيْهِ قَبْضَ الْأَرْوَاحِ، وَاسْتِلَالَهَا مِنَ الْأَجْسَامِ وَإِخْرَاجَهَا مِنْهَا. وَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى جُنْدًا يَكُونُونَ مَعَهُ يَعْمَلُونَ عَمَلَهُ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ تَعَالَى:" وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ"«1» [الأنفال: 50]، وقال تعالى:" تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا"[الانعام: 61] وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي" الْأَنْعَامِ"«2» . وَالْبَارِئُ خَالِقُ الْكُلِّ، الْفَاعِلُ حَقِيقَةً لِكُلِّ فِعْلٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها"[الزمر: 42]." الذي خلق الموت والحياة"«3» [الملك: 2]." يُحيِي وَيُمِيتُ"[الأعراف: 158]. فَمَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ وَالْأَعْوَانُ يُعَالِجُونَ وَاللَّهُ تَعَالَى يُزْهِقُ الرُّوحَ. وَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيِ وَالْأَحَادِيثِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ مُتَوَلِّيَ ذَلِكَ بِالْوَسَاطَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ أُضِيفَ التَّوَفِّي إِلَيْهِ كَمَا أُضِيفَ الْخَلْقُ لِلْمَلَكِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي" الْحَجِّ"«4» . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيْ مَلَكِ الْمَوْتِ كَالطَّسْتِ بَيْنَ يَدَيِ الْإِنْسَانِ يَأْخُذُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي (كِتَابِ التَّذْكِرَةِ). وَرُوِيَ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَمَّا وَكَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ قَالَ: رَبِّ جَعَلْتِنِي أُذْكَرُ بِسُوءٍ وَيَشْتُمُنِي بَنُو آدَمَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: (إِنِّي أَجْعَلُ لِلْمَوْتِ عِلَلًا وَأَسْبَابًا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ يَنْسُبُونَ الْمَوْتَ إِلَيْهَا فَلَا يَذْكُرُكَ أَحَدٌ إِلَّا بِخَيْرٍ). وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّذْكِرَةِ مُسْتَوْفًى- وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَدْعُو الْأَرْوَاحَ فَتَجِيئُهُ وَيَقْبِضُهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ أَوِ الْعَذَابِ- بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ لِمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ- اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ مِنْ قَوْلِهِ:" وُكِّلَ بِكُمْ" أَيْ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" وَهَذَا أُخِذَ مِنْ لَفْظِهِ لَا مِنْ مَعْنَاهُ، وَلَوِ اطَّرَدَ ذَلِكَ لَقُلْنَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ «5» جَمِيعاً" [الأعراف: 158]: إِنَّهَا نِيَابَةٌ عَنِ اللَّهِ تبارك وتعالى وَوَكَالَةٌ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ، وَلَقُلْنَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى:" وَآتُوا الزَّكاةَ" «6» [النور: 56] إِنَّهُ وَكَالَةٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَمِنَ الرِّزْقَ لِكُلِّ دَابَّةٍ وَخَصَّ الْأَغْنِيَاءَ بِالْأَغْذِيَةِ وَأَوْعَزَ إِلَيْهِمْ بِأَنَّ رِزْقَ الْفُقَرَاءِ عِنْدَهُمْ، وَأَمَرَ بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِمْ مِقْدَارًا مَعْلُومًا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، دَبَّرَهُ بِعِلْمِهِ، وأنفذه

(1). راجع ج 8 ص 28.

(2)

. راجع ج 7 ص 6 وص 99.

(3)

. راجع ج 18 ص 206.

(4)

. راجع ج 12 ص 7. [ ..... ]

(5)

. راجع ج 7 ص 301 فما بعد.

(6)

. راجع ج ص 99.

ص: 94