الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ: كَانَ الْكَاتِبُ يُمْلَى عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ فَكَتَبَ" لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ" ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا أَكْتُبُ؟ فَقِيلَ لَهُ: اكْتُبْ" وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ" فَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ هَذَا. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَهَذَا الْمَسْلَكُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا الْكِتَابَ كَانُوا قُدْوَةً فِي اللُّغَةِ، فَلَا يُظَنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ يُدْرِجُونَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَمْ يُنْزَلْ. وَأَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ، وَقَوْلُ الْكِسَائِيِّ هُوَ اختيار القفال والطبري، [والله أعلم]«1»
[سورة النساء (4): آية 163]
إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (163)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) هَذَا متصل بقوله:" يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ"[النساء: 153]، فَأَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَأَمْرِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ- مِنْهُمْ سُكَيْنٌ وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ- قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْدِ مُوسَى فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ. وَالْوَحْيُ إِعْلَامٌ فِي خَفَاءٍ، يُقَالُ: وَحَى إِلَيْهِ بِالْكَلَامِ يَحِي وَحْيًا، وَأَوْحَى يُوحِي إِيحَاءً." إِلى نُوحٍ" قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ نَبِيٍّ شُرِعَتْ عَلَى لِسَانِهِ الشَّرَائِعُ. وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا، ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ] تَبَارَكَ «2» وَتَعَالَى [فِي الْأَرْضِ إِدْرِيسُ وَاسْمُهُ أَخْنُوخُ «3» ، ثُمَّ انْقَطَعَتِ الرُّسُلُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نُوحَ بْنَ لَمَكِ «4» بْنِ مَتُّوشَلَخَ «5» بْنِ أَخْنُوخَ، وَقَدْ كَانَ سَامُ بْنُ نُوحٍ نَبِيًّا، ثُمَّ انْقَطَعَتِ الرُّسُلُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيًّا وَاتَّخَذَهُ خَلِيلًا، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَخَ وَاسْمُ تَارَخَ آزَرُ، ثُمَّ بُعِثَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَمَاتَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ إسحاق بن إبراهيم
(1). من ك.
(2)
. في ج وز.
(3)
. أخنوخ: (بفتح الهمزة) وحكى صاحب تاج العروس عن شيخه (بالضم).
(4)
. لمك: بفتحتين. وقيل: (بفتح فسكون). (روح المعاني). أين هذا مع قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ. وما روى أن شيث بن آدم أنزل عليه خمسون صحيفة. مصححه.
(5)
. متوشلخ (بضم الميم وفتح التاء الفوقية والواو وسكون الشين المعجمة وقيل: بفتح الميم وضم المثناة الفوقية المشددة وسكون الواو ولام مفتوحة وخاء معجمة (روح المعاني).
فَمَاتَ بِالشَّامِ، ثُمَّ لُوطٌ وَإِبْرَاهِيمُ عَمُّهُ، ثُمَّ يَعْقُوبُ وَهُوَ إِسْرَائِيلُ بْنُ إِسْحَاقُ ثُمَّ يُوسُفُ ابن يَعْقُوبَ ثُمَّ شُعَيْبُ بْنُ يَوْبَبَ «1» ، ثُمَّ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ صَالِحُ بْنُ أَسِفَ، ثُمَّ مُوسَى وَهَارُونُ ابْنَا عِمْرَانَ، ثُمَّ أَيُّوبُ ثُمَّ الْخَضِرُ وَهُوَ «2» خَضِرُونُ، ثُمَّ دَاوُدُ بْنُ إيشا، ثم سليمان ابن دَاوُدَ، ثُمَّ يُونُسُ بْنُ مَتَّى، ثُمَّ إِلْيَاسُ «3» ، ثُمَّ ذَا الْكِفْلِ وَاسْمُهُ عُوَيْدِنَا مِنْ سِبْطِ يهوذا ابن يَعْقُوبَ، قَالَ: وَبَيْنَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ أُمِّ عِيسَى أَلْفُ سَنَةٍ وَسَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ وَلَيْسَا مِنْ سِبْطٍ «4» ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الزُّبَيْرُ: كُلُّ نَبِيٍّ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرَ إِدْرِيسَ وَنُوحٍ وَلُوطٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ. وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَرَبِ أَنْبِيَاءٌ إِلَّا خَمْسَةٌ: هُودٌ وَصَالِحٌ وَإِسْمَاعِيلُ وَشُعَيْبٌ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ «5» ، وَإِنَّمَا سُمُّوا عَرَبًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْعَرَبِيَّةِ غَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) هَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ قَالَ:" وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ" فَخَصَّ أَقْوَامًا بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ"«6» ثُمَّ قَالَ: (وَعِيسى وَأَيُّوبَ) قَدَّمَ عِيسَى عَلَى قَوْمٍ كَانُوا قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَأَيْضًا فِيهِ تَخْصِيصُ عِيسَى رَدًّا عَلَى الْيَهُودِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى قَدْرِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَشَرَفِهِ، حَيْثُ قَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ"«7» ] الأحزاب: 7] الْآيَةَ، وَنُوحٌ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّوْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مُوعَبًا فِي" آلِ عِمْرَانَ"«8» وَانْصَرَفَ وَهُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، لِأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ فَخَفَّ، فَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ [وَإِسْحَاقُ]«9» فَأَعْجَمِيَّةٌ وَهِيَ مُعَرَّفَةٌ وَلِذَلِكَ لَمْ تَنْصَرِفْ، وَكَذَا يَعْقُوبُ وَعِيسَى وَمُوسَى إِلَّا أَنَّ عِيسَى وَمُوسَى يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ فِيهِمَا لِلتَّأْنِيثِ فَلَا يَنْصَرِفَانِ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، فَأَمَّا يُونُسُ وَيُوسُفُ فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ" وَيُونِسَ" بِكَسْرِ النُّونِ وَكَذَا" يُوسِفَ" يَجْعَلُهُمَا مِنْ آنَسَ وَآسَفَ، وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يُصْرَفَا وَيُهْمَزَا وَيَكُونُ جَمْعُهُمَا يَآنِسُ ويآسف. ومن لم يهمز قال: يوانس
(1). يوبب: (بمثناة تحتية وواو موحدتين) بوزن جعفر. (روح المعاني).
(2)
. في ز: ثم خضرون.
(3)
. في ز: ثم إلياس ثم بشير إلخ. ولا يعرف في الأنبياء بشير.
(4)
. ذكروا من أنبياء العرب حنظلة ابن صفوان رسول إلى أصحاب الرس. وخالد بن سنان العبسي.
(5)
. ذكروا من أنبياء العرب حنظلة ابن صفوان رسول إلى أصحاب الرس. وخالد بن سنان العبسي.
(6)
. راجع ج 2 ص 63.
(7)
. راجع ج 14 ص 126.
(8)
. راجع ج 4 ص 62.
(9)
. الزيادة عن (إعراب القرآن) للنحاس. [ ..... ]