المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المائدة (5): آية 115] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٦

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَةُ النساء (4): الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 150 الى 151]

- ‌[سورة النساء (4): آية 152]

- ‌[سورة النساء (4): آية 153]

- ‌[سورة النساء (4): آية 154]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 157 الى 158]

- ‌[سورة النساء (4): آية 159]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 160 الى 161]

- ‌[سورة النساء (4): آية 162]

- ‌[سورة النساء (4): آية 163]

- ‌[سورة النساء (4): آية 164]

- ‌[سورة النساء (4): آية 165]

- ‌[سورة النساء (4): آية 166]

- ‌[سورة النساء (4): آية 167]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 168 الى 169]

- ‌[سورة النساء (4): آية 170]

- ‌[سورة النساء (4): آية 171]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة النساء (4): آية 174]

- ‌[سورة النساء (4): آية 175]

- ‌[سورة النساء (4): آية 176]

- ‌تفسير سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5): آيَةً 1]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 2]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 4]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 6]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 7]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 11]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 12]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 13]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 17]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 18]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 27]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 30]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 31]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 32]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 37]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 38]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 40]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 41]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 42]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 43]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 44]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 45]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 48]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 49]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 50]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 51]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 54]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 55]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 56]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 57]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 58]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 59 الى 60]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 61 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 64]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 68]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 69]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 70]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 71]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 72]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 75]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 76]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 77]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 78]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 79]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 80]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 81]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 82]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 83]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 84]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 85 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 87]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 88]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 93]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 94]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 95]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 96]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 97]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 98]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 99]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 100]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 103]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 104]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 109]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 110]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 111]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 112]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 113]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 114]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 115]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 116]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 117]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 118]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 119]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 120]

- ‌تفسير سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 2]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 3 الى 5]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 6]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 7]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 17]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 18 الى 19]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 20]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 23]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 24]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 25]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 26]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 27]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 28]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 29]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 30]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 31]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 32]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 35]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 38]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 39 الى 41]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 42]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 48]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 49]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 50]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 51]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 52]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 53]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 54]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 55]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 56]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 57]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 58]

الفصل: ‌[سورة المائدة (5): آية 115]

وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ" تَكُنْ" عَلَى الْجَوَابِ، وَالْمَعْنَى: يَكُونُ يَوْمَ نُزُولِهَا" عِيداً لِأَوَّلِنا" أَيْ لِأَوَّلِ أُمَّتِنَا وَآخِرِهَا فَقِيلَ: إِنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فَلِذَلِكَ جَعَلُوا الْأَحَدَ عِيدًا. وَالْعِيدُ وَاحِدُ الْأَعْيَادِ وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ وَيُقَالُ: لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ وَقَدْ عَيَّدُوا أَيْ شَهِدُوا الْعِيدَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنْ عَادَ يَعُودُ أَيْ رَجَعَ فَهُوَ عِوْدٌ بِالْوَاوِ، فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا مِثْلَ الْمِيزَانِ وَالْمِيقَاتِ وَالْمِيعَادِ فَقِيلَ لِيَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: عِيدًا لِأَنَّهُمَا يَعُودَانِ كُلَّ سَنَةٍ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعِيدُ كُلُّ يَوْمٍ يُجْمَعُ «1» كَأَنَّهُمْ عَادُوا إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: سُمِّيَ عِيدًا لِلْعَوْدِ فِي الْمَرَحِ وَالْفَرَحِ فَهُوَ يَوْمُ سُرُورِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْجُونِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يُطَالَبُونَ وَلَا يُعَاقَبُونَ وَلَا يُصَادُ الْوَحْشُ وَلَا الطُّيُورُ ولا ننفذ الصِّبْيَانُ إِلَى الْمَكَاتِبِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ عِيدًا لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَعُودُ إِلَى قَدْرِ مَنْزِلَتِهِ أَلَا تَرَى إِلَى اخْتِلَافِ مَلَابِسِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ وَمَآكِلِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُضَافُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْحَمُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُرْحَمُ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَوْمٌ شَرِيفٌ تَشْبِيهًا بِالْعِيدِ: وَهُوَ فَحْلٌ كَرِيمٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: إبل عيدية قال:

عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَانِيرُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ «2» . وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ" لِأُولَانَا وَأُخْرَانَا" عَلَى الْجَمْعِ «3» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَأْكُلُ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا يَأْكُلُ [مِنْهَا]«4» أَوَّلُهُمْ (وَآيَةً مِنْكَ) يَعْنِي دَلَالَةً وَحُجَّةً. (وَارْزُقْنا) أَيْ أَعْطِنَا. (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أَيْ خَيْرُ مَنْ أَعْطَى وَرَزَقَ، لِأَنَّكَ الغني الحميد.

[سورة المائدة (5): آية 115]

قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (115)

(1). في البحر: يجمع الناس لأنهم. إلخ. وفي ب وع وه وى: مجمع.

(2)

. هو رذاذ الكلبي- كما في اللسان- وصدر البيت:

ظلت تجوب بها البلدان ناجية

(3)

. صوبت هذه القراءة عن البحر وغيره من كتب التفسير قال صاحب البحر: وقرا زيد بن ثابت وابن محيصن والجحدري (لأولانا وأخرانا) أنثوا على معنى الامة والجماعة. والذي بالأصول: ج وك وب وى وز وهـ: (لاولينا وآخرينا).

(4)

. من ك وع. [ ..... ]

ص: 368

قَوْلُهُ تَعَالَى" قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ" هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَجَابَ بِهِ سُؤَالَ عِيسَى كَمَا كَانَ سُؤَالُ عِيسَى إِجَابَةً لِلْحَوَارِيِّينَ وَهَذَا يُوجِبُ أَنَّهُ قَدْ أَنْزَلَهَا وَوَعْدُهُ الْحَقُّ، فَجَحَدَ الْقَوْمُ وَكَفَرُوا بَعْدَ نُزُولِهَا فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُنَافِقُونَ وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ وَآلُ فِرْعَوْنَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ". وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَائِدَةِ هَلْ نَزَلَتْ أَمْ لَا؟ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ- وَهُوَ الْحَقُّ- نُزُولُهَا لِقَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا نَزَلَتْ وَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبُ مَثَلٍ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِخَلْقِهِ فَنَهَاهُمْ عَنْ مَسْأَلَةِ الْآيَاتِ لِأَنْبِيَائِهِ. وَقِيلَ: وَعَدَهُمْ بِالْإِجَابَةِ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ:" فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ" الْآيَةَ اسْتَعْفَوْا مِنْهَا، وَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَقَالُوا: لَا نُرِيدُ هَذَا، قَالَهُ الْحَسَنُ. وهذا القول الذي قَبْلَهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا نَزَلَتْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ:] صُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ مَا شِئْتُمْ يُعْطِكُمْ [فَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَالُوا: يَا عِيسَى لَوْ عَمِلْنَا لِأَحَدٍ فَقَضَيْنَا عَمَلَنَا [لَأَطْعَمَنَا]«1» ، وَإِنَّا صُمْنَا وَجُعْنَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ بِمَائِدَةٍ يَحْمِلُونَهَا، عَلَيْهَا سَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَبْعَةُ أَحْوَاتٍ «2» فَوَضَعُوهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَأَكَلَ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ أَوَّلُهُمْ. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ [الْحَكِيمُ] «3» فِي" نَوَادِرِ الْأُصُولِ" لَهُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عمار بن هرون الثَّقَفِيُّ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ حَكِيمٍ الْحَنْظَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: لَمَّا سألت الحواريون عيسى بن مَرْيَمَ- صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ- الْمَائِدَةَ قَامَ فَوَضَعَ ثِيَابَ الصُّوفِ وَلَبِسَ ثِيَابَ الْمُسُوحِ- وَهُوَ سِرْبَالٌ مِنْ مُسُوحٍ أَسْوَدَ وَلِحَافٍ أَسْوَدَ- فَقَامَ فَأَلْزَقَ الْقَدَمَ بِالْقَدَمِ وَأَلْصَقَ الْعَقِبَ بِالْعَقِبِ وَالْإِبْهَامَ بِالْإِبْهَامِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ خَاشِعًا لِلَّهِ ثُمَّ أَرْسَلَ عينيه يبكى حتى جرى الدمع

(1). الزيادة عن (روح المعاني) وغيره من كتب التفسير.

(2)

. أحوات (جمع حوت): وهو نوع من السمك المعروف.

(3)

. من ع.

ص: 369

عَلَى لِحْيَتِهِ وَجَعَلَ يَقْطُرُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ" الْآيَةَ فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ مُدَوَّرَةٌ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ غَمَامَةٍ مِنْ فَوْقِهَا وَغَمَامَةٍ مِنْ تَحْتِهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، فَقَالَ عِيسَى:[اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا فِتْنَةً إِلَهِي أَسْأَلُكَ مِنَ الْعَجَائِبِ فَتُعْطِي] فَهَبَطَتْ بَيْنَ يَدَيْ عِيسَى عليه السلام وَعَلَيْهَا مِنْدِيلٌ مُغَطًّى فَخَرَّ عِيسَى سَاجِدًا وَالْحَوَارِيُّونَ مَعَهُ وَهُمْ يَجِدُونَ لَهَا رائحة طيبة ولم يَكُونُوا يَجِدُونَ [مِثْلَهَا]«1» قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ عِيسَى: [أَيُّكُمْ أَعْبَدُ لِلَّهِ وَأَجْرَأُ عَلَى اللَّهِ وَأَوْثَقُ بِاللَّهِ فَلْيَكْشِفْ عَنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ حَتَّى نَأْكُلَ مِنْهَا وَنَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا وَنَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا] فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ فَقَامَ عِيسَى- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ- فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا وَصَلَّى صَلَاةً جَدِيدَةً وَدَعَا دُعَاءً كَثِيرًا ثُمَّ جَلَسَ إِلَى السُّفْرَةِ فَكَشَفَ عَنْهَا فَإِذَا عَلَيْهَا سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا شَوْكٌ تَسِيلُ سَيَلَانَ الدَّسَمِ وَقَدْ نُضِّدَ حَوْلَهَا مِنْ كُلِّ الْبُقُولِ مَا عَدَا الْكُرَّاثَ وَعِنْدَ رَأْسِهَا مِلْحٌ وَخَلٌّ وَعِنْدَ ذَنَبِهَا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ على واحد منها خمس رُمَّانَاتٍ وَعَلَى الْآخَرِ تَمَرَاتٌ وَعَلَى الْآخَرِ زَيْتُونٌ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ، وَعَلَى الثَّانِي عَسَلٌ وَعَلَى الثَّالِثِ بَيْضٌ وَعَلَى الرَّابِعِ جُبْنٌ وَعَلَى الْخَامِسِ قَدِيدٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَجَاءُوا غَمًّا وَكَمَدًا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَرَأَوْا عَجَبًا فَقَالَ شَمْعُونُ وَهُوَ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ- يَا رُوحَ اللَّهِ أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا أَمْ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ:[أَمَا افْتَرَقْتُمْ «2» بَعْدُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ تُعَذَّبُوا]. فَقَالَ شَمْعُونُ: وَإِلَهِ بَنِي «3» إِسْرَائِيلَ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ سُوءًا. فَقَالُوا: يَا رُوحَ اللَّهِ لَوْ كَانَ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ آيَةٌ أُخْرَى قَالَ عِيسَى عليه السلام:] يَا سَمَكَةُ احْيَيْ بِإِذْنِ اللَّهِ [فَاضْطَرَبَتِ السَّمَكَةُ طَرِيَّةً تَبِصُّ «4» عَيْنَاهَا، فَفَزِعَ الْحَوَارِيُّونَ فَقَالَ عِيسَى:] مَا لِي أَرَاكُمْ تَسْأَلُونَ عَنِ الشَّيْءِ فَإِذَا أُعْطِيتُمُوهُ كَرِهْتُمُوهُ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ تُعَذَّبُوا [وَقَالَ:] لَقَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا عَلَيْهَا طَعَامٌ مِنَ الدُّنْيَا

(1). الزيادة عن الدر المنثور.

(2)

. في الدر المنثور في رواية: (أما آن لكم أن تعتبروا بما ترون وتنتهوا عن تنقير المسائل)

إلخ. وفي تفسير ابن عطية (ألم ينهكم الله عن هذه السؤالات).

(3)

. في ع وهـ وب: إلاه إسرائيل.

(4)

. تبص: تلمع. وفي ب، ج، ك، ى: تبصبص.

ص: 370

ولا من طعام الجنة ولكنه شي ابْتَدَعَهُ اللَّهُ بِالْقُدْرَةِ الْبَالِغَةِ فَقَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ [فَقَالَ عِيسَى:] يَا سَمَكَةُ عُودِي كَمَا كُنْتِ [فَعَادَتْ مَشْوِيَّةً كَمَا كَانَتْ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ كُنْ أَوَّلَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا، فَقَالَ عِيسَى:] مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّمَا يَأْكُلُ منها من طلبها وسألها [فأبت الْحَوَارِيُّونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً «1» وَفِتْنَةً فَلَمَّا رَأَى عِيسَى ذَلِكَ دَعَا عَلَيْهَا الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمَرْضَى وَالزَّمْنَى وَالْمُجَذَّمِينَ وَالْمُقْعَدِينَ وَالْعُمْيَانَ وَأَهْلَ الْمَاءِ الْأَصْفَرِ، وَقَالَ:] كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَدَعْوَةِ نَبِيِّكُمْ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [وَقَالَ:] يَكُونُ الْمَهْنَأُ لَكُمْ وَالْعَذَابُ عَلَى غَيْرِكُمْ [فأكلوا حتى صدروا عن سبعة آلاف وثلاثمائة يَتَجَشَّئُونَ «2» فَبَرِئَ كُلُّ سَقِيمٍ أَكَلَ مِنْهُ، وَاسْتَغْنَى كله فَقِيرٍ أَكَلَ مِنْهُ حَتَّى الْمَمَاتِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّاسُ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَمَا بَقِيَ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ وَلَا شَيْخٌ وَلَا شَابٌّ وَلَا غَنِيٌّ وَلَا فَقِيرٌ إِلَّا جَاءُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ فَضَغَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عِيسَى جَعَلَهَا نُوَبًا بَيْنَهُمْ فَكَانَتْ تَنْزِلُ يَوْمًا وَلَا تَنْزِلُ يَوْمًا كَنَاقَةِ ثَمُودَ تَرْعَى يَوْمًا وَتَشْرَبُ يوما فنزلت أربعين يوما تنزل ضحا فلا تزال حتى يفئ الْفَيْءُ مَوْضِعَهُ وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: فَلَا تَزَالُ مَنْصُوبَةً يُؤْكَلُ مِنْهَا حَتَّى إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ طَارَتْ صُعُدًا فَيَأْكُلُ مِنْهَا النَّاسُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى السَّمَاءِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَى ظِلِّهَا حَتَّى تَتَوَارَى عَنْهُمْ فَلَمَّا تَمَّ أَرْبَعُونَ يَوْمًا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى عليه السلام] يَا عِيسَى اجْعَلْ مَائِدَتِي هَذِهِ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ [فَتَمَارَى «3» الْأَغْنِيَاءُ فِي ذَلِكَ وَعَادَوُا الْفُقَرَاءَ] وَشَكُّوا [«4» وَشَكَّكُوا النَّاسَ فَقَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى:] إِنِّي آخِذٌ بِشَرْطِي [فَأَصْبَحَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ خِنْزِيرًا يَأْكُلُونَ الْعَذِرَةَ يَطْلُبُونَهَا بِالْأَكْبَاءِ وَالْأَكْبَاءُ هِيَ الْكُنَاسَةُ وَاحِدُهَا كبا «5» بعد ما كَانُوا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَيَنَامُونَ عَلَى الْفُرُشِ اللَّيِّنَةِ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا عَلَى عِيسَى يَبْكُونَ، وَجَاءَتِ الْخَنَازِيرُ فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ قُدَّامَ عِيسَى فَجَعَلُوا يَبْكُونَ وَتَقْطُرُ دُمُوعُهُمْ فَعَرَفَهُمْ عِيسَى فَجَعَلَ يَقُولُ:] أَلَسْتَ بِفُلَانٍ [؟ فَيُومِئُ بِرَأْسِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْكَلَامَ فَلَبِثُوا كَذَلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ومنهم من يقول: أربعة أيام،

(1). مثلة: عقوبة.

(2)

. جشأ وتجشأ: أخرج صوتا من فمه عند الشبع.

(3)

. تمارى: شك.

(4)

. من ك، ى، ج، ب.

(5)

. كبا (بالكسر والقصر) كالى.

ص: 371

ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عِيسَى أَنْ يَقْبِضَ أَرْوَاحَهُمْ فَأَصْبَحُوا لَا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبُوا؟ الْأَرْضُ ابْتَلَعَتْهُمْ أَوْ مَا صَنَعُوا؟!. قُلْتُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَقَالٌ وَلَا يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ كَانَ طَعَامُ الْمَائِدَةِ خُبْزًا وَسَمَكًا وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: كانوا يجدون في السمك طيب كله طَعَامٍ، وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَقَتَادَةُ: كَانَتْ مَائِدَةً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَعَلَيْهَا ثِمَارٌ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَقْرِصَةً مِنْ شَعِيرٍ وَحِيتَانًا. وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ التَّفْسِيرِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:] أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ مِنَ السَّمَاءِ خُبْزًا وَلَحْمًا وَأُمِرُوا أَلَّا يَخُونُوا وَلَا يَدَّخِرُوا لِغَدٍ فَخَانُوا وَادَّخَرُوا وَرَفَعُوا لِغَدٍ فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ [قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَوْقُوفًا وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ قَزَعَةَ وَلَا نَعْلَمُ لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ أَصْلًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أُنْزِلَ على المائدة كل شي إِلَّا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَ عَلَيْهَا كل شي إِلَّا السَّمَكَ وَاللَّحْمَ. وَقَالَ كَعْبٌ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ مَنْكُوسَةً «1» مِنَ السَّمَاءِ تَطِيرُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَيْهَا كُلُّ طَعَامٍ إِلَّا اللَّحْمَ. قُلْتُ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْوَالٌ مُخَالِفَةٌ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَصِحَّ مَرْفُوعًا فَصَحَّ مَوْقُوفًا عَنْ صَحَابِيٍّ كَبِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ وَكَانَ عَلَيْهَا طَعَامٌ يُؤْكَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِتَعْيِينِهِ. وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ ثَانِيَةً لِبَعْضِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ كَعْبٌ: اجْتَمَعَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاجْتَمَعُوا فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ أَحَدُهُمْ: سَلُونِي فَأَدْعُوَ اللَّهَ لَكُمْ بِمَا شِئْتُمْ قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُظْهِرَ لَنَا عَيْنًا سَاحَّةً بِهَذَا الْمَكَانِ، وَرِيَاضًا خُضْرًا وَعَبْقَرِيًّا قَالَ: فدعا الله فإذا

(1). نكسه: قلبه وجعل أسفله أعلاه.

ص: 372

عَيْنٌ سَاحَّةٌ وَرِيَاضٌ خُضْرٌ وَعَبْقَرِيٌّ. ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ: سَلُونِي فَأَدْعُوَ اللَّهَ لَكُمْ بِمَا شِئْتُمْ فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُطْعِمَنَا شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ فَدَعَا اللَّهُ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ بُسْرَةٌ فَأَكَلُوا مِنْهَا لَا تُقَلَّبُ إِلَّا أَكَلُوا مِنْهَا لَوْنًا ثُمَّ رُفِعَتْ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ: سَلُونِي فَأَدْعُوَ اللَّهَ لَكُمْ بِمَا شِئْتُمْ، فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا الْمَائِدَةَ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى عِيسَى قَالَ: فَدَعَا فَنَزَلَتْ فَقَضَوْا مِنْهَا حَاجَتَهُمْ ثُمَّ رُفِعَتْ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ. مَسْأَلَةٌ: جَاءَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْمَذْكُورِ بَيَانُ الْمَائِدَةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ سُفْرَةً لَا مَائِدَةً ذَاتَ قَوَائِمَ وَالسُّفْرَةُ مَائِدَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَوَائِدُ الْعَرَبِ خَرَّجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ] الْحَكِيمُ [«1»: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن] بسار [«2» ، قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذَ بْنَ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خِوَانٍ قَطُّ وَلَا فِي سُكُرُّجَةٍ وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: فَعَلَامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السُّفَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: يُونُسُ هَذَا هُوَ أَبُو الْفُرَاتِ الْإِسْكَافُ. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ اتَّفَقَ عَلَى رِجَالِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الخوان هو شي مُحْدَثٌ فَعَلَتْهُ الْأَعَاجِمُ وَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَمْتَهِنَهَا «3» وَكَانُوا يَأْكُلُونَ عَلَى السُّفَرِ وَاحِدُهَا سُفْرَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنَ الْجُلُودِ وَلَهَا مَعَالِيقٌ تَنْضَمُّ وَتَنْفَرِجُ فَبِالِانْفِرَاجِ سُمِّيَتْ سُفْرَةٌ لِأَنَّهَا إِذَا حُلَّتْ مَعَالِيقُهَا انْفَرَجَتْ فَأَسْفَرَتْ عَمَّا فِيهَا فَقِيلَ لَهَا السُّفْرَةُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ السَّفَرُ سَفَرًا لِإِسْفَارِ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عَنِ الْبُيُوتِ وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي سُكُرُّجَةٍ لِأَنَّهَا أَوْعِيَةُ الْأَصْبَاغِ «4» ، وَإِنَّمَا الْأَصْبَاغُ لِلْأَلْوَانِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ سِمَاتِهِمِ الْأَلْوَانُ وَإِنَّمَا كَانَ طَعَامُهُمُ الثَّرِيدَ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتُ اللَّحْمِ. وَكَانَ «5» يَقُولُ:" انْهَسُوا «6» اللَّحْمَ نَهْسًا فَإِنَّهُ أَشْهَى وَأَمْرَأَ" فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمَائِدَةِ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ كَانَ الضب حراما

(1). من ع. [ ..... ]

(2)

. الذي في الأصل: (محمد بن المثنى أبو موسى الزمن) وهو (محمد بن بشار) كما في الترمذي وكما سيأتي.

(3)

. امتهن الشيء: استعمله للمهنة.

(4)

. الأصباغ (جمع صبغ) وهو ما يؤتدم به من كل مائع كالخل وفي التنزيل: (وصبغ للآكلين).

(5)

. أي النبي عليه الصلاة والسلام. رواه أحمد والترمذي والحاكم.

(6)

. النهس أخذ اللحم بأطراف الأسنان ونتفه وفي ى وج وز: انهشوا (نهشا) بالمعجمة وهي الرواية معناها أخذ اللحم بجميع الأسنان.

ص: 373