الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَقَدْ كَذَّبُوا) " يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ. (بِالْحَقِّ) يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَقِيلَ: بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ) أَيْ يَحِلُّ بِهِمِ العقاب، وأراد بالإنباء وَهِيَ الْأَخْبَارُ الْعَذَابَ، كَقَوْلِكَ: اصْبِرْ وَسَوْفَ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ أَيِ الْعَذَابُ، وَالْمُرَادُ مَا نَالَهُمْ يَوْمَ بدر ونحوه. وقيل: يوم القيامة.
[سورة الأنعام (6): آية 6]
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (6)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ)" كَمْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِأَهْلَكْنَا لَا بِقَوْلِهِ" أَلَمْ يَرَوْا" لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِفْهَامِ لَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ لَهُ صَدْرَ الْكَلَامِ. وَالْمَعْنَى: أَلَا يَعْتَبِرُونَ بِمَنْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ لِتَكْذِيبِهِمْ أَنْبِيَاءَهُمْ أَيِ أَلَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ. وَالْقَرْنُ الْأُمَّةُ مِنَ النَّاسِ. وَالْجَمْعُ الْقُرُونُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا ذَهَبَ الْقَرْنُ الَّذِي كُنْتَ فِيهِمْ
…
وَخُلِّفْتَ في قرن فأنت غريب
فالقرن كل عَالَمٌ فِي عَصْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنِ الِاقْتِرَانِ أَيْ عَالَمٌ مُقْتَرِنٌ بِهِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(خَيْرُ النَّاسِ «1» قَرْنِي- يَعْنِي أَصْحَابِي «2» - ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مِنْ أَهْلِ قرن فحذف كقوله:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ"] يوسف: 82]. فَالْقَرْنُ عَلَى هَذَا مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ، قِيلَ: سِتُّونَ عَامًا وَقِيلَ: سَبْعُونَ، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ، وَقِيلَ: مِائَةٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةُ سَنَةٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ:" تَعِيشُ قَرْنًا" فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. واصل القرن الشيء الطالع كقرن ماله قَرْنٌ مِنَ الْحَيَوَانِ. (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) خُرُوجٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الخطاب، عكسه"
(1). في ع: خيركم. وهي رواية في البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي.
(2)
. في ك: الصحابة.