الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ الَّذِي جَرَى لَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهُ إِذْ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، كَمَا جَرَى لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَتَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَضَافَهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَ:" إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ"«1» ] الفتح: 10] فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْعَقَبَةِ عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، وَأَنْ يَرْحَلَ إِلَيْهِمْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ، وَكَانَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ فِي التَّوَثُّقِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالشَّدُّ لِعَقْدِ أَمْرِهِ، وَهُوَ القائل: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا «2» ، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ وَاللَّهِ أَبْنَاءُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ فِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَيَأْتِي ذِكْرُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فِي مَوْضِعِهَا «3». وَقَدِ اتَّصَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"] المائدة: 1] فَوَفَّوْا بِمَا قَالُوا، جَزَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِمْ وَعَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أَيْ فِي مُخَالَفَتِهِ إِنَّهُ عالم بكل شي.
[سورة المائدة (5): الآيات 8 الى 10]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ) الْآيَةَ تَقَدَّمَ مَعْنَاهَا فِي" النساء"«4» . والمعنى: أتمم عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي فَكُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ، أَيْ لِأَجْلِ ثَوَابِ اللَّهِ، فَقُومُوا بِحَقِّهِ، وَاشْهَدُوا بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى أَقَارِبِكُمْ، وَحَيْفٍ عَلَى أَعْدَائِكُمْ. (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ وَإِيثَارِ الْعُدْوَانِ عَلَى الْحَقِّ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى نُفُوذِ حُكْمِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي الله تعالى
(1). راجع ج 16 ص 267، وص 274. في ك وج وه: بيعة الشجرة.
(2)
. أزرنا أي نساءنا وأهلنا كنى عنهن بالأرز. وقيل: أراد أنفسنا. راجع (سيرة ابن هشام) ج 1 ص 293 طبع أوربا.
(3)
. راجع ج 16 ص 267، وص 274. في ك وج وه: بيعة الشجرة.
(4)
. راجع ج 5 ص 410.