المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأنعام (6): آية 52] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٦

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَةُ النساء (4): الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 150 الى 151]

- ‌[سورة النساء (4): آية 152]

- ‌[سورة النساء (4): آية 153]

- ‌[سورة النساء (4): آية 154]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 157 الى 158]

- ‌[سورة النساء (4): آية 159]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 160 الى 161]

- ‌[سورة النساء (4): آية 162]

- ‌[سورة النساء (4): آية 163]

- ‌[سورة النساء (4): آية 164]

- ‌[سورة النساء (4): آية 165]

- ‌[سورة النساء (4): آية 166]

- ‌[سورة النساء (4): آية 167]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 168 الى 169]

- ‌[سورة النساء (4): آية 170]

- ‌[سورة النساء (4): آية 171]

- ‌[سورة النساء (4): الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة النساء (4): آية 174]

- ‌[سورة النساء (4): آية 175]

- ‌[سورة النساء (4): آية 176]

- ‌تفسير سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5): آيَةً 1]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 2]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 4]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 6]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 7]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 11]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 12]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 13]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 17]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 18]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 27]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 30]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 31]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 32]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 37]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 38]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 40]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 41]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 42]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 43]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 44]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 45]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 48]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 49]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 50]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 51]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 54]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 55]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 56]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 57]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 58]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 59 الى 60]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 61 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 64]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 68]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 69]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 70]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 71]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 72]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 75]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 76]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 77]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 78]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 79]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 80]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 81]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 82]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 83]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 84]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 85 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 87]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 88]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 93]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 94]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 95]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 96]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 97]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 98]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 99]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 100]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 103]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 104]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5): الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 109]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 110]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 111]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 112]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 113]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 114]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 115]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 116]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 117]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 118]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 119]

- ‌[سورة المائدة (5): آية 120]

- ‌تفسير سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 2]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 3 الى 5]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 6]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 7]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 17]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 18 الى 19]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 20]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 23]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 24]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 25]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 26]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 27]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 28]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 29]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 30]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 31]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 32]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 35]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 38]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 39 الى 41]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 42]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 48]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 49]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 50]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 51]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 52]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 53]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 54]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 55]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 56]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 57]

- ‌[سورة الأنعام (6): آية 58]

الفصل: ‌[سورة الأنعام (6): آية 52]

يَتَوَقَّعُونَ عَذَابَ الْحَشْرِ. وَقِيلَ:" يَخافُونَ" يَعْلَمُونَ، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أُنْذِرَ لِيَتْرُكَ الْمَعَاصِيَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُنْذِرَ لِيَتَّبِعَ الْحَقَّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ الْمُؤْمِنُونَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالْبَعْثِ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ. وَقِيلَ: الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ أَيْ أَنْذِرْهُمْ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ (شَفِيعٌ) هَذَا رَدٌّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي زَعْمِهِمَا أَنَّ أَبَاهُمَا يَشْفَعُ لَهُمَا حيث قالوا:" نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ"] المائدة: 18] وَالْمُشْرِكُونَ حَيْثُ جَعَلُوا أَصْنَامَهُمْ شُفَعَاءَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَكُونُ لِلْكُفَّارِ. وَمَنْ قَالَ الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: شَفَاعَةُ الرَّسُولِ لَهُمْ تَكُونُ بِإِذْنِ اللَّهِ فَهُوَ الشَّفِيعُ حَقِيقَةً إِذَنْ، وَفِي التَّنْزِيلِ:" وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى "«1» ] الأنبياء: 28]." وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ"«2» ] سبأ: 23]." مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ"«3» ] البقرة: 255]. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ الثَّبَاتُ على الايمان.

[سورة الأنعام (6): آية 52]

وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ"] الْآيَةَ [«4» . قَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَلَا نَرْضَى بِمُجَالَسَةِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ- يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَصُهَيْبًا وَبِلَالًا وَخَبَّابًا «5» - فَاطْرُدْهُمْ عَنْكَ، وَطَلَبُوا أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ بِذَلِكَ، فَهَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ، فَقَامَ الْفُقَرَاءُ وَجَلَسُوا نَاحِيَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ. وَلِهَذَا أَشَارَ سَعْدٌ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ. وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا مَالَ إِلَى ذَلِكَ طَمَعًا فِي إِسْلَامِهِمْ، وَإِسْلَامِ قَوْمِهِمْ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفَوِّتُ أَصْحَابَهُ شَيْئًا، وَلَا يُنْقِصُ لَهُمْ قَدْرًا، فَمَالَ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ، فَنَهَاهُ عَمَّا هَمَّ بِهِ مِنَ الطَّرْدِ لَا أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّرْدَ. رَوَى مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كنا مع النبي صلى الله

(1). راجع ج 11 ص 281.

(2)

. راجع ج 14 ص 295. [ ..... ]

(3)

. راجع ج 3 ص 273.

(4)

. من ج، ب، ك.

(5)

. في ب وع وك وج وهـ: حسان.

ص: 431

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ عَنْكَ لا يجترءون عَلَيْنَا، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلَالٌ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ". قِيلَ: الْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ. وَقِيلَ: الذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الدُّعَاءَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ، لِيَسْتَفْتِحُوا يَوْمَهُمْ بِالدُّعَاءِ رَغْبَةً فِي التَّوْفِيقِ. وَيَخْتِمُوهُ بِالدُّعَاءِ طَلَبًا لِلْمَغْفِرَةِ." يُرِيدُونَ وَجْهَهُ" أَيْ طَاعَتَهُ، وَالْإِخْلَاصَ فِيهَا، أَيْ يُخْلِصُونَ فِي عِبَادَتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ لِلَّهِ، وَيَتَوَجَّهُونَ بِذَلِكَ إِلَيْهِ لَا لِغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُرِيدُونَ اللَّهَ الْمَوْصُوفَ بِأَنَّ لَهُ الْوَجْهَ كَمَا قَالَ:" وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ"«1» ] الرحمن: 27] وَهُوَ كَقَوْلِهِ:" وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ"«2» ] الرعد: 22]. وَخَصَّ الْغَدَاةَ وَالْعَشِيَّ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ الشُّغْلَ غَالِبٌ فِيهِمَا عَلَى النَّاسِ، وَمَنْ كَانَ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ مُقْبِلًا عَلَى الْعِبَادَةِ كَانَ فِي وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنَ الشُّغْلِ أَعْمَلَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ يَصْبِرُ نَفْسَهُ مَعَهُمْ كَمَا أَمَرَهُ] اللَّهُ [«3» فِي قَوْلِهِ:" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ"] الكهف: 28]، فَكَانَ لَا يَقُومُ حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الذِينَ يَبْتَدِئُونَ الْقِيَامَ، وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْمَعْنَى مُبَيَّنًا مُكَمَّلًا ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ خَبَّابٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ" إِلَى قَوْلِهِ:" فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ" قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فَوَجَدَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ، قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَقَّرُوهُمْ، فَأَتَوْهُ فَخَلَوَا بِهِ وَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا، فَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيكَ فَنَسْتَحِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنْكَ، فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ، قَالَ:(نَعَمْ) قَالُوا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا، قَالَ: فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ وَدَعَا عَلِيًّا- رضي الله عنه لِيَكْتُبَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ:

(1). راجع ج 17 ص 164.

(2)

. راجع ج 9 ص 310.

(3)

. من ع.

ص: 432

" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ" ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، فَقَالَ:" وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ"] الانعام: 53] ثُمَّ قَالَ:" وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ"] الانعام: 54] قَالَ: فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ مَعَنَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا"] الكهف: 28] وَلَا تُجَالِسِ الْأَشْرَافَ" وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا"] الكهف: 28] يَعْنِي عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ،" وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" «1»] الكهف: 28]، أَيْ هَلَاكًا. قَالَ: أَمْرُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. قَالَ خَبَّابٌ: فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ، رَوَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ «2» حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «3» الْأَزْدِيِّ وَكَانَ قَارِئَ الْأَزْدِ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ عَنْ خَبَّابٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ سَعْدٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا سِتَّةٍ، فِيَّ وَفِي ابْنِ مَسْعُودٍ وَصُهَيْبٍ وَعَمَّارٍ وَالْمِقْدَادِ وَبِلَالٍ، قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّا لَا نَرْضَى أَنْ نَكُونَ أَتْبَاعًا لَهُمْ فَاطْرُدْهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَ قَلْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ" الآية. وقرى (بِالْغُدْوَةِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي (الْكَهْفِ)«4» إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ" أَيْ مِنْ جَزَائِهِمْ وَلَا كِفَايَةِ «5» أَرْزَاقِهِمْ، أَيْ جَزَاؤُهُمْ وَرِزْقُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَجَزَاؤُكَ وَرِزْقُكَ عَلَى اللَّهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ. (مِنَ) الْأُولَى لِلتَّبْعِيضِ، وَالثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. وَكَذَا" وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ" الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَقْبِلْ عَلَيْهِمْ وَجَالِسْهُمْ وَلَا تَطْرُدْهُمْ مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَنْ لَيْسَ عَلَى مِثْلِ حالهم في الدين

(1). راجع ج 10 ص 390.

(2)

. العنقزي: ضبط (القاموس). (لب اللباب) بفتح القاف. وقال في التهذيب: هو بكسرها.

(3)

. في ج، ك، ى، ع. ويقال: أبو سعد.

(4)

. راجع ج 10 ص 390.

(5)

. في ك: كفالة.

ص: 433