الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
يستفتحون: أي يستنصرون، وشرى واشترى يستعملان حينا بمعنى باع، وأخرى منى ابتاع وأخذ، والمراد هنا المعنى الأول، والبغي في الأصل: الفساد من قولهم بغى الجرح إذا فسد، ثم أطلق على مجاوزة الحد في كل شىء، وباء: رجع، ومهين: أي فيه إهانة وإذلال، ووراء بمعنى سوى كما يقول الرجل لمن يتكلم بجيد الكلام: ما وراء هذا الكلام شىء.
الإيضاح
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ) هذا مرتبط معنى بقوله: (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) أي وقالوا قلوبنا غلف وكذبوا لما جاءهم كتاب إلخ وقوله: (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) أي موافق له في التوحيد وأصول الدين ومقاصده، وقوله:
(وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) أي وكانوا يستنصرون به على مشركى العرب وكفار مكة ويقولون إن كتابه سينصر التوحيد الذي جاء به موسى، ويخذل الوثنية التي تنتحلونها.
روى ابن جرير عن قتادة الأنصاري عن شيوخ منهم أنهم قالوا فينا وفيهم (فى الأنصار واليهود) نزلت هذه القصة، كنا علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن أهل
الشرك وهم أهل الكتاب، وكانوا يقولون إن نبيّا الآن مبعثه قد أظل زمانه، يقتلكم قتل عاد وإرم، فلما بعث رسول الله اتبعناه وكفروا به.
وسبب هذا أنهم حسدوا العرب على أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من بينهم فحملهم ذلك على الكفر به جحودا وعنادا، فسجّل الله عليهم الطرد والإبعاد من رحمته، لجحودهم بالحق بعد أن تبين لهم.
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) أي بئس الشيء الذي باعوا به أنفسهم وبذلوها- الكفر بما أنزل الله، وهو الكتاب المصدّق لما معهم، أي إنهم اختاروا الكفر على الإيمان وبذلوا أنفسهم فيه، وكأنهم فقدوها كما يفقد البائع المبيع.
ثم بين علة ذلك فقال:
(بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أي إنهم كفروا لمحض العناد الذي هو نتيجة الحسد، وكراهة أن ينزل الله الوحي من فضله على من يختاره من عباده، ولا بغى أقبح من بغى من يريد الحجر على الله، فلا يرضى أن يجعل الوحى في آل إسماعيل كما جعله من قبل في آل إسحاق.
ثم ذكر مقدار ما نالهم من غضبه فقال:
(فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) أي فرجعوا وهم مستوجبون لغضبين: غضب الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فوق الغضب الذي استحقوه من قبل بإعنات موسى عليه السلام والكفر به.
ثم بين عاقبة أمرهم فقال:
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) أي ولهم بسبب كفرهم عذاب يصحبه إهانة وإذلال فى الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فما يصيبهم من الخزي والنكال وسوء الحال، ليكونوا عبرة لمن يخلفهم من بعدهم، وأما في الآخرة فبخلودهم في جهنم وبئس المصير.