الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوراة، وكان المسيح قد أنذر اليهود بذلك، وكان هذا بإيعاز وتحريض من المسيحيين انتقاما منهم إذ أخرجوهم من ديارهم، وتحقيقا لوعيد المسيح، فتسللوا لواذا على قلتهم حتى وصلوا إلى رومية، فحرّضوا تيطس على غزوهم في بلادهم وكان له هوى في ذلك، فأجابهم إلى ما طلبوا وكان منه ما علمت.
الإيضاح
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها) أي وأىّ امرئ أشدّ تعديا وجراءة على الله ومخالفة لأمره، من امرئ منع من العبادة في المساجد، وسعى في خرابها بهدمها أو تعطيل شعائر الدين فيها، لما في ذلك من انتهاك حرمة الأديان المؤدّى إلى نسيان الخالق، وفشوّ المنكرات بين الناس، ونشر الفساد فى الأرض.
(أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) أي أولئك المانعون ما كان ينبغى لهم أن يدخلوها إلا بخشية وخضوع، فكيف بهم دخلوها مفسدين ومخرّبين، فما كانت عبادة الله إلا نافعة للبشر، وما كان تركها إلا ضارّا لهم.
وقد توعدهم الله على ظلمهم بقوله:
(لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) فخزى الدنيا بما يعقبه الظلم من الفساد المؤدّى إلى الذل والهوان، ولا ظلم أكبر من إبطال العبادة من المساجد والسعى فى خرابها، وقد تحقق ما أوعد به الله فحلّ بالرومانيين الخزي في الدنيا فتقسمت دولتهم، وتشتت ملكهم، ولحقهم الذلّ والهوان على يد غيرهم من الأمم القوية الفاتحة وعذاب الآخرة هو ما أعدّه الله للفجار في جهنم وبئس القرار.
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي له هاتان الجهتان المعلومتان لكل أحد، والمراد ربّ الأرض كلها، فهو كقوله:(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) .
(فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) أي أىّ مكان تستقبلونه في صلاتكم، فهناك القبلة التي يرضاها الله لكم ويأمركم بالتوجه إليها، فأينما توجه المصلى في صلاته فهو متوجه إلى الله لا يقصد بصلاته غيره، والله تعالى راض عنه مقبل عليه.
والحكمة في استقبال القبلة- أنه لما كان من شأن العابد أن يستقبل وجه المعبود، وهو بهذه الطريقة محال على الله- شرع للناس مكانا مخصوصا يستقبلونه في عبادتهم إياه، وجعل استقباله كاستقبال وجهه تعالى.
(إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي إنه تعالى لا يحصر ولا يتحدد، فيصح ان يتوجه إليه فى كل مكان، وهو عليم بالمتوجه إليه أينما كان، فاعبدوه حيثما كنتم، وتوجهوا إليه أينما حللتم، ولا تتقيدوا بالأمكنة، والمعبود غير مقيد.
وقد نزلت هذه الآية قبل الأمر بالتوجه إلى استقبال الكعبة في الصلاة، وفيها إبطال لما كان يعتقده أرباب الملل السابقة من أن العبادة لا تصح إلا في الهياكل والمعابد، وإزالة لما قد يتوهم من أن الوعيد إنما كان على إبطالها في الأماكن المخصوصة، فأبان بها أن الوعيد إنما كان لإبطالها مطلقا، لأن الله لا تحدده الجهات، ولا تحصره الأمكنة.
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً) فقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال المشركون: الملائكة بنات الله، ولا فارق بين أن يكون هذا القول قد صدر من جميع أفراد الأمة أو من بعضها، فإن أفرادها متكافلون في كل ما يعملون وما يقولون، مما يعود أثره من خير أو شر إلى الجميع.
(سبحانه) تنزيها له تعالى أن يكون له ولد، إذ هذا الولد إما من العالم العلوي وهو السماء أو من العالم السفلى وهو الأرض، وليس شىء منهما بمجانس له عز اسمه إلى أن السبب المقتضى للولد هو الاحتياج إلى المعونة في الحياة والقيام مقامه بعد الموت والله منزه عن ذلك.