الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4136 - (مد مي) عمرو بن عبيد بن باب ويقال: ابن كيسان التميمي مولاهم أبو عثمان البصري، من أبناء فارس، شيخ القدرية والمعتزلة
قال الساجي: الذي ذكر المزي من عنده لفظة ظفر بها بوساطة ولو نظر الأصل لرأى فيه -: حدثني محمد بن عمر المقدمي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري قال: كان عمرو بن عبيد إذا سئل عن شيء قال: هذا من قولي الحسن.
فيوهمهم أنه الحسن بن أبي الحسن وإنما هو قوله.
ثنا سعيد بن عبد الرحمن، ثنا عمرو بن علي، ثنا سلم بن قتيبة قال: كنت عند عمرو بن عبيد فأتاه رجل فقال: ما تقول فيمن قتل أو غرق أبقضاء هو؟ فقال عمرو: تريد أن أخبرك بقول الحسن أو بقول حسن؟ فقال الرجل: أريد قول الحسن.
فقال عمرو: قول حسن خير لك من قول الحسن.
فقال الرجل: لا أريد إلا قول الحسن.
فقال عمرو: سمعت الحسن يقول: إن الله – تعالى – إذا كتب على قوم القتل فلن يموتوا إلا بالقتل.
وثنا بندار، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، قيل لأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن: لا يجلد السكران من النبيذ.
فقال أيوب: كذب، أنا سمعت الحسن يقول: يجلد السكران من النبيذ.
وثنا بندار، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد: قيل لأيوب: إن عمرا روى عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم معاوية على المنبر فاقتلوه " فقال أيوب: كذب عمرو.
وروى مسلم: عن حماد، عن أيوب قال: ما زلنا نستخف بعمرو.
وفي رواية: كان أيوب يقول: ما فعل المقيت؟ ما عددت عمرو بن عبيد عاقلًا قط.
قال الساجي: وقد كان عمرو يجالس الحسن قديمًا ويذهب إلى مذهبه حتى أزاله عن ذلك واصل بن عطاء الغزال فمال به إلى البدعة، وقال
إسماعيل بن إبراهيم: أول من تكلم في الاعتزال واصل ودخل معه في ذلك عمرو فأعجب به وزوجه أخته.
وقال: زوجتك برجل ما يصلح أن يكون إلا خليفة [ق 241/أ] وعن اليسع قال: تكلم واصل يومًا فقال عمرو: ألا تسمعوا، ما كلام الحسن وابن سيرين عندما تسمعون إلا خرق الحيض المطروحة.
قال الساجي: كان الحسن، وأيوب، وابن عون، وسليمان التيمي، ويونس بن عبيد يذمون عمرًا وينهون الناس عنه.
وكانوا أعلم الناس به.
حدث عنه الثوري، وسلام بن أبي مطيع فقالا: ثنا المكتوم عمرو بن عبيد.
ولما حدث عنه ابن جريج قال له رجل من بني جمح: أناشدك أن تروي عن مثل عمرو بن عبيد.
قال: فقال له: اسكت، والله لقد رأيت عطاء وطاوسًا فما رأت عيناي مثله.
وقال الساجي: عن يحيى بن سعيد: رأيته يصلي في مسجده خلاف صلاته في منزله، نسبه إلى الرياء، وقال ابن عون: قلت لأيوب: أكان يرائي؟ قال: كان أرق دينًا من أن يرائي.
قال أبو يحيى: وإنما رأى هؤلاء سمته فظنوا به خيرًا، وأهل بلده أعلم به منهم، وله مثالب يطول ذكرها وقد كنت أمليت بعضها على الناس، وحديثه لا يشبه رواية أهل التثبت.
ثنا عبد الله بن خراش، ثنا صالح، عن علي قال: سمعت يحيى يقول: لم يسمع عمرو بن عبيد من أبي قلابة شيئًا.
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يحدث عن عمرو بن عبيد وربما قال: عن رجل لا يسميه، ثم تركه فكان لا يحدث عنه.
وقيل لابن المبارك: لم رويت عن سعيد وهشام الدستوائي وتركت عمرو بن عبيد ورأيهم واحد؟ فقال: كان عمرو يدعو إلى رأيه ويظهر الدعوة، وكان هذان ساكتين.
انتهى كلام الساجي.
وفي كتاب " السنن " لللالكائي: ثنا أحمد بن محمد بن عمران، ثنا محمد بن
يحيى، ثنا حسين بن يحيى قال: سمعت الفضل بن مروان يقول: كان المعتصم يختلف إلى علي بن عاصم المحدث وكنت أمضي معه إليه فقال علي يومًا: ثنا عمرو بن عبيد وكان قدريا.
فقال المعتصم: مما يروى " أن القدرية مجوسي هذه الأمة " قال: نعم. قال: [ق 241/ب] فلم تروي عنه؟ قال: لأنه ثقة في الحديث صدوق.
قال المعتصم: فإذا كان المجوسي ثقة فيما يقول أتروي عنه؟ فقال له علي: أنت شغاب يا أبا إسحاق؟
وقال ابن حبان: كان من أهل الورع والعبادة إلى أن أحدث ما أحدثه فاعتزل مجلس الحسن وجماعة معه فسموا المعتزلة، وكان يشتم الصحابة ويكذب في الحديث توهمًا لا تعمدًا.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وفي " الضعفاء " النسائي: متروك الحديث.
وفي كتاب الفلاس: عن عوف أنه قال – كذب – والله – عمرو، ولا يقبل منه ولا يؤخذ عنه.
قال ابن المديني: فقلت: هو ليس بشيء ولا يكتب حديثه؟ فأومأ برأسه أي: نعم. قال ابن المديني: وهو ليس بشيء ولا نرى الرواية عنه، وقال مطر: كان يلقاني فيحلف على الحديث فأعلم أنه كاذب وكان كذابًا. وقال الفلاس: كان قدريًّا يرى الاعتزال، ترك حديثه.
وقال سعيد بن عامر: كان من الكذابين الآثمين، وسئل قريش بن أنس عن حديث من حديثه فقال: ما تصنع به؟ والله لكف من تراب خير من عمرو.
وترك حماد بن سلمة حديثه.
وقال الجوزجاني: كان غير ثقة.
وقال الجوزقاني: كذاب وضاع لا يجوز قبول خبره ولا الاحتجاج بحديثه، ويجب على الحفاظ بيان أمره.
وقال ابو أحمد الحاكم: متروك الحديث، وقال معاذ بن معاذ عنه: إن كانت {ذرني ومن خلقت وحيدًا} في اللوح المحفوظ فما للوحيد من ذنب.
وقال العقيلي: كان رأسًا في الاعتزال.
وذكره ابن الجارود وأبو القاسم البلخي، وابن شاهين، ويعقوب بن شيبة، ويعقوب بن سفيان في " جملة الضعفاء ". وقال ابن المبارك.
أيها الطالب علمًا
…
إيت حماد بن زيد
فاطلب العلم بحلم
…
ثم قيده بقيد
ودع البدعة من
…
آراء عمرو بن عبيد
[ق 242/أ]، وذكره القاضي عبد الجبار في الطبقة الرابعة من شيوخ المعتزلة فقال: فأما عمرو بن عبيد فمحله في العلم والزهد والفضل أشهر من أن يذكر، فقد ذكر في كتاب " المصابيح " عن سفيان بن عيينة أنه قال: لم تر عيني مثل عمرو بن عبيد.
وحكى أنه كان يروي فيقول: ثنا عمرو بن دينار. ثم يقول في باقي الأحاديث: ثنا عمرو.
فإذا جاءه من يقول: حدثكم عمرو بن دينار؟ فيقول: لا، إنما قلت: ثنا عمرو بن دينار في أول الحديث، والباقي كله حدثنيه عمرو بن عبيد. وكان يتوقى، وروى ابن عيينة عن ابن أبي نجيح قال: ما رأيت أحدًا أعلم من عمرو بن عبيد.
وروى أن عثمان البصري سأله عن خمسين مسألة في الطلاق كل ذلك يجيبه عن الحسن.
قال عثمان البري: فاتهمته ثم رجعت إلى نفسي فقلت: إذا جاز أن أسأله عن كل ذلك جاز أن يسأل هو الحسن عن ذلك.
وعن سفيان قال: ما رأيت مثل عمرو، كان ليلة عند المنصور فقمنا وتركناهما يتحدثان فأسمع أبا جعفر يقول: ناولني تلك الدواة لشيء أكتبه. فقال: لا أفعل.
قال: ولم؟ قال: أخاف أن تكتب بقتل مسلم أو أخذ ماله.
فقال أبو جعفر: قطعت – والله – الأعناق، أتعبت – والله – من بعدك، لله درك يا أبا عثمان.
ثم صاح بالربيع فناوله إياها وقال: ألم تسمع ما قال لي هذا الشيخ؟ قال: نعم.
قال: إنك إذا فقدت هذا الشيخ لم تر مثله أبدًا.
وحكى عنه الجاحظ: أنه صلى أربعين عامًا الفجر بوضوء المغرب وحج أربعين حجة ماشيًا وإن بعيره لموقوف على من أحصر، وكان يحيي الليل بركعة واحدة وترجيح آية واحدة.
وحكى أن زلزلة وقعت بالبصرة فمالت اسطوانة في الجامع [ق 242/ب] فما بقي قائم إلا خر قاعدًا ولا قاعدًا إلا خمد وإن عمرًا ليصلي بقربها ما التفت إليها.
وقال عمرو: حضرت مجلسه في المسجد الحرام فسأله رجل عن مسألة فأجاب فيها، فقال الرجل: يا قدري فقام إليه الثوري بنعله فقال: يا عدو الله، أتستقبل الرجل الصالح في وجهه!
وقال أبو الهذيل: جاء رجل إلى عمرو فسأله عن شيء فلم يجبه كأنه استثقله فقال الرجل:
إن الزمان – وما تفنى عجائبه -
…
أبقى لنا ذنبًا واستأصل الرأسا
فقال عمرو: كأنك تعني واصلًا، إي والله كان لي رأسًا وكنت له ذنبًا.
وجاءه رجل فقال: يا أبا عثمان، حضرت مجلس موسى الأسواري فذكرك وعابك.
فقال له عمرو: ما رعيت حق الرجل، تحضر مجلسه وتؤدي إلينا سقطاته، إذا لقيته فأقرئه مني السلام.
وقال له خالد بن صفوان: لم لم تأخذ مني فتقضي دينًا إن كان عليك؟ فقال: ما أخذ أحد من أحد شيئًا إلا ذل له، وأنا أكره ذلك.
وقال فيه الحسن بن أبي الحسن: عمرو وما عمرو، إذا قام بأمر قعد به، وإذا
قعد بأمر قام به، وما رأيت علانية أشبه بسريرة من علانيته، ولا سريرة أشبه بعلانية من سريرته.
وقيل لعمرو: يجوز أن ينحر قبل أن يصلي الإمام؟ فقال: إذا كان الإمام يجوز أن ينحر فيجوز أن ينحر قبل أن يصلي.
ولما بلغ المنصور أن عبد الله بن حسن بن حسن كاتب عمرو بن عبيد قال: ذهبت البصرة وذهب بذهابها مكة والمدينة والبحران واليمامة والأهواز وفارس وخراسان.
فانحدر إلى البصرة وقام بالجسر الأكبر، وبعث إلى عمرو بن عبيد فأتاه فقال: أكنت أجبت عبد الله عن كتابه إليك؟ فقال: أتاني كتاب معنون باسمه وكنيته، ما فككته ولا عرفت [ق 243/أ] خطه، وما بيني وبينه أمارة أعرفها.
قال: فابعث من يحمل الكتاب إلي.
قال: هذا ما لا يكون أبدًا.
قال: أنا أبعث إلى أهلك.
قال: إنهم لا يعرفون مكانه.
قال: فاحلف لي أنك لم تجبه.
قال: الحلف في التقية كالكذب في التقية.
قال: صدقت.
فقال له: أنت على ما كنت عليه يا أبا عثمان؟ قال: نعم.
قال: إذا كان ذلك فأنا من أعوانك.
وقيل لأبي جعفر: إن عمرًا خارج عليك.
فقال: هو يرى أن يخرج علي إذا وجد ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا مثل نفسه، وذلك لا يكون أبدًا.
وقال إسحاق بن الفضل: إني على باب المنصور وإلى جانبي عمارة بن حمزة إذ طلع عمرو على حمار، فنزل عن حماره ثم نحى البساط برجله ثم جلس.
فقال عمارة: لا تزال بصرتكم ترمينا بأحمق.
فبينا نحن كذلك إذ خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد.
قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه فأتكأه يده ثم قال: أجب.
فدخل فالتفت إلى عمارة وقلت: إن الذي استحمقته قد دعى وتركنا.
قال: فلبث طويلًا، ثم خرج متكئًا على الربيع وهو يقول: يا غلام، حمار أبي عثمان.
فما برح حتى أقره على سرجه، وجمع إليه ثيابه وودعه، فالتفت إليه عمارة وقال: لقد فعلتم بهذا الرجل ما لو فعلتموه بولي عهدكم كنتم قد قضيتم ذمامه.
قال الربيع: الذي غاب عنك أكثر، ما هو إلا أن الخليفة سمع بمجيئه فما أمهل حتى أمر ببيت له
فعرش باللبود، ثم انتقل إليه هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، فلما دخل وسلم أدناه حتى تحاكت ركبتاهما فسأله عن حاله ثم قال: عظني. فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم {والفجر} {وليال عشر} إلى قوله:{إن ربك لبالمرصاد} قال: فبكى [ق 243/ب] الخليفة بكاء شديدًا ثم قال: زدني.
فقال: إن ربك يا أبا جعفر لبالمرصاد، إن الله – تعالى – أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها، واعلم أن هذا الأمر الذي صار إليك كان لمن قبلك، ثم أفضى إليك، وكذلك يخرج منك إلى من هو بعدك. فقال: بلغني أن عبد الله بن حسن كتب إليك. فقال: جاءني ما يشبه أن يكون كتابه.
فقال له: أجبته؟ قال: أولست قد عرفت رأيي في السيف أيام كنت تختلف إلينا؟ فقال: هذه عشرة آلاف درهم تستعين بها. قال: لا حاجة لي فيها. فقال: والله لتأخذنها. قال: والله لا آخذها. فقال: يا أبا عثمان، هل لك من حاجة؟ قال: نعم، لا تبعث إلي حتى أجيئك. قال: إذن لا نلتقي أبدًا. قال: هي حاجتي. فاستودعه الله ونهض فأمده الخليفة بصرة وقال:
كلكم يمشي رويدًا
…
كلكم يطلب صيدًا
غير عمرو بن عبيد
وحكى عن شبيب بن شبة قال: دخلت على المهدي فقال: يا أبا معن، زين مجلسنا بحديث عمرو. ثم أخذ يحدث بما كان منه عند دخوله على أبي جعفر قال: وكان أبو جعفر إذا دخل البصرة ينزل على عمرو فيجمع له عمرو نفقة ويحسن إليه، فعند الخلافة شكر له ذلك.
وحكى عن مسدد أنه كان لا يدع القنوت في صلاة الفجر وقال: على هذا مضى السلف الصالح عمرو بن عبيد. وذكر آخرين.
وعن محمد بن سليمان كان معاش عمرو من دار يسكنها الخواصون دخلها نحو دينار في الشهر.
وكان ربما أصابه العطش فلا يستسقي حتى يعود إلى منزله، وقال له أبو عمرو الزعفراني: إني إخالك جبانًا. قال: ولم؟ قال: لأنك مطاع ولا تناجز هذا الطاغية. قال: ويحك، أبجند شر من جندهم ورجال شر من رجالهم؟! أما رأيت صنيعهم بفلان وخذلانهم لفلان وفلان؟ وذكر أنه كان يأتي أمه كل يوم يستقضيها حاجة، فجاءها يومًا فلم تكلمه بشيء على وجه الامتحان [ق 244/أ] له، فما زال واقفًا إلى أن سمع أذان الظهر فقال: الآن وجب علي أمر فوق أمرك. وانصرف.
وكان شبيب بن شبة من أصحابه، فلما ولي الأهواز لم يكلمه، فعطس يومًا عند عمرو فقال: الحمد لله رب العالمين. فلم يشمته عمرو، فأعاد فلم يشمته، فأعاد الثالثة ورفع صوته فقال عمرو: لو أعدتها حتى تخرج نفسك ما سمعت مني: يرحمك الله.
وفي " تاريخ " المنتجالي: عن أبي سعيد الأعرابي: كان عمرو بن عبيد كذابًا قدريًّا داعية، حذر منه الحسن وغيره وقالوا: هو ضال مضل، وأول من تسمى بالاعتزال، وعن ابن معين: كان عمرو رجل سوء من الدهرية. قيل: وما الدهرية؟ قال: الذين يقولون: إن الناس مثل الزرع. وقال سلام بن أبي مطيع: لأنا للحجاج بن يوسف أرجى مني لعمرو، إن الحجاج إنما قتل الناس على الدنيا، وعمرو أحدث بدعة يقتل الناس بعضهم بعضًا على دين.
وعن عاصم الأحول قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرًا فوقع فيه، فقلت: يا أبا الخطاب، ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض! فقال: يا أحول، أو لا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تعلم. فجئت من عند قتادة وأنا مغتم بقوله في عمرو، وما رأيت مثل نسك عمرو وهديه، فوضعت رأسي بنصف النهار فإذا أنا بعمرو والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله – تعالى – قال: فقلت: سبحان الله، تحك آية من كتاب الله تعالى؟! قال: إني سأعيدها. فتركته حتى حكها. فقلت: أعدها. قال: لا أستطيع.
وعن ثابت البناني قال: رأيت عمرًا في المنام وفي حجره مصحف وهو يحك منه شيئًا، قلت: أيش تصنع؟ قال: أثبت مكانه خيرًا منه.
وقال أيوب لعبد الوارث: بلغني [ق 244/ب] أنك لزمت عمرًا.
قال: نعم يا أبا بكر، يجيئنا بأشياء غرائب لا نجدها عند غيره. فقال أيوب: إنما نفرق من تلك الغرائب.
وقال مطر: قال لي عمرو: والله إني وإياك لعلى أمر واحد.
وكذب والله، إنما عنى على الأرض، ووالله ما أصدقه في شيء.
ولما مات قال أبو جعفر: ذهب من يستحيى منه.
وقال علي ابن المديني ويحيى بن معين: مات عمرو في ذي الحجة سنة أربع وأربعين في طريق مكة – شرفها الله تعالى -، وكان أبوه عبيد يخلف أصحاب الشرط بالبصرة، فكان الناس إذا رأوه مع أبيه قالوا: خير الناس من شر الناس.
فيقول عمرو: صدقتم، أنا لهذا وهذا هذا.
وقال ابن قتيبة: كان يرى القدر ويدعو إليه.
وعن عمرو النضر قال: مررت بعمرو فذكر شيئًا فقلت: هكذا يقول أصحابنا.
فقال: ومن أصحابنا؟ قلت: أيوب ويونس وابن عون والشعبي.
قال: أولئك أرجاس أنجاس أموات غير أحياء.
وذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من أهل البصرة؛ فقال: معتزلي صاحب رأي ليس بشيء في الحديث، وكان كثير الحديث عن الحسن وغيره.
وذكره ابن قانع فيمن توفي سنة أربع وأربعين: قال: ويقال: سنة ثلاث.
وكان يرمى بالقدر والاعتزال.
وفي كتاب " المنامات " لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بسنده عن أبي نضرة قال: عوتب الحسن في عمرو بن عبيد، وفي غضبه عليه فقال: تعاتبونني في
رجل والله رأيته في المنام يسجد للشمس من دون الله – تعالى –، وأنشد له الخطيب يعظ المنصور:
يا أيها ذا الذي قد غره الأمل
…
ودون ما يأمل التنغيض والأجل
ألا ترى إنما الدنيا وزينتها
…
كمنزل الركب حلوا تمت ارتحلوا
حتوفها رصد وعيش نكد
…
وصفوها كدر وملكها دول
[ق 245/أ] تظل تفزع بالروعات ساكنها
…
فما يسوغ له لين ولا جذل
كأنه للمنايا والردى غرض
…
تظل فيه بنات الدهر تنتضل
تديره ما أدارته دوائرها
…
منها المصيب ومنها المخطئ الزلل
والنفس هاربة والموت يرصدها
…
فكل عثرة رجل عندها جلل
والمرء يسعى وقد يسعى لوارثه
…
والقبر وارث ما يسعى له الرجل
وقال الحسن البصري: نعم الفتى عمرو إن لم يحدث.
وقال يونس بن عبيد لابنه: أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر، ولأن تلقى الله – تعالى – بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحابه، وقال عيسى بن يونس: سلم عمرو بن عبيد على ابن عون فلم يرد عليه وجلس إليه فقام عنه. وعن حماد بن زيد قال: كنت مع أيوب ويونس وابن عون فمر بهم عمرو فسلم عليهم ووقف وقفة فما ردوا عليه، ثم جاز فما ذكروه.
وقال سعيد بن عامر لأيوب: يا أبا بكر، إن عمرًا قد رجع عن قوله، وكان الناس قد قالوا ذلك تلك الأيام فقال أيوب: إنه لم يرجع.
ثم قال: أما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم: " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ".
وقال سلام بن أبي مطيع: قال لي أيوب: كيف تثق بحديث رجل لا تثق بدينه – يعني – عمرو بن عبيد؟ قال: ورأيته هو وشبيب بن شبة ليلة يتخاصمون إلى طلوع الفجر فما صلوا ركعة، وعن ابن عيينة قال: قدم أيوب وعمرو مكة فطاف أيوب حتى أصبح وخاصم عمرو حتى أصبح. وقيل لعبيد أبيه: إن ابنك
يختلف إلى الحسن ولعله أن يجيء منه خير.
فقال: وأي خير يكون من ابني وقد أصبت أمه من غلول وأنا أبوه! وكان من حرس السجن.
وقال أبو عوانة: ما جالسته إلا مرة [ق 245/ب] فتكلم وطول، ثم قال: لو نزل ملك من السماء ما زادكم على هذا.
وقال يحيى بن سعيد: ذكر عمرو حديث " ثلاث سكتات " فرده فقلت: هو عن سمرة. فقال: ما يفعل بسمرة؟ فعل الله بسمرة.
قال سفيان: وكان لعمرو ابن أخ يخالفه فضرب يومًا على فخذه وقال: حتى متى أنت على ضلالة يا فضالة؟ قال سفيان: وكان هو والله على الضلالة.
وقال الفلاس: سمعت الأفطس، سمعت عمرًا يقول: لو أن عليا وعثمان وطلحة والزبير شهدوا عندي في شراك ما أجزتهم.
وقال أبو عوانة: لقيت رجلًا من أصحاب عمرو فقلت: أيما خير عمرو أو قتادة؟ فقال: أيما خير هو أو ابن عمر؟ فقال: هاه هاه.
ووقف وقال حماد بن زيد: مررت أنا وجرير بن حازم بأبي عمرو بن العلاء فدفع إلى جرير رقعة فقال: ينبغي لصاحب هذه الرقعة أن يسلسل.
قال: فقال: هذه رقعة عمرو، وقال ابن المبارك: ما عددت عمرًا عاقلًا قط.
ورآه يومًا مطر فقال: يا عمرو، إلى متى تضل؟ وقال حميد: كان عمرو يأتي الحسن بعدما أسن فيقول: يا أبا سعيد، أليس تقول كذا وكذا؟ للشيء الذي يقوله فيقول الشيخ برأسه هكذا.
وحكى لعوف عنه شيء فقال: كذب.
وعن يحيى البكاء قال: شهدت الحسن تأتيه مسائل من قبل عمرو بن عبيد فلا ينظر فيها.
فأقول: إنه مكذوب عليه فلا ينظر فيها.
وقال كامل بن طلحة: قلت لحماد بن سلمة: كيف رويت عن الناس وتركت عمرًا؟ قال: إني رأيت في المنام الناس يوم الجمعة وهم يصلون للقبلة ورأيت عمرًا يصلي لغير القبلة وحده، فعلمت أنه على بدعة، فتركت حديثه.
وفي " تاريخ " ابن أبي خيثمة: أنبا ابن سلام، حدثني الفضيل بن سليمان الباهلي قال: قال الحسن بن عمارة: أتى رجل كان يكلم عمرو بن عبيد
فقلت: لولا ما خالف فيه الجماعة كان رجل أهل البصرة. قال: إي والله ورجل أهل الدنيا.
وسمعت يحيى [ق 246/أ] يقول: كان عمرو يرى السيف.
وقال يحيى بن سعيد: أحدث عن عمرو بن عبيد أحب إلي من أن أحدث عن أبي هلال – يعني الراسبي.
وقال له حوشب في حياة الحسن: ما هذا الذي أحدثت لفت قلوب إخوانك عنك، هذا الحسن حي، هذه يدي ويدك؛ انطلق حتى نسأله عن الأمر.
قال: كسرهما الله إذن – يعني رجليه -.
وفي كتاب " التعريف بصحيح التاريخ " الذي على السنين: توفي سنة أربعين ومائة، وقال: كان يرى القدر ويدعو إليه.
وسئل عنه الحسن بن أبي الحسن فقال للسائل: سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته والأولياء ربته، إن قام بأمر قعد به، وإن قعد بأمر قام به، وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهرًا أشبه بباطن ولا باطنًا أشبه بظاهر منه.
قال: فنمى كلام الحسن لابن سيرين فقال: سبحان الله! ما رأيت كاليوم قط، أما يكتفى المادح أن يصف بالظاهر حتى يتخطى إلى الباطن.
قال: ولما مات صلى عليه سليمان بن علي.
وذكر القراب وفاته في سنة خمس وأربعين ومائة.
وفي كتاب المسعودي: كان باب من سبى كابل من جبال السند، وكان شيخ المعتزلة ومقدمها، وله خطب ورسائل.
وزعم يجيى بن معين – فيما ذكره ابن ماكولا – أن عبيد بن باب الذي يروي عنه ابن عون ليس هو بأبي عمرو بن عبيد المتكلم، أخزاه الله تعالى.
وفي تاريخ الحضرمي: مات سنة ثنتين ويقال: ثلاث وأربعين ومائة. وكان قدريًّا.
وقال الجوزجاني: كان غاليًا في القدر، ما ينبغي أن يكتب حديثه.