الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}.
54
- ثم بين ما يكون في ذلك اليوم من الحساب بالعدل والقسطاس، فقال:{فَالْيَوْمَ} ؛ أي: فيقال للكفار حين يرون العذاب المعد لهم: اليوم؛ أي: يوم القيامة، وهو منصوب بقوله:{لا تُظْلَمُ نَفْسٌ} من النفوس برة كانت أو فاجرة {شَيْئًا} نصب على المصدرية؛ أي: شيئًا من الظلم بنقص الثواب أو زيادة العقاب، أو على أنه مفعول به ثان؛ أي: لا تظلم شيئًا مما تستحقه {وَلا تُجْزَوْنَ} أيها الكفار {إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ؛ أي: إلا جزاء ما كنتم تعملونه في الدنيا على الاستمرار من الكفر، والمعاصي، والأوزار. فالكلام على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه للتنبيه على قوة التلازم والارتباط بينهما، كأنهما شيء واحد، أو إلا بما كنتم تعملونه؛ أي: بسببه أو في مقابلته.
فقوله: {لا تُظْلَمُ نَفْسٌ} ليأمن المؤمن. وقوله: {وَلا تُجْزَوْنَ} إلخ لييأس الكافر. فإن قلت: ما الفائدة في إيثار طريق الخطاب عند الإشارة إلى يأس المجرم، والعدول عن الخطاب عند الإشارة إلى أمان المؤمن؟
فالجواب: أن قوله: {لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} يفيد العموم. وهو المقصود في هذا المقام، فإنه تعالى لا يظلم أحدًا مؤمنًا كان أو مجرمًا. وأما قوله:{لا تُجْزَوْنَ} فإنه يختص بالكافر، فإنه تعالى يجزي المؤمن بما لم يعمله من جهة الوراثة، ومن جهة الاختصاص الإلهي، فإنه تعالى، يختص برحمته من يشاء من المؤمنين، بعد جزاء أعمالهم فيوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله أضعافًا مضاعفة.
أي: ففي هذا اليوم الرهيب، يوم القيامة، لا تبخس نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، ولا يحمل عليها وزر غيرها، بل توفى كل نفس أجر ما عملت من صالح، ولا تعاقب إلا بما اكتسبت من طالح جزاءً وفاقًا لما عملت في الدنيا.
وهذا حكاية لما سيقال لهم حين يرون العذاب، المعد لهم تحقيقًا للحق، وتقريعًا لهم، وتوبيخًا عليهم.
الإعراب
{وَما} {الواو} : استئنافية، {ما}: نافية، {أَنْزَلْنا}: فعل وفاعل، {عَلى قَوْمِهِ} متعلق بـ {أَنْزَلْنا}. {مِنْ بَعْدِهِ}: جار ومجرور، حال من {قَوْمِهِ} ، {مِنْ}: زائدة، {جُنْدٍ}: مفعول به، {مِنَ السَّماءِ}: صفة لـ {جُنْدٍ} أو متعلق بـ {أَنْزَلْنا} . والجملة الفعلية مستأنفة، مسوقة لاحتقار أمرهم. {وَمَا} {الواو}: عاطفة، {مَا}: نافية، {كُنَّا}: فعل ناقص واسمه، {مُنْزِلِينَ}: خبره. والجملة معطوفة على جملة {أَنْزَلْنا} : معللة لها؛ أي: لأن عادتنا المستمرة في الأزمنة الماضية، قبل زمن محمد صلى الله عليه وسلم، أنا لم ننزل ملائكة لإهلاك الكفار، بل نهلكهم بغير الملائكة. {إِنْ} نافية، {كَانَتْ} فعل ناقص، واسمها ضمير يعود على العقوبة، {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {صَيْحَةً} خبر {كَانَ} ، {واحِدَةً}: صفة {صَيْحَةً} ؛ أي: ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة. وجملة {كَانَ} مستأنفة استئنافًا بيانيًا. {فَإِذا} الفاء: عاطفة، {إذا}: حرف فجأة، {هُمْ خامِدُونَ}: مبتدأ وخبر. والجملة الاسمية معطوفة على جملة {كان} .
{يا حَسْرَةً} {يا} : حرف نداء، {حَسْرَةً}: منادى شبيه بالمضاف؛ لأنه اتصل به شيء من تمام معناه، منصوب، وعلامة نصبه فتحة ظاهرة، {عَلَى الْعِبادِ} متعلق بـ {حَسْرَةً} . وجواب النداء محذوف، تقديره: احضري فهذا أوانك. ويحتمل كون المنادى محذوفًا، و {حسرة} منصوب على المصدرية بفعل محذوف؛ أي: يا هؤلاء تحسروا حسرة على العباد. جملة النداء مستأنفة. {مَا} : نافية، {يَأْتِيهِمْ}: فعل، ومفعول به، {مِنْ}: زائدة، {رَسُولٍ}: فاعل يأتي. والجملة مستأنفة مسوقة لتعليل التحسر عليهم. {إِلَّا} أداة استثناء من أعم
الأحوال، {كانُوا}: فعل ناقص واسمه، {بِهِ} متعلق بما بعده، وجملة {يَسْتَهْزِؤُنَ} خبر {كان} ، وجملة {كان} في محل النصب على الحال، من الهاء في {يَأْتِيهِمْ}؛ أي: ما يأتيهم رسول في حال من الأحوال؛ إلا حال كونهم مستهزئين إياه. {أَلَمْ} : الهمزة: للاستفهام التقريري، {لَمْ} حرف نفي وجزم، {يَرَوْا} فعل وفاعل، مجزوم بـ {لَمْ} . والجملة مستأنفة. {كَمْ} خبرية بمعنى عدد كثير، في محل النصب، مفعول مقدم لـ {أَهْلَكْنا} ؛ لأنها مما يلزم الصدارة، {أَهْلَكْنا} فعل وفاعل، {قَبْلَهُمْ}: متعلق بـ {أَهْلَكْنا} . والجملة الفعلية في محل النصب، سادة مسد مفعولي {يَرَوْا} ؛ لأنها قلبية معلقة بكم عن العمل فيما بعدها. {مِنَ الْقُرُونِ} حال من {كَمْ} ، {أَنَّهُمْ} ناصب واسمه، {إِلَيْهِمْ} متعلق بـ {يَرْجِعُونَ} ، وجملة {لا يَرْجِعُونَ} خبر {أن} وجملة {أن} في تأويل مصدر منصوب، على كونه بدلًا من معنى {كَمْ أَهْلَكْنا} والتقدير: ألم يروا إهلاكنا كثيرًا من القرون، كونهم غير راجعين إليهم أو على كونه معمولًا لفعل محذوف، دل عليه السياق؛ أي: وقضينا وحكمنا عدم رجوعهم إليهم. {وَإِنْ} {الواو} : عاطفة، {إِنْ}: نافية، {كُلٌّ}: مبتدأ، {لَمَّا} حرف بمعنى: إلا التي للحصر، {جَمِيعٌ} خبر أول لكل، {لَدَيْنا} متعلق به؛ لأنه بمعنى مجموعون أو بمحضرون، و {مُحْضَرُونَ} خبر ثان للمبتدأ؛ أي: وما كل الخلائق إلا مجموعون عندنا، محضرون لدينا للحساب والجزاء. والجملة معطوفة على جملة {كَمْ أَهْلَكْنا} أو مستأنفة.
{وَآيَةٌ} {الواو} : استئنافية، {آيَةٌ} خبر مقدم، {لَهُمُ} صفة لـ {آيَةٌ} ، {الْأَرْضُ} مبتدأ مؤخر، {الْمَيْتَةُ} صفة لـ {الْأَرْضُ} وجملة {أَحْيَيْناها} حال من الضمير المستكن في الميتة، أو صفة ثانية لـ {الْأَرْضُ} ، لأن أل فيها جنسية فهي بمنزلة النكرات. والجملة الاسمية مستأنفة. {وَأَخْرَجْنا}: فعل وفاعل، معطوف على {أحيينا} ، {مِنْها}: متعلق بـ {أَخْرَجْنا} ، {حَبًّا} مفعول به، {فَمِنْهُ} الفاء: استئنافية، {منه} متعلق بـ {يَأْكُلُونَ} ، و {يَأْكُلُونَ} فعل وفاعل. والجملة
مستأنفة. {وَجَعَلْنا} فعل وفاعل، معطوف على {أحيينا} ، {فِيها} متعلق بـ {جَعَلْنا} على كونه مفعولًا ثانيًا له إن قلنا: إن {جَعَلْنا} من أفعال التصيير، {جَنَّاتٍ} مفعول به أول على التقدير المذكور، {مِنْ نَخِيلٍ} صفة لـ {جَنَّاتٍ} ، {وَأَعْنابٍ} معطوف على {نَخِيلٍ} ، {وَفَجَّرْنا}: فعل وفاعل، معطوف على {أحيينا} ، {فِيها} متعلق بـ {فَجَّرْنا} ، {مِنَ الْعُيُونِ} صفة لمفعول {فَجَّرْنا} المحذوف، تقديره: وفجرنا فيها ينابيع كائنات من العيون. {لِيَأْكُلُوا} اللام، حرف جر وتعليل، {يأكلوا} فعل وفاعل، منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، {مِنْ ثَمَرِهِ} متعلق بـ {يأكلوا} . والجملة في تأويل مصدر مجرور باللام، الجار والمجرور متعلق بـ {جَعَلْنا}؛ أي: وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب لأكلهم من ثمره؛ أي: من ثمر المذكور من النخيل والأعناب. {وَما} موصولة أو موصوفة، معطوفة على ثمره، {عَمِلَتْهُ} فعل ومفعول، {أَيْدِيهِمْ} فاعل. والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها. ويصح كونها مصدرية؛ أي: ومن عمل أيديهم كالدبس والعصير. قال الزمخشري: ويصح أن تكون {ما} : نافية، وتكون الجملة الفعلية حينئذ حالًا من الثمر. {أَفَلا يَشْكُرُونَ} الهمزة: للاستفهام التوبيخي، داخلة على مقدر يقتضيه المقام، والفاء: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أيرون تلك النعم، فلا يشكرون الله عليها؟! {لا} نافية، {يَشْكُرُونَ} فعل وفاعل، معطوف على ذلك المقدر.
{سُبْحانَ} : منصوب على المفعولية المطلقة، بفعل محذوف وجوبًا، تقديره: سبحوا الله سبحانًا، والجملة المحذوفة مستأنفة. {سُبْحانَ}: مضاف، {الَّذِي}: مضاف إليه، {خَلَقَ الْأَزْواجَ} فعل، وفاعل مستتر، ومفعول به. والجملة صلة الموصول. {كُلَّها} توكيد للأزواج، {مِمَّا} جار ومجرور، حال من الأزواج، {تُنْبِتُ الْأَرْضُ} فعل، وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: مما تنبته الأرض. {وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ} جار ومجرور، معطوف
على الجار والمجرور في قوله: {مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} ، وكذا قوله:{وَمِمَّا} معطوف عليه، وجملة {لا يَعْلَمُونَ} صلة لـ {ما} أو صفة لها.
{وَآيَةٌ} {الواو} : عاطفة، {آيَةٌ} خبر مقدم، {لَهُمُ} صفة لآية، {اللَّيْلُ} مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله:{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ} {نَسْلَخُ} : فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله، {مِنْهُ} متعلق بـ {نَسْلَخُ} ، {النَّهارَ} مفعول به. والجملة الفعلية مستأنفة في محل النصب، حال من الضمير المستكن في الخبر العائد إلى الليل، ولكنها حالة سببية. {فَإِذا} الفاء: عاطفة، {إذا} فجائية، {هُمْ مُظْلِمُونَ}: مبتدأ وخبر. والجملة معطوفة على جملة {نَسْلَخُ} : عطف اسمية على فعلية. {وَالشَّمْسُ} : مبتدأ، وجملة {تَجْرِي}: خبره، {لِمُسْتَقَرٍّ} متعلق بـ {تَجْرِي} ، {لَهَا} صفة لـ {مستقر} ، والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله:{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ} . ويجوز أن يكون {الشَّمْسُ} معطوفًا على الأرض، وجملة {تَجْرِي} حال من الشمس. {ذَلِكَ} مبتدأ، {تَقْدِيرُ} خبره، {الْعَزِيزِ} مضاف إليه، {الْعَلِيمِ} صفة لـ {الْعَزِيزِ} . والجملة مستأنفة. {وَالْقَمَرَ} بالنصب منصوب على الاشتغال بفعل مضمر، يفسره المذكور بعده، تقديره: وقدرنا القمر، وجملة {قَدَّرْناهُ} جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. {مَنازِلَ} منصوب على الظرفية، متعلق بـ {قدرنا} المقدر؛ أي: قدرنا سير القمر في منازل من الأبراج، أو حال من القمر، ولكنه على حذف مضاف؛ أي: حال كونه ذا منازل، أو مفعول ثان لقدرنا؛ أي: صيّرناه منازل، وبالرفع معطوف على المبتدأ المذكور قبله على أنه مبتدأ، خبره جملة {قَدَّرْناهُ} {حَتَّى}: حرف جر وغاية، {عَادَ}: فعل ناقص واسمه ضمير يعود على القمر، {كَالْعُرْجُونِ} {الكاف} اسم بمعنى مثل، في محل النصب خبر عاد، {كَالْعُرْجُونِ}:
مضاف إليه للكاف، {الْقَدِيمِ} صفة لـ {العرجون}؛ أي: حتى صار مثل العرجون القديم. والجملة الفعلية في محل الجر بـ {حَتَّى} بمعنى إلى؛ أي: إلى عوده مثل العرجون القديم، الجار والمجرور متعلق بـ {قدرنا} ، {لَا} نافية {الشَّمْسُ} مبتدأ، وجملة {يَنْبَغِي} خبره. والجملة مستأنفة. {لَهَا} متعلق بـ {يَنْبَغِي} ، {أَنْ} حرف نصب، {تُدْرِكَ} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الشمس، منصوب بأن المصدرية {الْقَمَرَ} مفعول به. والجملة الفعلية مع أن المصدرية في تأويل مصدر، مرفوع على الفاعلية لينبغي؛ أي: لا ينبغي لها إدراكها القمر. {وَلَا} {الواو} : عاطفة، {لَا} نافية، {اللَّيْلُ}: مبتدأ، {سابِقُ}: خبره، {النَّهارِ} مضاف إليه. والجملة معطوفة على جملة قوله:{لَا الشَّمْسُ} . {وَكُلٌّ} مبتدأ، وسوّغ الابتداء بالنكرة قصد العموم؛ ولأن التنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف؛ أي: كل واحد من الشمس والقمر والنجوم والكواكب {فِي فَلَكٍ} متعلق بما بعده، وجملة {يَسْبَحُونَ} خبر المبتدأ، وعبّر عنها بالواو التي للعقلاء، تنزيلًا لها منزلتهم. والجملة الاسمية مستأنفة.
{وَآيَةٌ} {الواو} : عاطفة، {آيَةٌ} خبر مقدم، {لَهُمْ} صفة له، {أَنَّا} ناصب واسمه، {حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ} فعل، وفاعل، ومفعول، {فِي الْفُلْكِ} متعلق بـ {حَمَلْنا} ، {الْمَشْحُونِ}: صفة لـ {الْفُلْكِ} ، وجملة {حَمَلْنا} في محل الرفع خبر {أن} ، وجملة {أن} في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء؛ أي: وحملنا ذريتهم في الفلك المشحون آية لهم. والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ} . {وَخَلَقْنا} : فعل، وفاعل، معطوف على {حَمَلْنا} ، {لَهُمْ} متعلق بـ {خَلَقْنا} ، {مِنْ مِثْلِهِ} حال من المفعول المؤخر، وهو {ما} الموصولة، {ما} اسم موصول في محل النصب مفعول {خَلَقْنا} ، وجملة {يَرْكَبُونَ} صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: ما يركبونه. {وَإِنْ} : {الواو} : استئنافية، {إِنْ} حرف شرط، {نَشَأْ} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله، مجزوم
بـ {إِنْ} الشرطية على كونه فعل شرط لها، {نُغْرِقْهُمْ} فعل مضارع، وفاعل مستتر، ومفعول به، مجزوم بـ {إِنْ} الشرطية على كونه جوابًا لها، وجملة {إِنْ} الشرطية مستأنفة. {فَلا صَرِيخَ} {الفاء}: عاطفة، {لا} نافية للجنس تعمل عمل {إِنْ} ، {صَرِيخَ} في محل النصب اسمها، {لَهُمْ} خبرها. وجملة {لا} معطوفة على جملة الجواب. واختار ابن عطية كون الفاء: استئنافية، ففيه قطع الكلام عما قبله. {وَلا هُمْ}:{الواو} : عاطفة، {لا} ، نافية مهملة، {هُمْ}: مبتدأ، {يُنْقَذُونَ} فعل مغير، ونائب فاعل في محل الرفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله:{فَلا صَرِيخَ لَهُمْ} . {إِلَّا} أداة استثناء مفرغ من أعم العلل، {رَحْمَةً} مفعول لأجله، منصوب بـ {يُنْقَذُونَ} ، {مِنَّا} صفة لـ {رَحْمَةً} ، {وَمَتاعًا} معطوف على رحمة، {إِلى حِينٍ} متعلق بـ {مَتاعًا} أو صفة له، وتقدير الكلام؛ أي: لا يغاثون، ولا ينقذون لشيء من الأشياء إلا لرحمة منا، وتمتيع منا لهم. وسبق بسط الكلام على هذا في مبحث التفسير فراجعه.
{وَإِذَا} : {الواو} : استئنافية، {إِذا} ظرف لما يستقبل من الزمان، {قِيلَ} فعل ماض مغير الصيغة، {لَهُمُ} متعلق بـ {قِيلَ} . {اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ
…
} إلى آخر الآية نائب فاعل، محكي لـ {قِيلَ} . وجملة {قِيلَ} في محل الخفض بإضافة إذا إليها على كونه فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب، وجوابه محذوف دل عليه ما سيأتي تقديره: أعرضوا عنه. وجملة {إِذا} مستأنفة. وإن شئت قلت: {اتَّقُوا} فعل أمر، وفاعل، {ما} اسم موصول في محل النصب، مفعول به، وجملة {اتَّقُوا} في محل الرفع نائب فاعل لـ {قِيلَ} . {بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} ظرف، ومضاف إليه صلة لما الموصولة، {وَما خَلْفَكُمْ} معطوف على ما بين أيديكم، {لَعَلَّكُمْ}:{لعل} حرف نصب وتعليل أو ترجّ، والكاف اسمها، وجملة {تُرْحَمُونَ} خبرها. وجملة {لعل} في محل النصب حال من واو اتقوا؛ أي: اتقوا حالة كونكم راجين أن ترحموا، أو تعليل للأمر بالتقوى؛ أي: اتقوا كي ترحموا فتنجوا من ذلك، كما سبق هناك {وَمَا}:{الواو} : عاطفة، {ما} نافية،
{تَأْتِيهِمْ} : فعل، ومفعول به، {مِنْ} زائدة، {آيَةٍ}: فاعل، {مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ}: جار ومجرور، ومضاف إليه صفة لـ {آيَةٍ} . والجملة الفعلية معطوفة على جملة {إذا} . {إِلَّا} أداة استثناء مفرغ من أعم الأحوال، {كانُوا} فعل ناقص واسمه، {عَنْها} متعلق بما بعده، {مُعْرِضِينَ}: خبر. {كان} ، وجملة {كان} في محل النصب، حال من مفعول تأتي، والتقدير: وما تأتيهم آية من آيات ربهم، في حال من الأحوال إلا حالة كونهم معرضين عنها.
{وَإِذا} {الواو} : عاطفة، {إِذا} ظرف لما يستقبل من الزمان، {قِيلَ}: فعل ماض مغير الصيغة، {لَهُمْ} متعلق به، {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ}: نائب فاعل محكي لـ {قِيلَ} . والجملة الفعلية في محل الخفض بإضافة إذا إليها على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب الآتي. وإن شئت قلت:{أَنْفِقُوا} فعل أمر، وفاعل، والجملة في محل الرفع نائب فاعل لقيل، {مِمَّا} جار ومجرور، متعلق بـ {أَنْفِقُوا} . {رَزَقَكُمُ اللَّهُ} فعل، ومفعول أول، وفاعل، والجملة صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: مما رزقكم الله إياه. {قالَ الَّذِينَ} فعل، وفاعل. والجملة جواب {إِذا} ، وجملة {إِذا} معطوفة على جملة قوله:{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} . {كَفَرُوا} فعل، وفاعل، صلة الموصول، {لِلَّذِينَ} متعلق بـ {قالَ} . {آمَنُوا} فعل، وفاعل، صلة الموصول، {أَنُطْعِمُ} {الهمزة} للاستفهام الإنكاري، {نُطْعِمُ} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على المتكلمين من الكفار، {مَنْ} اسم موصول في محل النصب مفعول {نُطْعِمُ} ، وجملة {نُطْعِمُ} في محل النصب مقول لـ {قالَ} الذين كفروا، {لَوْ} حرف شرط غير جازم، {يَشاءُ اللَّهُ} فعل مضارع، وفاعل، فعل لـ {لو} ، {أَطْعَمَهُ} فعل، ومفعول، وفاعل مستتر يعود على الله جواب {لَوْ} الشرطية، وجملة {لَوْ} الشرطية صلة {مَنْ} الموصولة، {إِنْ} نافية، {أَنْتُمْ} مبتدأ، {إِلَّا} أداة استثناء مفرغ، {فِي ضَلالٍ} خبر المبتدأ، {مُبِينٍ} صفة ضلال، الجار والمجرور خبر
المبتدأ. والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قالَ} . {وَيَقُولُونَ} : {الواو} استئنافية، {يَقُولُونَ} فعل، وفاعل. والجملة مستأنفة. {مَتى} اسم استفهام عن الزمان، في محل النصب على الظرفية، متعلق بمحذوف خبر مقدم، {هذَا}: مبتدأ مؤخر، {الْوَعْدُ}: بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان له. والجملة الاسمية في محل النصب مقول لـ {يَقُولُونَ} . {إِنْ} حرف شرط جازم، {كُنْتُمْ} فعل ناقص واسمه، في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية على كونه فعل شرط لها، {صادِقِينَ} خبر {كان} ، وجواب {إِنْ} الشرطية محذوف، تقديره: إن كنتم صادقين فيما تدّعون، فبيّنوا لنا وقت وقوعه ومجيئه. وجملة {إِنْ} الشرطية في محل النصب مقول {يَقُولُونَ} .
{ما} : نافية، {يَنْظُرُونَ}: فعل، وفاعل. والجملة مستأنفة. {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {صَيْحَةً}: مفعول به، {واحِدَةً}: صفة له، {تَأْخُذُهُمْ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، ومفعول به. والجملة الفعلية في محل النصب. صفة ثانية لصيحة، أو حال منها لوصفها بواحدة. {وَهُمْ}:{الواو} : حالية، {هُمْ} مبتدأ، وجملة {يَخِصِّمُونَ}: خبره. والجملة الاسمية في محل النصب. حال من مفعول {تَأْخُذُهُمْ} ، {فَلا} {الفاء}: عاطفة، {لا} نافية، {يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً}: فعل، وفاعل، ومفعول به. والجملة معطوفة مفرعة على جملة {تَأْخُذُهُمْ}. {ولا} {الواو}: عاطفة، {لا} نافية، {إِلى أَهْلِهِمْ} متعلق بـ {يَرْجِعُونَ} ، و {يَرْجِعُونَ}: معطوفة على جملة {فَلا يَسْتَطِيعُونَ} .
{وَنُفِخَ} {الواو} : استئنافية، {نُفِخَ}: فعل ماض مغير الصيغة، {فِي الصُّورِ}: جار ومجرور نائب فاعل. والجملة مستأنفة. {فَإِذا} {الفاء} : عاطفة، {إذا} فجائية، {هُمْ}: مبتدأ، {مِنَ الْأَجْداثِ} متعلق بـ {يَنْسِلُونَ} ، و {إِلى رَبِّهِمْ}
متعلق بـ {يَنْسِلُونَ} أيضًا، وجملة {يَنْسِلُونَ}: في محل الرفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية معطوف على جملة {نُفِخَ} . {قالُوا} فعل، وفاعل، والجملة مستأنفة. {يا وَيْلَنا} {يا}: حرف نداء، {وَيْلَنا}: منادى مضاف. وجملة النداء في محل النصب مقول {قالُوا} . {مَنْ} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ، {بَعَثَنا}: فعل، ومفعول، وفاعل مستتر يعود على {مَنْ}. والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {مَنْ}: الاستفهامية، وجملة {مَنْ} الاستفهامية في محل النصب مقول {قالُوا}. {مِنْ مَرْقَدِنا}: متعلق بـ {بعثنا} ، هذا: مبتدأ، {ما}: اسم موصول في محل الرفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل النصب، مقول لقول محذوف، تقديره: قالت الملائكة أو المؤمنون: هذا البعث ما وعد الرحمن، وجملة القول المحذوف، مستأنفة. {وَعَدَ الرَّحْمنُ}: فعل، وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: هذا ما وعده الرحمن إياكم. {وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} : فعل، وفاعل، معطوف على {وَعَدَ الرَّحْمنُ} ، والعائد محذوف؛ أي: وصدق المرسلون في إخباره إياكم.
{إِنْ} نافية {كانَتْ} : فعل ماض ناقص، واسمها ضمير يعود على النفخة؛ أي: ما كانت النفخة المذكورة سابقا، {إِلَّا}: أداة حصر، {صَيْحَةً} خبر {كان} ، {واحِدَةً}: صفة لـ {صَيْحَةً} ، وجملة كانت مستأنفة. {فَإِذا} {الفاء}: عاطفة، {إذا}: فجائية، {هُمْ}: مبتدأ، {جَمِيعٌ} خبر أول، {لَدَيْنا} متعلق بـ {مُحْضَرُونَ} ، و {مُحْضَرُونَ}: خبر ثان. والجملة معطوفة على جملة {كان} . {فَالْيَوْمَ} {الفاء} : استئنافية، {اليوم} ظرف متعلق بـ {تُظْلَمُ} ، {لا} نافية، {تُظْلَمُ نَفْسٌ} فعل، ونائب فاعل. والجملة مستأنفة. {شَيْئًا} مفعول مطلق، {وَلا تُجْزَوْنَ} فعل، ونائب فاعل، معطوف على {لا تُظْلَمُ} ، {إِلَّا}: أداة حصر، {ما}: اسم موصول في محل النصب. مفعول ثان لـ {تُجْزَوْنَ} ، {كُنْتُمْ} فعل ناقص واسمه، وجملة {تَعْمَلُونَ} خبره. وجملة {كان} صلة الموصول.
التصريف ومفردات اللغة
{مِنْ جُنْدٍ} الجند: العسكر، واحده جندي، والمراد بهم هنا: الجند من الملائكة؛ لأنهم جند الله الأكبر. {خامِدُونَ} والخمود: انطفاء النار، والمقصود به هنا: الموت. {يا حَسْرَةً} والحسرة على ما قال الراغب: الغم على ما فات، والندم عليه، كأن المتحسر انحسرت عنه قواه من فرط الإعياء. {مِنَ الْقُرُونِ} جمع قرن، والقرن: القوم المقترنون في زمن واحد.
{وَفَجَّرْنا} الفجر: شق الشيء شقًا واسعًا، كما في «المفردات». قال بعضهم: التفجير كالتفتيح لفظًا ومعنًى، وبناء التفعيل للتكثير. {فِيها مِنَ الْعُيُونِ} جمع عين، وهي في الأصل: الجارحة. ويقال لمنبع الماء: عين، تشبيهًا بها في الهيئة، وفي سيلان الماء منها، ومن عين الماء اشتق ماء معين؛ أي: ظاهر للعيون. ومعنى {مِنَ الْعُيُونِ} : من ماء العيون، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
{سُبْحانَ الَّذِي} سبحان: علم للتسبيح، الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادًا وقولًا؛ أي: اعتقاد البعد عنه، والحكم به. فإن العلم كما يكون علمًا للأشخاص، كزيد وعمرو، وللأجناس كأسامة .. يكون للمعاني أيضًا. لكن علم الأعيان لا يضاف، وهذا لا يجوز بغير إضافة كما في الآية، أقيم مقام المصدر، وبيّن مفعوله بإضافته إليه. {الْأَزْواجَ}: جمع زوج، وهو ضد الفرد، ويقال للأنواع: أزواج؛ لأن كل نوع زوج بقسيمه. وفي {سُبْحانَ} استعظام ما في حيِّز الصلة، من بدائع آثار قدرته، وروائع نعمائه الموجبة للشكر، وتخصيص العبادة به. والتعجب من إخلال الكفرة بذلك، والحالة هذه، فإن التنزيه لا ينافي التعجب. والمعنى: أسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه؛ أي: أنزهه عما لا يليق به عقدًا وعملًا تنزيهًا خاصًا به، حقيقًا بشأنه. فهو حكم منه تعالى بتنزهه، وبراءته عن كل ما لا يليق به، كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر، وتلقين للمؤمنين أن يقولوه، ويعتقدوا مضمونه، ولا يخلّوا به ولا يغفلوا عنه. وقال بعضهم:{سُبْحانَ} مصدر كغفران أريد به: التنزه التام، والتباعد
الكلي عن السوء على أن تكون الجملة إخبارًا من الله بالتنزه. والمعنى: تنزه تعالى بذاته عن كل ما لا يليق به تنزهًا خاصًا. ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز أن يشرك به ما لا يخلق شيئًا؟، بل هو مخلوق عاجز. اهـ من «الروح» .
{نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} أصل السلخ: كشط الجلد عن الشاة ونحوها، واستعمل هنا في كشف الضوء من مكان الليل، وملقى ظله. ومعنى {نَسْلَخُ}: نفصل، يقال: سلخ جلد الشاة إذا كشطه عنها، وأزاله. وفي معاجم اللغة: سلخ يسلخ من باب نصر وفتح سلخًا، وسلخ الخروف كشط جلده، وسلخت المرأة درعها نزعته، وسلخت الحية انكشفت عن سلختها، وسلخها قشرها. فاستعير السلخ هنا لإزالة الضوء، وكشفه عن مكان الليل وملقى ظله.
{لِمُسْتَقَرٍّ لَها} ؛ أي: حول مستقر لها، وهو مركز مدارها. تقدير العزيز والتقدير: تبيين كمية الشيء. وتقدير الله الأشياء على وجهين:
أحدهما: بإعطاء القدرة.
والثاني: أن يجعلها على مقدار مخصوص، ووجه مخصوص حسبما اقتضته الحكمة.
{مَنازِلَ} : جمع منزل، وهو المسافة التي يقطعها القمر في يوم وليلة. {حَتَّى عادَ}؛ أي: صار في أواخر سيره، وقربه من الشمس. {كَالْعُرْجُونِ} في رأي العين. والعرجون: هو العود الذي عليه الشماريخ، فإذا أتي عليه الحول تقوّس، ودقّ، واصفرّ. قال أعشى بني قيس:
شرق المسك والعبير بها
…
فهي صفراء كعرجون القمر
والعرجون: بضم العين، ويقال له أيضًا: العرجد، والعرجد بتشديد الدال، أصل العذق الذي يعوج ويبقى على النخل يابسًا بعد أن تقطع عنه الشماريخ، والجمع عراجين. وقال الزجاج: هو فعلون من الانعراج، وهو الانعطاف، والاعوجاج. والشماريخ جمع شمراخ، والشمراخ كالشمروخ بالضم: عيدان
العنقود، الذي عليه الرطب، وما يجمعه مما فوقه يسمى العذق بكسر العين، كذا في «المصباح» . وفيه العذق بكسر العين الكباسة، والكباسة: عنقود النخل، اهـ.
{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها} ؛ أي: لا يتيسر لها {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} ؛ أي: أن تجتمع معه في وقت واحد، فتداخله وتطمس نوره؛ لأن لكل منهما دورة خاصة في فلكه. وقوله:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها} هو أبلغ من (لا ينبغي للشمس)، كما أن، أنت لا تكذب، بتقديم المسند إليه، آكد من، لا تكذب أنت لاشتمال الأول على تكرر الإسناد. ففي ذكر حرف النفي مع الشمس دون الفعل، دلالة على أن الشمس مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها، وقدّر لها. وينبغي من الانفعال، وثلاثية بغي يبغي بمعنى طلب، وأما استعمال انبغي ماضيًا فقليل. قال في «كشف الأسرار»: يقال: بغيت الشيء فانبغى لي، أي: استسهلته فتسهل لي، وطلبته فتيسر لي. والمعنى: لا الشمس يصح لها ويتسهل {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} ؛ أي: تجتمع معه في وقت واحد، فتداخله وتطمس نوره؛ لأن لكل منهما دورة خاصة في فلكه. كما مر آنفًا.
{فِي فَلَكٍ} ؛ أي: في جنس فلك، كقولهم: كساهم الأمير حلة يريدون: كساهم هذا الجنس. والفلك: مجرى الكواكب ومسيرها، وتسميته بذلك لكونه كالفلك، كما في «المفردات» .
{يَسْبَحُونَ} السبح: المر السريع في الماء أو في الهواء، واستعير لمر النجوم في الفلك، كما في «المفردات». وقال في «كشف الأسرار»: السبح: الانبساط في السير، كالسباحة في الماء، وكل من انبسط في شيء فقد سبح فيه. قال الحسن:{يَسْبَحُونَ} يدورون. وقال ابن عباس في فلكة مثل فلكة المغزل.
{ذُرِّيَّتَهُمْ} الذرية أصلها: صغار الأولاد، ثم استعملت في الصغار والكبار، ويقع على الواحد والجمع، وأصله الجمع. وهي من ذرأ الله الخلق، فتركت همزته نحو: برية من برأ. قال في «القاموس» : ذرأ كجعل: خلق، وذرأ الشيء: كثر، ومنه الذرية - مثلثة - لنسل الثقلين، انتهى.
{فِي الْفُلْكِ} ؛ أي: السفينة {الْمَشْحُونِ} ؛ أي: المملوء. ومع ذلك نجّاه الله
من الغرق، فهذا الوصف له دخل في الامتنان. وكانت السفينة مملوءة بالحيوان؛ لأنه جعلها ثلاث طبقات. السفلي: وضع فيها السباع والهوام، والوسطي: وضع فيها الدواب والأنعام، والعليا: وضع فيها الآدميين والطير، اهـ شيخنا. والشحناء: عداوة امتلأت منها النفوس، كما في «المفردات» وهو اسم مفعول من شحن السفينة إذا ملأها، وأتم جهازها كله. ويقال: بينهما شحناء؛ أي: عداوة، وهو مشاحن لأخيه، ويقال للشيء الشديد الحموضة: إنه ليشحن الذباب؛ أي: يطرده، وبابه فتح إذا كان بمعنى الملء، وإذا كان بمعنى الطرد فهو من باب فتح ونصر، يقال: شحنت الكلاب؛ أي: أبعدت الطرد ولم تصد شيئًا، وإذا كان بمعنى الحقد فهو من باب تعب.
{وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ} الغرق: الرسوب في الماء. {فَلا صَرِيخَ لَهُمْ} الصريخ فعيل بمعنى: مفعل؛ أي: مصرخ، وهو المغيث، ويطلق أيضًا على الصارخ؛ أي: المستغيث، فهو من الأضداد، ويكون مصدرًا بمعنى الإغاثة. وكل منهما مراد هنا. وفي «الأساس»: وصرخ يصرخ صراخًا وصريخًا وهو صارخ وصريخ. والصراخ: صوت المستغيث، وصوت المغيث إذا صرخ بقومه للإغاثة.
{مَتى هذَا الْوَعْدُ} ؛ أي: متى يتحقق ويجيىء ما وعدنا به. والوعد يستعمل في الخير والشر والنفع والضر، والوعيد في الشر خاصة. والوعد هنا يتضمن الأمرين؛ لأنه وعد بالقيامة. وجزاء العباد إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.
{ما يَنْظُرُونَ} من النظر بمعنى الانتظار، كما سبق. {إِلَّا صَيْحَةً} والصيحة: رفع الصوت. {تَأْخُذُهُمْ} والأخذ: حوز الشيء، وتحصيله. وذلك تارة بالتناول نحو:{مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ} ، وتارة بالقهر نحو:{لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} . ويقال: أخذته الحمّى، ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ.
{يَخِصِّمُونَ} بفتح الياء وكسر الخاء وكسر الصاد المشددة. أصله: يختصمون، فقلبت التاء صادًا، ثم أسكنت وأدغمت في الصاد الثانية، ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين، فصار {يَخِصِّمُونَ} ، وماضيه خصّم، أصله: اختصم، فنقلت حركة التاء إلى الخاء ثم قلبت؛ أي: التاء صادًا وأدغمت في الصاد،
وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بتحريك الخاء، فوقع الإعلال في الماضي كما وقع في مضارعه.
{فَلا يَسْتَطِيعُونَ} الاستطاعة: استفعال من الطوع، وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيًا. {تَوْصِيَةً} مصدر وصّى توصية كزكّى تزكية، لأن فعله من المضعف المعتل. والوصية اسم مصدر من الإيصاء، يقال: وصّيت الشيء بالشيء إذا وصلته به، ويسمى إلزام شيء من مال أو نفقة بعد الموت بالوصية؛ لأنه لما أوصى به؛ أي: أوجب وألزم وصل ما كان من أمر حياته بما بعده من أمر مماته.
{وَلا إِلى أَهْلِهِمْ} الأهل: يفسر بالأزواج والأولاد، وبالعبيد والإماء. والأقارب، وبالأصحاب، وبالمجموع، كما في شرح المشارق لابن الملك. قال الراغب: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب، وعبّر بأهل الرجل عن امرأته.
{مِنَ الْأَجْداثِ} ؛ أي: القبور، جمع جدث كفرس وأفراس، محركة وهو القبر، كما في «القاموس» . وقرىء شاذًا {من الأجداف} بالفاء، وهي لغة في الأجداث يقال: جدث وجدف بمعنى.
{فِي الصُّورِ} هو القرن أو ما يسمى اليوم البوق، وهو شيء مجوّف مستطيل، ينفخ فيه ويزمر ويجمع على أبواق وبيقان وبوقان. قال أبو الفتح بن جنيّ: عاب على أبي الطيب من لا خبرة له بكلام العرب، جمع بوق على بوقات في قوله:
إذا كان بعض النَّاسِ سيفًا لدولةٍ
…
ففي النَّاسِ بوقاتٌ لها وطبول
والقياس يعضده، إذ له نظائر كثيرة مثل: حمام وحمامات، وسرادق وسرادقات وجواب وجوابات، وهو كثير في جمع ما لا يعقل من المذكر.
{يَنْسِلُونَ} ؛ أي: يعدون بكسر السين وضمها، يقال: نسل الذئب ينسل من باب ضرب يضرب، وقيل: ينسل بالضم أيضًا، وهو الإسراع في المشي. وفي القاموس: نسل ينسل وينسل بكسر السين وضمها نسلًا ونسلًا ونسلانًا في مشيه أسرع. ومنه: قول امرىء القيس:
فإن تك قد ساءتك منِّي خليقةٌ
…
فسلِّي ثيابي من ثيابك تنسل
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق بين {أَنْزَلْنا} و {مُنْزِلِينَ} .
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {فَإِذا هُمْ خامِدُونَ} شبههم بالنار الخامدة، التي صارت رمادًا على حد قول لبيد:
وما المرء إلّا كالشِّهاب وضوئهِ
…
يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع
شبهوا بالنار الخامدة رمزًا إلى أن الحي كالنار الساطعة في الحركة والالتهاب، والميت كالرماد.
ومنها: حكاية حال ماضية مستمرة في قوله: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ} ؛ أي: كانوا في الدنيا على الاستمرار يستهزئون بمن يأتيهم من الرسول من غاية الكبر.
ومنها: الاستفهام التقريري في قوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا} .
ومنها: التنكير للتفخيم والتعظيم في قوله: {وَآيَةٌ لَهُمُ} ؛ أي: آية عظيمة باهرة على قدرة الله.
ومنها: الطباق بين الموت والإحياء في قوله: {الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها} .
ومنها: الكناية في قوله: {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} فإن الأيدي كناية عن القوة؛ لأن أقوى جوارح الإنسان في العمل يده، فصار ذكر اليد غالبًا في الكناية. ومثله قوله:{ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} .
ومنها: فن التناسب في قوله: {سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} الآية، وهو أن يأتي المتكلم في أول كلامه بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه، لكونه مجملًا يحتاج إلى التفصيل. فقد أجمل الأزواج أولًا، ثم فصله بما بعده، فأحسن التفصيل والترتيب. فقد قدم سبحانه النبات، وانتقل على طريق
البلاغة إلى الأعلى، فثنى بأشرف الحيوان، وهو الإنسان، ليستلزم ذكره بقية الحيوان، ثم ثلّث بقوله:{وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} فانتقل من الخصوص إلى العموم، ليندرج تحت العموم. فسبحان منزل القرآن على ما فيه من بديع البيان.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} شبّه إزالة ضوء النهار، وانكشاف ظلمة الليل بسلخ الجلد عن الشاة، بجامع الإزالة والتعرية في كل. فكما أن الشاة تتعرى حين يسلخ إهابها كذلك الليل إذا انسلخ عنه النهار زال ضوء، وبدت ظلمته الحالكة. واستعار اسم السلخ للإزالة والإخراج، واشتق منه {نَسْلَخُ} بمعنى نخرج منه النهار على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.
وفيه من المحسنات أيضًا الطبقات بين الليل والنهار في قوله: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} .
ومنها: في هذه الآية أيضًا التوشيح، وهو أن يكون في أول الكلام، معنى إذا علم علمت منه القافية، إن كان شعرًا، أو السجع إن كان نثرًا، أو الفاصلة إن كان آية. فإن من كان حافظًا للسورة، متفطنًا إلى أن مقاطع آيها النون المردفة، وسمع في صدر الآية انسلاخ النهار من الليل، علم أن الفاصلة تكون مظلمون؛ لأن من انسلخ النهار عن ليله أظلم؛ أي: دخل في الظلمات ما دامت تلك الحال.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} فإنه شبه الهلال بالعرجون في الدقة، والتقوس والاصفرار؛ أي: في رأي العين لا في المقدار. ووجه الشبه مركب من ثلاثة أشياء، ولما لم يذكر سمي مجملًا.
ومنها: تقديم المسند إليه لتقوية الحكم المنفي في قوله: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} فإنه أبلغ من أن يقال: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر، وآكد في إفادة أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها. فإن قولك: أنت لا تكذب، بتقديم المسند إليه، أبلغ من قولك: لا تكذب، فإنه أشد في نفي الكذب من العبارة الثانية. كما مر.
ومنها: تنزيل غير العقلاء منزلتهم في قوله: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} بدل يسبح. فقد عبر عن الشمس، والقمر، والكواكب، بضمير جمع المذكر تنزيلًا لها منزلة العقلاء. والذي سوّغ ذلك وصفهم بالسباحة؛ لأنها من صفات العقلاء.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {يَسْبَحُونَ} فإنه استعار المر السريع في الماء، لمر النجوم في الفلك، المعبر عنه عرفًا بالدوران.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} فقد استعار الرقاد للموت، والجامع بينهما عدم ظهور الفعل في كل؛ لأن كلا من النائم والميت لا يظهر فيه فعل. والمراد: الفعل الاختياري المعتد به، فلا يرد أن النائم يصدر منه فعل. وإنما قلنا: إنها أصلية؛ لأن المرقد مصدر ميمي، كما تقدم. وأما إذا جعلناه اسم مكان فتكون الاستعارة تبعية.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ} ؛ أي: تقول لهم الملائكة أو المؤمنون: هذا ما وعدكم به الرحمن.
ومنها: الطباق في قوله: {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا} .
ومنها: الاستفهام الإنكاري الذي يراد به التهكم في قوله: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} .
ومنها: التنكير في قوله: {تَوْصِيَةً} لغرض التعميم؛ أي: في شيء من أمورهم.
ومنها: التعبير بصيغة الماضي في قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} للدلالة على تحقق الوقوع.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
محالة، وأنه سيأتي بغتةً من حيث لا يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة، فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون .. أردف ذلك ببيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم، من ثواب وعقاب، ليكون في ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور، واجتراح السيئات.
قوله تعالى: {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر ما للمحسنين من نعيم، واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات .. أعقبه بذكر حال المجرمين، وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق، وابتعاد بعضهم من بعض. فيكون لهم عذابان: عذاب النار، وعذاب الوحدة. ولا عذاب فوق هذا.
ثم أردف هذا، بأنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا، بما أرسل إليهم من الرسل، الذين بلّغوهم أوامر ربهم ونواهيه. ومنها: نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان، وعن اتباعه فيما يوسوس به. ثم ذكر: أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات، ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا. وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى. ثم ذكر مآل أمرهم، وأنهم سيصلون نار جهنم، خالدين فيها أبدًا بما اكتسبت أيديهم. وهم في هذا اليوم، لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت. ثم ذكر: أنه رحمة منه بعباده، لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا شديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق، وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه، ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم، ويجعلهم كالقردة والخنازير، حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا. ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها. وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا إلى الحق. فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل، وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك، كما قال:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} ، ولكن ذلك ما
كفاهم. فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك.
قوله تعالى: {وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ
…
} الآيتين، مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما: أن الله سبحانه، لما ذكر أمر الوحدانية في قوله:{وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} ، وذكر أمر البعث في قوله:{اصْلَوْهَا الْيَوْمَ} .. ذكر هنا الأصل الثالث، وهو الرسالة في هاتين الآيتين.
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما (1) ذكر الأدلة على الأصول الثلاثة الوحدانية، والحشر، والرسالة .. أعاد الكلام في الوحدانية، وذكر بعض دلائلها.
قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74)
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر أنهم كفروا بأنعم الله عليهم، وأنكروها .. أردف ذلك ببيان أنهم زادوا في ضلالهم، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع، وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم، كما قال تعالى حاكيًا عنهم:{قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} . وفي الحقيقة أنها لا هي ناصرة ولا منصورة.
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)
…
} إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم، ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث .. أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم، دالة على قدرته تعالى، ومبطلة لإنكارهم له. ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث، ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا: كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة. فأجابهم عن شبهتهم: بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم، هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزائها، مهما وزّعت وتفرّقت. ثم ذكر لهم دليلًا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو: أن من قدر على
(1) المراغي.