الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الصافات
سورة الصافات مكية قال القرطبي في قول الجميع، وأخرج ابن الضريس، وابن النحاس، وابن مردويه، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس قال: نزلت بمكة.
وهي (1) مئة واثنتان وثمانون آية، وثمان مئة وستون كلمة، وثلاث آلاف وثمان مئة وستة أو تسعة وعشرون حرفًا.
تسميتها: وسميت (2) باسم أول كلمة منها، من باب تسمية الشيء باسم بعضه على حكم عادته سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. فضلها: ومن فضائلها ما أخرجه (3) النسائي والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال: كان رسول الله يأمرنا بالتخفيف، ويؤمنا بالصافات. قال ابن كثير: تفرد به النسائي، وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن، وابن النجار في تاريخه من طريق نهشل بن سعد الورداني، عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ يس والصافات يوم الجمعة، ثم سأل الله، أعطاه سؤله» ، وأخرج أبو نعيم في «الدلائل» ، والسلفي في «الطيوريات» عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله ملوك حضرموت، عند قدومهم عليه، أن يقرأ عليهم شيئًا مما أنزل الله قرأ:{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1)} حتى بلغ {بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} الحديث. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ والصافات أعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد كل جن وشيطان، وتباعدت عنه مردة الجن والشياطين، وبرىء من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنًا بالمرسلين» .
المناسبة: ومناسبتها لما قبلها من وجوه (4):
(1) الخازن.
(2)
الصاوي.
(3)
الشوكاني.
(4)
المراغي.
1 -
أن فيها تفصيل أحوال القرون الغابرة، التي أشير إليها إجمالًا في السورة السابقة في قوله:{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31)} .
2 -
أن فيها تفصيل أحوال المؤمنين، وأحوال أعدائهم الكافرين يوم القيامة، مما أشير إليه إجمالًا في السورة قبلها.
3 -
المشاكلة بين أولها وآخر سابقتها، ذاك أنه ذكر فيما قبلها قدرته تعالى على المعاد وإحياء الموتى، وعلل ذلك بأنه منشئهم، وأنه إذا تعلقت إرادته بشيء كان. وذكر هنا ما هو كالدليل على ذلك. وهو وحدانيته تعالى، إذ لا يتم ما تعلقت به الإرادة إيجادًا وإعدامًا إلا إذا كان المريد واحدًا، كما يشير إلى ذلك قوله:{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا} .
وعبارة أبي حيان هنا: مناسبة أول هذه السورة لآخر يس (1): أنه تعالى لما ذكر المعاد وقدرته على إحياء الموتى، وأنه هو منشئهم، وإذا تعلقت إرادته بشيء كان .. ذكر تعالى هنا وحدانيته. إذ لا يتم ما تعلقت به الإرادة وجودًا وعدمًا إلا بكون المريد واحدًا. وتقدم الكلام على ذلك في قوله تعالى:{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا} .
الناسخ والمنسوخ فيها: ذكر أبو عبد الله محمد بن حزم في كتابه «الناسخ والمنسوخ» سورة الصافات كلها محكم إلا أربع آيات:
الأولى والثانية: قوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)} ، نسختا بآية السيف.
الثالثة والرابعة: قوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)} ، نسختا أيضًا بآية السيف.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) البحر المحيط.
السورة بإثبات وجود الخالق ووحدانيته وعلمه وقدرته بذكر خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق المشارق والمغارب، وهنا أثبت الحشر، والنشر، وقيام الساعة، ببيان أن من خلق هذه العوالم، التي هي أصعب في الخلق منكم، فهو قادر على إعادة الحياة فيكم بالأولى، كما جاء في السورة السابقة:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ، وجاء في قوله:{لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} .
قوله تعالى: {وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (20)
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (1) فيما سلف إنكارهم للبعث في الدنيا، وشديد إصرارهم على عدم حدوثه .. أردف هذا، ببيان أنهم يوم القيامة يرجعون على أنفسهم بالملامة، إذا عاينوا أهوال هذا اليوم، ويعترفون بأنهم كانوا في ضلال مبين، ويندمون على ما فرّطوا في جنب الله سبحانه وتعالى.
قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (27)
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين فيما سلف، أن الكافرين يندمون يوم القيامة، على ما فرط منهم، من العناد والتكذيب للبعث، حيث لا يجدي الندم .. أردف هذا بذكر أنهم يتلاومون فيما بينهم حينئذ، ويتخاصم الأتباع والرؤساء، فيلقي الأولون تبعة ضلالهم على الآخرين، فيجيبونهم بأن التبعة عليكم أنفسكم دوننا، إذ كنتم قوما ضالين بطبيعة حالكم، وما ألزمناكم بشيء مما كنتم تعبدون، أو تعتقدون، بل تمنينا لكم من الخير ما تمنينا لأنفسنا، فاتبعتمونا دون قسر ولا جبر منا لكم. ثم أعقبه بذكر ما أوقعهم في هذا الذل والهوان، فبين أنهم قد كانوا في الدنيا إذا سمعوا كلمة التوحيد، أعرضوا عنها استكبارًا، وقالوا: أنترك دين آبائنا اتباعًا لقول شاعر مجنون. ثم رد عليهم مقالهم بأنه ليس بالمجنون، ولا هو بالشاعر، بل جاء بما هو الحق، الذي لا محيص عن تصديقه، وهو التوحيد الذي جاء به المرسلون كافة.
(1) المراغي.