الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقرأ يزيد النحوي، وابن هبيرة فيما نقل أبو الفضل الرازي: بفتح الشين وإسكان الغين. وقرأ الجمهور (1): {فاكِهُونَ} بالألف بالرفع على أنه خبر {إِنَّ} . وقرأ الحسن، وأبو جعفر، وأبو حيوة، وأبو رجاء، وشيبة، وقتادة، ومجاهد، ويحيى بن صبيح، ونافع في رواية: بغير ألف. قال الفراء: هما لغتان كالفاره والفره، والحاذر والحذر. وقال الكسائي، وأبو عبيدة: الفاكه ذو الفاكهة مثل: تامر ولابن، والفكه المتفكه والمتنعم. وقال قتادة: الفكهون: المعجبون. وقال أبو زيد: يقال: رجل فكه إذا كان طيب النفس ضحوكًا. وقال مجاهد، والضحاك كما قال قتادة. وقال السدي: كما قال الكسائي. وفي «البحر» : {فاكِهُونَ} بغير ألف، معناه: فرحون طربون، انتهى. وقرأ طلحة، والأعمش: فاكهين بالألف وبالياء، نصبا على الحال، و {فِي شُغُلٍ} هو الخبر. وقرىء فكهين بغير ألف وبالياء. وقرىء فكهون بضم الكاف يقال: رجل فكه وفكه.
ومعنى الآية: أي إن من يدخل الجنة يتمتع بنعيمها ولذاتها، ويكون بذلك في شغل عما سواه، إذ يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فأنى له أن يفكر فيما سواه؟. وهو بذلك، فرح مستبشر، ضحوك السن هادىء النفس، لا يرى شيئًا يغمه، أو ينغص عليه حبوره وسروره.
56
- ثم ذكر ما يكمل به تفكههم، ويزيد في سرورهم فقال: {هُمْ
…
} الخ، استئناف، مسوق لبيان كيفية شغلهم، وتفكههم، وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورًا من شركة أزواجهم لهم، فيما هم فيه من الشغل والفكاهة. و {هُمْ} مبتدأ، والضمير لأصحاب الجنة. {وَأَزْواجُهُمْ} عطف عليه. والمراد: نساؤهم اللاتي كن لهم في الدنيا، أو الحور العين أو أخلاؤهم، كما في قوله تعالى:{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ} . ويجوز أن يكون الكل مرادًا.
فقوله: {وَأَزْواجُهُمْ} إشارة (2) إلى عدم الوحشة؛ لأن المنفرد يتوحش إذا لم يكن له جليس من معارفه، وإن كان في أقصى المراتب. والجاران في قوله: {فِي
(1) البحر المحيط والشوكاني.
(2)
روح البيان.
ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ} متعلق بقوله: {مُتَّكِؤُنَ} وهو خبر المبتدأ قُدّما عليه لرعاية الفواصل. ويجوز أن يكون {فِي ظِلالٍ} خبرًا، ومتكئون على الأرائك خبرًا ثانيًا. والظلال: جمع ظل أو ظلة، وهو الستر الذي يسترك من الشمس. والأرائك: السرر في الحجال، كما سيأتي بسطه. والاتكاء: الاعتماد على الشيء؛ أي: معتمدون في ظلال على السرر في الحجال. والاتكاء على السرر دليل التنعيم والفراغ.
فإن قلت: كيف يكون أهل الجنة في ظلال، والظل إنما يكون حيث تكون الشمس، وهم لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا؟.
قلت: المراد بالظل هناك: ظل أشجار الجنة من نور العرش، لئلا يبهر أبصار أهل الجنة. فإنه أعظم وأقوى من نور الشمس، وقيل: من نور قناديل العرش. كذا في حواشي ابن الشيخ.
وقرأ الجمهور (1): {فِي ظِلالٍ} بكسر الظاء وبالألف، جمع ظل كذئب، وذئاب. وقرأ ابن مسعود، وعبيد بن عمير، والأعمش، ويحيى بن وثاب، وحمزة، والكسائي، وخلف:{في ظلل} بضم الظاء من غير ألف، جمع ظلة. وعلى القراءتين فالمراد: الفرش والستور، التي تظلل كالخيام والحجال. وقرأ عبد الله {متكئين} بالنصب على الحال.
ومعنى الآية (2): أي هم وأزواجهم في ظل لا يضحون لشمس، لأنه لا شمس فيها. وألذ شيء لدى العربي أن يرى مكانًا فيه ظل ظليل وأنهار جارية، وأشجار مورقة وهم فيها متكئون على السرر التي عليها الحجال (الناموسيات). وهذا منتهى ما تسمو إليه النفوس من لذة، لدى من نزل عليه التنزيل.
وقال الإمام في سورة النساء: إن بلاد العرب كانت في غاية الحرارة، فكان الظل عندهم من أعظم أسباب الراحة. وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:«السلطان ظل الله في الأرض» .
(1) البحر المحيط.
(2)
المراغي.