الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
8 - الوزير أبو علي محمد بن علي بن مقلة
(1)
صاحب الخط المنسوب. ولي بعض أعمال فارس ثم تنقلت به الأحوال حتى وزر للمقتدر سنة ست عشرة وثلاثمائة ثم قبض عليه عامين وصادره وعاقبه ثم نفاه إلى فارس ثم استوزره أمير المؤمنين القاهر بالله ثم نكبه ثم استوزره الراضي بالله قليلا ثم مسكه سنة أربع وعشرين وضربه وعلقه وصادره وأخذ خطه بألف ألف دينار وأحرقت داره مرتين قبل هذه المرة.
وكان ابن مقلة قبل أن يمسك في هذه المرة بقليل أحرق دار سليمان بن الحسن فكتب بعض الناس على باب الوزير ابن مقلة يقول:
حسّنت ظنك بالأيام إذا حسنت
…
ولم تخف شرّ ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها
…
وعند صفو الليالي يحدث الكدر
وكانت دار ابن مقلة التي احترقت من أحسن ما بني في الإسلام. كان تحت شبابيك قصره بستان فأخذ من البستان قطعة كبيرة كالشابورة (2) وعمل
(1) ترجمته في الوافي بالوفيات 4/ 109، وسير أعلام النبلاء 15/ 224، وتاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 321 - 330 هـ) ص 239. وانظر حاشيته وعنه ينقل المؤلف.
(2)
الشابورة هي الأرض المثلثة الشكل: انظر نزهة المقلتين ص 214، وتقويم البلدان ص 19.
عليها إبريسم وعمل في الحائط بيوتا تأوي إليها وتفرخ فيها الطيور المسموعة ثم أطلق فيها القمّاري والدباسي والقطايط (1) والنوبيات والشّحرور والزّرياب والهزار والفواخت وبقية الطيور المجلوبة من أقصى البلاد مما لا يكسر بعضه بعضا، فوقع بعضها على بعض وتوالدت. ثم عمد إلى يمين (2) البستان فطرح فيه الطيور التي لا تطير كالطواويس والحجل والبط وغير ذلك. وجعل من خلف البستان الغزلان والنعام والإبل وحمر الوحش.
ولكل صحن أبواب تفتح إلى الصحن الآخر فيرى من مجلسه سائر ذلك.
وقال الهمذاني في (تاريخه)(3): لما أراد ابن مقلة بناء داره التي في البستان المعروف بالزاهر على الدجلة جمع ستين منجما؛ حتى اختاروا وقتا لبنائها فكتب بعض الشعراء يقول:
قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا
…
واصبر فإنك في أضغاث أحلام
تبني بأنقاض دور الناس مجتهدا
…
دارا ستهدم (4) أيضا بعد أيام
قيل: إن فاكهة ابن مقلة كانت تشترى له في كل جمعة بخمسمائة دينار ولا بد أن تشترى له بعد الصلاة يوم الجمعة ثم يصطبح يوم السبت في هذه الدار، فلما مسكه الراضي الثانية وحبسه ولّى ابن الرائق الوزارة
(1) كذا وفي تاريخ الإسلام: النقارط.
(2)
في تاريخ الإسلام: باقي.
(3)
تاريخه هو تكلمة تاريخ الطبري ونشره مع تاريخ الرسل والملوك محمد أبو الفضل إبراهيم والنص في (11/ 299)، بتصرف. والهمذاني هو أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن إبراهيم المتوفى سنة 521 هـ، ترجمته في المنتظم 10/ 8، والأعلام 6/ 248.
(4)
في التكملة: ستنقض.
فعظم أمره عند الراضي فاستولى ابن الرائق على ضياع ابن مقلة، فأخذ ابن مقلة في السعي على ابن الرائق فبلغ ابن الرائق فتكلم في ابن مقلة عند الراضي وطلب منه قطع يد ابن مقلة فقطعت في الملأ العام ثم ندم الراضي على قطع يده وصار ينادمه ويستشيره فطمع ابن مقلة أيضا في الوزارة وصار يشد على زنده القلم ويكتب مثل كتابته قبل قطع يده فبلغ ذلك الراضي فمنعه الطعام حتى مات سنة ثمان وعشرين (1) وثلاثمائة. ومولده في سنة اثنتين وتسعين (2) ومائتين.
قال الذهبي (3) في ترجمته: قال الصولي: ما رأيت وزيرا منذ توفي القاسم بن عبيد الله أحسن حركة ولا أطرف إشارة ولا أملح خطا ولا أسلط قلما ولا أقصد بلاغة ولا آخذ بقلوب الخلفاء من ابن مقلة، وله علم بالإعراب واللغة والأدب، من ذلك كتب إلى بعض أصدقائه:
ترى حرّمت كتب الأخلاء بينهم
…
[أبن](4) لي أم القرطاس أصبح غاليا
فما كان لو ساءلتنا (5) كيف حالنا
…
وقد دهمتنا نكبة هي ما هيا
صديقك من راعاك عند شديدة
…
وكل تراه في الرخاء مراعيا
فهبك عدوي لا صديقي فربما
…
تكاد الأعادي يرحمون الأعاديا
ولم تفرج له ضائقة حتى مات رحمه الله.
…
(1) في سير أعلام النبلاء 15/ 230: ثمان وثلاثين وثلاثمائة وهو خطأ.
(2)
كذا والصحيح: وسبعين.
(3)
في تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 321 - 330 هـ) ص 240.
(4)
ساقطة من الأصل والاستدراك من تاريخ الإسلام والنجوم الزاهرة.
(5)
في الأصل: سالمتنا.
ومنهم:
9 -
الوزير محمد بن بقيّة (1)
ابن علي، نصير الدولة (2)، أبو الطاهر
وزير عز الدولة بختيار بن معز الدولة. كان أحد الأجواد والرؤساء، أهله من أوانا (3) من عمل بغداد، أستوزر سنة اثنتين وستين (4)، وقد تقلب به الدهر ألوانا حتى بلغ الوزارة فإن أباه كان فلاحا، وآل أمره إلى ما آل، ثم استوزره المطيع لله أيضا ولقبه الناصح مضافا إلى ناصر الدولة (5) فصار له لقبان.
وكان قليل العربية ولكن السّعد والإقبال غطى ذلك وله أخبار في
(1) ترجمته في تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 351 - 380 هـ) ص 385 وعنه ينقل المؤلف، وسير أعلام النبلاء 16/ 220، وانظر حاشيته ونكت الهميان 271.
(2)
في الأصل: «بن نصير الدين» ، وليس كذلك، والتصحيح من سير النبلاء وغيره.
(3)
بليدة على دجيل بينهما وبين بغداد عشر فراسخ من فوقها تحاذي عكبرا. مراصد الاطلاع 1/ 128.
(4)
وثلاثمائة.
(5)
كذا وهو تحريف والصحيح نصير الدولة كما مر سابقا.
الجود والأفضال، وكان كثير التنعم والرفاهية وله أخبار في ذلك.
وقبض عليه بواسط في آخر سنة ست وستين وسملوا عينيه، وكان يؤلّب (1) لعز الدولة على عضد الدولة (فلما قتل عز الدولة باختيار الملك عضد الدولة أهلكه)(2).
ويقال: إنه ألقاه تحت أرجل الفيلة ثم [صلب](3) عند البيمارستان العضدي في شوال سنة سبع.
ويقال: إنه خلع أيام وزارته في عشرين يوما عشرين ألف خلعة.
وقال بعضهم: رأيته شرب ليلة فخلع مائة خلعة على أهل المجلس.
وعاش نيفا وخمسين سنة.
ورثاه أبو الحسن محمد بن عمر الأنباري بتائيته السائرة حيث يقول:
علوّ في الحياة وفي الممات
…
لحق أنت إحدى المعجزات
كأنّ الناس حولك حين قاموا
…
وفود نداك (4) أيام الصلات (5)
كأنك قائم فيهم خطيبا
…
وكلهم قيام للصلاة
ولما ضاق بطن الأرض عن أن
…
يضمّ علاك من بعد (6) الممات
(1) تحرفت في تاريخ الإسلام إلى: نواب.
(2)
كذا في الأصل وفي الجملة اضطراب والصحيح ما في تاريخ الإسلام حيث يقول: فلما قتل عز الدولة بختيار، ملك عضد الدولة وأهلكه.
(3)
ساقطة من الأصل واستدركتها من تاريخ الإسلام.
(4)
في الأصل: ذاك.
(5)
في الأصل: الصلاة.
(6)
في الأصل: علم.
أصار [وا](1) الجوّ قبرك واستنابوا
…
عن الأكفان/ثوب السافيات (2)
لعظمك في النفوس تبيت ترعى
…
بحفاظ (3) وحراس ثقات
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا
…
تمكن من عناق المكرمات
وبقي مصلوبا إلى أن مات عضد الدولة، ولما بلغ عضد الدولة هذا الشعر قال: عليّ بقائله فاختفى وسافر بعد عام إلى الصاحب إسماعيل بن عباد، فقال: أنشدني القصيد فلما أتى هذا البيت الأخير (4) قام وعانقه وقبّل فاه وأنفذه إلى عضد الدولة فلما مثل بين يديه، قال: ما الذي حملك على مرثية عدوي؟ قال: حقوق سلفت وأياد مضت فجاش الحزن في قلبي فرثيته، فقال: هل يحضرك شيء في الشموع [وهي](5) تزهو بين يديه، فقال:
كأن الشموع وقد أظهرت
…
من النار في [كلّ] رأس سنانا
أصابع أعدائك الخائفين
…
تضرّعن تطلب منك الأمانا
قال: فأعطاه بدرة وفرسا وهو من المقلين في الشعر.
…
(1) ساقطة من الأصل واستدركتها من تاريخ الإسلام ووفيات الأعيان (5/ 120).
(2)
في الأصل: الصافنات.
(3)
في الأصل: لحفاظ.
(4)
في الأصل: الآخر.
(5)
ساقطة من الأصل.
ومنهم:
10 -
الوزير إسماعيل بن عبّاد (1)
ابن عباس الصاحب أبو القاسم
وزير مؤيد الدولة أصله من الطالقان وكان نادرة دهره (2) وأعجوبة عصره في الفضائل والمكارم، أخذ الأدب عن الوزير أبي الفضل ابن العميد وأبي الحسين أحمد بن فارس، وهو أول من سمي بالصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة من الصّبا وسماه الصاحب. وفيه يقول الأستاذ أبو سعيد الرّستمي (3):
ورث الوزارة كابرا عن كابر
…
موصولة الإسناد بالإسناد
يروي عن العباس عباد وزا
…
رته إسماعيل عن عباد (4)
(1) ترجمته في تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 381 - 400 هـ) ص 92، ومعجم الأدباء 6/ 168، وسير أعلام النبلاء 16/ 511.
(2)
في الأصل: أهله والتصحيح من تاريخ الإسلام.
(3)
في الأصل: الدستي.
(4)
في الأصل: فإنه يروى عن العباس بن عباد وزارته. والتصحيح من تاريخ الإسلام ووفيات الأعيان 1/ 228.
ولما توفي مؤيد الدولة بويه بجرجان في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ولي بعده أخوه فخر الدولة أبو الحسن فأقره على الوزارة وبالغ في تعظيمه.
وكان ابن ذي الكفايتين قد قصد الصاحب بن عباد وأزاله عن الوزارة ثم نصر المذكور عليه وعاد إلى الوزارة وبقي متوليها ثمانية عشر عاما وفتح خمسين قلعة وسلمها إلى فخر الدولة لم يجتمع منها عشرة لأبيه، وكان عالما بفنون كثيرة من العلم لم يدانيه في ذلك وزير.
وكان أفضل وزراء الدولة الديلمية (1) وأعزهم وأغزرهم علما وأوسعهم أدبا وأوفرهم محاسنا. أملى عدة مجالس في الحديث وله ديوان شعر مشهور ومصنفات عديدة في علوم شتى. يتصدق من خمسين ألف دينار إلى ما دونها.
ولد بإصطخر وقيل بالطالقان في سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
والطالقان اسم لناحية من أعمال قزوين وهو غير الطالقان التي بخراسان (2).
توفي الصاحب ليلة الجمعة من صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
ومن نظمه الرائق إلى الغاية قوله:
تبسم إذ تبسّم عن أقاح
…
وأسفر حين أسفر عن صباح
(1) أي البويهية.
(2)
انظر مراصد الاطلاع 2/ 876.
وأتحفني (1) بكأس من رضاب
…
وكأس من جنى ورد الأقاح (2)
له وجه يدلّ به وطرف
…
يمرضه فيسكر كلّ صاح
جبينك والمقبلة (3) والثنايا
…
صباح في صباح في صباح
وله أيضا:
رقّ الزجاج ورقّت الخمر
…
فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح
…
وكأنما قدح ولا خمر
وله أيضا:
الحب سكر خماره التلف
…
يحسن فيه الذلول (4) والدنف
عابوه (5) إذ زاد في تصلفه
…
والحسن ثوب طرازه الصّلف
ومدحه الشعراء ومنهم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخازن (6) الشاعر المشهور بقصيدته المشهورة ومنها:
هذا فؤادك نهبى بين أهواء
…
وذاك رأيك ساوى (7) بين آرائي
هواك بين العيون النجل مقتسم
…
داء لعمري ما أبلاه (8) من داء
(1) في تاريخ الإسلام: ألحقني.
(2)
في تاريخ الإسلام: وراح.
(3)
في تاريخ الإسلام: المقلد.
(4)
في تاريخ الإسلام: الذبول.
(5)
في تاريخ الإسلام: علوه.
(6)
في الأصل: الحارث والتصحيح من تاريخ الإسلام ص 96، ويتيمة الدهر 3/ 191.
(7)
في تاريخ الإسلام: سار ويتيمة الدهر: شورى.
(8)
في الأصل: يا ويلاه والتصحيح من تاريخ الإسلام واليتيمة.
وكان الصاحب المذكور يلقب بكافي الكفاة (1) أيضا.
وكانت وفاته بالري ونقل إلى أصبهان ودفن بمحلة باب دريّة وأغلقت له مدينة الرّي واجتمع الناس على باب قصره وحضر مخدومه فخر الدولة وسائر الأمراء وقد غيروا لباسهم، فلما خرج نعشه صاحت الناس صيحة واحدة وقبلوا الأرض ومشى فخر الدولة بن بويه أمام نعشه رحمه الله.
…
(1) في الأصل: الكفاية والتصحيح من تاريخ الإسلام.