الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
16 - إبراهيم الوزير الصاحب شمس الدين
المعروف بكاتب أرنان
(1)
وزير الديار المصرية تعلق بخدمة الملك الظاهر برقوق وهو أمير فولاه نظر ديوانه ثم فوّض إليه الوزارة لما تسلطن فنفذ الأمور ومشّى الأحوال أحسن تمشية إلى الغاية مع وفور الخدمة ونفوذ الكلمة والتقلل في الملبس وسائر أسبابه بحيث أنه كان كبقية (2) أوساط الناس.
ودخل في الوزارة وليس للدولة حاصل من عين ولا غلة وقد استأجر
(1) هو إبراهيم بن عبد الله الأسلمي ترجمته في النجوم الزاهرة 11/ 312، والدليل الشافي 1/ 15، والمنهل الصافي 1/ 74، والدرر الكامنة 1/ 33، وإنباء الغمر 2/ 262، وبدائع الزهور 1،2/ 388، ونزهة النفوس والأبدان 1/ 160، والسلوك 3/ 569، ودرر العقود الفريدة 1/ 166، وتاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 224 وقد اختلفت المصادر في رسم اسمه ففي المخطوطة (أرنان) ومثله في النجوم الزاهرة، والدليل الشافي والمنهل الصافي، وإنباء الغمر. أما في سائر المصادر فهو (أرلان) وقد أغرب صاحب بدائع الزهور فسماه (أزلان) بالزاي ولعله تطبيع.
(2)
في الأصل: كمية.
الأمراء النواحي بأجرة قليلة فكف أيدي الأمراء عن النواحي وضبط المتحصل ومشى على القواعد القديمة والقوانين المعروفة فهابه الخاص والعام وجدد مطابخ السكر ومات والحاصل ألف ألف درهم فضة وثلاثمائة ألف وستون ألف إردب غلة وستة وثلاثون ألف رأس من الغنم ومائة ألف طائر من الإوز والدجاج وألفا قنطار من الزيت وأربعمائة قنطار ماء ورد قيمة ذلك خمس مائة ألف دينار. انتهى ما وجدته (1).
ثم رأيت قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني (2) قال ذلك بمعناه إلاّ أنه زاد: وكان وزيرا ناهضا عارفا مديرا لم يأت بعد ابن قرونيه (3) مثله بل كان يفوقه. وأنه قبل أن يتولى الوزارة لم يرض أحد من القبط بالوزارة لعدم كون الحاصل تحت حكم الأمراء (4) انتهى.
ومع هذا كان لا يسلم من الملك الظاهر برقوق بل كان كل قليل يجعل له مندوحة ويأخذ منه ما شاء الله أن يأخذ لما يرى من مكارمه بخلاف زماننا هذا فإن فيه من الوزراء بل وبقية المباشرين من هو أكثر حالا من [ابن](5) كاتب أرنان وهو يشكو إلى السلطان الفقر مع كثرة عمايره
(1) الخبر في السلوك 3/ 569، والمنهل الصافي 1/ 75.
(2)
هو بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى الحنفي العيني المتوفى سنة 855 هـ. مؤرخ ومحدث أشهر كتبه (عمدة القاري شرح صحيح البخاري) و (عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان). الضوء اللامع 10/ 131، والأعلام 7/ 163.
(3)
هو فخر الدين ماجد بن قرونيه القبطي الأسلمي المتوفى سنة 768. ترجمته في الدليل الشافي 2/ 569.
(4)
النقل في المنهل الصافي 1/ 76.
(5)
كذا في الأصل والمنهل الصافي.
وعظيم بركه (1) الذي لا يزيد والسلطان يدعو له بالبركة والتوسعة في الرزق مع علمه بذلك فهذا أعجب وأغرب.
وتوفي الصاحب شمس الدين في ليلة الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة.
ونسبه بعضهم إلى البرامكة وهو غلط، فقد قال الشيخ تقي الدين المقريزي (2): كان أصله من نصارى مصر وأظهر الإسلام وخدم في دواوين الأمراء إلى أن ترقى إلى الوزارة ولا نعلم الآن من تأخّر من البرامكة إلى هذه الأعصار إلاّ قاضي القضاة شمس الدين بن خلّكان (3) / أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان بن باوك (4) -بفتح الواو-بن شاكل-بفتح الكاف-بن الحسين بن مالك بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك الإمام العلاّمة أبو العباس البلخي الأصل الإربلي المولد الدمشقي الدار والوفاة الشافعي، قاضي قضاة دمشق وعالمها ومؤرخها.
مولده يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وستمائة وأمه
(1) كذا في الأصل.
(2)
في كتابه السلوك 3/ 569، وهو أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر المتوفى سنة 845 هـ، صاحب كتاب (الخطط). ترجمته في التبر المسبوك 21، والأعلام 1/ 177.
(3)
ترجمته في المنهل الصافي 2/ 89.
(4)
في الأصل والمنهل 2/ 89: باول-باللام-وهو تحريف والتصحيح من التاج «بوك» 7/ 114 (ط مصر) ومقدمة إحسان عباس للوفيات 7/ 17.
من نسل خلف بن أيوب صاحب أبي حنيفة-رضي الله [عنه](1) -ونشأ بإربل وتفقه بالموصل ثم قدم دمشق في عنفوان شبيبته فأقام بها مدة وتوجه إلى مصر واشتغل بها وحصّل من كل علم طرفا جيدا.
وبرع في الفقه والأصول والعربية ودرس وأفتى ونظم ونثر ثم ولي قضاء دمشق من القاهرة في سابع عشري ذي الحجة سنة ست وستين وستمائة، ثم توجه إلى دمشق فباشرها مدة عشر سنين ثم صرف عنه فذهب إلى القاهرة وأقام بها نحو من سبع سنين وتولى الحكم بها نيابة عن قاضي القضاة بدر الدين السّنجاري (2)، وصنّف ثم أعيد إلى دمشق قاضيا بعد القاضي عز الدين بن الصايغ، فلما وصل إليها خرج نائبها الأمير عز الدين أبدمر بجمع الموكب لتلقيه، وأما رؤساء دمشق فإنهم تلقوه من عدة مراحل وهنأه الشعراء ومنهم الرشيد الفارقي بقوله:
أنت في الشام مثل يوسف في مصـ
…
ـر وعندي أن الكرام جناس
ولكل سبع شداد وبعد السّبـ
…
ـع عام فيه يغاث (3) الناس
وقصد بذلك مدة مفارقته للحكم في دمشق ودام إلى سنة ثمانين وستمائة ثم صرف فلزم داره إلى أن توفي في يوم السبت سادس عشري رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة بالمدرسة النجيبيّة بدمشق ودفن
(1) ساقطة من الأصل.
(2)
وهم محقق المنهل الصافي في تخريج ترجمته حيث ظنه برهان الدين السنجاري المتوفى سنة 686 هـ في حين أن المترجم هو بدر الدين أبو المحاسن يوسف بن الحسن بن علي الشافعي المتوفى سنة 663 هـ، ترجمته في العبر للذهبي 5/ 274.
(3)
توافقت المخطوطة مع المنهل في البيتين، وفي الوافي: يغاث فيه.
بقاسيون، وكان إماما متقنا كثير الفضائل أديبا مؤرخا، تاريخه (وفيات الأعيان)(1) مشهور وهو في غاية الحسن اقتصر فيه على المشهورين من كل فن.
وكان جوادا ممدّحا مدحه شعراء عصره بغرر القصائد وكان يجيز عليها الجوائز السنيّة.
وذكره الحافظ أبو محمد البرزالي (2) في معجمه وقال: سمع من ابن المكرّم الصوفي سمع منه البخاري عن أبي الوقت ومن ابن الجمّيزي وأجازه المؤيد الطوسي وجماعة من نيسابور وله يد طولى في علم اللغة لم ير في وقته من يعرف ديوان المتنبي كمعرفته.
وكان مجلسه كثير الفوائد والتحقيق والبحث، وقال الشهاب محمود (3) في تاريخه: كنت كثير الاجتماع به للاقتباس من فوائده.
ومن نظمه قوله:
تمثلتم لي والبلاد بعيدة
…
فخيّل لي أنّ الفؤاد مغنى
(1) طبع عدة طبعات أشهرها طبعة فستنفلد الألماني، ثم طبعة محمد محيي الدين عبد المجيد وأعلاها طبعة إحسان عباس.
(2)
هو علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف المتوفى سنة 739 هـ أشهر كتبه: المقتفى في التاريخ ومعجم شيوخه وسماعاته. ترجمته في معجم المؤرخين الدمشقيين ص 142.
(3)
هو شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحنبلي المتوفى سنة 725 هـ، له ذيل على الكامل في التاريخ لابن الأثير والذيل (على ذيل القطب اليونيني) وغيرها. ترجمته في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 378، والأعلام 7/ 172.
وناجاكم قلبي على البعد والنّوى
…
فآنستم لفظا وأوحشتم (1) معنى
وله أيضا:
يا جيرة الحي هل من عودة فعسى
…
يفيق من سكرات الوجد مخمور (2)
إذا ظفرت من الدنيا بقربكم
…
فكل ذنب جناه الحب (3) مغفور
وله أيضا:
يا رب إن العبد يخفي عيبه
…
فاستر بحلمك ما بدا من عيبه
ولقد أتاك وما له من شافع
…
من ذنوبه فاقبل شفاعة شيبه
…
(1) في الوافي 7/ 314: فأوحشتم لفظا وآنستم معنى.
(2)
في الوافي: يفيق من نشوات الشوق مخمور.
(3)
في الوافي: الدهر.