الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا شريك له في ملكه ولا نظير ولا وزير، أحمده على كثرة نعمه علينا وقبل منّا اليسير، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده السميع البصير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله السراج المنير، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه كبيرهم والصغير، وبعد:
فهذا تعليق سميته (إنباء الأمراء لأنباء الوزراء)(1) لم يشر عليّ بجمعه مشير وإنما ألهمني لذلك المولى القدير، وبه أستعين فإنه نعم المعين والنّصير، وبالإجابة لكل دعاء جدير.
فنقول: قال الله تعالى: وَاِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنابَصِيراً (35)[طه:29 - 35] يعني قال موسى عليه السلام: يا رب اجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، يعينني على ما كلّفتني.
واشتقاق الوزير إما من الوزر لأنه يحمل ثقل أميره أو من الوزر وهو
(1) كذا، وعند الزركلي 6/ 291، ومعجم المؤرخين الدمشقيين 291، وتاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان 2/ 307: بأنباء الوزراء.
الملجأ لأن الأمير يعتصم برأيه ويلتجىء إليه في أموره، ومنه الموازرة، وقيل أصله من أزير من الأزر بمعنى القوة فعيل بمعنى فاعل، كالعشير والجليس قلبت همزتها كقلبها في موازن.
وقال أبو البقاء (1): وزيرا الواو أصل لأنه من الوزر والموازرة، وقيل: هي بدل من الهمزة لأن الوزير يشد أزر الموازر وهو قليل، وفعيل هنا بمعنى الفاعل كالخليط.
وفي الصحاح (2): الوزير: الموازر كالأكيل والمواكل لأنه يحمل عنه (3) وزره. والوزارة لغة في الوزارة. انتهى.
وفي مفعولي اجعل ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهما وزير وهارون، ولكن قدّم المفعول الثاني للعناية، فعلى هذا يجوز أن يتعلق (لي) ب (اجعل) وأن يكون حالا من وزير.
الثاني: أن يكون، «وزيرا» ، مفعولا أول و «لي» الثاني و «هارون» بدل أو عطف بيان و «أخي» كذلك.
والثالث: أن يكون المفعول الثاني «من أهلي» و «لي» تبيين، مثل قوله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)} [الإخلاص]، و «هارون أخي» على ما تقدم ويجوز أن ينتصب «هارون» بفعل محذوف، أي اضمم
(1) في كتابه (التبيان في إعراب القرآن) 2/ 890، وهو الإمام النحوي اللغوي محب الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري، المتوفى سنة 616 هـ، ترجمته في إنباه الرواة 2/ 116.
(2)
للجوهري 2/ 845.
(3)
في الأصل: عليه.
إليّ هارون «اشدد» يقرأ بقطع الهمزة، «وأشركه» بضمها وجزمها على جواب الدعاء وهي قراءة ابن عامر (1) ويقرآن على لفظ الأمر «كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا» أي تسبيحا كثيرا [أ](2) ووقتا كثيرا فإن التعاون يهيّج الرغبات ويؤدي إلى تكاثر الخير وتزايده، «إنك كنت بنا بصيرا» أي عالما بأحوالنا فإن التعاون مما يصلحنا وأن هارون نعم الولي لي فيما أمرتني به.
…
(1) انظر التبصرة في القراءات لمكي بن أبي طالب ص 259.
(2)
استدركتها من التبيان.