الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا غيض من فيض مما سيأتي تفصيله - إن شاء الله تعالى -، وخلاصة الكلام أننا ذكرنا في هذه القاعدة عدة قواعد من قواعد الأصول:
الأولى: الأصل في الحيوانات برية أو بحرية الحل والإباحة إلا بدليل.
الثانية: الأصل في النباتات برية أو بحرية الحل والإباحة إلا بدليل.
الثالثة: الأصل في العادات الحل والإباحة إلا بدليل.
الرابعة: الأصل في العبادات المنع إلا بدليل وسيأتي تفصيلها أكثر - إن شاء الله تعالى -.
الخامسة: الأصل أن كل عبادة انعقدت بدليلٍ شرعي لا تنتقض إلا بدليل شرعي.
السادسة: الأصل براءة الذمة وسيأتي تفصيلها إن شاء الله.
إذًا وبعد هذا تبين لك أهمية معرفة هذه القاعدة التي هي قاعدة الأصول في الأشياء فاحرص عليها وشد عليها بيديك، والله تعالى أعلى وأعلم.
القاعدة الحادية عشر
11 - الأصل بقاء ما كان على ما كان
وهذه أيضًا قاعدة من قواعد الأصول وهي مهمة في بابها وبيانها أن يقال: قوله (الأصل) أي الشيء الثابت المتقرر عند الشرع هو (بقاء) أي استمرار واستصحاب، قوله:(ما كان) أي في الزمان الحاضر نفيًا أو ثبوتًا أي سواءً كان الذي استصحبناه نفي شيءٍ أو إثبات شيء، قوله:(على ما كان) أي أن ما ثبت في الماضي أو ما هو منفي في الماضي فحاله الآن هي حاله في الماضي، أي أنها لم تتغير ولم تتبدل فإن كان الحالة في الماضي مثبتة فهي الآن مثبتة وإن كانت منفية فهي الآن منفية ومن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل، وهذه هي قاعدة الاستصحاب أي استصحاب الحال الماضية، وهي فرع من فروع قاعدة اليقين لا يزول بالشك، لأن ما كان في الماضي قد تيقناه فإن كان ثبوتًا فإننا قد تيقنا ثبوته وشككنا في زواله فنبقى على ما تيقناه، وإن كان نفيًا فإننا قد تيقنا نفيه وشككنا في ثبوته فنبقى على ما تيقناه؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، وهذا واضح - إن شاء الله تعالى -.
وإليك بعض الفروع حتى تتضح أكثر فأقول:
منها: من أكل شاكًا في طلوع الفجر فصار طالعًا فصومه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل والفجر مشكوك فيه، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالليل ثابت في الماضي فهو ثابت الآن (1) .
ومنها: من أفطر شاكًا في غروب الشمس فصومه باطل؛ لأن الأصل بقاء النهار والغروب مشكوك فيه، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالنهار ثابت في الماضي فهو ثابت الآن (2) .
ومنها: من شك في الطلاق فهو باقٍ على نكاحه؛ لأن النكاح قد كان في الحالة الماضية والطلاق مشكوك فيه، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالنكاح ثابت في الماضي فهو ثابت الآن.
ومنها: من طلق وشك في الرجعة فهو باقٍ على طلاقه؛ لأن الطلاق قد كان في الحالة الماضية والرجعة مشكوك فيها، والأصل بقاء ما كان على ما كان فالطلاق ثابت في الماضي فهو ثابت الآن.
ومنها: تطهر لصلاة العصر وشك في الحدث عند إرادة صلاة المغرب فهو متطهر الآن؛ لأن الحالة الماضية هي الطهارة فنستصحب الحالة الماضية في الحالة الراهنة؛ لأن الأصل هو بقاء ما كان على ما كان.
ومنها: من أحدث يقينًا وشك في الطهارة والحكم فيها كما مضى فهو الآن محدث استصحابًا للحال السابقة لهذا الأصل الذي قررناه.
ومنها: إذا اتهم رجل بتهمةٍ ما فالأصل أنه بريء منها؛ لأن ذمته كانت بريئة فهي الآن بريئة؛ لأن الأصل بقاء ما ثبت في الزمان الماضي في الزمان الحاضر ومن ادعى خلاف ذلك فهو مطالب بالدليل.
(1) هذا خلاف المذهب وإن كان هو الرجح لحديث عدي بن حاتم.
(2)
هذا قول مرجوح مخالف لحديث أسماء في فطر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في يوم غيم.