المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - من أتلف شيئا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا - تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية - جـ ١

[وليد السعيدان]

فهرس الكتاب

- ‌1 - العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقاتٍ مختلفة

- ‌2 - لا يجوز تقديم العبادة على سبب وجوبها ويجوز بعد السبب وقبل شرط الوجوب

- ‌3 - لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض

- ‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك

- ‌5 - إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل

- ‌6 - كل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالمشروع تركه

- ‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما

- ‌8 - العدل أكبر مقاصد الشريعة في العقيدة والأحكام

- ‌9 - النهي إن عاد إلى الذات أو شرط الصحة دل على الفساد وإن عاد إلى أمر خارج فلا

- ‌10 - الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل

- ‌11 - الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌12 - الأصل براءة الذمم إلا بدليل

- ‌13 - الأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌14 - لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة

- ‌15 - لا تقبل العبادة إلا بالإخلاص والمتابعة

- ‌16 - لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة

- ‌17 - من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا

- ‌18 - إذا اجتمعت عبادتان من جنسٍ واحد ووقتٍ واحد وليست إحداهما مفعوله على وجه القضاء والتبع دخلت إحداهما في الأخرى

- ‌19 - كل حكم لم يرد في الشرع ولا اللغة تحديده حُدَّ بالعرف

- ‌20 - إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ما أمكن

- ‌21 - فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهم ما أمكن

- ‌22 - الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب

- ‌23 - من كرر محظورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول

- ‌24 - كل عبادة انعقدت بدليل شرعي فلا يجوز إبطالها إلا بدليل شرعي آخر

- ‌25 - من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة،ولغيره يقبل مطلقًا

- ‌26 - لا يضمن الأمين تلف العين بلا تعدٍ ولا تفريط والظالم يضمن مطلقًا

- ‌27 - العبادات المؤقتة بوقتٍ تفوت بفوات وقتها إلا من عذرٍ

- ‌28 - لا تكليف إلا بعقل وفهم خطاب واختيار

- ‌29 - كل حكم في تطبيقه عسر فإنه يصحب باليسر

الفصل: ‌17 - من أتلف شيئا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا

إذًا هناك فرق بين ترتب الإثم وترتب الضمان، فلا يترتب الإثم إلا بالشروط الثلاثة وأما الضمان فإن سببه الإتلاف بغض النظر عن المتلف، بل الضمان يكون بإتلاف غير المكلف كالمجنون والبهيمة ذلك لأنه من الأحكام الوضعية لا التكليفية، والله تعالى أعلم.

القاعدة السابعة عشر

‌17 - من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا

اعلم - رحمك الله تعالى - أن الأصل أن كل من أتلف شيئًا فإن عليه ضمانه، وهذا الأصل قد دلت عليه الأدلة الشرعية، لكن هذا الأصل ليس على إطلاقه وإنما يخص منه الجزء الثاني من هذه القاعدة، وذلك أن الإنسان إذا تعمد إتلاف شيء فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون لضرورة وإما لا، فإن كان أتلف مال غيره بلا ضرورة فهو ضامن مطلقًا، وأما إذا أتلفه للضرورة فلا يخلو من حالتين: إما أن يتلفه حتى يدفع الضرورة به، وإما أن يتلفه ليدفع ضرره عنه، والحالتان مختلفتان وبيان اختلافهما هو أن الضرورة إذا قامت بالإنسان كجوعٍ ونحوه ووجد حيواناً لإنسان آخر فذبحه ليأكله فإنه في هذه الحالة أتلف مال غيره ليدفع به الضرورة عن نفسه، وأما الثانية كأن يصول عليه حيوان مفترس لغيره فيدفع ضرره عنه بقتله. ففي الحالة الأولى لم يصدر من المُتْلَفِ أيَّ أذىً وإنما حصل الاعتداء عليه، وفي الحالة الثانية لم يحصل من المُتْلِفِ تعدٍ وإنما الأذى حصل من المُتْلَفِ فدفع المُتْلِفِ أذى المُتْلَفِ عنه، فبان الفرق بينهما.

إذا علمت هذا واتضح الفرق فاعلم أنه إذا تعدى أحد على مال غيره بإتلاف لقصد الانتفاع بمال الغير فإنه متعدٍ وكل متعدٍ فهو ضامن لما أتلفه، ومن دفع عن نفسه أذى غيره فالواجب عليه أن يدفعه بالأسهل فالأسهل فإن أدى دفاعه عن نفسه إلى إتلاف المتعدي فإنه في هذه الحالة لا ضمان عليه لأنه لم يتعد وإنما دفع الأذى عن نفسه وهذا واضح - إن شاء الله - ويتضح أكثر بذكر الفروع على كلا الأمرين:

ص: 66

منها: من صال عليه إنسان يريد عرضه أو نفسه فإنه يجب عليه مدافعته بالأسهل فالأسهل، فإن اندفع بالتخويف لم يجز له ضربه، وإن اندفع بضربه لم يجز جرحه، وإن اندفع بجرحه لم يجز قتله، وإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه ولا دية ولا كفارة؛ لأنه لم يقتله لينتفع به وإنما قتله ليدفع ضرره عنه. هذا بالنسبة للمدافعة عن العرض والنفس، وأما المال فإن المدافعة عنه جائزة لو تركها الإنسان لم يأثم، وكذا المدافعة عن النفس حال الفتنة لا تجب بل تركها أولى لقوله صلى الله عليه وسلم:(فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل) وقوله: (فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك) .

ومنها: من أصابته مجاعة فوجد حيوانًا فأتلفه بالذبح ليدفع به ضرورة الجوع فإنه يضمنه لأنه أتلفه لينتفع به وكل من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه (1) .

ومنها: إذا صال على المحرم صيد فله دفعه بالأسهل فالسهل، فإن لم يندفع إلا بقتله فله ذلك، وليس عليه ضمانه لأنه أتلفه ليدفع ضرره عنه لا به.

ومنها: لو خرجت شعره في مكانٍ من جسد المحرم فآذته كما لو نزلت على عينه ونحو ذلك فله قلعها ولا فدية عليه؛ لأنه أتلفها ليدفع ضررها عنه.

ومنها: لو أشرفت سفينة على الغرق فألقى رجل متاع غيره في البحر فإنه يضمن ذلك المتاع؛ لأنه أتلفه لينتفع هو بالبقاء، لكن لو سقط عليه متاع غيره من الأعلى فأبعده عن نفسه فأتلفه فلا ضمان؛ لأنه أتلفه ليدفع ضرر المتاع عنه، ومن أتلف شيئًا ليدفع ضرره عنه فلا ضمان عليه.

ومنها: لو قلع شوك الحرم لأذاه أي لأن الشوك مؤذٍ فلا ضمان على القالع؛ لأنه أتلفه ليدفع ضرره عنه، لكن لو احتاج إلى إيقاد نار فقلع الشوك أو غصن شجرة ضمنه؛ لأنه فعل ذلك لينتفع به. وعلى ذلك فقس.

(1) وفيه قول بعدم الضمان إن كان فقيراً معدماً وصاحب المتلف غني لأن إطعام الجئع فرض كفاية.

ص: 67