المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك - تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية - جـ ١

[وليد السعيدان]

فهرس الكتاب

- ‌1 - العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقاتٍ مختلفة

- ‌2 - لا يجوز تقديم العبادة على سبب وجوبها ويجوز بعد السبب وقبل شرط الوجوب

- ‌3 - لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض

- ‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك

- ‌5 - إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل

- ‌6 - كل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالمشروع تركه

- ‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما

- ‌8 - العدل أكبر مقاصد الشريعة في العقيدة والأحكام

- ‌9 - النهي إن عاد إلى الذات أو شرط الصحة دل على الفساد وإن عاد إلى أمر خارج فلا

- ‌10 - الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل

- ‌11 - الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌12 - الأصل براءة الذمم إلا بدليل

- ‌13 - الأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌14 - لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة

- ‌15 - لا تقبل العبادة إلا بالإخلاص والمتابعة

- ‌16 - لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة

- ‌17 - من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا

- ‌18 - إذا اجتمعت عبادتان من جنسٍ واحد ووقتٍ واحد وليست إحداهما مفعوله على وجه القضاء والتبع دخلت إحداهما في الأخرى

- ‌19 - كل حكم لم يرد في الشرع ولا اللغة تحديده حُدَّ بالعرف

- ‌20 - إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ما أمكن

- ‌21 - فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهم ما أمكن

- ‌22 - الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب

- ‌23 - من كرر محظورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول

- ‌24 - كل عبادة انعقدت بدليل شرعي فلا يجوز إبطالها إلا بدليل شرعي آخر

- ‌25 - من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة،ولغيره يقبل مطلقًا

- ‌26 - لا يضمن الأمين تلف العين بلا تعدٍ ولا تفريط والظالم يضمن مطلقًا

- ‌27 - العبادات المؤقتة بوقتٍ تفوت بفوات وقتها إلا من عذرٍ

- ‌28 - لا تكليف إلا بعقل وفهم خطاب واختيار

- ‌29 - كل حكم في تطبيقه عسر فإنه يصحب باليسر

الفصل: ‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك

ومنها: رجل تيقن النكاح وشك في الطلاق، فنقول: اليقين هو النكاح والمشكوك فيه هو الطلاق، فأنت على نكاحك؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.

ومنها: شك إنسانٌ هل صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ فنقول: اليقين هو أنك صليت ثلاثًا والركعة الرابعة مشكوك فيها والأصل عدمها فعليك أن تجعلها ثلاثًا وتسجد للسهو قبل السلام (1) وعلى ذلك دل حديث أبي سعيد عند مسلم.

ومنها: طاف وشك هل طاف سبعًا أو ستًا فاليقين أنه طاف ستًا والسابع مشكوك فيه فيزيد واحدًا، والقول الجامع في هذا هو أن كل شيء الأصل عدمه وشك في فعله فيحكم بعدم الفعل (2) ، وكل شيء الأصل ثبوته وشك في عدمه فالأصل بقاؤه. وعلى ذلك فقس، والله تعالى أعلى وأعلم.

القاعدة الرابعة

‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك

هذه القاعدة فرع من القاعدة السابقة وخلاصتها: أن الشك يصدر من أحد رجلين، إما أن يصدر من رجلٍ كثير الشك فهو مريض بالوسواس - والعياذ بالله - من ذلك، وإما أن يصدر الشك من رجل معتدل الشكوك.

فالأول: شكه غير معتبر وليس معمولاً به أبدًا لأن مراعاة شك هذا الرجل وبال عليه وتكليف له بما لا يطاق وتكليف ما لا يطاق منتفٍ شرعًا، بل يعالج هذا الرجل بعدم الالتفات إلى شكه بل يفعل الفعل بجزم وحزم ولا يفكر في أي شك يتطرق إليه، إذًا شك كثير الشكوك ليس بمعتبر أي لا نبني عليه حكماً.

(1) إلا إذا كان عنده غلبة ظن فليتحرى ويعمل بغلبة ظنه كما في حديث ابن مسعود وهو في الصحيح راجع الشرح الممتع وفتاوى شيخ الإسلام وبهذا القول تجتمع الأحاديث.

(2)

يقال في الطواف مثل ما قيل في المثال السابق.

ص: 13

وأما: إن صدر الشك من رجلٍ معتدل الشكوك فهذا لا يخلو من حالتين: إما أن يصدر هذا الشك أثناء الفعل أي في حال فعل العبادة، وإما أن يصدر بعد فعلها وانتهائه منها، فإذا صدر الشك بعد العبادة فهو شك ملغىً أي ليس معتبراً؛ لأن الأصل أن الإنسان فعل العبادة تامة وهذا الشك من وسوسة الشيطان وعلاجه عدم الالتفات إليه. وأما إن صدر هذا الشك في أثناء العبادة فهو شك معتبر يعمل به حينئذٍ؛ لأن الشيء الذي شك فيه الإنسان في العبادة الأصل عدمه.

ومن شك في فعلٍ هل فعله أو لم يفعله؟ فالأصل أنه لم يفعله فيأتي بالشيء الذي شك فيه؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، إذًا صار الشك عندنا لا يعتبر في حالتين ويعتبر في حالة واحدة، فلا يعتبر الشك من كثير الشكوك مطلقًا سواءً أثناء العبادة أو بعدها ولا يعتبر الشك من معتدل الشكوك بعد الانتهاء من العبادة، ويعتبر الشك من معتدل الشكوك في أثناء العبادة وبهذا تكون القاعدة قد بانت معالمها وفي ذلك قلت:

والشك بعد الفعل ليس يعتبر

... ومن كثير الشك أيضًا مغتفر

ونضرب بعض الفروع على كل الحالات الثلاث حتى تتضح القاعدة أكثر فأقول:

منها: رجل كثيرة شكوكه فصلى العصر ثم شك هل جلس للتشهد الأول أو لا؟ فالجواب: هذا الشك لا يعتبر سواءً صدر من كثير الشك أو من معتدل الشك، أما عدم اعتباره من كثير الشك فلما مضى أن كثير الشكوك مريض يعالج بأمره بترك شكه وأما وجه عدم اعتباره من معتدل الشك فلأن هذا الشك لم يقع إلا بعد الفعل أي بعد الانتهاء من صلاة العصر والشك من معتدل الشك بعد انتهاء الفعل لا يؤثر، إذًا نقول: صلاة العصر من هذا الرجل صحيحة على كل اعتبار ولا يلتفت إلى شكه مطلقًا ما لم يحصل عنده يقين أنه ترك ذلك.

ص: 14