المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما - تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية - جـ ١

[وليد السعيدان]

فهرس الكتاب

- ‌1 - العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقاتٍ مختلفة

- ‌2 - لا يجوز تقديم العبادة على سبب وجوبها ويجوز بعد السبب وقبل شرط الوجوب

- ‌3 - لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض

- ‌4- لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك

- ‌5 - إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل

- ‌6 - كل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالمشروع تركه

- ‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما

- ‌8 - العدل أكبر مقاصد الشريعة في العقيدة والأحكام

- ‌9 - النهي إن عاد إلى الذات أو شرط الصحة دل على الفساد وإن عاد إلى أمر خارج فلا

- ‌10 - الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل

- ‌11 - الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌12 - الأصل براءة الذمم إلا بدليل

- ‌13 - الأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌14 - لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة

- ‌15 - لا تقبل العبادة إلا بالإخلاص والمتابعة

- ‌16 - لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة

- ‌17 - من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه ومن أتلفه ليدفع ضرره عنه فلا

- ‌18 - إذا اجتمعت عبادتان من جنسٍ واحد ووقتٍ واحد وليست إحداهما مفعوله على وجه القضاء والتبع دخلت إحداهما في الأخرى

- ‌19 - كل حكم لم يرد في الشرع ولا اللغة تحديده حُدَّ بالعرف

- ‌20 - إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ما أمكن

- ‌21 - فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهم ما أمكن

- ‌22 - الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب

- ‌23 - من كرر محظورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول

- ‌24 - كل عبادة انعقدت بدليل شرعي فلا يجوز إبطالها إلا بدليل شرعي آخر

- ‌25 - من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة،ولغيره يقبل مطلقًا

- ‌26 - لا يضمن الأمين تلف العين بلا تعدٍ ولا تفريط والظالم يضمن مطلقًا

- ‌27 - العبادات المؤقتة بوقتٍ تفوت بفوات وقتها إلا من عذرٍ

- ‌28 - لا تكليف إلا بعقل وفهم خطاب واختيار

- ‌29 - كل حكم في تطبيقه عسر فإنه يصحب باليسر

الفصل: ‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما

وإن كان تركًا مجردًا عن قول فإنه لا يدل إلا على كراهة الفعل إذا اعتقد القربة بهذا الفعل، كالسواك عند دخول المسجد يكره إذا كان يعتقد فضيلة السواك في هذا المكان بالذات، والله تعالى أعلى وأعلم.

القاعدة السابعة

‌7- الشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان وفي التروك تسقط بهما

اعلم - رحمك الله تعالى - أن الشروط عندنا نوعان: شروط صحة، وشروط وجوب. فشروط الصحة هي التي لا يصح الفعل إلا بها كالطهارة شرط لصحة الصلاة وكذلك استقبال القبلة وستر العورة وإزالة النجاسة.

وشروط الوجوب هي التي لا تعلق لها بالصحة وإنما لها تعلق بالوجوب فلا يجب الفعل إلا بها لكن يصح بدونها كشرط المحرم للمرأة في الحج، لا يجب عليها الحج إلا عند توفر المحرم، لكن لو حجت بلا محرم فحجها صحيح مع الإثم، كاشتراط الإقامة لوجوب الصوم، فلو صام المسافر لصح صيامه لكن لا يجب عليه إلا بالإقامة، وهكذا

إذا علمت هذا فاعلم أن قولنا في القاعدة (الشروط) إنما نعني بها شروط الصحة لا شروط الوجوب فانتبه لهذا حتى لا تشكل عليك بعض الفروع.

ثم اعلم أن شروط الصحة عندنا نوعان: الأول: شروط كانت معدومة فأمر المكلف بإيجادها، فهذه هي المراد بقولي:(في باب المأمورات) يعني أن المكلف أمر بإيجادها، كالطهارة للصلاة كانت معدومة فأمر المكلف بإيجادها عند كل صلاةٍ إذا كان محدثًا، فالطهارة شرط مأمور بإيجاده. الثاني: شروط أمر المكلف بعدم التلبس بها أي باجتنابها والابتعاد عنها، فهذه هي المرادة بقولي:(في باب التروك) يعني أن المكلف أمر بتركها، كإزالة النجاسة هو شرط تركي بمعنى أن المكلف أمر باجتناب النجاسة والابتعاد عنها لا بفعلها، وإن أشكل عليك ذلك فإليك هذين السؤالين اللذين يوضحان الفرق: فأقول: إذا أشكل عليك شرط من شروط الصحة هل هو من شروط الإيجاد أو من شروط الترك؟ فاسأل نفسك سؤالين:

ص: 28

هل الله أمرنا بالإتيان بهذا الشرط أي بإيجاده وقد كان معدومًا؟ أم أن الله أمرنا بتركه واجتنابه والابتعاد عنه؟

إذا كان الجواب بالأول:نعم، أي أن الله أمرنا بإيجاده فاعرف أنه من شروط المأمورات.

وإذا كان الجواب بالثاني:نعم، أي أن الله أمرنا بتركه واجتنابه والابتعاد عنه فاعرف أنه من شروط التروك، كالطهارة لصحة الصلاة، وترك الأكل لصحة الصيام.

فتقول: هل الله أمرني بفعل الطهارة وإيجادها والتلبس بها أو أمرني بترك الطهارة؟ الجواب: نعم أمرك الله بإيجاد الطهارة عند إرادة الصلاة، إذًا الطهارة شرط مأمور بإيجاده فلا يسقط بالجهل والنسيان.

وتقول: هل الله أمرني إذا صمت أن أوجد الأكل والشرب أو أترك الأكل والشرب؟ الجواب: هو أن أترك الأكل والشرب، إذًا الأكل والشرب لصحة الصوم شرط تركي فيسقط بالجهل والنسيان وهذا واضح جدًا.

وقولنا: (لا تسقط بالجهل والنسيان) المراد به هو الجهل الذي لا يعذر فيه صاحبه كالجهل الذي يقدر المكلف أن يرفعه عن نفسه لكنه فرط في ذلك. وأما النسيان فهو عارض طبيعي يغطي على التفكير ويقطع اتصاله، ولا يؤاخذ الإنسان به في حالٍ دون حال، إذا علمت هذا فاعلم أن دليل هذه القاعدة هو الاستقراء التام لأدلة الشريعة كما سنذكره الآن في بعض الفروع، والله أعلم. فمنها: رجل صلى بلا ستر عورة ناسيًا أو جاهلاً فما الحكم؟ نقول: هل ستر العورة مما أمر المكلف بإيجاده والتلبس به أو مما أمر المكلف بتركه واجتنابه؟ لاشك أن الجواب هو الأول إذا هو شرط مأمور بإيجاده، والشروط المأمور بإيجادها لا تسقط بالجهل والنسيان إذاً صلاته باطلة ويلزمه إعادتها، والله أعلم.

ص: 29

ومنها: صلى رجل بلا استقبال للقبلة جاهلاً الحكم جهلاً لا يعذر فيه أو ناسيًا لاستقبالها، فما الحكم؟ الجواب أن نقول: هل استقبال القبلة مما أمر المكلف بإيجاده أو مما أمر المكلف بتركه واجتنابه؟ الجواب هو الأول إذًا استقبال القبلة من شروط الإيجاد فلا يسقط بالجهل والنسيان فصلاته إذًا باطلة، والله أعلم.

ومنها: رجل تكلم في الصلاة جاهلاً أو ناسيًا فما الحكم؟ نقول إن الكلام في الصلاة مما أمر المكلف بتركه واجتنابه لا مما أمر بفعله فإذًا هو من شروط التروك وشروط التروك تسقط بالجهل والنسيان إذًا صلاته صحيحة ولا شيء عليه ويدل على ذلك حديث معاوية بن الحكم في مسلم.

ومنها: أن من أكل أو شرب في الصلاة ناسيًا أو جاهلاً فإن صلاته صحيحة كثيرًا كان الأكل أو قليلاً؛ لأن الأكل والشرب في الصلاة مما أمر المكلف بتركه واجتنابه فهو شرط تركي وشروط التروك تسقط بالجهل والنسيان.

ومنها: أن من صلى بلا نية ناسيًا لها أن صلاته باطلة؛ لأن النية مما أمر المكلف بإيجاده والتلبس به فهي من شروط الإيجاد وشروط الإيجاد لا تسقط بالجهل والنسيان.

ومنها: أن من أكل أو شرب ناسيًا في رمضان لا شيء عليه ويتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ذلك لأن الأكل والشرب في رمضان مما أمر المكلف بتركه واجتنابه فهو شرط تركي وشروط التروك تسقط بالجهل والنسيان فصومه صحيح وعلى ذلك يدل حديث أبي هريرة: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه

) متفق عليه.

ومنها: من جامع في نهار رمضان جاهلاً أو ناسيًا فإنه لا شيء عليه وصومه صحيح؛ لأن الجماع في نهار رمضان مما أمر المكلف بتركه واجتنابه وعدم فعله فهو إذًا شرط تركي وشروط التروك تسقط بالجهل والنسيان وهذا هو الصحيح خلافًا للمذهب.

ص: 30

ومنها: من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام، أيَّا كان ذلك المحظور جاهلاً أو ناسيًا فلا كفارة ولا فدية؛ لأن هذه المحظورات مما أمرنا بتركها واجتنابها حال الإحرام فهي من شروط التروك وشروط التروك تسقط بالجهل والنسيان وهذا هو الصحيح خلافًا لمن فرق بين الصيد وما كان من باب الإيلاف وبين غيره، والله أعلم.

ومنها: من ترك التسمية على الذبيحة جاهلاً أو ناسيًا فذبيحته حرام وميتة؛ لأن التسمية على الذبيحة مما أمر المكلف بإيجاده وفعله فهي من شروط الإيجاد والشروط في باب الإيجاد لا تسقط بالجهل والنسيان، هذا هو الصحيح وعليه قوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ، وكذلك من ترك التسمية عند إرسال الجارحة أو آلة الصيد كالبندقية ونحوها لا يحل ما اصطاده لأن التسمية من شروط الإيجاد فلا تسقط بالجهل والنسيان، هذا الصحيح خلافًا لمن قال تسقط التسمية في الكل مع النسيان، وخلافًا لمن فرق بينهما فقال تسقط عند الذبح ولا تسقط على الصيد، فإن التسمية على الذبح كالطهارة مع الصلاة،فمن أحَلَّ الذبيحة التي تركت التسمية عليها فليصحح الصلاة التي لا طهارة قبلها، فإن شروط الإيجاد بابها واحد وحكمها واحد وهي متماثلة في أن كل واحد منها مما أمر المكلف بإيجاده، ولذلك اختار شيخ الإسلام حرمة ما ترك عليه التسمية أيًا كان ذبيحة أو صيدًا والحق معه، والله أعلم.

وفروعها كثيرة لكن فيما مضى كفاية - إن شاء الله تعالى -.

ص: 31