المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌59 - يثبت تبعا وضمنا ما لا يثبت استقلالا وقصدا - تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية - جـ ٣

[وليد السعيدان]

فهرس الكتاب

- ‌41 - تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز

- ‌42 - مباشرة الحرام للتخلص منه جائزة

- ‌43، 44 - يدفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما ويحصل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما

- ‌45 - كل وسيلة فإن حكمها حكم مقصدها

- ‌46، 47 - الأصل في العبادات الحظر والتوقيف والأصل في العادات الحل والإباحة

- ‌48 - القصود في العقود معتبرة

- ‌49 - من لا يعتبر رضاه لفسخ عقدٍ أوحَلهِ لا يعتبر علمه به

- ‌50 - كل من سبق إلى مباحٍ فهو أحق به

- ‌51 - اليمين في جانب أقوى المتداعيين

- ‌52 - الأمر بعد الحظر يفيد ما أفاده قبل الحظر

- ‌53 - يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء

- ‌54 - تستعمل القرعة في تمييز المستحِقِّ

- ‌55 - إذا اجتمع مبيح وحاظر غُلِّبَ جانب الحاظر

- ‌56 - إذا تعذر معرفة صاحب الحق نزل منزلة المعدوم

- ‌57 - من تعجل حقه أو ما أبيح له قبل وقته على وجه محرم عوقب بحرمانه

- ‌58 - تقدم اليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزين، واليسرى فيما عداه

- ‌59 - يثبت تبعًا وضمنًا ما لا يثبت استقلالاً وقصدًا

- ‌60 - من سقطت عنه العقوبة لفوات شرط أو لوجود مانعٍ ضوعف عليه الغرم

- ‌61 - من اجتهد وبذل ما في وسعه فلا ضمان عليه وكتب له تمام سعيه

- ‌62 - الأصل أن نفي الشيء يحمل على نفي الوجود إن أمكن، وإلا فنفي الصحة وإلا فنفي الكمال

الفصل: ‌59 - يثبت تبعا وضمنا ما لا يثبت استقلالا وقصدا

القاعدة التاسعة والخمسون

‌59 - يثبت تبعًا وضمنًا ما لا يثبت استقلالاً وقصدًا

(1)

وقد يعبر عنها بعباراتٍ أخرى كقولهم: يغتفر في الشيء ضمنًا ما لا يغتفر فيه قصدًا وكقولهم: يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في الأوائل وكلها بمعنىً واحدٍ، ومعناها: أن الشرائط الشرعية المطلوبة يلزم توافرها جميعًا في المحل الأصلي المقصود، ولكن التوابع له التي ليست مقصودة بعينها فإنه يغتفر فيها، ولو قصد هذا التابع لإبطالها فيغتفرفي التوابع الجهالة والغرر وعدم الرؤية والوصف ونحوها، كل ذلك مغتفر فيها؛ لأنها تابعة لغيرها والتابع تابع، ويدل لهذه القاعدة جميع الأدلة التي دلت على القاعدة:(التابع في الوجود تابع في الحكم) ؛ لأنها فرع عنها وبما أننا ذكرنا أدلتها هناك فيكتفى عن أعادتها هنا، بل وحتى فروع القاعدة الماضية هي بعينها فروع هذه القاعدة.

ونزيد بعض الفروع من باب التوضيح فأقول:

منها: الأصل أن قصد قتل المسلم لا يجوز للأدلة القاضية بذلك لكن لو تترس كفار بمسلمين وخفنا من عدم رميهم هجومهم واستحلال ديار الإسلام فحينئذٍ يجب الدفع ورميهم بقصد قتل الجنود الكافرة، فإذا أدى ذلك إلى قتل من تترسوا به من المسلمين فلا بأس ولا ضمان؛ لأن قتلهم حينئذٍ لم يكن مقصودًا وإنما دخل ضمنًا لقتل الكفار، فقتلهم ضمنًا لا بأس به وأما القصد لقتلهم فلا يجوز فثبت ضمنًا ما لم يثبت قصدًا.

ومنها: من حلف لا يشتري صوفًا فاشترى شاة ذات صوف لم يحنث؛ لأن الصوف حينئذٍ تابع للشاة ودخل معها في البيع ضمنًا ولم يقصد في البيع أصلاً، لكن لو قصد شراء الصوف لحنث.

(1) هذه تابعة للقاعدة " الثانية والثلاثون " فلو ذُكرت فرعاً لها أو على الأقل بعدها.

ص: 78

ومنها: من المعلوم في الشريعة أن النساء لا مدخل لهن في إثبات النسب استقلالاً لكن لو شهد النساء بالولادة فإن شهادتهن بإثباتها صحيحة، وإذا ثبتت الولادة ثبت النسب تبعًا، فثبت النسب بشهادتهن تبعًا ولم تثبت بشهادتهن به استقلالاً.

ومنها: أن شهادة النساء لا يثبت بها انفساخ عقد الزوجية لكن لو شهدت امرأة مأمونة بأنها قد أرضعت فلانًا وفلانة وقد تزوجها فإنه يثبت أنه أخوها من الرضاع، ومن ثَمَّ ينفسخ عقد الزوجية، لكن انفساخه هنا تبعًا لثبوت المحرمية بالرضاع.

ومنها: أنه يشترط لصحة الوقف أن يكون ثابتًا كالعقار ونحوه وأما المنقول فإنه لا يصح وقفه وهذا في رواية في المذهب فابتداء وقف المنقول لا يصح، لكن لو أوقف قرية كاملة بما فيها، وكان فيها بعض المنقولات فإنها تدخل في الوقف تبعًا، فثبت تبعًا وضمنًا ما لم يثبت استقلالاً وقصدًا.

ومنها: الحمل في البطن لا يجوز إفراده بالبيع ابتداء أي لا يصح أن يقصد وحده بالبيع، لكن لو بيعت أمه فإنه يدخل معها في البيع تبعًا وضمنًا، فبيعه ابتداء لا يجوز ودخوله مع بيع أمه ضمنًا جائز فثبت ضمنًا ما لم يثبت استقلالاً، وكذلك ذكاته فإنه لو نزل حيًا للزم لحله ذكاة خاصة، لكن لو ذكيت أمه ونزل ميتًا فإنه حلال؛ لأن ذكاته ذكاة أمه وفي ذلك حديث، وقد ذكرت هذين الفرعين في قاعدة التابع تابع.

ومنها: أنه تغتفر الجهالة في الأشياء التي لم تقصد في البيع وإنما تدخل تبعًا لغيرها كأساسات الدار ود اخل الجدر ونحوها، فهي وإن كانت مجهولة إلا أن الجهالة مغتفرة؛ لأنها دخلت في البيع ضمنًا لبيع الدار، وعلى ذلك فقس.

ص: 79