المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بسم الله الرحمن الرحيم - إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات

[ابن الوزير]

الفصل: ‌بسم الله الرحمن الرحيم

‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْحَمد لله وَحده المهم الثَّانِي الْكَلَام فِي حِكْمَة الله تَعَالَى تمّ فِي مَشِيئَته ومحبته وأفعال الْعباد وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْكفْر وَالْفِسْق والوعد والوعيد

وَهَذَا المهم يخْتَص بِمن قد عرف من علم الْكَلَام وَالِاخْتِلَاف مَا أمرض قلبه أَو منع يقينه بالاعتقاد الْجملِي أَو من رسخت فِي قلبه العصبية وَلم يسْتَطع دَفعهَا من غير حجَّة حِين بقيت بِلَا معَارض أَو من ضل بالتقليد وَمن كَانَ فِي عَافِيَة من ذَلِك فَلَا يحْتَاج اليه وَالله أعلم

ولنبدأ بالْقَوْل فِي الْحِكْمَة لِأَنَّهَا الاساس فانها نوع مَخْصُوص من علم الله تَعَالَى بالمنافع الْخفية والعقول الحميدة والمصالح الراجحة وَبهَا تبرز أَفعاله تَعَالَى من الْقُدْرَة إِلَى الْوُجُود ويتبين عجز الْعُقُول عَن مدارك جَمِيع مَا لَهُ سبحانه وتعالى من الْحِكْمَة وَالْكَرم والجود فَنَقُول وَبِاللَّهِ نستعين وَهُوَ حسيبنا وَنعم الْوَكِيل

الْمَسْأَلَة الأولى فِي إِثْبَات حِكْمَة الله تَعَالَى فِي جَمِيع أَفعاله وَأَن ذَلِك أحوط وَمَعْنَاهَا هَهُنَا الْعلم بِأَفْضَل الاعمال وَالْعَمَل بِمُقْتَضى ذَلِك الْعلم مِثَاله الْعلم بِأَن الصدْق أولى من الْكَذِب وَالْعدْل أولى من الْجور والجود أولى من الْبُخْل والاحسان أولى من الاساءة وَلَا خلاف فِي تَسْمِيَة هَذَا الَّذِي ذكرته حِكْمَة فِي حق الْحُكَمَاء وَالْعُلَمَاء من الْخلق وَإِنَّمَا ادّعى بعض الغلاة أَن مثل ذَلِك مِنْهَا محَال فِي حق الرب عز وجل كَمَا يَأْتِي فَسَاده وتختلف الْعبارَات عَمَّا ذكرنَا وَالْمعْنَى وَاحِد

وَقد ذكر ابْن الاثير فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث أَن الْحِكْمَة الْعلم

ص: 181

بِأَفْضَل الاعمال وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة} فان النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلمهُمْ الصناعات بالاجماع وَإِنَّمَا كَانَ يعلمهُمْ أفضل الْأَعْمَال من أحسن الْأَخْلَاق وعَلى هَذَا التَّفْسِير قَوْله تَعَالَى {حِكْمَة بَالِغَة فَمَا تغن النّذر} وَقَوله تَعَالَى {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة أَن اشكر لله وَمن يشْكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ} وَقَوله تَعَالَى {وَمَا أنزل عَلَيْكُم من الْكتاب وَالْحكمَة يعظكم بِهِ} وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم فيضل الله من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} وَقَول عِيسَى عليه السلام {وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فانه لَا يَصح تَأْوِيل الْحَكِيم فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ وَغَيرهمَا بالمحكم لعدم الْمُنَاسبَة كَمَا سَيَأْتِي

وَعبارَة أهل الْكَلَام فِي تَفْسِير الْحِكْمَة أَنَّهَا اثبات دَاع رَاجِح إِلَى جَمِيع مَا فعله الله وأراده وان خَفِي على خلقه أَو كثير مِنْهُم والمرجع بِهَذَا الدَّاعِي إِلَى علم الله تَعَالَى بالمصالح والغايات الحميدة وَسبب وُقُوع الْخلاف فِي ذَلِك أَن قوما مِمَّن أثبت الْحِكْمَة غلوا فِي ذَلِك فأوجبوا معرفَة الْعُقُول للحكمة بِعَينهَا على جِهَة التَّفْصِيل فجاؤا بأَشْيَاء ركيكة فَرد عَلَيْهِم ذَلِك طَائِفَة من الاشعرية وغلوا فِي الرَّد وَأَرَادُوا حسم مواد الِاعْتِرَاض بِنَفْي التحسين الْعقلِيّ واستلزم ذَلِك نفي الْحِكْمَة فتجاوزوا الْحَد فِي الرَّد فوقعوا فِي أبعد مِمَّا ردُّوهُ وَأَشد وَخير الامور أوسطها

وَالْقَوْل بحكمة الله تَعَالَى أوضح من أَن يرْوى عَن صَحَابِيّ أَو تَابِعِيّ أَو مُسلم سَالم من تَغْيِير الْفطْرَة الَّتِي فطر الله خلقه عَلَيْهَا وَلذَلِك تقر بِهِ الْعَوام من كل فرقة ويقر بِهِ كل من لم يَتَلَقَّن خِلَافه من اتِّبَاع غلاة بعض الْمُتَكَلِّمين على مَا فيهم من الشذوذ وَقد اجتهدوا واحتالوا فِي تَحْسِين مَذْهَبهم بِمُجَرَّد عِبَارَات مزخرفة لَيْسَ تحتهَا أثارة من علم مثل تَسْمِيَة الْحِكْمَة الْعلَّة وإبهام

ص: 182

أَن القَوْل بالحكمة يقْدَح فِي كَون الله غَنِيا وَهَذَا من أبطل الْبَاطِل وَلَو كَانَ ذَلِك يقْدَح فِي غناهُ وَجب أَن يقْدَح فِي غناهُ وجوب وَصفه بِكَوْنِهِ عليما قَدِيرًا سميعا بَصيرًا إِلَى سَائِر أَسْمَائِهِ الْحسنى خُصُوصا كَونه تَعَالَى مرِيدا وَلزِمَ مَذْهَب الْمَلَاحِدَة فِي نفي جَمِيع أَسْمَائِهِ وَكَانَ الْمَعْدُوم والجماد أغْنى الْأَغْنِيَاء وَقد تقرر فِي قَوَاعِد أهل الاسلام نفي التَّشْبِيه عَن ذَات الله تَعَالَى وصفات وأفعاله وتقرر أَن المُرَاد بِنَفْي التَّشْبِيه تَعْظِيم الرب جلّ وَعز فِي ذَاته وَصِفَاته وأفعاله لَا نفي الصِّفَات والاسماء والممادح

فَمن الْوَاجِب فِي نفي التَّشْبِيه عَن أَفعاله أَن تكون أكمل من أَفعَال المخلوقين من جَمِيع الْوُجُوه لَا أَنَّهَا تكون أخس وَلَا أنقص فِي وَجه وَاحِد من الْوُجُوه المحمودة

وَلَا ريب وَلَا شُبْهَة أَن قَاعِدَة الْكَمَال فِي الافعال أَن يكون صدورها عَن الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي توجيهها إِلَى الْمصَالح الراجحة والعواقب الحميدة فَكلما ظهر ذَلِك فِيهَا كَانَت أدل على حِكْمَة فاعلها وَعلمه وَحسن اخْتِيَاره ومحامده وَكلما بَعدت عَن ذَلِك كَانَت أشبه بالآثار الاتفاقية وَمَا يتَوَلَّد عَن الْعِلَل الْمُوجبَة وأشبهت أَفعَال الصّبيان فِي ملاعبهم والمجانين فِي خيالاتهم فَلَا يُوجد فِي أَفعَال المخلوقين أخس وَلَا أنقص من أَفعَال الصّبيان والمجانين لخلوها عَن الْحِكْمَة مَعَ أَنَّهَا لم تخل من مُوَافقَة شهواتهم وَلم تجرد عَن كل دَاع فَمن نفي عَن أَفعَال الله كل دَاع وَحِكْمَة فقد جعلهَا من هَذِه الْجِهَة أنقص قدرا من أَفعَال الصّبيان والمجانين فِي ملاعبهم وجنونهم

وأصل أهل الاسلام تَحْرِيم تَشْبِيه أَفعَال الله بِأَفْعَال الْعُقَلَاء والحكماء فِي كمالها وَعدم مداناتهم لَهَا فِي ذَلِك لزيادتها فِي الْكَمَال فِي ذَلِك وبلوغها فِي الزِّيَادَة إِلَى منزلَة لَا تبلغها عقول الاذكياء والحكماء كَمَا أَن الْحَيَوَان البهيمي لَا يبلغ بِمَا لَهُ من الالهام إِلَى تعرف حِكْمَة الْحُكَمَاء وتصانيف الأذكياء ومعارف الفطناء وَلَا يتَمَكَّن من معرفَة مِقْدَار زيادتهم عَلَيْهِ فَكَذَلِك الْحُكَمَاء لَا يعْرفُونَ جَمِيع حِكْمَة الله تَعَالَى وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يعرفوا مِقْدَار زيادتها على حكمتهم كَمَا وضح فِي قصَّة مُوسَى مَعَ الْخضر عليهما السلام وَللَّه

ص: 183

الْمثل الْأَعْلَى وَكَيف تجْعَل أَفعَال أحكم الْحَاكِمين أنقص رُتْبَة فِي خلوها عَن الْحِكْمَة وَأبْعد عَنْهَا من مرتبَة أَفعَال الصّبيان والمجانين والساهين

وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنهم جعلوها أنقص فِي ذَلِك لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنهم قطعُوا بخلوها كلهَا عَن كل حِكْمَة وداع وَسبب وَمنعُوا أَن تكون أَفعاله كلهَا أرجح من أضدادها إِلَّا فِي الاقوال فأوجبوا الصدْق فِي أَقْوَال الله تَعَالَى وَمنعُوا ضِدّه وَهُوَ الْكَذِب ولزمهم بذلك الْمُوَافقَة على ثُبُوت مثل ذَلِك فِي الافعال إِذْ لم يفرقُوا بَين الْأَفْعَال والأقوال بِحجَّة بَيِّنَة وَلَكِن خَافُوا من تَجْوِيز الْكَذِب على الله صَرِيح الْكفْر وَإِنَّمَا الاقوال نوع من الْأَعْمَال

وَقد أَجمعت الامة على دُخُول الاقوال والاعمال فِي الْوَعْد والوعيد على الاعمال وَفِي الصَّحِيح أَن أفضل الْعلم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي شرح الْعُمْدَة أَنه لَا تردد فِي دُخُول الاقوال فِي حَدِيث (الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ) وأمثال ذَلِك كَثِيرَة جدا هَذَا فِي اللُّغَة وَالنَّص والاجماع وَأما الْعقل فَلَا ريب فِي تساويهما فِي ذَلِك فَمَا بالهم أوجبوا صِيَانة الاقوال الربانية عَن النقائص وَأما فِي الْأَفْعَال الربانية فحكموا بِأَنَّهُ تَعَالَى لَو عكس الحكم فِي جَمِيع أوامره العادلة الْمصلحَة الحكيمة فِي شرائعه وَأَحْكَامه فِي الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ فِي يَوْم الْقِيَامَة أَو عذب الْأَنْبِيَاء والأولياء وأهانهم وأخزاهم بذنوب غَيرهم ثمَّ أَدخل أعداءه وأعداءهم الْجنَّة بحسناتهم واكرامهم وعظمهم مَا كَانَ هَذَا الْحَال عَلَيْهِ بأبعد عَن حكمته ومحامدة فِي الْعقل والسمع مِمَّا هُوَ فَاعله سبحانه وتعالى مِمَّا تمدح بِهِ وَسَماهُ حَقًا وعدلا وَحِكْمَة وصوابا وتمدح لذَلِك بِأَنَّهُ لَا معقب لحكمه وَلَا مبدل لكلماته وَبِأَنَّهُ إِذا بدل آيَة مَكَان آيَة لَا يبدلها إِلَّا بِمَا هُوَ خير مِنْهَا أَو مثلهَا فزعموا أَن التَّسْوِيَة بَين أَحْكَامه وأضدادها هُوَ مُقْتَضى الْعُقُول والشرائع لَكِن الشَّرَائِع وَردت بالْخبر عَن وُقُوع أحد الجائزين المتماثلين فِي الْحِكْمَة مثل تماثلهما فِي الْقُدْرَة بل المتماثلين فِي الْقُدْرَة بِلَا حِكْمَة عِنْدهم إِلَّا الصدْق فِي الْخَبَر فَوَاجِب وَحده فانا لله إِن كَانَت ذهبت الْعُقُول فَأَيْنَ الْحيَاء من الله تَعَالَى وَكتبه وَرُسُله وَالْمُسْلِمين

وَمن الْعجب ظنهم أَن هَذَا كُله جَائِز عَلَيْهِ فِي أَفعاله عقلا وَلَا يجوز فِي أَقْوَاله عقلا أدنى نقص وَلَا لغب وَهُوَ كَمَا قَالُوا فِي الْأَقْوَال لَكِن الصَّوَاب

ص: 184

صِيَانة أَفعاله كأقواله من الاهمال بل إهمال الافعال من الْحِكْمَة أضرّ وأقبح من إهمال الْأَقْوَال وَكم بَين التخليد فِي عَذَاب جَهَنَّم بِلَا ذَنْب بل بذنب الْغَيْر وَبَين الْخلف فِي وعد بمثوبة عِنْد جَمِيع الْعُقَلَاء فَمن لم يجز عَلَيْهِ هَذَا الْخلف كَيفَ يجوز عَلَيْهِ ذَلِك التعسف

وَثَانِيهمَا أَنهم جعلُوا صُدُور الافعال مِنْهُ تَعَالَى عَن حِكْمَة محالا عَلَيْهِ غير مُمكن لَهُ وَلَا دَاخل فِي مقدوره كاحالة الْأكل وَالشرب عَلَيْهِ وصدورها عَن حِكْمَة غير محَال فِي حق الصّبيان والمجانين والغافلين والنائمين والمفسدين عِنْد الْجَمِيع بل يلْزمهُم أَن الله تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا لَو عكس الصدْق وَالْحق وَبعث الْكَاذِبين المفسدين وأيدهم بالمعجزات مَا كَانَ أولى من عكس ذَلِك وَلم ينفصلوا عَن هَذَا الالزام بِوَجْه بَين وَإِنَّمَا خرموا قاعدتهم فِيهِ خوفًا من صَرِيح الْكفْر فَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا يمْتَنع الْكَذِب فِي كَلَام الله تَعَالَى لِأَنَّهُ قديم وَهَذَا قد جوز أَن الْكَذِب من حَيْثُ هُوَ كذب قَبِيح لكنه مَعَ ذَلِك نسب إِلَى الله تَعَالَى عدم الْقُدْرَة عَلَيْهِ فَجمع بَين تجويزه نقصين نقص الْكَذِب لَو دخل فِي قدرَة الله تَعَالَى وَنقص الْعَجز عَنهُ تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا

وَلذَلِك أبْطلهُ الرَّازِيّ بِأَن الْقدَم يخْتَص الْكَلَام النَّفْسِيّ لَا الْأَصْوَات عِنْدهم وَقَالَ الرَّازِيّ إِنَّمَا يمْتَنع الْكَذِب على الله تَعَالَى لِأَن صفة النَّقْص لَا تجوز على الله تَعَالَى وَهَذَا كَلَام صَحِيح لَكِن كَون الْكَذِب صفة نقص اعْتِرَاف بالتحسين والتقبيح وَثُبُوت الْحِكْمَة عقلا وَإِذا وَقع الاجماع على أَن الْكَذِب صفة نقص وعَلى أَنه إِنَّمَا امْتنع على الله لكَونه صفة نقص فَكَذَلِك تَعْذِيب الانبياء بذنوب أعدائهم وإثابة أعدائهم بحسناتهم فِي يَوْم الْقِيَامَة وَيَوْم الدّين وَالْحق وَالْعدْل فانه محَال على الله تَعَالَى عقلا وسمعا من الْجِهَة الَّتِي اسْتَحَالَ عَلَيْهِ الْكَذِب مِنْهَا وَمن زعم أَن بَينهمَا فرقا فِي النَّقْص على الْعدْل الْحَكِيم فقد أبطل وَالله يحب الانصاف على أَن بعثة الرُّسُل الصَّادِقين دون الْكَذَّابين من محسنات الافعال الَّتِي نازعوا فِيهَا وَلَيْسَت من صدق الاقوال الَّذِي أوجبوه فلزمهم تَجْوِيز بعثة الْكَذَّابين وتأييدهم بالمعجزات وَلذَلِك لما قرر هَذَا بعض أَئِمَّة المعقولات مِنْهُم لم ينْفَصل عَنهُ إِلَّا بالزام

ص: 185

خصومهم مثله وَترك ذَلِك كَذَلِك غنيمَة بَارِدَة للزنادقة والملاحدة مَتى وقفُوا عَلَيْهِ أَو ظفروا بِهِ وَالله الْمُسْتَعَان

وَقد أَجمعت الامة وَعلم من الدّين ضَرُورَة أَن الله تَعَالَى تمدح بِأَنَّهُ الْملك الحميد وَإِلَى هذَيْن الاسمين الشريفين ترجع متفرقات أَسْمَائِهِ الْحسنى فَمَا كَانَ مِنْهَا يَقْتَضِي كَمَال الْعِزَّة وَالْقُدْرَة والجبروت والاستقلال والجلال دخل فِي اسْم الْملك وَعَاد اليه وَمَا كَانَ مِنْهَا يَقْتَضِي الْجُود وَالرَّحْمَة واللطف والصدق وَالْعدْل وكشف الضّر وأمثال ذَلِك من الممادح دخل فِي اسْم الحميد وَعَاد اليه وَرُبمَا عبر عَنْهُمَا بِمَا رادفهما أَو أَحدهمَا مثل قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم أهل الثَّنَاء وَالْمجد وَقَوله إِنَّك حميد مجيد فان الْمجد هُوَ الْملك وَالثنَاء هُوَ الْحَمد فَمن النَّاس من نظر إِلَى اسْم الْملك فَعَظمهُ ووفاه حَقه بِالنّظرِ إِلَى معارف الْبشر وَقصر فِي اسْم الحميد وَمَعْنَاهُ بِنَفْي الْحِكْمَة عَن أَفعاله كلهَا كَمَا أَن من النَّاس من عكس فَبَالغ فِي اسْم الحميد وَقصر فِي تَعْظِيم ملكه وَقدرته وعزته فَلم يَجْعَل لَهُ قدرَة على اللطف بِعَبْد وَاحِد من جَمِيع عباده العصاة كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَة الْمَشِيئَة وَجَمِيع أَئِمَّة الاسلام العارفين جمعُوا بَين تَعْظِيم هذَيْن الاسمين الشريفين ووفوا كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقه على حسب قوى الْبشر فِي ذَلِك وَمِمَّا قلته فِي ذَلِك فِي الاجادة

(فَمن قَاصد تنزيهه لَو رعى لَهُ

من الجبروت الْحق عز التعاظم)

(وَمن قَاصد تَعْظِيمه لَو رعى لَهُ

محامد ممدوح بِأَحْكَم حَاكم)

(وحافظ كل العارفين عَلَيْهِمَا

وَهَذَا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم لقائم)

ذَلِك أَن اسْم الْملك يَقْتَضِي تفرده بالخلق والامر والعزة وَعلم الغيوب وَالْقُدْرَة على كل شَيْء ثمَّ أَن الْكَمَال الاعظم فِي ذَلِك كُله يَقْتَضِي نُفُوذ الْمَشِيئَة وَسبق الْقَضَاء من غير جبر كَيْلا يفوت عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ مُرَاد واسْمه الحميد يَقْتَضِي كَمَال الْحَمد وَالْعدْل وَالْحكمَة وَالْفضل والصدق والجود وَالثنَاء وَالتَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس ثمَّ أَن الْكَمَال الْأَعْظَم فِي ذَلِك كُله يَقْتَضِي أوفر نصيب لأفعاله الحميدة وَأَحْكَامه العادلة من التَّنْزِيه عَن اللّعب والعبث والخلو عَن الْحِكْمَة والمساواة بَينهَا وَبَين أضدادها وَهَذَا مَا لَا شُبْهَة

ص: 186

فِيهِ وَلذَلِك نَص عَلَيْهِ كثير من أَئِمَّة الْآثَار بل من عُلَمَاء الْكَلَام الَّذين رُبمَا اتهمهم خصومهم أَنهم من نفاة الْحِكْمَة

وَأَنا أورد من ذَلِك الْيَسِير على قدر هَذَا الْمُخْتَصر فَمن ذَلِك أَن ابْن الْحَاجِب جزم فِي كِتَابه مُخْتَصر مُنْتَهى السؤل والامل باجماع الْفُقَهَاء على أَن أَفعَال الله تَعَالَى فِي الشَّرَائِع معللة ذكره فِي دَلِيل الْعَمَل بالسير وَتَخْرِيج المناط من الْقيَاس وَذكر فِي مسالك الْعلَّة أَنَّهَا صَرِيح وتنبيه وإيماء فالصريح مثل لعِلَّة كَذَا أَو بِسَبَب أَو لاجل أَو لكَي أَو اذن أَو مثل لكذا أَو ان كَانَ كَذَا أَو بِكَذَا أَو مثل فانهم يحشرون أَو فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا وَمثل سَهَا فَسجدَ ثمَّ ذكر أَقسَام التَّنْبِيه والايماء بعد ذَلِك وَجَمِيع الاشعرية يتابعونه على ذَلِك فِي أصُول الْفِقْه كالرازي فِي الْمَحْصُول وَالْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى وَجَمِيع من أثبت الْقيَاس فِي الْفُرُوع وَكَذَلِكَ شرَّاح كِتَابه مِنْهُم وَمن غَيرهم مَعَ كثرتهم وَأَكْثَرهم أشعرية قرروا ذَلِك وَلم يعترضوه وَقد قيل أَنه شرح بسبعين شرحا

وَأما قَول عضد الدّين فِي شَرحه وجوبا عِنْد الْمُعْتَزلَة وتفضلا عِنْد غَيرهم فانما أَرَادَ ارسال الرُّسُل لَا تَعْلِيل الاحكام الشَّرْعِيَّة وَإِلَّا بَطل الْقيَاس وَلِأَن هَذَا النَّقْل عَن الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم بَاطِل فِي تَعْلِيل الاحكام الشَّرْعِيَّة وَكَذَلِكَ ذكر الْحَافِظ أسعد بن عَليّ الْمَعْرُوف بالزنجاني أَن ذَلِك مَذْهَب أهل السّنة وَهُوَ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة ذكره فِي شرح قصيدته الشهيرة فِي الْحَث على السّنة وَهِي الَّتِي أَولهَا (تمسك بِحَبل الله وَاتبع الْخَبَر) وَذكر الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة عِكْرِمَة من الْمِيزَان مَا يدل على ذَلِك وَكَذَلِكَ الامام الْخطابِيّ والعلامة الدَّمِيرِيّ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة وَأهل السّنة ذكرا حِكْمَة الله تَعَالَى فِي خلق الدَّاء والدواء فِي جناحي الذُّبَاب والهامة تَقْدِيم مَا فِيهِ الدَّاء وَتَأْخِير مَا فِيهِ الدَّوَاء ردا على من من طعن فِي الحَدِيث بذلك ونصا على أَن لله حِكْمَة فِي كل شَيْء وطولا فِي ذَلِك ذكره الدَّمِيرِيّ فِي كِتَابه حَيَاة الْحَيَوَان فِي ذكر الذُّبَاب من حرف الذَّال

وَشرح ابْن الْأَثِير الْحَكِيم بالحاكم وبذى الْحِكْمَة مَعًا وَلم يُنكر تَفْسِيره بِذِي الْحِكْمَة ويجعله من الْبدع وَفسّر الْحِكْمَة بِمَعْرِِفَة أفضل الْأَشْيَاء بِأَفْضَل الْعُلُوم فَجعل الاشياء متفاضلة فِي أَنْفسهَا وَالْحكمَة معرفَة ذَلِك وَهَذَا هُوَ المُرَاد وَإِذا كَانَ للاسم الشريف مَعْنيانِ صَحِيحَانِ مشتملان على الْحَمد

ص: 187

وَالثنَاء لم يَصح منع أَحدهمَا على أَن تَفْسِير الْحَكِيم بالحاكم مُطلقًا مِمَّا لم أره فِي كتب اللُّغَة وَلَعَلَّ ابْن الْأَثِير قلد فِيهِ بعض الْمُتَكَلِّمين وَهَذِه كتب اللُّغَة مَوْجُودَة وَالله يحب الانصاف

وَذكر ابْن كثير فِي الأول من الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة فِي قصَّة نوح عليه السلام فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم هُوَ ربكُم وَإِلَيْهِ ترجعون} قَالَ ابْن كثير أَي من يرد الله فتنته فَلَنْ يملك أحد هدايته هُوَ الَّذِي يهدي من يَشَاء ويضل من يَشَاء وَهُوَ الفعال لما يُرِيد وَهُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم بِمن يسْتَحق الْهِدَايَة مِمَّن يسْتَحق الغواية وَله الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالْحجّة الدامغة اه بِحُرُوفِهِ هُوَ إِشَارَة إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} كَمَا ذكره الذَّهَبِيّ

فالزنجاني والذهبي وَابْن كثير من أَئِمَّة الاثر وأئمة الشَّافِعِيَّة وَأهل السّنة وَقد تطابقوا على تَعْلِيل أَفعَال الله بالحكمة من غير حِكَايَة خلاف فِي ذَلِك بل ذكر ذَلِك الْغَزالِيّ مَعَ توغله فِي علم الْكَلَام ذكره فِي الْمَقْصد الْأَسْنَى فِي شرح أَسمَاء الله الْحسنى فِي شرح الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكَذَلِكَ ذكر مثل ذَلِك فِي الاحياء فِي سر الْقدر كَمَا تقدم

وَمن كَلَامه فِي الْمَقْصد الاسنى مَا لَفظه وَلذَلِك قَالَ الله سبقت رَحْمَتي غَضَبي فغضبه ارادته الشَّرّ وَالشَّر بارادته وَرَحمته ارادته الْخَيْر وَالْخَيْر بارادته وَلَكِن أَرَادَ الْخَيْر للخير نَفسه وَأَرَادَ الشَّرّ لَا لذاته بل لما تضمنه من الْخَيْر إِلَى قَوْله فَلَا تشكن أصلا فِي أَن الله أرْحم الرَّاحِمِينَ وانه سبقت رَحمته غَضَبه وَلَا تستريبن فِي أَن مُرِيد الشَّرّ للشر لَا للخير غير مُسْتَحقّ اسْم الرَّحْمَة إِلَى آخر مَا ذكره وَهُوَ كَلَام طَوِيل متداول بَين أهل السّنة وَكَذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فِي حَدِيث وَالشَّر لَيْسَ اليك أَي لَيْسَ بشر بِالنّظرِ إِلَى حكمتك فِيهِ وَإنَّك لَا تفعل الْعَبَث وَذكره فِي الاذكار أَيْضا

وَذكر ذَلِك الْفَقِيه ابْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَمن كَلَامه فِيهِ مَا لَفظه فان البارى لَا يجوز عَلَيْهِ الاهمال بِحَال وَلَا بِوَجْه قَالَ

ص: 188

وَقد وهم فِي ذَلِك المتكلمون من عُلَمَائِنَا فِي بعض الاطلاقات على الله وَذَلِكَ قَبِيح فَلَا تلتفتوا اليه ذكره فِي أول كتاب الصّيام بل قَالَ الرَّازِيّ فِي مَفَاتِيح الْغَيْب إِن مَسْأَلَة الافعال وَقعت فِي حيّز التَّعَارُض بِحَسب تَعْظِيم الله تَعَالَى نظرا إِلَى قدرته وبحسب تَعْظِيمه سُبْحَانَهُ نظرا إِلَى حكمته إِلَى آخر كَلَامه كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَة الافعال ويعضده كَلَامه فِي وَصيته وَفِي أصُول الْفِقْه

وَقَالَ الامام الْعَلامَة مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ إِمَام السّنة مَا لَفظه (فان قَالَ قَائِل) فَمَا معنى قَوْله عليه السلام اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ إِن كَانَ الامر كَمَا وصفت من أَن الَّذِي سبق لأهل السَّعَادَة والشقاء لم يضْطَر وَاحِدًا من الْفَرِيقَيْنِ إِلَى الَّذِي كَانَ يعْمل وَلم يجْبرهُ عَلَيْهِ (قيل) هُوَ أَن أهل كل فريق من هذَيْن مسهل لَهُ الْعَمَل الَّذِي اخْتَارَهُ لنَفسِهِ مزين لَهُ ذَلِك كَمَا قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ {وَلَكِن الله حبب إِلَيْكُم الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبكُمْ وَكره إِلَيْكُم الْكفْر والفسوق والعصيان أُولَئِكَ هم الراشدون فضلا من الله ونعمة وَالله عليم حَكِيم} وَأما أهل الشقاوة فانه زين لَهُم أَعْمَالهم لإيثارهم لَهَا على الْعَمَل بِطَاعَتِهِ كَمَا قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ {إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة زينا لَهُم أَعْمَالهم فهم يعمهون} إِلَى قَوْله لِأَن الْمُضْطَر إِلَى الشَّيْء لَا شكّ أَنه مكره عَلَيْهِ لَا محب لَهُ بل هُوَ لَهُ كَارِه وَمِنْه هارب وَالْكَافِر يُقَاتل دون كفره إِلَى آخر مَا ذكره وَهُوَ كَلَام جيد مطول ذكره بِكَمَالِهِ الْعَلامَة ابْن بطال فِي أَبْوَاب الْقدر من شرح صَحِيح البُخَارِيّ محتجا بِهِ على بطلَان قَول الجبرية الْجَهْمِية وموضحا لبراءة أهل السّنة مِنْهُم وَالْحجّة فِيهِ هُنَا قَوْله لإيثارهم لَهَا على طَاعَته

وَفِي الواحدي فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وأضله الله على علم} عَن سعيد بن جُبَير على علمه فِيهِ وَهُوَ من هَذَا الْقَبِيل وَإِلَّا لم يكن مناسبا وَاحْتَاجَ إِلَى تَفْسِير آخر وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي مواعظه بَث الحكم فَلم يُعَارض بلم وَقَالَ ابْن قيم الْجَوْزِيّ الْحَنْبَلِيّ فِي حادي الْأَرْوَاح مَا لَفظه محَال على أحكم الْحَاكِمين وَأعلم الْعَالمين أَن تكون أَفعاله معطلة عَن الحكم

ص: 189

والمصالح والغايات الحميدة وَالْقُرْآن وَالسّنة والعقول وَالْفطر والآيات شاهدة بِبُطْلَان ذَلِك

وَقَالَ فِي الْجَواب الْكَافِي وَمَا قدرُوا الله حق قدره من نفي حَقِيقَة حكمته الَّتِي هِيَ الغايات المحمودة الْمَقْصُودَة بِفِعْلِهِ وَكَذَلِكَ نصر ذَلِك شَيْخه ابْن تَيْمِية وَبَالغ فِي نصرته وَذكر الزَّرْكَشِيّ فِي شرح جمع الْجَوَامِع نَحْو ذَلِك عَن الْحَنَفِيَّة وَأَنَّهُمْ رَوَوْهُ عَن ح قَالَ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الزنجاني من أَصْحَابنَا وَأَبُو الْخطاب من الْحَنَابِلَة وَهُوَ الْمَنْصُور لقُوته من حَيْثُ الْفطْرَة وآيات الْقُرْآن الْمجِيد وسلامته من الوهن والتعارض

فَهَؤُلَاءِ سَبْعَة عشر من أكَابِر الاشعرية وَأهل الْكَلَام وَأهل السّنَن والْآثَار من الْمُتَأَخِّرين تيَسّر لي النَّقْل عَنْهُم الْآن مَعَ بعدِي عَن دِيَارهمْ دع عَنْك قدماء السّلف الَّذين صانهم الله وصان أزمنتهم عَن الْبدع فَلَو ادّعى مُدع اجماع الْمُتَأَخِّرين مَعَ اجماع الْمُتَقَدِّمين من الْمُسلمين على ذَلِك لما بعد عَن الصَّوَاب وَالله الْهَادِي

أما القدماء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فقد علم ضَرُورَة أَنهم لم يتأولوا اسْم الله الْحَكِيم وَأما الْمُتَأَخّرُونَ فَأَما طوائف الْفُقَهَاء وَأهل الْأَثر والشيعة والمعتزلة على كَثْرَة فرقهم فقد اتَّفقُوا على ذَلِك أما أهل الْأَثر فقد تقدم نَقله عَنْهُم من غير مُعَارضَة وَأما طوائف الْفُقَهَاء فقد نَقله عَنْهُم ابْن الْحَاجِب عُمُوما وَادّعى اجماعهم وَأما كل طَائِفَة مِنْهُم خُصُوصا فقد تقدم نَقله عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَأما الشَّافِعِيَّة فَذكر مِنْهُم جمَاعَة عرفت مِنْهُم وَقت هَذَا التَّعْلِيق عشرَة الْخطابِيّ وَعلي بن خلف بن بطال والزنجاني وَابْن كثير والذهبي وَالْغَزالِيّ وَالنَّوَوِيّ وَابْن الْأَثِير وَالزَّرْكَشِيّ والدميري وَتركت الرَّازِيّ لتعارض كَلَامه فِي ذَلِك وَأما الْمَالِكِيَّة فَذكر مِنْهُم ابْن الْحَاجِب وَابْن الْعَرَبِيّ وصدع بِالْحَقِّ فِي هَذَا الْموضع وَنَصّ على قبح ذَلِك مِمَّن قَالَ بِهِ من متكلميهم وَأما الْحَنَابِلَة فَذكر مِنْهُم أَرْبَعَة ابْن الْجَوْزِيّ وَأَبُو الْخطاب وَابْن قيم الجوزيه وَشَيْخه ابْن تَيْمِية وبالغا فِي نصرته

ص: 190