المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دعاوى خطيرة ليس لها دليل شرعي - إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

[البدر ابن جماعة]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌مُقَدّمَة فِي علم التَّوْحِيد

- ‌السّلف الصَّالح يَخُوضُونَ فِي علم التَّوْحِيد

- ‌فصل

- ‌الْكَلَام فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته

- ‌فصل

- ‌افْتِرَاق أمة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الطّرف الأول المشبهة والمجسمة

- ‌الطّرف الثَّانِي: المعطلة

- ‌اوسط

- ‌خُلَاصَة مُعْتَقد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة

- ‌فصل

- ‌السّلف وَالْخلف

- ‌قَول السّلف فِي الصِّفَات

- ‌الِاعْتِمَاد على الحَدِيث الصَّحِيح دون الضَّعِيف فِي العقائد

- ‌الْخلف

- ‌ التَّأْوِيل

- ‌قِرَاءَة فِي كتاب

- ‌الشبهه الأولى وَدفعهَا

- ‌الشُّبْهَة الثَّانِيَة وَدفعهَا

- ‌الشُّبْهَة الْخَامِسَة وَدفعهَا

- ‌جماع ابواب إِثْبَات صِفَات الله عز وجل

- ‌فصل

- ‌دعاوى خطيرة لَيْسَ لَهَا دَلِيل شَرْعِي

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تَرْجَمَة مؤلف إِيضَاح الدَّلِيل فِي قطع حجج أهل التعطيل

- ‌مصنفاته

- ‌مُقَدّمَة الْكتاب

- ‌للْمُصَنف

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْكَلَام على مَا فِي الْكتاب الْعَزِيز من الْآيَات وتأويلها

- ‌بِمَا يَلِيق بِجلَال الله تَعَالَى من الصِّفَات

- ‌الْقسم الثَّانِي فِيمَا ورد من صَحِيح الْأَخْبَار

- ‌فِي صفة الْوَاحِد القهار

- ‌الحَدِيث الأول فِي ذكر الصُّورَة

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الموفي ثَلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الْقسم الثَّالِث

- ‌فِي الْأَحَادِيث الضعيفة الَّتِي وَضَعتهَا الزَّنَادِقَة أَعدَاء الدّين وأرباب الْبدع المضلين ليلبسوا على النَّاس دينهم

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الموفى عشْرين

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الموفي للثلاثين

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ

الفصل: ‌دعاوى خطيرة ليس لها دليل شرعي

‌فصل

‌دعاوى خطيرة لَيْسَ لَهَا دَلِيل شَرْعِي

1 -

قَالَ أَحْمد عبد الْحَلِيم إِن القَوْل بحلول الْحَوَادِث بِذَات الله تَعَالَى هُوَ مَذْهَب أَكثر أهل الحَدِيث بل أَقُول أَئِمَّة الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي نقلوه عَن سلف الْأمة وأئمتها وَكثير من الْفُقَهَاء والصوفية وَأَكْثَرهم من طوائف الْأَرْبَعَة الْحَنَفِيَّة والمالكية وَالشَّافِعِيَّة والحنبلية من لَا يحصي عدده إِلَّا الله تَعَالَى كَذَا فِي تلبيس الْجَهْمِية

وَقَالَ الدكتور أَحْمد عَطِيَّة الغامدي وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ ابْن تَيْمِية وَذكر أَنه مَذْهَب السّلف وَأَنه الْحق الَّذِي يُؤَيّدهُ الدَّلِيل الشَّرْعِيّ والعقلي هُوَ بِعَيْنِه رَأْي الكرامية

وَقَالَ شَارِح العقيدة الطحاوية ابْن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ التيمى وحلول الْحَوَادِث بالرب تَعَالَى الْمَنْفِيّ عَنهُ فِي علم الْكَلَام المذموم لم يرد نَفْيه وَلَا إثْبَاته فِي كتاب وَلَا سنة

قَالَ الْمُحَقق المدقق الشَّيْخ شُعَيْب الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على شرح العقيدة الطحاوية عِنْد الْجُمْلَة السَّابِقَة جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين من أشاعرة وَمَا تريدية ومعتزلة وفلاسفة اتَّفقُوا على منع قيام الْحَوَادِث بِذَاتِهِ تَعَالَى وَجوز قِيَامهَا بِذَاتِهِ الكرامية وَفرقُوا بَين الْحَادِث والمحدث فَالْأول عِنْدهم مَا يقوم بِذَاتِهِ من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بمشيئته واختياره وَأما الثَّانِي فَهُوَ مَا يخلقه سُبْحَانَهُ مُنْفَصِلا عَنهُ وَقد تَبِعَهُمْ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي تَجْوِيز قيام الْحَوَادِث بِالذَّاتِ والمؤلف هُنَا يُرِيد شَارِح الطحاوية يختصر كَلَامه الْمَبْسُوط فِي منهاج السّنة وَقد غلا رَحمَه الله تَعَالَى فِي مناصرة هَذَا الْمَذْهَب والدفاع عَنهُ ضد مخالفيه من الْمُتَكَلِّمين والفلاسفة وَادّعى أَنه مَذْهَب السّلف مستدلا بقول الإِمَام أَحْمد وَغَيره لم يزل متكلما إِذا شَاءَ بِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَلَامه وَهُوَ صفة قَائِمَة بِذَاتِهِ مُتَعَلقا بمشيئته واختياره دلّ ذَلِك على جَوَاز قيام الْحَوَادِث بِذَاتِهِ لِأَن مَا يتَعَلَّق بِالْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَار لَا يكون إِلَّا حَادِثا

ص: 73

وَقد انْتهى بِهِ القَوْل إِلَى أَن كَلَام الله تَعَالَى قديم الْجِنْس حَادث الْأَفْرَاد وَكَذَلِكَ فعله وإرادته وَنَحْو ذَلِك من الصِّفَات غير اللَّازِمَة للذات وَبِمَا أَن القَوْل بذلك يسْتَلْزم التسلسل فقد جوزه فِي الْمَاضِي والمستقبل جَمِيعًا وَادّعى أَن مثل هَذَا التسلسل لَيْسَ مُمْتَنعا

وَغير وَاحِد من الْعلمَاء يعدون هَذَا الَّذِي ذهب إِلَيْهِ شيخ الْإِسْلَام من جملَة مَا ند بِهِ عَن الصَّوَاب وينكرونه وَيَقُولُونَ كَيفَ يَقُول بقدم جنس الصِّفَات وَالْأَفْعَال مَعَ حُدُوث آحادها وَهل الْجِنْس شَيْء غير الْأَفْرَاد مُجْتَمعين وَهل يتركب الْكُلِّي إِلَّا من جزئياته فَإِذا كَانَ كل جزئي من جزئياته حَادِثا فَكيف يكون الْكُلِّي قَدِيما وَانْظُر السلفية مرحلة زمنية مباركة للدكتور مُحَمَّد سعيد رَمَضَان البوطي

قَالَ الإِمَام الْجُوَيْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَامَت الْحَوَادِث بِهِ سُبْحَانَهُ لم يخل مِنْهَا أَي من الْحَوَادِث وَمَا لم يخل من الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث

وَقَالَ الإِمَام أَحْمد بن حجر رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح البُخَارِيّ بَاب وَكَانَ عَرْشه على المَاء وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم ذكر قطعتين من آيَتَيْنِ وتلطف فِي ذكر الثَّانِيَة عقب الأولى وَمن توهم من قَوْله فِي الحَدِيث كَانَ الله وَلم يكن شَيْء قبله وَكَانَ عَرْشه على المَاء أَن الْعَرْش لم يزل مَعَ الله تَعَالَى وَهَذَا بَاطِل وَكَذَا من زعم من الفلاسفة أَن الْعَرْش هُوَ الْخَالِق الصَّانِع وَرُبمَا تمسك بَعضهم وَهُوَ إِسْحَاق الْهَرَوِيّ بِمَا أخرجه من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنَا هِشَام هُوَ الرَّوْيَانِيّ بالراء الْمُشَدّدَة عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله كَانَ على عَرْشه قبل أَن يخلق شَيْئا فَأول مَا خلق الله الْقَلَم وَهَذِه الْأَدِلَّة مَحْمُولَة على خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهَا فقد أخرج عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره عَن معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} قَالَ هَذَا بَدْء خلقه قبل أَن يخلق السَّمَاء وعرشه ياقوتة حَمْرَاء فَأرْدف المُصَنّف يَعْنِي البُخَارِيّ فِي صَحِيحه يَقُول {وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} إِشَارَة إِلَى أَن الْعَرْش

ص: 74

مربوب وكل مربوب مَخْلُوق

وَقَالَ فِي شرح حَدِيث أهل الْيمن كَانَ الله وَلم يكن شَيْء قبله تقدم فِي بَدْء الْخلق وَلم يكن شَيْء غَيره وَفِي رِوَايَة ابي مُعَاوِيَة كَانَ الله قبل كل شَيْء وَهُوَ بِمَعْنى كَانَ الله وَلَا شَيْء مَعَه وَهَذَا صَرِيح فِي الرَّد على من أثبت حوادث لَا أول لَهَا من رِوَايَة الْبَاب وَهُوَ من مستشنع الْمسَائِل المنسوبة لِابْنِ تَيْمِية وَقد وقفت فِي كَلَام لَهُ على هَذَا الحَدِيث رجح الرِّوَايَة الَّتِي فِي الْبَاب على غَيرهَا مَعَ أَن قَضِيَّة الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ تَقْتَضِي حمل هَذِه على الَّتِي فِي بَدْء الْخلق لَا الْعَكْس وَالْجمع يقدم على التَّرْجِيح بالِاتِّفَاقِ ثمَّ قَالَ الطَّيِّبِيّ كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِحَسب حَال مدخولها فَالْمُرَاد بِالْأولِ كَانَ الله الأزلية والقدم وَبِالثَّانِي وَكَانَ عَرْشه على المَاء الْحُدُوث بعد الْعَدَم

وَقَالَ أَبُو الْحسن تَقِيّ الدّين عَليّ بن عبد الْكَافِي فِي السَّيْف الصَّقِيل ثمَّ جَاءَ رجل فِي آخر الْمِائَة السَّابِعَة رجل لَهُ فضل ذكاء واطلاع وَلم يجد شَيخا يهديه وَهُوَ على مَذْهَبهم وَهُوَ جسور متجرد لتقرير مذْهبه ويجد أمورا بعيدَة فبجسارته يلتزمها فَقَالَ بِقِيَام الْحَوَادِث بِذَات الرب سبحانه وتعالى وَإِن سُبْحَانَهُ الله مَا زَالَ فَاعِلا وَإِن التسلسل لَيْسَ بمحال فِيمَا مضى

قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد زاهد الكوثري فِي تَعْلِيقه على كَلَام السُّبْكِيّ اتّفقت فرق الْمُسلمين سوى الكرامية وصنوف المجسمة على أَن الله سُبْحَانَهُ منزه من أَن تقوم بِهِ الْحَوَادِث وَأَن تحل بِهِ الْحَوَادِث وَأَن يحل فِي شَيْء من الْحَوَادِث بل ذَلِك مِمَّا علم من الدّين بِالضَّرُورَةِ وَدَعوى أَن الله تَعَالَى لم يزل فَاعِلا مُتَابعَة مِنْهُ للفلاسفة الْقَائِلين بسلب الِاخْتِيَار عَن الله سُبْحَانَهُ وبصدور الْعَالم مِنْهُ بِالْإِيجَابِ وَنسبَة ذَلِك إِلَى أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا من السّلف كذب صَرِيح وَتقول قَبِيح وَدَعوى أَن تسلسل الْحَوَادِث فِي جَانب الْحَاضِر غير محَال لَا تصدر إِلَّا مِمَّن لَا يعي مَا يَقُول فَمن تصور حوادث لَا أول لَهَا تصور

ص: 75

أَنه مَا من حَادث مُحَقّق إلاوقبله حَادث مُحَقّق وَأَن مَا دخل بِالْفِعْلِ تَحت الْعد والإحصاء غير متناه

وَأما من قَالَ بحوادث لَا آخر لَهَا فَهُوَ قَائِل بِأَن حوادث الْمُسْتَقْبل لَا تَنْتَهِي إِلَى حَادث مُحَقّق إِلَّا وَبعده حَادث مُقَدّر فَأَيْنَ دَعْوَى عدم تناهي مَا دخل تَحت الْوُجُود فِي جَانب الْمَاضِي من عدم تناهي مالم يدْخل تَحت الْوُجُود فِي الْمُسْتَقْبل على أَن القَوْل بالقدم النوعي فِي الْعَالم من لَازمه الْبَين عدم تناهي عدد الْأَرْوَاح المكلفة فَأنى يُمكن حشر غير المتناهي من الْأَرْوَاح وأشباحها فِي سطح متناه مَحْدُود وعَلى هَذَا التَّقْدِير فَيكون الْقَائِل بِعَدَمِ تناهي عدد الْمُكَلّفين قَائِلا بِنَفْي الْحَشْر الجسماني بل بنفى الْحَشْر الروحاني أَيْضا حَيْثُ أَن هَذَا الْقَائِل لَا يعْتَرف بتجرد الرّوح فَيكون أَسْوَأ حَالا من غلاة الفلاسفة النافين للحشر الجسماني. الخ

ب - قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد الصَّالح العثيمين فِي رسَالَته عقيدة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة ونؤمن بِأَن لله تَعَالَى عينين اثْنَتَيْنِ حقيقيتين لقَوْله تَعَالَى {واصنع الْفلك بأعيننا} وَيُؤَيِّدهُ قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الدَّجَّال وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور أهـ

قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات بَاب مَا جَاءَ فِي إِثْبَات الْعين صفة لَا من حَيْثُ الحدقة قَالَ الله عز وجل {ولتصنع على عَيْني} وَقَالَ تَعَالَى {فَإنَّك بأعيننا} تبارك وتعالى وَقَالَ {واصنع الْفلك بأعيننا} وَقَالَ تبارك وتعالى {تجْرِي بأعيننا}

قلت لم ترد صِيغَة تَثْنِيَة الْعين صفة لله تَعَالَى فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وَلَا فِي السّنة الشَّرِيفَة وَقد تقدم لنا أَنه لَا يثبت لله تَعَالَى صفة إِلَّا من خلال آيَة صَرِيحَة أَو حَدِيث صَحِيح أَو إِجْمَاع وأنى ذَلِك وَأما مَا جَاءَ فِي الْإِبَانَة للْإِمَام الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فقد علم أهل الإختصاص أَن الْكتاب قد لعبت بِهِ الْأَيْدِي كثيرا وأضيف إِلَيْهِ وَنقص مِنْهُ مِمَّا يُوجب الرُّجُوع إِلَى كَلَام الْأَشْعَرِيّ فِي كتبه الْأُخْرَى لمعْرِفَة

ص: 76

أَقْوَاله وهاك مثل وَاحِد

جَاءَ فِي نُسْخَة الْهِنْد المطبوعة من الْإِبَانَة وَأَن لَهُ عينين بِلَا كَيفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {تجْرِي بأعيننا} وَجَاء فِي نُسْخَة الجامعة الإسلامية المطبوعة مِنْهُ بتحقيق حَمَّاد الْأنْصَارِيّ وَأَن لَهُ عينا بِلَا كَيفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {تجْرِي بأعيننا} الْقَمَر 14 وَمَا فِي طبعة الجامعة الإسلامية يُوَافق مَا جَاءَ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي وَهُوَ أشعري من أَئِمَّة الأشاعرة

قَالَ الشَّيْخ صَالح وَيُؤَيِّدهُ قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الدَّجَّال وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور

قلت الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ قَالَ صلى الله عليه وسلم إِن الله لَا يخفى عَلَيْكُم إِن الله لَيْسَ بأعور وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه وَلِلْحَدِيثِ أَلْفَاظ أُخْرَى فِيهِ

قَالَ الإِمَام ابْن حجر فِي شَرحه الحَدِيث آنف الذّكر إِن الْإِشَارَة إِلَى عينه صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عين الدَّجَّال فَإِنَّهَا كَانَت صَحِيحَة مثل هَذِه ثمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا النَّقْص وَلم يسْتَطع دفع ذَلِك عَن نَفسه وَقَالَ ابْن بطال احتجت المجسمة بِهَذَا الحَدِيث وَقَالُوا فِي قَوْله وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه دلَالَة على أَن عينه كَسَائِر الْأَعْين وَتعقب باستحالة الجسمية عَلَيْهِ لِأَن الْجِسْم حَادث وَهُوَ قديم فَدلَّ على أَن المُرَاد نفي النَّقْص عَنهُ وَقَالَ ابْن الْمُنِير من كَلَام وَقد سُئِلت هَل يجوز لقارىء هَذَا الحَدِيث أَن يصنع كَمَا صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأفتيت وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَنه إِن حضر عِنْده من يُوَافقهُ على معتقده وَكَانَ يعْتَقد تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن صِفَات الْحُدُوث وَأَرَادَ التأسي مَحْضا جَازَ وَالْأولَى بِهِ التّرْك خشيَة أَن يدْخل على من يرَاهُ شُبْهَة التَّشْبِيه تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَقَالَ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ لَا يجوز لأحد أَن يصف الله عز وجل بِأَن لَهُ عينين لِأَن النَّص لم يَأْتِ بذلك

وَقَالَ الإِمَام أَبُو الْفرج وَعبد الرَّحْمَن بن الْجَوْزِيّ الْحَنْبَلِيّ وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى

ص: 77

ولتصنع عَليّ على عَيْني {واصنع الْفلك بأعيننا} أَي بمرأى منا وَإِنَّمَا جمع لِأَن عَادَة الْملك أَن يَقُول أمرنَا ونهينا وَقد ذهب القَاضِي أَبُو يعلى إِلَى أَن الْعين صفة زَائِدَة عَن الذَّات وَقد سبقه أَبُو بكر بن خُزَيْمَة صَاحب كتاب التَّوْحِيد وَفِيه طامات فَقَالَ فِي الْآيَة لربنا عينان ينظر بهما وَقَالَ ابْن حَامِد يجب الْإِيمَان بِأَن لَهُ عينين وَهَذَا ابتداع لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أثبتوا عينين من دَلِيل الْخطاب فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بأعور وَإِنَّمَا أُرِيد نفي النَّقْص عَنهُ تَعَالَى وَمَتى ثَبت أَنه تَعَالَى لَا يتَجَزَّأ لم يكن لما يتخايل من الصِّفَات وجة

قلت وَقَول الشَّيْخ صَالح عينين حقيقيتين قَول مَا جَاءَ بِهِ كتاب وَلَا سنة وَفِيه إِيهَام بالتشبيه والتجسيم تَعَالَى الله جل جلاله عَن ذَلِك وَلَا يتهم الشَّيْخ صَالح بِلَازِم القَوْل أَنه مشبه

قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد زاهد الكوثري من قَالَ لَهُ عينان ينظر بهما فَهُوَ مشبه قَائِل بالجارحة تَعَالَى الله عَن ذَلِك

ج - وَقَالَ الشَّيْخ صَالح كَذَلِك ونؤمن بِأَنَّهُ تَعَالَى مَعَ خلقه وَهُوَ فَوق عَرْشه يعلم أَحْوَالهم وَيسمع أَقْوَالهم وَيرى أفعالهم وَيُدبر أُمُورهم ويرزق الْفَقِير وَيجْبر الكسير ويؤتي الْملك من يَشَاء وَينْزع الْملك مِمَّن يَشَاء ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَمن هَذَا شَأْنه كَانَ مَعَ خلقه حَقِيقَة وَإِن كَانَ فَوْقهم على عَرْشه حَقِيقَة لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير وَلَا نقُول كَمَا تَقول الحلولية من الْجَهْمِية وَغَيرهم إِن الله مَعَ خلقه فِي الأَرْض

أَقُول ورد ذكر الاسْتوَاء فِي الْقُرْآن الْكَرِيم سِتّ مَرَّات بِلَفْظ اسْتَوَى مثل {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} الْأَعْرَاف {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} طه هَكَذَا بِصِيغَة الْمَاضِي وَلم يَجِيء فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وَلَا فِي السّنة الشَّرِيفَة تصريف الْفِعْل الْمَاضِي إِلَى مضارع أَو اسْم فَمَا جَاءَ يَسْتَوِي على الْعَرْش أَو مستو على الْعَرْش وَفرق كَبِير

ص: 78

بَين الْفِعْل والإسم فَالْحق أَن لَا ينْسب إِلَى الله تَعَالَى إِلَّا مَا نسبه إِلَى نَفسه أَو نسبه إِلَيْهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم فِيمَا صَحَّ نَقله عَنهُ أَو أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة

قَالَ التَّابِعِيّ الْجَلِيل الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْوَصِيَّة نقر بِأَن الله تَعَالَى على الْعَرْش اسْتَوَى من غير أَن يكون لَهُ حَاجَة واستقرار عَلَيْهِ وَهُوَ حَافظ الْعَرْش وَغير الْعَرْش من غير احْتِيَاج

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فَأَما الاسْتوَاء فالمتقدمون من أَصْحَابنَا رضي الله عنهم كَانُوا لَا يفسرونه وَلَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ كنحو مَذْهَبهم فِي أَمْثَال ذَلِك أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ أَخْبرنِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْجَوْهَرِي بِبَغْدَاد ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم ثَنَا مُحَمَّد بن كثير المصِّيصِي قَالَ سَمِعت الْأَوْزَاعِيّ يَقُول كُنَّا والتابعون متوافرون نقُول إِن الله تَعَالَى ذكره فَوق عَرْشه ونؤمن بِمَا وَردت السّنة بِهِ من صِفَاته جلّ وَعلا

ثمَّ قَالَ بعد كَلَام وَذهب أَبُو الْحسن إِسْمَاعِيل الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ فعل فِي الْعَرْش فعلا سَمَّاهُ اسْتِوَاء كَمَا فعل فِي غَيره فعلا سَمَّاهُ رزقا ونعمة أَو غَيرهَا من أَفعاله ثمَّ لم يكيف الاسْتوَاء إِلَّا أَنه جعله من صِفَات الْفِعْل لقَوْله {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} وَثمّ للتراخى إِنَّمَا يكون فِي الْأَفْعَال وأفعال الله تَعَالَى تُوجد بِلَا مُبَاشرَة مِنْهُ إِيَّاهَا وَلَا حَرَكَة

وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم وَلَا خَمْسَة إِلَّا هُوَ سادسهم وَلَا أدنى من ذَلِك وَلَا أَكثر إِلَّا هُوَ مَعَهم أَيْنَمَا كَانُوا ثمَّ ينبئهم بِمَا عمِلُوا يَوْم الْقِيَامَة إِن الله بِكُل شَيْء عليم المجادلة 7 وَلِهَذَا حكى غير وَاحِد الْإِجْمَاع على أَن المُرَاد بِهَذِهِ الْآيَة معية علمه تَعَالَى وَلَا شكّ فِي إِرَادَة ذَلِك وَلَكِن سَمعه أَيْضا مَعَ علمه مُحِيط بهم وبصره نَافِذ فيهم فَهُوَ سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لَا يغيب عَنهُ من أُمُورهم شَيْء

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى من سُورَة الْحَدِيد يعلم مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا

ص: 79

يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم) أَي بقدرته وسلطانه {وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} يبصر أَعمالكُم ويراها وَلَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا وَقد دجمع فِي هَذِه الْآيَة بَين {اسْتَوَى على الْعَرْش} وَبَين {وَهُوَ مَعكُمْ} وَالْأَخْذ بالظاهرين تنَاقض فَدلَّ على أَنه لَا بُد من التَّأْوِيل والإعراض عَن التَّأْوِيل اعْتِرَاف بالتناقض وَقَالَ الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ إِن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء لم يكن بأقرب إِلَى الله عز وجل من يُونُس بن مَتى حِين كَانَ فِي بطن الْحُوت

وَقَالَ الإِمَام أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فِي بَيَان السّنة والجماعه وَمن لم يتوق النَّفْي والتشبيه زل وَلم يصب التَّنْزِيه فَإِن رَبنَا جلّ وَعلا مَوْصُوف بِصِفَات الوحدانية منعوت بنعوت الفردانية لَيْسَ بِمَعْنَاهُ أحد من الْبَريَّة تَعَالَى الله عَن الْحُدُود والغايات والأركان والأدوات لَا تحويه الْجِهَات السِّت كَسَائِر المبتدعات

أَقُول كَيفَ يجوز مَا قَالَ الشَّيْخ صَالح إِن الله مَعَ خلقه حَقِيقَة وَإِن كَانَ فَوْقهم على عَرْشه حَقِيقَة فَإِنَّهُ لَا يُقَال فِيمَن كَانَ مَعَ غَيره بِالْعلمِ والإحاطة والإنعام إِنَّه مَعَه حَقِيقَة وَقد تقدم نقل ابْن كثير أَن المُرَاد معية علمه تَعَالَى

لقد كَانَ حَقًا على الشَّيْخ أَن يُورد النُّصُوص ويمرها كَمَا جَاءَت مَعَ التَّنْزِيه على مَا هُوَ قَول السّلف الصَّالح أَو يؤولها إِذا رأى حَاجَة إِلَى ذَلِك على مَا هُوَ قَول الْخلف

أما هَذَا الَّذِي قَالَه من اعْتِبَار معية الْعلم معية حَقِيقِيَّة فشيء لم يسْبق إِلَيْهِ بِنَصّ وَالله أعلم وكما قلت فِي التَّعْلِيق على قَوْله عينين حقيقيتين أَقُول هُنَا لم يرد نَص فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وَلَا السّنة الشَّرِيفَة على هَذِه الْكَلِمَة حَقِيقَة فَكيف زَادهَا وَالصِّفَات لَا يتَجَاوَز فِيهَا عَن الْوَارِد

وَقَول رجل كَانَ فِي الْقرن السَّابِع فِي الْأَجْوِبَة المصرية لَهُ إِن الله يقبض السَّمَوَات وَالْأَرْض باليدين اللَّتَيْنِ هما اليدان لَيْسَ حجَّة لِأَن الْحجَّة للنَّص وَلَا نَص

ص: 80

وَقَالَ الشَّيْخ صَالح كَذَلِك ونؤمن بِأَن لله تَعَالَى يدين كريمتين عظيمتين قَالَ تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان} الخ ص 12

قلت وَإِن الله تَعَالَى قد قَالَ أَيْضا أَو لم يرَوا أَنا خلقنَا لَهُم مِمَّا عملت أَيْدِينَا أنعاما فهم لَهُم مالكون يس 71 لَكِن لم يرد فِي كتاب وَلَا سنة وصف الْيَدَيْنِ بعظيمتين فَمن أَيْن للشَّيْخ أَن يضيف هَذِه الصّفة الموهمة للتشبيه ثمَّ كَيفَ لم يسْتَدرك هَذِه الْمسَائِل من قدم للْكتاب إِلَّا أَن يكون فعل ذَلِك ثِقَة بالمؤلف وَلم يقْرَأ مَا كتب وَكم وَقع من مقدمي الْكتب ورطات بِهَذَا السَّبَب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَجَاء فِي نقد تَفْسِير مهمش على كتاب الله تَعَالَى مَا يثير الدهش أَقُول جَاءَ فِي كَلَام من نقد ذَلِك التَّفْسِير واعتبره مِمَّا يسْتَوْجب مَنعه وَعدم تداوله دينيا عِنْد قَول الْمُفَسّر لقَوْله تَعَالَى {فَإِنِّي قريب} علما وإجبة ص 26 قَالَ النَّاقِد يَنْفِي الْمَكَان عَن الله يَعْنِي النَّاقِد أَن لله تَعَالَى مَكَانا

وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَقد تقدم مَعنا قبل أَنه لم يرد فِي الْقُرْآن وَالسّنة زِيَادَة كلمة بِذَاتِهِ عِنْد ذكر الاسْتوَاء على الْعَرْش فَيُقَال {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} وَلَا يُقَال بِذَاتِهِ لما فِيهِ من إِيهَام التَّشْبِيه والتجسيم تَعَالَى الله جل جلاله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا كَمَا لَا يُقَال بَائِن عَن خلقه كَمَا تقدم

أما الْجُزْء الَّذِي أوردهُ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ كُنَّا والتابعون متوافرون نقُول إِن الله تَعَالَى ذكره فَوق عَرْشه

الخ فَلَا تصح نسبته إِلَى الإِمَام الْأَوْزَاعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى ذَلِك لِأَن فِي الْخَبَر مُحَمَّد بن كثير المصِّيصِي قَالَ فِيهِ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب صَدُوق كثير الْغَلَط وَضَعفه أَحْمد وَقَالَ البُخَارِيّ لين جدا وَقَالَ أَبُو دَاوُد لم يكن يفهم الحَدِيث وَقَالَ ابْن عدي لَهُ أَحَادِيث لَا يُتَابِعه عَلَيْهَا أحد

وَلَو صَحَّ الْخَبَر بطرِيق أُخْرَى عَن الإِمَام الْأَوْزَاعِيّ فالرجل من أَتبَاع التَّابِعين وَلم ينْسب القَوْل بذلك إِلَى أحد من التَّابِعين فضلا عَن رجل من الصَّحَابَة رضوَان الله

ص: 81

عَلَيْهِم فضلا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأما قَول التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث لهبط على الله وَيَأْتِي بِتَمَامِهِ وَفسّر بعض أهل الْعلم هَذَا الحَدِيث فَقَالُوا إِنَّمَا هَبَط على علم الله وَقدرته وسلطانه وَقدرته وسلطانه فِي كل مَكَان وَهُوَ على الْعَرْش كَمَا وصف فِي كِتَابه فقد تعقبه ابْن الْعَرَبِيّ فِي شَرحه التِّرْمِذِيّ فَقَالَ إِن علم الله لَا يحل فِي مَكَان وَلَا ينتسب إِلَى جِهَة كَمَا أَنه سُبْحَانَهُ كَذَلِك وَلكنه يعلم كل شَيْء فِي كل مَوضِع وعَلى كل حَال فَمَا كَانَ فَهُوَ بِعلم الله لَا يشذ عَنهُ شَيْء وَلَا يعزب عَن علمه مَوْجُود وَلَا مَعْدُوم وَالْمَقْصُود من الْخَبَر أَن نِسْبَة الْبَارِي من الْجِهَات إِلَى فَوق كنسبته إِلَى تَحت إِذْ لَا ينْسب إِلَى الْكَوْن فِي وَاحِدَة مِنْهُمَا بِذَاتِهِ

وَمَا يرويهِ سُرَيج بن النُّعْمَان عَن عبد الله بن نَافِع عَن مَالك أَنه كَانَ يَقُول الله فِي السَّمَاء وَعلمه فِي كل مَكَان لَا يثبت قَالَ الإِمَام أَحْمد عبد الله بن نَافِع الصايغ لم يكن صَاحب حَدِيث وَكَانَ ضَعِيفا فِيهِ قَالَ ابْن عدي يروي غرائب عَن مَالك وَقَالَ ابْن فَرِحُونَ كَانَ أَصمّ أُمِّيا لَا يكْتب وبمثل هَذَا السَّنَد لَا ينْسب إِلَى مثل مَالك مثل هَذَا وَقد تَوَاتر عَنهُ عدم الْخَوْض فِي الصِّفَات وَفِيمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عمل كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْمَدِينَة على مَا فِي شرح السّنة للألكائي وَغَيره

ص: 82