الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي
حَدِيث الْقِيَامَة الطَّوِيل فِي جمع الله النَّاس إِلَى قَوْله فيأتيهم الله فِي غير الصُّورَة الَّتِي يعْبدُونَ فَيَقُول أَنا ربكُم فَيَقُولُونَ نَعُوذ بِاللَّه مِنْك هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يأتينا رَبنَا الحَدِيث إِلَى قَوْله فيأتيهم الله فِي الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ فَيَقُول أَن ربكُم فَيَقُولُونَ أَنْت رَبنَا الحَدِيث
اعْلَم أَن الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة والنقلية تحيل الصُّورَة الَّتِي هِيَ التخطيط على الله تبارك وتعالى كَمَا تقدم فَوَجَبَ صرفهَا على ظَاهرهَا إِلَى مَا يَلِيق بجلاله تبارك وتعالى مِمَّا هُوَ مُسْتَعْمل فِي لُغَة الْعَرَب وَهُوَ الصّفة وَالْحَالة يُقَال كَيفَ صُورَة هَذِه الْوَاقِعَة وَكَيف صُورَة هَذِه الْمَسْأَلَة وَفُلَان من الْعلم على صُورَة كَذَا وَكَذَا فَالْمُرَاد بِجَمِيعِ ذَلِك الصّفة لَا الصُّورَة الَّتِي هِيَ التخطيط
فعلى هَذَا الصُّورَة هُنَا بِمَعْنى الصّفة وَتَكون فِي بِمَعْنى الْبَاء فَمَعْنَى الصُّورَة الَّتِي أنكروها
أَولا أَنه أظهر لَهُم شدَّة الْبَطْش والبأس وَالْعَظَمَة والأهوال والجبروت وَكَانَ وعدهم فِي الدُّنْيَا يلقاهم فِي الْقِيَامَة بِصفة الْأَمْن من المخاوف والبشرى وَالْعَفو وَالْإِحْسَان واللطف فَلَمَّا أظهر لَهُم غير الصّفة الَّتِي هِيَ مُسْتَقِرَّة فِي نُفُوسهم أنكروها واستعاذوا مِنْهَا
وَقَوله فَإِذا أَتَانَا رَبنَا عَرفْنَاهُ أَي بِمَا وعده من صفة اللطف وَالرَّحْمَة وَالْإِحْسَان وَلذَلِك قَالَ فَيكْشف عَن سَاق أَي يكْشف عَن تِلْكَ الشدَّة الْمُتَقَدّمَة وَتظهر
لَهُم صفة الرَّحْمَن فيسجدون شكرا لَهُ وَقد تقدم ذَلِك فِي قَوْله {يَوْم يكْشف عَن سَاق} وَيدل لما قُلْنَا أَن المُرَاد بالصورة الصّفة دلَالَة صَرِيحَة قَوْله فِي الصُّورَة الَّتِي يعرفونها
ثَانِيهَا يَأْتِيهم فِي الصُّورَة الَّتِي يعرفونها المُرَاد الَّتِي يعرفونها فِي الدُّنْيَا لأَنهم لم يعرفوه يَوْم الْقِيَامَة قبل ذَلِك بِصُورَة مُتَقَدّمَة وَلَا رُؤْيَة سَابِقَة فَدلَّ على أَن المُرَاد الَّتِي يعرفونها فِي الدُّنْيَا
وَلَا خلاف بَين الْخَلَائق أجمع أَن الله تَعَالَى لم تعرف لَهُ فِي الدُّنْيَا صُورَة وَإِنَّمَا عرفت صِفَاته تَعَالَى وَمَا وعد بِهِ الصَّالِحين فِي الْقِيَامَة من لطفه وأمنه وبشارتهم بجنته
فَإِن قيل فَلم عدل عَن لفظ الصّفة إِلَى لفظ الصُّورَة قُلْنَا لما كَانَت المتبوعات الْمُتَقَدّمَة فِي الحَدِيث لعابديهم صورا جَاءَ بِلَفْظ الصُّورَة مشاكلة بَين الْمعَانِي والألفاظ فَإِنَّهُ من أَنْوَاع البلاغة
وَقَوله فِي الحَدِيث فِي أدنى صُورَة فِيهَا أَي فِي أول صفة رَأَوْهُ فِيهَا لأَنهم لم يرَوا صفة قبلهَا
وَمعنى أدنى أقرب
وَقَالَ قوم مَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى يبْعَث لَهُم ملكا فِي صُورَة يمْتَحن إِيمَانهم فِي الْآخِرَة كَمَا امتحنهم فِي الدُّنْيَا بالدجال فَيَقُول أَنا ربكُم وَللَّه تَعَالَى أَن يمْتَحن عباده بِمَا يَشَاء إِذا شَاءَ