المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلام في ذات الله تعالى وصفاته - إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

[البدر ابن جماعة]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌مُقَدّمَة فِي علم التَّوْحِيد

- ‌السّلف الصَّالح يَخُوضُونَ فِي علم التَّوْحِيد

- ‌فصل

- ‌الْكَلَام فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته

- ‌فصل

- ‌افْتِرَاق أمة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الطّرف الأول المشبهة والمجسمة

- ‌الطّرف الثَّانِي: المعطلة

- ‌اوسط

- ‌خُلَاصَة مُعْتَقد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة

- ‌فصل

- ‌السّلف وَالْخلف

- ‌قَول السّلف فِي الصِّفَات

- ‌الِاعْتِمَاد على الحَدِيث الصَّحِيح دون الضَّعِيف فِي العقائد

- ‌الْخلف

- ‌ التَّأْوِيل

- ‌قِرَاءَة فِي كتاب

- ‌الشبهه الأولى وَدفعهَا

- ‌الشُّبْهَة الثَّانِيَة وَدفعهَا

- ‌الشُّبْهَة الْخَامِسَة وَدفعهَا

- ‌جماع ابواب إِثْبَات صِفَات الله عز وجل

- ‌فصل

- ‌دعاوى خطيرة لَيْسَ لَهَا دَلِيل شَرْعِي

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تَرْجَمَة مؤلف إِيضَاح الدَّلِيل فِي قطع حجج أهل التعطيل

- ‌مصنفاته

- ‌مُقَدّمَة الْكتاب

- ‌للْمُصَنف

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْكَلَام على مَا فِي الْكتاب الْعَزِيز من الْآيَات وتأويلها

- ‌بِمَا يَلِيق بِجلَال الله تَعَالَى من الصِّفَات

- ‌الْقسم الثَّانِي فِيمَا ورد من صَحِيح الْأَخْبَار

- ‌فِي صفة الْوَاحِد القهار

- ‌الحَدِيث الأول فِي ذكر الصُّورَة

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الموفي ثَلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الْقسم الثَّالِث

- ‌فِي الْأَحَادِيث الضعيفة الَّتِي وَضَعتهَا الزَّنَادِقَة أَعدَاء الدّين وأرباب الْبدع المضلين ليلبسوا على النَّاس دينهم

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الموفى عشْرين

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الموفي للثلاثين

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ

الفصل: ‌الكلام في ذات الله تعالى وصفاته

‌فصل

‌الْكَلَام فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته

اتّفق أهل الْعقل والفطرة السليمة من الْجِنّ وَالْإِنْس على وجود الله تَعَالَى بل وجوب وجوده سُبْحَانَهُ وكما دلّ على هَذِه الْحَقِيقَة الْكُبْرَى الْفطْرَة السليمة المودعة فِي النُّفُوس والعقول الْخَالِصَة من الْهوى والمودعة فِي الرؤوس فقد دلّ كَذَلِك البراهيم والحجج الْقَائِمَة فِي الْإِنْسَان من جسم وَنَفس وروح وعقل وعاطفة وَفِي الْحَيَوَان والنبات وَفِي الأَرْض والرمل وَالتُّرَاب وَالْحجر والسهل والجبل وَفِي السَّمَاء من ريَاح وأمطار وليل ونهار فِي جَمِيعهَا آيَات تدل على الْخَالِق الْوَاحِد الْأَحَد سُبْحَانَهُ

جَمِيع الْمَخْلُوقَات مهيأة بالفطرة لوظيفة فِي حَيَاتهَا يحفظها ويقيها المهالك مَا استقامت على الْفطْرَة إِلَى مَا شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء

فَكل الْأَحْيَاء من حشرات وزواحف وفقاريات وَمن طَائِر يطير بجناحيه فِي الْهَوَاء وَمن حَيَوَان مائي وبرمائي وبري وجبلي مَا من مَخْلُوق من هَذِه الْمَخْلُوقَات إِلَّا وَهِي تنتظم فِي أمة ذَات خَصَائِص وَاحِدَة وَطَرِيقَة فِي الْحَيَاة وَاحِدَة خلقت مفطورة على اتجاه معِين فِي الْحَيَاة ونظمت خلايا تكوينها على شكل لَا يُمكن أَن يخرج بِسَبَبِهَا حَيَوَان من فطرته ونظامه وَلَا نَبَات عَن جنسه وَمَا أودع الله تَعَالَى فِيهِ فَلَنْ يَنْقَلِب كَمَا لم يحصل قطّ القط إِلَى كلب وَلَا السّمك إِلَى حَيَوَان بري وَلَا الثوم بصلا وَلَا الْبَصَر كراثا

وَمن يقْرَأ فِي الْإِنْسَان الْإِنْسَان ذَلِك الْمَجْهُول والطب محراب للْإيمَان وَفِي أعماق الْإِنْسَان يجد مَا يُقَوي يقينه فِي الْخَالِق البارىء سُبْحَانَهُ وَمن يقْرَأ مَعَ الله فِي السَّمَاء وَمَعَ الله فِي الأَرْض والجائزة أَو لماذا أومن وَحِكْمَة الْمَخْلُوقَات للْإِمَام الْغَزالِيّ وَالْعلم يزحف تأليف جيمس ستوكلي وآيات الْخَالِق الكونية والنفسية للأستاذ رشيد رشدي العابري وأمثالها يَزُول عَن عقله كل لوثة شُبْهَة فِي وجود الْخَالِق البارىء المصور سُبْحَانَهُ {الَّذِي خلق فسوى} وَلَكِن من سبقت لَهُ الشقاوة فركن إِلَى الْهوى وَلم

ص: 19

يسمع نِدَاء الله تَعَالَى وَلم يعقل آيَات الله تَعَالَى المودعة فِي كل شَيْء لَا يجدي مَعَه دَلِيل وَلَا يثنيه عَن باطله أَيَّة آيَة {وَقَالُوا لَو كُنَّا نسْمع أَو نعقل مَا كُنَّا فِي أَصْحَاب السعير فَاعْتَرفُوا بذنبهم فسحقا لأَصْحَاب السعير} الْملك

من لَا يُؤمن بِاللَّه تَعَالَى اخْتِيَارا فيفوز بسعادة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يُؤمن بِهِ عملا وضرورة فجسمه وحواسه وقوته وَضَعفه وسقمه وشيخوخته وَمَوته كل ذَلِك يخضع لنظام وَضعه الله تَعَالَى لَهُ وَلَا يُمكن لذَلِك الْإِنْسَان الكنود أَن يخرج على ذَلِك النظام بِحَال

وَلَا عجب أَن يَقُول الله تَعَالَى بعد ذَلِك فِي الْإِنْسَان الْكَافِر {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} لَكِن الله تَعَالَى غيب لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَلَا تحيط بِهِ الْعُقُول وَلَوْلَا أَنه سُبْحَانَهُ عرف عباده على نَفسه مَا عرفوه كَمَا هُوَ لقد عرف الله تَعَالَى عباده على نَفسه من خلال أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَلَوْلَا تَعْرِيفه نَفسه بذلك إِلَى خلقه مَا عرفوه سُبْحَانَهُ كَمَا هُوَ لذا كَانَ من الْخَطَأ والخطر والمجازفة وَالْخُرُوج على الْحُدُود أَن يَقُول الْإِنْسَان فِي حق الله تَعَالَى سوى مَا قَالَ عَن نَفسه فَلَا يُسَمِّيه سُبْحَانَهُ بسوى مَا سمى بِهِ نَفسه أَو سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْأَسْمَاء وَلَا يُسَمِّيه طبيعة وَلَا رَحْمَة وَلَا سَمَاء وَلَا غيبا وَلَا وَالِد وَلَا ولد لَا مهندسا للكون وَلَا عَارِفًا وَلَا يصفه كَذَلِك بسوى مَا وصف بِهِ نَفسه أَو وصف بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم من الصِّفَات وَلَا يصفه بالجرأة والتعلم وَالْحَاجة والتعب والراحة والندم والبكاء وَلَا بالتبدل من حَال إِلَى حَال والانتقال من مَكَان إِلَى مَكَان لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير الشورى 11

وَإِذا كَانَ الله تَعَالَى كَمَا قَالَ لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير فَحق على الْمُؤمن أَن يقف عِنْد حُدُود مَا ذكر لَهُ فِي ذَلِك فِي الْقُرْآن وَالسّنة الصَّحِيحَة ويؤمن بِاللَّه تَعَالَى وأسمائه وَصِفَاته دون محاولة تَشْبِيه الله تَعَالَى بخلقه أَو تَشْبِيه اُحْدُ من خلقه بِهِ سُبْحَانَهُ {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} سُورَة الْإِخْلَاص

ثمَّ يحِيل مَا يَتْلُو من نُصُوص متشابهات فِي صِفَات الله تَعَالَى إِلَى النُّصُوص الواضحات

ص: 20

المحكمات مِنْهَا فَإِنَّهُنَّ {أم الْكتاب} كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ

قَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَنْبَغِي لأحد أَن ينْطق فِي الله تَعَالَى بِشَيْء من ذَاته وَلَكِن يصفه بِمَا وصف بِهِ نَفسه وَلَا يَقُول فِيهِ شَيْئا بِرَأْيهِ تبَارك الله رب الْعَالمين نَقله القَاضِي أَبُو عَلَاء صاعد بن مُحَمَّد فِي كتاب الِاعْتِقَاد عَن أبي يُوسُف عَن الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى من قَوْله

فَائِدَة قَالَ الإِمَام أَبُو مَنْصُور عبد القاهر بن طَاهِر التَّمِيمِي الْبَغْدَادِيّ الْمُتَوفَّى سنة 429 فِي كِتَابه الْعَظِيم (أصُول الدّين) مَا يَلِي

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة فِي تَرْتِيب أَئِمَّة الدّين فِي علم الْكَلَام

أول متكلمي أهل السّنة من الصَّحَابَة عَليّ بن أبي طَالب لمناظرته الْخَوَارِج فِي مسَائِل الْوَعْد والوعيد ومناظرته الْقَدَرِيَّة فِي الْقدر وَالْقَضَاء والمشيئة والاستطاعة ثمَّ عبد الله ابْن عمر فِي كَلَامه على الْقَدَرِيَّة وبراءته مِنْهُم وَمن زعيمهم الْمَعْرُوف بمعبد الجهمي وَادعت الْقَدَرِيَّة أَن عليا كَانَ مِنْهُم وَزَعَمُوا أَن زعيمهم وَاصل بن عَطاء المعتزلي أَخذ مذْهبه من مُحَمَّد وَعبد الله ابْني عَليّ رضي الله عنه وَهَذَا من بهتهم وَمن الْعَجَائِب أَن يكون ابْنا عَليّ قد علما واصلا رد شَهَادَة عَليّ وَطَلْحَة وَالشَّكّ فِي عَدَالَة عَليّ أفتراهما علماه إبِْطَال شَفَاعَة عَليّ شَفَاعَة صهر الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم

وَأول متكلمي أهل السّنة من التَّابِعين عمر بن عبد الْعَزِيز وَله رِسَالَة بليغة فِي الرَّد على الْقَدَرِيَّة ثمَّ زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَله كتاب فِي الرَّد على الْقَدَرِيَّة من الْقُرْآن ثمَّ الْحسن الْبَصْرِيّ وَقد ادَّعَتْهُ الْقَدَرِيَّة فَكيف يَصح لَهَا هَذِه الدَّعْوَى مَعَ رسَالَته إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فِي ذمّ الْقَدَرِيَّة وَمَعَ طرده واصلا عَن مَجْلِسه عِنْد إِظْهَاره بدعته ثمَّ الشّعبِيّ وَكَانَ من أَشد النَّاس على الْقَدَرِيَّة ثمَّ الزُّهْرِيّ وَهُوَ الَّذِي أفتى عبد الْملك بن مَرْوَان بدماء الْقَدَرِيَّة

وَمن بعد هَذِه الطَّبَقَة جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق وَله كتاب فِي الرَّد على الْقَدَرِيَّة وَكتاب فِي الرَّد على الْخَوَارِج ورسالة فِي الرَّد على الغلاة من الروافض وَهُوَ الَّذِي قَالَ أَرَادَت الْمُعْتَزلَة أَن توَحد رَبهَا فألحدت وأرادت التَّعْدِيل فنسبت الْبُخْل إِلَى رَبهَا

ص: 21

وَأول متكلميهم من الْفُقَهَاء وأرباب الْمذَاهب أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فَإِن ابا حنيفَة لَهُ كتاب فِي الرَّد على الْقَدَرِيَّة سَمَّاهُ الْفِقْه الْأَكْبَر وَله رِسَالَة أملاها فِي نصْرَة قَول أهل السّنة إِن الإستطاعة مَعَ الْفِعْل وَلكنه قَالَ إِنَّهَا تصلح للضدين وعَلى هَذَا قوم من أَصْحَابنَا وَقَالَ صَاحبه أَبُو يُوسُف فِي الْمُعْتَزلَة إِنَّهُم زنادقة وَللشَّافِعِيّ كِتَابَانِ فِي الْكَلَام أَحدهمَا فِي تَصْحِيح النُّبُوَّة وَالرَّدّ على البراهمة، وَالثَّانِي فِي الرَّد على أهل الْأَهْوَاء وَذكر طرفا من هَذَا النَّوْع فِي كتاب الْقيَاس وَأَشَارَ فِيهِ إِلَى رُجُوعه عَن قبُول شَهَادَة الْمُعْتَزلَة وَأهل الْأَهْوَاء

فَأَما المريسي من اصحاب أبي حنيفَة فَإِنَّمَا وَافق الْمُعْتَزلَة فِي خلق الْقُرْآن وأكفرهم فِي خلق الْأَفْعَال ثمَّ من بعد الشَّافِعِي تلامذته الجامعون بَين الْفِقْه وَالْكَلَام كالحارث ابْن أَسد المحاسبي وَأبي عَليّ الْكَرَابِيسِي وحرملة الْبُوَيْطِيّ وَدَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ وعَلى كتاب الْكَرَابِيسِي فِي المقالات معول الْمُتَكَلِّمين فِي معرفَة مَذَاهِب الْخَوَارِج وَسَائِر أهل الْأَهْوَاء وعَلى كتبه فِي الشُّرُوط وَفِي علل الحَدِيث وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل معول الْفُقَهَاء وحفاظ الحَدِيث وعَلى كتب الْحَارِث بن أَسد فِي الْكَلَام وَالْفِقْه والْحَدِيث معول متكلمي أَصْحَابنَا وفقهائهم وصوفيتهم

ولداود صَاحب الظَّاهِر كتب كَثِيرَة فِي أصُول الدّين مَعَ كَثْرَة كتبه فِي الْفِقْه وَابْنه أَبُو بكر جَامع بَين الْفِقْه وَالْكَلَام وَالْأُصُول وَالْأَدب وَالشعر

وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس بن شُرَيْح أنزع الْجَمَاعَة فِي هَذِه الْعُلُوم وَله نقض كتاب الجاروف على الْقَائِلين بتكافؤ الْأَدِلَّة وَهُوَ أشْبع من نقض ابْن الراوندي عَلَيْهِم فَأَما تصانيفه فِي الْفِقْه فَالله يحصيها

وَمن متكلمي أهل السّنة فِي أَيَّام الْمَأْمُون عبد الله بن سعيد التَّمِيمِي الَّذِي دمر علم الْمُعْتَزلَة فِي مجْلِس الْمَأْمُون وَفَضَحَهُمْ ببيانه وآثار بَيَانه فِي كتبه وَهُوَ أَخُو يحيى بن سعيد الْقطَّان وَارِث علم الحَدِيث وَصَاحب الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَمن تلامذة عبد الله بن

ص: 22

سعيد عبد الْعَزِيز الْمَكِّيّ الْكِنَانِي الَّذِي فَضَح الْمُعْتَزلَة فِي مجْلِس الْمَأْمُون

وتلميذه الْحُسَيْن بن فضل البَجلِيّ صَاحب الْكَلَام وَالْأُصُول وَصَاحب التَّفْسِير والتأويل وعَلى نكته فِي الْقُرْآن معول الْمُفَسّرين وَهُوَ الَّذِي استصحبه عبد الله بن طَاهِر وَالِي خُرَاسَان إِلَى خُرَاسَان فَقَالَ النَّاس إِنَّه قد أخرج علم الْعرَاق كُله إِلَى خُرَاسَان

وَمن تلامذة عبد الله بن سعيد أَيْضا الْجُنَيْد شيخ الصُّوفِيَّة وَإِمَام الْمُوَحِّدين وَله فِي التَّوْحِيد رِسَالَة على شَرط الْمُتَكَلِّمين وَعبارَة الصُّوفِيَّة

ثمَّ بعْدهَا شيخ النّظر وَإِمَام الْآفَاق فِي الجدل وَالتَّحْقِيق أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْأَشْعَرِيّ الَّذِي صَار شجا فِي حلوق الْقَدَرِيَّة والنجارية والجهمية والجسمية وَالرَّوَافِض والخوارج وَقد مَلأ الدُّنْيَا كتبه وَمَا رزق أحد من الْمُتَكَلِّمين من التبع مَا قد رزق لِأَنَّهُ جَمِيع أهل الحَدِيث وكل من لم يتعزل من أهل الرَّأْي على مذْهبه وَمن تلامذته الْمَشْهُورين أَبُو الْحسن الْبَاهِلِيّ وَأَبُو عبد الله بن مُجَاهِد وهما اللَّذَان أثمرا تلامذة هم إِلَى الْيَوْم شموس الزَّمَان وأثمة الْعَصْر كَأبي بكر مُحَمَّد بن الطّيب قَاضِي قُضَاة الْعرَاق والجزيرة وَفَارِس وكرمان وَسَائِر حُدُود هَذِه النواحي وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن فورك وَأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المهراني وقبلهم أَبُو الْحسن عَليّ بن مهْدي الطَّبَرِيّ صَاحب الْفِقْه وَالْكَلَام وَالْأُصُول وَالْأَدب والنحو والْحَدِيث وَمن آثاره تلميذ مثل أبي عبد الله بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزازي صَاحب الجدل والتصانيف فِي كل بَاب من الْكَلَام

وَقبل هَذِه الطَّبَقَة شيخ الْعُلُوم على الْخُصُوص والعموم أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ وَفِي زَمَانه كَانَ

ص: 23

إِمَام أهل السّنة ابو الْعَبَّاس القلانسي الَّذِي زَادَت تصانيفه فِي الْكَلَام على مائَة وَخمسين كتابا وتصانيف الثَّقَفِيّ ونقوضه على أهل الْأَهْوَاء زَائِدَة على مائَة كتاب

وَقد أدركنا مِنْهُم فِي عصرنا أَبَا عبد الله بن مُحَمَّد وَمُحَمّد بن الطّيب قَاضِي الْقُضَاة وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن فورك وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المهراني وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزازي وَعلي منوال هَؤُلَاءِ الَّذين أدركناهم شَيخنَا وَهُوَ لإحياء الْحق كل وعَلى أعدائه غل

وَقَالَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام عبد الْعَزِيز عِنْد حَدِيث قلب الْمُؤمن بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن إِن لله مستول عَلَيْهِ بقدرته وتصريفه كَيفَ يَشَاء من كفر وإيمان

إِلَى أَن قَالَ وَلَيْسَ الْكَلَام فِي هَذَا بِدعَة قبيحة وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيهِ بِدعَة حَسَنَة وَاجِبَة لما ظَهرت الشُّبْهَة وَإِنَّمَا سكت السّلف عَن الْكَلَام فِيهِ إِذْ لم يكن فِي عصرهم من يحمل كَلَام الله وَكَلَام رَسُوله على مَالا يجوز حمله وَلَو ظَهرت فِي عصرهم شُبْهَة لكذبوهم وأنكروا عَلَيْهِم غَايَة الْإِنْكَار فقد رد الصَّحَابَة وَالسَّلَف على الْقَدَرِيَّة لما أظهرُوا بدعتهم وَلم يَكُونُوا قبل ظُهُورهمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي ذَلِك وَلَا يردون على قَائِله وَلَا نقل عَن أحد من الصَّحَابَة شَيْء من ذَلِك إِذْ لَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ

وَالله أعلم الفتاوي لَهُ ص 56

ص: 24