الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمِيع فرق الْأمة من أهل الْجنَّة ويزعمون أَن أهل الْأَهْوَاء بعد الْعقَاب يصيرون إِلَى الْجنَّة وَلَا يَدُوم عقابهم وَجَمِيع مخالفيهم على أَنهم من أهل النَّار فصاروا من هَذِه الْجِهَة شَرّ الْفرق عِنْد الْأَئِمَّة
قَالَ ابْن حزم من قَالَ إِن الله تَعَالَى جسم لَا كالأجسام فَلَيْسَ مشبها وَلكنه ألحد فِي اسماء الله تَعَالَى إِذْ سَمَّاهُ عز وجل بِمَا لم يسم بِهِ نَفسه وَأما من قَالَ إِنَّه تَعَالَى كالأجسام فَهُوَ ملحد فِي أَسْمَائِهِ ومشبه الْفَصْل فِي الْملَل والأهواء والنحل 1 / 120
وَقَالَ نعيم بن حَمَّاد أحد شُيُوخ البُخَارِيّ وَهُوَ صَدُوق يخطىء كثيرا من شبه الله تَعَالَى بخلقه كفر وَمن جحد مَا وصف الله نَفسه فقد كفر
الطّرف الثَّانِي: المعطلة
هم الَّذين زَعَمُوا أَن الله تَعَالَى لَا يُوصف بِمَا وصف بِهِ نَفسه فِي الْقُرْآن الْكَرِيم أَو وَصفه بِهِ رَسُوله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي صَحِيح السّنة وَأكْثر مَا ذكر هَذَا الزَّعْم الْبَاطِل عِنْد الْمُسَمّى جهم بن صَفْوَان وَقد قتل سنة 130 وَالْحَمْد لله بِسيف الْإِسْلَام وَقد انطفأت فتنته بعد قَتله بِقَلِيل وَأكْثر مَا نجد الاتهام بِهِ عِنْد بعض الْمُتَكَلِّمين بعد فَإِنَّمَا هُوَ نبز قَالَ الْأَشْعَرِيّ وَكَانَ جهم ينتحل الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَقتل جهم قَتله سلم ابْن أحوز الْمَازِني فِي آخر ملك بني أُميَّة ويحكى أَنه كَانَ يَقُول لَا أَقُول الله سُبْحَانَهُ شَيْء لِأَن ذَلِك تَشْبِيه لَهُ بالأشياء وَكَانَ يَقُول إِن علم الله سُبْحَانَهُ مُحدث فِيمَا يحْكى عَنهُ وَيَقُول بِخلق الْقُرْآن وَإنَّهُ لَا يُقَال إِن الله لم يزل عَالما بالأشياء قبل ان تكون
وَقَالَ الشَّيْخ أنور الكشميري رَحمَه الله تَعَالَى جهم بن صَفْوَان رجل مُبْتَدع نَشأ فِي ترمذ فِي أَوَاخِر عهد التَّابِعين قَالَ أَبُو معَاذ الْبَلْخِي كَانَ جهم على معبر ترمذ وَكَانَ كُوفِي الأَصْل فصيحا وَلم يكن لَهُ علم وَلَا مجالسة أهل الْعلم فَقيل لَهُ صف لنا رَبك فَدخل الْبَيْت وَلم يخرج ثمَّ خرج بعد أَيَّام فَقَالَ هَذَا هُوَ الْهَوَاء مَعَ كل شَيْء
وَفِي كل شَيْء وَلَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْء
وَقَالَ أَحْمد بن حجر الْعَسْقَلَانِي رَحمَه الله تَعَالَى وَأما الْجَهْمِية فلايختلف أحد مِمَّن صنف فِي المقالات أَنهم ينفون الصِّفَات حَتَّى نسبوا إِلَى التعطيل قَالَ والجهمية أَتبَاع جهم بن صَفْوَان الَّذِي قَالَ بالإجبار والإضطرار إِلَى الْأَعْمَال وَقَالَ لَا فعل لأحد غير الله تَعَالَى وَزعم أَن علم الله تَعَالَى حَادث وَامْتنع عَن وصف الله تَعَالَى بِأَنَّهُ شَيْء أَو عَالم مُرِيد حَتَّى قَالَ لَا أصفه بِوَصْف يجوز إِطْلَاقه على غَيره
وَثَبت عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ بَالغ جهم فِي نفي التَّشْبِيه حَتَّى قَالَ إِن الله لَيْسَ بِشَيْء وَفِي كتاب المسايرة لِابْنِ الْهمام عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ لَهُ بعد مَا ناظره أخرج عني يَا كَافِر وَهُوَ الْقَائِل بِفنَاء الْجنَّة وَالنَّار فيض الْبَارِي 4 / 513 وَانْظُر المقالات 626
قلت وَهُوَ أول من قَالَ بوحدة الْوُجُود بَين الْمُسلمين وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لله أَسمَاء وصفات لَا يسع أحدا ردهَا وَمن خَالف بعد ثُبُوت الْحجَّة عَلَيْهِ فقد كفر وَأما قبل قيام الْحجَّة فَإِنَّهُ يعْذر بِالْجَهْلِ لِأَن علم ذَلِك لَا يدْرك بِالْعقلِ وَلَا الروية والفكر ذكره أَبُو حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي عَنهُ من رِوَايَة يُونُس بن عبد الْأَعْلَى
لقد زعم الشقي جهم أَنه يَنْفِي صِفَات عَن الله تَعَالَى أثبتها سُبْحَانَهُ لنَفسِهِ ينزه الله جل جلاله فَكَانَ بنفيه ذَلِك وبأفكاره الرَّديئَة الْأُخْرَى ضلاله وكفره وارتداده حَتَّى قتل على ذَلِك
وَكَانَ على شَيْء من تَعْطِيل الله تَعَالَى عَن بعض صِفَاته طَائِفَة الْمُعْتَزلَة المنتسبين إِلَى
وأصل بن عَطاء الَّذِي عَزله الْحسن الْبَصْرِيّ عَن حلقته أَو اعتزل هُوَ عَنْهَا
فقد نفوا صِفَات الْمعَانِي من جِهَة استقلالها كصفات قَائِمَة بِاللَّه تَعَالَى على مَا هُوَ اعْتِقَاد أهل السّنة فَقَالُوا فِي الْإِرَادَة وَالْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر إِنَّه مُرِيد بِذَاتِهِ وعالم بِذَاتِهِ إِلَى آخرهَا وَلم يَقُولُوا مُرِيد بِصفة الْإِرَادَة الَّتِي لَيست هِيَ هُوَ وَلَا غَيره وَمن ثمَّ سَمَّاهُ بَعضهم نفاة الصِّفَات وهم لم ينفوا الصِّفَات وَإِنَّمَا نفوا استقلالها كَمَا تقدم وَلذَا لم يكفرهم السّلف الصَّالح أَو أَكْثَرهم فِي هَذَا الشَّأْن
وَكَانَ الَّذِي زين لَهُم ذَلِك الْحِرْص على تَوْحِيد الله تَعَالَى وتنزيهه عَن الْعدَد وَالْكَثْرَة فَكَانَ نزغة من نزغات الشَّيْطَان وَإِلَّا فَمن يَقُول إِن تعدد الصِّفَات تدل على تعدد الذَّات أيا كَانَت تِلْكَ الصِّفَات وزين لَهُم ذَلِك وَغَيره اغترارهم بِالْعقلِ وتحكيمه فِي النُّصُوص الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة فِي بعض الْأَحْوَال وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فزعموا أَن الله تَعَالَى لَا يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجنَّة مَعَ ثُبُوت الرُّؤْيَة بالنصوص الصَّرِيحَة فِي الْكتاب وَالسّنة خوفًا مِنْهُم على التَّنْزِيه والوقوع فِي التَّشْبِيه وَزَعَمُوا أَن العَبْد هُوَ الَّذِي يخلق افعال نَفسه وَزَعَمُوا أَن الْمَقْتُول ميت قبل أَجله وَأَن رزق الله تَعَالَى لعَبْدِهِ هُوَ الْحَلَال فَقَط فَمن يَأْكُل الْحَرَام فَغير الله هُوَ رازقه وَزَعَمُوا أَن الله تَعَالَى فِي كل مَكَان كَمَا زَعَمُوا أَن كَلَام الله تَعَالَى مَخْلُوق وَغير ذَلِك
واندفعوا بعد ذَلِك يجادلون ويناقشون وهم قوم أُوتُوا الجدل يردون كثيرا من نُصُوص الصِّفَات اعْتِمَادًا على عُقُولهمْ غافلين عَن أَن الْعُقُول من خلق الله تَعَالَى وَلَا يُمكن أَن يدْرك الْمَخْلُوق خالقه وَصِفَاته وَإِنَّمَا يُؤمن بذلك على مَا ورد
وَقد نقل الإِمَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَحَادِيث فِي نزُول الله تَعَالَى وَفِي روية الْمُؤمنِينَ لَهُ ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ إِلَى عباد بن الْعَوام قَالَ قدم علينا شريك بن عبد الله مُنْذُ نَحْو من سنة قَالَ فَقلت يَا أَبَا عبد الله إِن عندنَا قوما من الْمُعْتَزلَة يُنكرُونَ هَذِه الْأَحَادِيث قَالَ فَحَدثني بِنَحْوِ من عشرَة أَحَادِيث فِي هَذَا وَقَالَ أما نَحن فقد أَخذنَا ديننَا هَذَا عَن التَّابِعين عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فهم عَمَّن أخذُوا
لقد ألف عبد الله بن مُسلم بن قُتَيْبَة رَحمَه الله تَعَالَى توفّي 376 كِتَابه تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث ليرد على بعض أفكار العلاف والنظام من الْمُعْتَزلَة فِي ردهم أَحَادِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصِّفَات فأثبتها أَولا ثمَّ أَولهَا بِمَا يرى أَن الْعقل لَا يحِيل ذَلِك وَلِأَن تَنْزِيه الله تَعَالَى وَعدم مشابهة خلقه أَو مشابهة أحد من خلقه لَهُ سُبْحَانَهُ يُصِيبهُ مَا يكدره فجزاه الله تَعَالَى خيرا
وَكَذَلِكَ فعل الْحَافِظ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن فورك رَحمَه الله تَعَالَى 406 فَكتب كِتَابه مُشكل الحَدِيث وَبَيَانه لكنه جعله فِي الرَّد عَلَيْهِم وعَلى المشبهة والمجسمة جَزَاء الله تَعَالَى خيرا
فدونك مقالات الإسلاميين للْإِمَام الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي نَقله آراء الْمُعْتَزلَة الْمُتَّفق عَلَيْهَا بَينهم وَالْمُنْفَرد بهَا بَعضهم كَمَا قَالَ عبد القاهر الْبَغْدَادِيّ فِي شَأْن الأديب الجاحظ المعتزلي قَالَ وَزعم الجاحظ أَن الله تَعَالَى لَا يعذب أحدا بالنَّار وَلَا يدْخل أحدا النَّار وَإِنَّمَا النَّار تجذب أَهلهَا إِلَى نَفسهَا بطبعها وتمسكهم على التأييد بطبعها وَهَذَا القَوْل يُوجب انْقِطَاع الرَّغْبَة إِلَى الله تَعَالَى فِي الإنقاذ مِنْهَا لَا أنقذ الله مِنْهَا من قَالَ بذلك أصُول الدّين ص 239
لم يكفر أهل السّنة عَامَّة المجسمة وَلَا عَامَّة الْمُعْتَزلَة وَإِنَّمَا كفرُوا بعض زعمائهم لآرائهم الْمُخَالفَة لِلْإِسْلَامِ ودعوتهم إِلَيْهَا
قَالَ الإِمَام الْبَغْدَادِيّ صَاحب الْفرق بَين الْفرق فِي أصُول الدّين لَهُ
اعْلَم أَن تَكْفِير كل زعيم من زعماء الْمُعْتَزلَة وَاجِب من وُجُوه أما وَاصل بن عَطاء فَلِأَنَّهُ كفر فِي بَاب الْقدر بِإِثْبَات خالقين لأعمالهم سوى الله تَعَالَى وأحدث القَوْل بالمنزلة بَين المنزلتين بَين منزلتي الْجنَّة للْمُؤْمِنين وَالنَّار للْكَافِرِينَ فِي الْفَاسِق ولهذه الْبِدْعَة طرده الْحسن الْبَصْرِيّ من مَجْلِسه ثمَّ إِنَّه شكّ فِي شَهَادَة عَليّ وَقد قتل مَظْلُوما بِاتِّفَاق أهل السّنة وعدالته وَأَجَازَ أَن يكون هُوَ وَأَصْحَابه من الفسقة وَأَجَازَ أَن يكون الفسقة أَصْحَاب الْجمل فَشك فِي الْفرْقَتَيْنِ وَلذَلِك قَالَ لَو شهد عَليّ وَطَلْحَة عِنْدِي على باقة بقل لم أحكم بِشَهَادَتِهِمَا وَزَاد عَلَيْهِ عَمْرو بن عبيد حَيْثُ رد شَهَادَة عَليّ مَعَ وَاحِد من أَصْحَابه كَأَنَّهُ حكم بِفِسْقِهِ وَمن قَالَ بفسق عَليّ فَهُوَ الْكَافِر الْفَاسِق دونه